مدى اختصاص اللجنة التحكمية العمالية بمنازعات عمال القطاع المختلط

 

مدى اختصاص اللجنة التحكمية العمالية بمنازعات عمال القطاع المختلط

أ.د.عبد المؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء

الحكم محل تعليقنا هو الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا باليمن في جلستها المنعقدة بتاريخ7/12/2016م في الطعن المدني رقم (58636)لسنه1438ه ,وخلاصة أسباب هذا الحكم أنه (لما كان الطعن قد استوفي شروط قبول شكلا وفقاً لقرار دائرة فحص الطعون الصادر برقم (961))في جلستها المنعقدة بتاريخ 22/11/2016م فقد تعين الفصل في موضوع الطعن بالنقض وتجد الدائرة بعد الاطلاع على الأوراق مشملات الملف إن الحكم ألاستئنافي المطعون فيه لم يكن موافقا للقانون إذ انه قام بتأييد قرار اللجنة التحكيمية العمالية مع إن هذه اللجنة ليست مختصة بنظر هذه الخصومة وفقاً لنص (المادة (3/ب الفقرة 1) من قانون العمل ,فالثابت إن الشعبة الاستئنافية لم تراع القانون وبدلاً من ذلك حذت حذو اللجنة التحكيمية العمالية التي لم تتثبت من صفة المدعي عما إذ كان موظفا عمومياً أم عاملاً ضمن شركة من شركات القطاع المختلط وفقاً للمادة (3) من قانون العمل التي نصت على عدم اختصاص اللجان التحكيمية العمالية بمنازعات عمال شركات القطاع العام والمختلط حيث إن قانون العمل ينظم حقوق العامل وقانون الخدمة المدنية ينظم حقوق الموظفين ,فهناك فرق بين الموظف و العامل ,كما إن مجلس القضاء الأعلى قد اصدر القرار رقم (177))لسنة 2010م بشان إنشاء محكمتين إداريتين ابتدائيتين وبين اختصاصاتهما في الاجتماع رقم (30) بتاريخ 11/10/2010م إلا ان الشعبة لم تراع ذلك في هذه القضية ولاشك إن في ذلك مخالفة للقانون,ولما كان الاختصاص بنظر القضايا نوعيا ًمن النظام العام وفقاً للمادة (186)مرافعات وفانه ينبغي على المحكمة إن تقضي به من تلقاء نفسها استقلالا عملا بالمادة (185)مرافعات ,لذلك فانه كان يتوجب على الشعبة النظر في ذلك قبل الخوض في الموضوع باعتبار ذلك من النظام العام,وحيث أن الطعن قد توفرت فيه حالة من حالات الطعن بالنقص واستناداً إلى المادتين (292)و (300)مرافعات فان الدائرة المدنية تصدر حكمها الأتي:

1- في الموضوع قبول الطعن ونقض الحكم ألاستئنافي المطعون فيه وإعادة ملف القضية إلى الشعبة الاستئنافية المختصة لنظر القضية والحكم فيها من جديد وفقاً للقانون لما عللناه.

2-  إعادة كفالة الطعن إلى الشركة الطاعنة.

3-  لا نفقات للمحاكمة) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم بحسب الأوجه الآتية :

الوجه الأول: مدى اختصاص اللجنة التحكيمية العمالية بمنازعات عمال القطاع المختلط:

نصت المادة (3) من قانون العمل على انه (لا تسرى إحكام قانون العمل على موظفي الجهاز الإداري الدولة والقطاع العام ),وعلى هذا الأساس فان اللجنة التحكيمية العمالية لا تختص بنظر منازعات الموظفين في الجهاز الإداري للدولة والقطاع العام,ولم تتعرض هذه المادة لموظفي القطاع المختلط الذي تشارك فيه الدولة كالبنك اليمني للإنشاء والتعمير وشركة الخطوط الجوية اليمنية وشركة الأدوية وشركة يمن موبايل والشركة اليمنية الكويتية للتنمية العقارية والبنك الأهلي اليمني,...الخ, فكثير من هذه الشركات تساهم فيها الدولة بنسبة 51% من رأس مالها,والشركة الطاعنة هي من شركات القطاع المختلط السابق ذكرها ,ولان المادة(3) من قانون العمل السابق الإشارة إليها لم تذكر شركات القطاع المختلط ضمن الجهات التي لا تسري عليها إحكام قانون العمل فقد ذهب اتجاه في اليمن إلى أن اللجان التحكيمية العمالية تختص بالمنازعات العمالية التي تنشا فيما بين شركات القطاع المختلط وعمالها ,طالما وقانون العمل  لم يستثنيها ضمن الجهات المستثناة في المادة (3),ولا ريب إن قرار اللجنة التحكيمية العمالية والحكم ألاستئنافي المؤيد له الذي نقضه الحكم محل تعليقنا كانا يذهبا في هذا الاتجاه ,في حين يذهب اتجاه أخر إلى إن شركات القطاع المختلط وان لم يرد ذكرها ضمن الجهات المستثناة من الخضوع لقانون العمل ,لان هناك قانون أخر وهو قانون الخدمة المدنية قد نص صراحة على إن إحكامه هي التي تسري على العمال في شركات القطاع المختلط حيث نصت المادة(3) من قانون الخدمة المدنية الفقرة (أ) على انه (تسري إحكام هذا القانون على :1- موظفي وحدات الجهاز الإداري للدولة 2- موظفي القطاعين العام والمختلط حتى تصدر التشريعات المنظمة لهذين القطاعين )فهذا النص صريح على ان العاملين في القطاع المختلط موظفون عموميون وليسوا عمالا ,وقد اخذ الحكم محل تعليقنا بهذا الاتجاه حيث أشار إلى هذه النصوص القانونية ذات الصلة بهذا الموضوع في قانون الخدمة المدنية وقانون العمل حينما نقض الحكم ألاستئنافي.

الوجه الثاني: اختصاص المحكمة الإدارية بمنازعات العمال في القطاع المختلط:

المحكمة الإدارية طبقا لقرار إنشائها وقرار تحديد اختصاصها تتولى النظر في الدعاوي التي يرفعها الموظفون في الجهاز الإداري للدولة وطبقاً لقانون الخدمة المدنية السابق ذكره فان مفهوم الموظف يشمل أيضا العمال في القطاع المختلط , وعلى هذا الأساس فا ن المحكمة الإدارية هي المختصة بنظر دعاو ِالعاملين في وحدات القطاع المختلط وقد أشار الحكم محل تعليقنا إلى ذلك.

الوجه الثالث: وجوب الفصل في الدفع بعدم الاختصاص بداية واستقلالا :

ذكر الحكم محل تعليقنا انه كان يجب على اللجنة التحكيمية ان تفصل في الدفع بعدم اختصاصها المقدم من الشركة الطاعنة وذلك بحكم مستقل قبل الخوض في الموضوع وفقاً لقانون المرافعات حسبما ورد في الحكم,وهذا توجيه سديد إذ يتوجب على القاضي إن يتثبت بداية من صفته واختصاصه قبل أن يتثبت من صفة الخصوم المتداعيين إمامه توفيراً للجهد ومنعاً للهدر الإجرائي وتحقيقاً لمبدأ الاقتصاد في اجراءات التقاضي ,ولأ همية هذا الدفع الذي اوجب القانون الفصل فيه بداية واستقلالا فقد أجاز القانون الطعن فيه استقلالا مع انه غيرمنه للخصومة، والله اعلم