الصفة في تقديم الشكوى نيابة عن الشخص الاعتباري
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
من
المعلوم ان للشخص الاعتباري كالشركات شخصية وذمة مالية مستقلة عن الشركاء حيث
يتمتع الشخص الاعتباري بكافة الحقوق المناسبة لطبيعته ومن ذلك حقه في تقديم
الشكاوى للمطالبة بتحريك الدعوى الجزائية في الجرائم التي قد تقع على الشخص
الاعتباري التي يشترط القانون سبق تقديم
الشكوى لتحريك الدعوى الجزائية فيها كجرائم سحب شيك بدون رصيد، حيث يكون الممثل
القانوني للشركة امام الجهات المختلفة هو رئيس مجلس الادارة او المدير العام او
المدير التنفيذي بحسب ما يرد في النظام الاساسي للشركة إلا ان هناك بعض الشركات
الكبيرة ذات النشاط الواسع يتم فيها توزيع الاعمال والاعباء على المديرين عن طريق
التفويض الاداري حيث يقوم الممثل القانوني
الاصلي للشركة رئيس مجلس الادارة بتوكيل
او تفويض المديرين بالقيام ببعض الاختصاصات والصلاحيات كتقديم الشكاوى والدعاوي
وغيرها، وعندئذ تثور الإشكاليات بشأن مدى وجوب قيام الوكيل المفوض من قبل رئيس
مجلس الادارة بتقديم الشكوى او انه من اللازم اصدار توكيل أو تفويضا جديد او تفويض
خاص للوكيل بتقديم الشكوى، وقد اشار إلى
هذه الإشكالية الحكم الصادر عن الدائرة الجزائية في جلستها المنعقدة بتاريخ
10/9/2018م في الطعن رقم (61074) ،وتتلخص وقائع القضية التي تناولها هذا الحكم ان
احد زبائن الشركة الشاكية اصدر شيكاً لحساب الشركة وكان هذا الشيك بدون رصيد فقام
مدير العلاقات بالشركة الشاكية بتقديم شكوى إلى النيابة العامة بالزبون مصدر
الشيك فقام الزبون المتهم الساحب للشيك
بتقديم دفع بعدم قبول الشكوى لانها صادرة من مدير العلاقات بالشركة وليس من الممثل
القانوني للشركة وهو رئيس مجلس ادارتها، وتبعاً لذلك فان مدير
العلاقات لا صفة له في تقديم الشكوى ،وقد توصلت المحكمة الابتدائية إلى الحكم برفض
دفع المتهم وادانته ومعاقبته بالحبس، وقد
ورد ضمن اسباب الحكم الابتدائي (فقد تبين للمحكمة ان مدير العلاقات لديه تفويضً
خاص من ادارة الشركة بمتابعة القضايا المرفوعة من الشركة او ضدها فذلك التفويض يكشف رغبة الشركة بتقديم الشكوى
في الشيك محل النزاع ولذلك فان التفويض الصادر من رئيس مجلس الادارة لمدير
العلاقات يخوله تقديم الشكوى
ولذلك فان الشكوى الصادرة من مدير العلاقات صادرة من ذي صفة وتوافق نص
المادة (27)إجراءات الذي قيد النيابة العامة في تحريك الدعوى الجزائية في جرائم الشكوى على شكوى يتم تقديمها من قبل المجني عليه او من يقوم مقامه قانوناً، وحيث ان
القانون لم يشترط في جرائم الشكوى توكيلاً خاصاً ولم يمنع مدير الشركة او مالكها
من تفويض احد الموظفين في تقديم الشكوى والإبلاغ عن الجرائم امام الجهات الامنية
والقضائية) وقد قضت الشعبة الجزائية بتأييد الحكم الابتدائي، وأقرت الدائرة
الجزائية الحكم الاستئنافي، حيث ورد ضمن اسباب حكم المحكمة العليا (والثابت من
مطالعة محتويات ملف القضية ان ما اثاره الطاعن لا وجه له حيث ان الشكوى المرفوعة
امام النيابة العامة قد تم رفعها من شخص ذي صفة وهو مدير العلاقات بالشركة
بموجب التفويض الصادر من قبل رئيس مجلس ادارة الشركة، ولان ما قضى به
الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائي يتفق مع احكام الشرع والقانون لثبوت
جريمة إصدار شيك بدون رصيد في حق الطاعن فذلك ما يوجب الحكم عليه بتسليم مصاريف
تقاضي عن هذه المرحلة ماتي ألف ريالا ورفض الطعن) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم
حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية :
الوجه الأول : الممثل القانوني للشخص الاعتباري (الشركة) :
النظام الاساسي
للشركة من اسمه هو دستور الشركة الذي يتضمن
المسائل الاساسية للشركة ومن ضمنها تحديد الممثل القانوني للشركة الذي يمثل
الشركة امام الغير في اجراء التصرفات نيابة عن الشركة
ومن ذلك تمثيلها امام القضاء ويندرج ضمن ذلك تقديم الشكاوى والدعاوى نيابة
عن الشركة حيث يتضمن النظام الاساسي للشركة النص على ان رئيس مجلس ادارة الشركة هو
الممثل القانوني للشركة الذي يمثلها امام
القضاء حيث يقوم بتقديم الدعاوى والشكاوى نيابة عن الشخص الاعتباري، فالأصل ان
رئيس مجلس ادارة الشركة او مديرها العام هو الممثل القانوني لها الذي يمثلها امام
القضاء بنفسه او من عن طريق من يفوضه بذلك
لاسيما ان إجراءات التقاضي او التمثيل امام القضاء يحتاج إلى اصحاب الخبرة
والاختصاص من المحامين.
الوجه الثاني : التفويض العام الصادر من الممثل القانوني لمدير العلاقات او لمدير الادارة القانونية بتقديم كافة الشكاوى والدعاوى الخاصة بالشركة :
في شركات كثيرة خاصة
الكبيرة يقوم الممثل القانوني للشركة (رئيس مجلس الادارة او المدير العام)
باصدار توكيل عام لمدير الادارة القانونية او غيره بحسب الاختصاص
وذلك بتمثيل الشركة امام كافة النيابات والمحاكم بمختلف درجاتها وتقديم كافة
الشكاوى والدعاوى والطعون نيابة عن الشركة غير انه لا يجوز له الصلح او التحكيم او الإقرار للخصم او طلب اليمين او ردها الا بإذن خاص من الممثل
القانوني، ويثور في اليمن جدل واسع بشأن صحة هذا التوكيل العام لانه يرد على مسائل
في المستقبل لم تتحقق بعد ولانه قد تتغير الظروف لاحقاً بعد صدور هذا التوكيل
العام لاسيما اذا طالت الفترة من تاريخ
صدور التوكيل، ولذلك فان غالبية القضاة لا يقبلون التوكيل العام واذا قبلوه فيكون
في قضية واحدة ومرحلة واحدة من مراحل التقاضي فلا يقبلون ان يقوم المحامي بالطعن
في الحكم إلا بموجب وكالة جديدة، بل ان بعض القضاة يطلبون من المحامي تجديد
الوكالة اذا طال امد القضية، ،وهناك اتجاه ضعيف يذهب الى ان التوكيل العام مقبول
طالما وقد تضمن موضوع التوكيل أنه يحق
للوكيل أن يرفع في المستقبل أي دعوى أو
شكوى، فاذا تضمن التوكيل انه يحق لمدير الشئون القانونية ان يقوم نيابة عن الشركة بتقديم كافة الشكاوى
والدعاوى امام مختلف النيابات والمحاكم بمختلف درجاتها فانه يجوز للوكيل أو المدير بموجب هذا التوكيل ان يقدم الشكاوى اوالدعاوى باعتبار ان الممثل القانوني للشركة قد افصح
عن ارادته ورغبته في ذلك حينما قام باصدار التوكيل العام للوكيل، والله اعلم.