احكام النازحين - دراسة مقارنة

احكام النازحين - دراسة مقارنة

د. عبد المؤمن عبد القادر شجاع الدين
الأستاذ المشارك رئيس قسم الفقه المقارن
كلية الشريعة والقانون –جامعة صنعاء-اليمن

الملخص العربي:

تعاني دول عربية وإسلامية كثيرة من الحروب والنزاعات المسلحة والكوارث التي اسفرت عن نزوح ملايين المسلمين من ديارهم، وهذه المشكلة تقتضي الدراسة والبحث لمعرفة حقوق هؤلاء واحكامهم في الشريعة الإسلامية والقانون وتلبية احتياجاتهم، ومدى كفاية النصوص القانونية في معالجتها لهذه المشكلة، ومن ثم تقديم النتائج والتوصيات المناسبة بشأنها.

الملخص الإنجليزي:

Many Arab and Islamic countries suffer from wars, armed conflicts and disasters that have resulted in the displacement of millions of Muslims from their homes. This problem requires study and research to find out the rights and provisions of Islamic law and their needs and the adequacy of legal texts in dealing with this problem. On them.

مقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه اجمعين: اما بعد:
فإن هذه المقدمة تشتمل على بيان أسباب اختيار البحث في هذا الموضوع واهميته، ومشكلة البحث وفروضه ومناهج البحث وتقسيماته، وذلك على النحو الاتي:

اولاً: أسباب اختيار البحث في (احكام النازحين) واهميته:
هناك أسباب عدة دفعت الباحث للبحث في هذا الموضوع أهمها ما يأتي:

1- كان الباحث عضواً في اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني بصفته رئيساً للمكتب الفني بوزارة العدل باليمن، وكان من شأن هذه اللجنة الوقوف على هذه المشكلة ومعرفة تفاصيلها والمعالجات المناسبة لها، ثم عمل الباحث خبيراً شرعياً وقانونياً لدى المفوضية السامية لشئون اللاجئين باليمن، ومن خلال ذلك اكتسب مهارات وخبرات، وتوفرت لديه بيانات ومعلومات عن هذه المشكلة مما يؤهله للبحث في هذا الموضوع.

2- عمل الباحث مدة طويلة استاذاً في قسم الفقه المقارن ثم رئيساً للقسم، وبعون الله قام بإعداد بحوث ودراسات كثيرة في القضايا الفقهية الحقوقية المعاصرة، ومن خلال ذلك اكتسب خبرات فقهية تجعله جديراً للبحث في هذا الموضوع.

3- تعاني دول عربية وإسلامية عدة من الحروب والنزاعات المسلحة والكوارث التي أدت الى نزوح أكثر من ستين مليون مسلماً، ومع خطورة هذه المشكلة واتساعها، وبحسب علم الباحث لم تتم دراسة هذه المشكلة من وجهة نظر فقهية مقارنة بالقانون الوضعي، وان وجدت دراسات تناولت اللاجئين، ومعلوم ان النازحين غير اللاجئين.

4- تعاني اليمن من حروب ونزاعات اسفرت عن حدوث هذه المشكلة، فتعين على الباحث ان يتصدى للبحث في هذه المشكلة من الناحية الفقهية براءة لذمته وقياماً بالواجب الشرعي الذي تعين عليه.

5- هناك جهات واشخاص عدة يعتقدون ان الشريعة الإسلامية لم تتناول المشاكل العصرية ومنها مشكلة النازحين، وقد لمس الباحث ذلك طوال الفترات التي عمل فيها عضواً في لجان وهيئات كثيرة داخل اليمن وخارجها.

ثانياً: مشكلة البحث وفروضها واهداف البحث:

تكمن مشكلة البحث في ان هذا الموضوع غير مستقر في اذهان كثير من الباحثين والمهتمين والمعنيين، فهؤلاء لا يفرقون بين النازحين واللاجئين، فضلاً عن انهم لا يدركون موقف الشريعة الإسلامية من هذه المشكلة وحقوق النازحين ووجوب رعايتهم، وترجع هذه المشكلة الى الفروض الاتية:

1- تناثر مفردات هذا الموضوع في أكثر من تخصص ومرجع وقانون.

2- ندرة البحوث في هذه المشكلة من وجهة نظر شرعية، فالباحث لم يقف على أي بحث في هذا الموضوع.

3- كثرة الجهات المعنية بهذا الموضوع وعدم التنسيق فيما بينها.

4- اقتناع بعض الباحثين المعاصرين ان الشريعة لم تعالج هذه المشكلة كونها معاصرة.

5- المنظمات الدولية والمحلية تهتم فقط بالاتفاقيات الدولية التي تناولت هذه المشكلة وتتجاهل أحكام الشريعة الإسلامية التي تناولت هذا الموضوع.

6- هناك خلط بين حقوق النازحين التي يتعين تمكينهم منها وبين الاحسان إليهم، والفهم الغالب لدى الكثيرين انما يتم تقديمه للنازحين من قبيل الاحسان غير الملزم وليس الحق الملزم.

ثالثاً: مناهج البحث:

استعمل الباحث المنهج الوصفي والمنهج الاستقرائي، إضافة الى المنهج التحليلي والمقارن بحسب مقتضيات البحث واحتياجاته.

رابعاً: نطاق البحث الزمني والمكاني:

يتحدد نطاق البحث المكاني باليمن، فلن يتناول البحث غيرها الا في سياق المقارنة او الإشارة بحسب مقتضيات البحث هذا بالنسبة للمعالجات القانونية، اما بالنسبة للمعالجة الشرعية للمشكلة فإن البحث لا يتقيد ولا يتحدد بمكان ولا زمان بعينه.

خامساً: تقسيم البحث:

يتكون البحث من مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة، وبيان ذلك على الوجه الاتي:

• مقدمة البحث: تضمنت أسباب اختيار البحث ومشكلته وفروضها، بالإضافة الى مناهج البحث ونطاقه وتقسيمه.

• المبحث الأول: ماهية النازحين: وقد تضمن تعريف النازحين والمصطلحات المرادفة والفرق بين النازحين واللاجئين، وبيان مراحل النزوح.

• المبحث الثاني: احكام النازحين في القانون اليمني.

• المبحث الثالث: احكام النازحين في الشريعة الإسلامية: وتضمن موقف الشريعة الإسلامية من ظاهرة النزوح والنازحين وحقوقهم.

• خاتمة البحث: تضمنت اهم نتائج وتوصياته.

المبحث الأول

ماهية النازحين

ويشتمل هذا المبحث على ثلاثة مطالب: المطلب الأول : تعريف النازحين، المطلب الثاني : أسباب النزوح في اليمن، المطلب الثالث : مراحل النزوح وأحوال النازحين وشواغلهم الرئيسية.

المطلب الأول: تعريف النازحين

سنذكر في الفرع الأول تعريف النازحين في اللغة ثم نذكر في الفرع الثاني تعريف النازحين في القانون.

الفرع الأول: تعريف النازحين في اللغة العربية

معنى (النازحين) في اللغة : النازحون جمع نازح ،والنازح هو الغائب عن بلاده غيبة بعيدة ،فيقال نزح الرجل عن بلاده أي رحل عنها أو انتقل منها ،وهذه الكلمة مشتقة من مصدرها وهو الفعل الثلاثي (نزح) ومشتقاته ينزح نزوحاً فهو نازح .

ومن المصطلحات القريبة لمصطلح (النازحين) مصطلح (المشردين) والمشردون جمع مشرد وشريد ،والشريد هو الطريد الذي يجبر على الفرار ،ومن ذلك قوله تعالى ( فشرد بهم من خلفهم )([1])

ومن خلال ما تقدم يظهر أن كلمة (نازح) في اللغة تطلق على الشخص الذي ينتقل من مكان إقامته في وطنه إلى مكان أخر في نطاق وطنه وبصرف النظر عن الباعث على النزوح فقد يكون الفرار من الحروب والصراعات والكوارث وقد يكون النزوح لمجرد تحسين مستوى المعيشة أو الدخل أو غير ذلك ،أما كلمة (الشارد) أو (المشرد) فهي لا تطلق في اللغة إلا على الأشخاص الذين طردوا أو اجبروا على ترك أماكن إقامتهم أو فروا منها خوفاً على سلامتهم أو حياتهم نتيجة لصراعات أو كوارث ،وتبعاً لذلك فمصطلح (المشردين) في اللغة العربية أكثر دقة من مصطلح (النازحين) وقد أخذ بمصطلح (المشردين) تعريف هيئة الأمم المتحدة للنازحين كما سنرى لاحقاً. وعلى كل حال فالقاعدة في اللغة العربية (أن لا مشاحة في الاصطلاح) أي لا عيب في المصطلح طالما والناس يفهمون مدلوله ومضمونه ،والخلاصة أن لا حرج من استعمال مصطلح النازحين وإن كان مصطلح المشردين أكثر دقة.

الفرع الثاني: تعريف النازحين في القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية

لم تتعرض القوانين اليمنية لتعريف النازحين , وهذا لا يعيب القوانين اليمنية ،لأن تعريف المصطلحات ليس من وظيفة القوانين ذاتها وإنما من وظيفة الفقه القانوني ،أما الاتفاقيات والوثائق الدولية فتعرف النازحين بأنهم (الأشخاص أو مجموعات الأشخاص الذين أرغموا أو اضطروا إلى الفرار أو إلى ترك منازلهم أو أماكن إقامتهم المعتادة وبصفة خاصة بسبب أو رغبة في تجنب أثار النزاع المسلح أو مواقف العنف العام أو انتهاكات حقوق الإنسان أو الكوارث الطبيعية أو التي من صنع الإنسان والذين لم يعبروا الحدود الدولية المعترف بها لإحدى الدول)([2])

وهذا التعريف الدولي للنازحين جامع ومانع إذ أنه يبين بوضوح المقصود بالنازحين ويبين الفروق بين النازحين وغيرهم كاللاجئين الذين يعبرون حدود الدول وينتقلون من دولة إلى أخرى كما هو الحال بالنسبة للقادمين إلى اليمن من رعايا دول القرن الإفريقي ،كما أن هذا التعريف يبين الفرق بين (النازحين) وبين المهاجرين داخل الدول كالهجرة من الريف إلى المدينة أو الهجرات الموسمية لبعض الأشخاص داخل الدولة بحثاً عن فرص العمل.

وعلى هذا الأساس ومن هذا المنطلق فلا ينطبق التعريف الدولي للنازحين في اليمن إلا على الأشخاص الذين اجبروا أو اضطروا إلى ترك أماكن إقامتهم بسبب النزاعات المسلحة والحروب والكوارث الطبيعية كالنازحين جراء النزاعات المسلحة في صعده وأبين ورداع وبني الحارث ونهم وأرحب وحي الحصبة في مدينة صنعاء أو الذين اضطروا أو اجبروا على ترك منازلهم وأماكن إقامتهم بسبب الكوارث الطبيعية كالنازحين من القرى التي تعرضت للإنزلاقات الصخرية في مناطق بني مطر بصنعاء ومنطقة قدس بالحجرية محافظة تعز وغيرها. وهناك من يرى أن التعريف الدولي للنازحين ليس جامعاً مانعاً حيث أن أسباب النزوح الواردة في التعريف ليست مذكورة على سبيل الحصر ولذلك يحتمل التعريف أسباب نزوح أخرى لم يرد ذكرها في التعريف([3])، ومما يجدر ذكره في هذا الصدد أن التعريف الدولي للنازحين ملزم لليمن كونها عضو في الأمم المتحدة وملتزمة باحترام وتنفيذ كافة الاتفاقيات والصكوك والوثائق الدولية ومنها المبادئ التوجيهية بشأن التشريد الداخلي أو النازحين التي تضمنت هذا التعريف.

المطلب الثاني: أسباب النزوح في اليمن

أسباب النزوح في اليمن محصورة في سببين هما الحروب والنزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية، والحروب والنزاعات والصراعات المسلحة هي السبب الغالب والأعم للنزوح في اليمن بالنظر إلى أعداد النازحين ومدة النزوح بخلاف الكوارث الطبيعية حيث يستطيع المجتمع اليمني تجاوز مشكلة النازحين فيها بسرعة كما حدث في زلزال 1982م وغيره ،وبيان أسباب النزوح في اليمن على الوجه الآتي :

السبب الأول للنزوح: الحروب والنزاعات المسلحة :

الحروب والنزاعات المسلحة ظاهرة ضاربة جذورها في المجتمع اليمني , فلا يخلو عقد من الزمن من حروب ونزاعات مريرة سواءً بين الدولة اليمنية وغيرها من الدول المجاورة أو بين شطري اليمن أو بين الحكومة اليمنية وبين مكون من مكونات المجتمع اليمني أو منطقة من المناطق أو بين القبائل اليمنية نفسها التي اشتهرت بكثرة حروبها على مر التاريخ ،وللتدليل على صحة ما ذكرناه تكفي الإشارة إلى حروب الاستقلال التي قادها الائمة في اليمن والتي استمرت طوال فترة الوجود العثماني في اليمن والتي انتهت عام 1911م ثم حروب الأمام يحيى حميد الدين ضد الحسن بن يحيى الضحياني في صعده خلال عشرينات القرن الماضي ثم الحرب اليمنية السعودية التي انتهت باتفاقية الطائف 1934م ثم حروب الإمام يحيى حميد الدين في حجة ضد نائبه في حجة وحلفاء النائب من الادارسة في عسير ثم حروب الأمام يحيى حميد الدين مع قبائل الزرانيق في تهامة في أربعينات القرن الماضي ثم حروب الأمام يحيى حميد الدين مع بريطانيا التي كانت تحتل الشطر الجنوبي من اليمن في أربعينات القرن الماضي([4]) ثم الحرب الأهلية التي نشبت في اشطر الشمالي من اليمن بين الجمهوريين والملكيين التي استمرت من 1962م إلى 1970م ثم الحروب التي نشبت بين شطري اليمن الشمالي والجنوبي عامي 1972م و 1979م ثم الحروب التي خاضتها الجبهة الوطنية الديمقراطية في الشطر الشمالي ضد الحكومة من 1970م وحتى 1984م ثم أحداث 13/يناير 1986م في الشطر الجنوبي ،وبعد ذلك تأتي حرب 1994م ثم بعدها تأتي حروب صعده الستة بين الحكومة والحوثيين خلال الفترة 2005م-2010م ،ثم الصراعات والنزاعات المسلحة التي عصفت في اليمن خلال عامي 2011م و 2012م والتي ظهرت أثارها في محافظة أبين ومديرية رداع ومديريتي نهم وأرحب وحي الحصبة بمدينة صنعاء وأخيراً الحرب الطاحنة التي لازالت رحاها دائرة حتى الآن (2017م)، وبالطبع فقد أدت الصراعات والنزاعات المسلحة السالف ذكرها إلى موجات نزوح زالت آثارها بمرور الزمن ،إلا أن بعض حالات النزوح جراء حروب صعده وأبين ونهم وبني الحارث وأرحب ورداع وحي الحصبة بمدينة صنعاء لا زالت شاخصة للعيان ولا زال النازحون بسببها يعانون حتى اليوم.

السبب الثاني : الكوارث الطبيعية :

عانت اليمن في الماضي من بعض الكوارث الطبيعية أبرزها الزلازل والتي كان آخرها الزلزال المدمر الذي حدث في ديسمبر 1982م في محافظة ذمار وأسفر عن تشريد ونزوح الآلف الأشخاص ،وبفضل تفاعل المجتمع المحلي والدولي تجاوز النازحون تلك المعاناة ،كما أن بعض مناطق اليمن تتعرض بين الفينة والأخرى لكوارث طبيعية أخرى أكثرها السيول الجارفة التي تحتاج اغلب المناطق اليمنية في مواسم الأمطار وكذا حالات الانزلاق الصخري التي تحدث في بعض المناطق كمديرية بني مطر ومنطقة قدس الحجرية بتعز وغيرها والتي تترتب عليها موجات نزوح ينبغي التفكير والتخطيط للتفاعل معها والاستعداد لها.

المطلب الثالث: مراحل النزوح وأحوال النازحين وشواغلهم

يعاني النازحون من ظروف غاية في القسوة وتشغلهم شواغل عدة في مراحل النزوح المختلفة سواءً قبل النزوح أو في اثنائه أو عند الاستقرار في الاماكن التي ينزح إليها النازحون أو عند إيجاد الحلول الدائمة لمشكلة النازحين ،وسنبين في الفرع الأول أحوال النازحين وشواغلهم في مرحلة ما قبل النزوح من اماكن إقامتهم ،في حين نشير في الفرع الثاني إلى ظروف النازحين وشواغلهم في أثناء مرحلة النزوح الفعلي من مناطقهم الأصلية إلى المناطق الأخرى التي ينزحون إليها , أما الفرع الثالث فسوف نخصصه لبيان أحوال النازحين في المناطق التي ينزحون إليها ،في حين نبين في الفرع الرابع الحلول والخيارات المستدامة لمعالجة مشكلة النازحين .

الفرع الأول: أحوال النازحين وشواغلهم في مرحلة ما قبل النزوح

يعاني المواطنون قبل النزوح معاناة بالغة تجبرهم على ترك مناطقهم والفرار منها بحثاً عن الأمان ،حيث تحدق بهم أخطار عدة كأعمال القصف والقنص وإطلاق النار العشوائي الذي يؤدي إلى فقدان الأسرة لبعض أفرادها أو إصابتهم بإصابات بالغة إضافة إلى تعرضهم لأعمال الخطف والتجنيد الإجباري والسخرة لحساب الأطراف المتنازعة وكذا تدمير المنازل والمرافق والبنية التحتية والخدمات فضلاً عن الحصار والتجويع والتهديد والنهب والسلب ،وهذه الأعمال التي يعاني منها المواطنون في مناطقهم قبل النزوح تجعل حياة هؤلاء جحيماً لا يطاق حيث يعيش هؤلاء في خوف وقلق يدفعهم في نهاية المطاف إلى ترك منازلهم وأموالهم وبعض أقاربهم ومغادرة مناطقهم الأصلية بحثاً عن الأمان ،حيث يقبل هؤلاء التضحية بكل شي مقابل الحفاظ على سلامتهم ،ولا ريب أن ذلك خيار صعب ومرير.([5])

ومرحلة ما قبل النزوح هي مرحلة الظروف القاهرة كالحروب والنزاعات والكوارث الطبيعية التي يضطر بعض الأشخاص تحت وطئتها إلى مغادرة قراهم ومناطقهم الأصلية ،ومع أن النزوح الفعلي لم يحدث بعد إلا أنه يجب التعامل مع هؤلاء الأشخاص على أساس أنه من المتوقع أن يضطر هؤلاء الأشخاص إلى النزوح , ولذلك يجب في هذه المرحلة اتخاذ التدابير والوسائل المناسبة التي تحول دون النزوح وكذا معالجة الأخطار التي يضطر الأشخاص بسببها إلى مغادرة مناطقهم أو قراهم الأصلية كإيجاد مناطق آمنة للمدنيين , فإذا لم تفلح تلك التدابير والإجراءات ولم يبق إلا أن يغادر هؤلاء الأشخاص مناطقهم وإلا كانوا عرضة لأخطار تهدد حياتهم وسلامتهم , فعندئذ ينبغي التحضير والإعداد والتجهيز والتنظيم لنزوح هؤلاء بصفة منظمة واتخاذ الإجراءات التي تكفل الحفاظ عليهم وعلى ممتلكاتهم ،وقبل مغادرتهم يحتاجون في هذه المرحلة إلى عدة احتياجات عينية ومعنوية بيانها على الوجه الآتي :

1. الحصول على شهادات بإثبات سبب النزوح يتم فيها أثبات السبب الذي أدى إلى النزوح حتى يتمكن النازح من التمتع بحقوق النازحين وكذا لترتيب الآثار القانونية والشرعية المترتبة على النزوح.

2. الحصول على شهادات إثبات العلاقات بين أفراد الأسرة النازحة (علاقة زوجية – علاقة المحرمية – علاقة الأخوة ..الخ ) لما لذلك من أهمية في الحفاظ على حقوق النازحين المادية والمعنوية ولتخفيف أعباء النزوح.

3. شهادات إثبات أموال النازحين الثابتة (العقارات)والمنقولة التي يتركها النازحون في مناطقهم الأصلية.

4. ترك الخيار للأشخاص في تقرير نزوحهم من عدمه ما لم تكن هناك أخطار حقيقة تحدق بهم.

5. توفير المشورة القانونية والاجتماعية والنفسية والطبية للأشخاص الذين يضطرون للنزوح قبل نزوحهم بالفعل.

6. ترك الخيار للأشخاص الذين يضطرون للنزوح في تحديد الأماكن التي يعتزمون النزوح إليها.

7. الإعداد المسبق للأماكن التي يعتزم النازحون النزوح إليها وتأهيلها وتوفير مستلزماتها الأساسية قبل عملية النزوح بالإضافة إلى الإعداد والتجهيز المسبق لوسائل النقل المناسبة والكريمة التي من المتوقع أن يستعملها النازحون في أثناء مرحلة النزوح بالإضافة إلى تجهيز وإعداد أمتعة النازحين واحتياجاتهم التي من المتوقع اصطحابها معهم في أثناء النزوح.

8. توفير الحماية الأمنية للأشخاص المضطرين للنزوح حتى يتم نزوحهم كي لا يتعرضوا لأي من أعمال النهب أو الانتقام أو غيرها.

9. التأكد من سلامة الطرق التي سوف يسلكها النازحون ومسحها للتأكد من خلوها من الألغام والكمائن أو المخاطر التي تهدد النازحين في أثناء مرورهم في هذه الطرق.

مع التأكيد بان بعض النازحين لا يختارون مغادرة قراهم أو مناطقهم الأصلية إلى غيرها,وإنما ينزحون إلى أماكن أكثر أماناً في نطاق قراهم ومناطقهم الأصلية حسبما حصل بالفعل في الكثير من مناطق صعدة وأبين([6])

الفرع الثاني: أحوال النازحين وشواغلهم في مرحلة النزوح الفعلي

بعد أن يقرر المواطنون الذين يتعرضون لأخطار الحروب والنزاعات أو الكوارث الطبيعية مغادرة مساكنهم أو مناطقهم الأصلية يضطرون إلى ترك كل الأموال والوسائل التي يحتاجون إليها سواء في رحلة النزوح أو عند استقرارهم في الأماكن التي يعتزمون النزوح إليها ،فلا يستطيع هؤلاء نقل كل أموالهم ،فتفكير هؤلاء يتركز على الحفاظ على حياتهم وسلامتهم فلا يفكرون في غير ذلك , حيث يتعرض بعض هؤلاء لأعمال سلب لأمتعتهم ومواشيهم التي يصطحبونها معهم في رحلة النزوح , كما لا تتوفر لدى هؤلاء وسائل النقل المعتادة بسبب الظروف الطارئة التي تدفعهم إلى النزوح بسرعة فيتكدسون في وسائل المواصلات ويتعرضون لمخاطر وأضرار لا يتسع المجال لذكرها هنا , كما أنهم قد يضطرون إلى قطع مسافات طويلة مشياً على الأقدام ،وقد يتعرضون إلى اعتداءات وإعمال سلب وانتقام في أثناء رحلة النزوح.([7])

وتبدأ مرحلة النزوح الفعلي عندما تتعذر تماماً معالجة الأضرار والآثار والمخاطر المحدقة بالأشخاص في قراهم ومناطقهم الأصلية من جراء الحروب والنزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية , فعندما يتعذر تجنيب هؤلاء الأشخاص المخاطر والأضرار , فعندئذ يصبح النزوح هو الوسيلة الوحيدة للحفاظ على حياتهم وسلامتهم , وعند ذلك يتوجب على الدولة والجماعات المتنازعة توفير الوسائل والتدابير والإجراءات اللازمة لتمكين هؤلاء الأشخاص من النزوح إلى المناطق التي يختارون النزوح إليها ،وفي هذه المرحلة يحتاج النازحون إلى احتياجات كثيرة أهمها الآتي:

1. نقل النازحين بوسائل مناسبة وكريمة ومنظمة ومراعاة عدم التفريق بين أفراد الأسر في أثناء عملية النقل وتوفير الأطعمة الجاهزة والأدوية بما في ذلك الحليب وأطعمة الأطفال ومستلزماتهم وبكميات كافية لمدة يومين على الأقل.

2. تأمين الطرق التي يسلكها النازحون من مناطقهم الأصلية إلى المناطق المختارة للنزوح إليها.

3. توفير الحماية الأمنية الكافية والمناسبة التي ترافق النازحين في أثناء نزوحهم أو انتقالهم من مناطقهم الأصلية إلى المناطق المختارة للنزوح إليها.

الفرع الثالث: أحوال النازحين وشواغلهم في المناطق التي نزحوا إليها

يختار النازحون الإقامة أما في ضيافة أقاربهم وهذا هو الخيار الغالب في اليمن أو استئجار مساكن في أماكن أخرى وقد يختار النازحون الإقامة في مخيمات أو مدارس أو أية مباني عامة ،وفي كل الأحوال فإن هؤلاء يكابدون ظروفاً قاسية ومريرة هم ومن يستضيفهم , إذ أن أماكن وإمكانيات وخدمات المستضيفين للنازحين لا تستوعب الجميع ولا تفي بحاجات الجميع ،أما إذا كانت الأماكن التي أتجه إليها النازحون مخيمات فمعاناة هؤلاء وشواغلهم تكون أكثر حدة ،إذ أن النازحين في هذه المخيمات لا يجدون شيئاً ،وتبعاً لذلك فهم يحتاجون لكل شيء ،أما في حالة نزول النازحين في المباني العامة كالمدارس وغيرها فهم عندئذ يعانون أشد المعاناة أيضاً , إذ أن هذه المباني ليست معدة أو مهيأة للسكن ،كما أنها تكتظ بأعداد هائلة منهم فتنتشر الأمراض وتتفش بينهم ،وفي كل الأحوال فإن النازحين يفتقدون إلى كثير من الخدمات الأساسية ،كما لا تتوافر لديهم الأموال للحصول على الخدمات أو تلبية كثير من الاحتياجات ،إضافة إلى معاناتهم لكثير من الإشكاليات التي يفرزها وجود هؤلاء النازحين في مناطق أخرى غريبة عنهم من حيث المحيط الاجتماعي والإداري والخدمي الذي فُرض عليهم العيش فيه.([8])

وتبدأ هذه المرحلة من لحظة وصول النازحين إلى الأماكن التي يختارون النزوح إليها ،فعندئذ يجب تمكين النازحين من كافة حقوقهم المنصوص عليها في القوانين الوطنية باعتبارهم مواطنين وقعوا ضحايا لصراعات أو كوارث ،كما يتمتع هؤلاء بوضعية النازحين المكفولة حقوقهم في الاتفاقيات والمواثيق الدولية والشريعة الإسلامية والعادات والأعراف اليمنية , ووفقاً لذلك يتوجب على الدولة وعلى كافة المنظمات والجهات والأشخاص مد يد العون والمساعدة لهؤلاء ،كما ينبغي أيضاً تلبية احتياجات النازحين في هذه المرحلة وأهم هذه الاحتياجات الآتي :

1. استقبال النازحين وترتيب وتنظيم نزولهم في الأماكن المعدة لهم.

2. توزيع المستلزمات الأساسية عليهم كالأطعمة الجاهزة والمواد الغذائية غير الجاهزة الكافية لمدة عشرة أيام على الأقل وتوزيع مستلزمات الأطفال والنساء الكافية لمدة نصف شهر على الأقل.

3. حصر النازحين كل أسرة على حده مع بيان نوع العلاقة بين أفراد الأسرة وتصنيف النازحين بحسب النوع الاجتماعي والعمر والمؤهل والحالة الاجتماعية والمهنة وذكر المنطقة التي نزح منها (بالإمكان ايضاً إعداد شهادات إثبات للهوية والعلاقة الأسرية وغيرها من الشهادات المشار إليها في مرحلة ما قبل النزوح) وكذا حصر الاحتياجات الآنية والمستقبلية للنازحين في ضوء ذلك.

4. أجراء الفحص والكشف والرصد الوبائي والطبي للنازحين حين وصلهم لاتخاذ الإجراءات المناسبة للوقاية من انتشار الأمراض المعدية .

5. توفير الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وغاز طبخ وهاتف.

6. توفير خدمة الإرشاد النفسي والديني والقانوني.

7. الإدارة الفاعلة والمناسبة لشئون النازحين لتنظيم العلاقات فيما بين النازحين أنفسهم وفيما بين النازحين وأقاربهم في المناطق التي نزحوا منهم وفيما بين النازحين والمحيط الذي نزحوا إليه سواءً المحيط الاجتماعي أو الإداري أو الجغرافي ،وتلبية احتياجات النازحين اليومية والتخطيط والترتيب لتلبية احتياجات النازحين في المستقبل .

الفرع الرابع: مرحلة إيجاد الحل الدائم لمشكلة النازحين

وهذه المرحلة هي المرحلة الرابعة من مراحل النزوح وفي هذه المرحلة ينبغي التفكير الجدي والمدروس لمشكلة النازحين في الأماكن التي نزحوا إليها لإيجاد المعالجات المناسبة والملائمة والدائمة لهذه المشكلة , وإشراك النازحين في اقتراح الوسائل الدائمة لمعالجة هذه المشكلة بما في ذلك عودة النازحين إلى المناطق التي نزحوا منها ،أو توطين هؤلاء في المناطق التي نزحوا إليها أو توطينهم في مناطق أخرى يختارون التوطين فيها([9]) ، وتختلف احتياجات النازحين في هذه المرحلة باختلاف البدائل والمعالجات الدائمة ،وبيان ذلك على الوجه الآتي :

خيار عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية :

فإذا ما أختار النازحون العودة إلى قراهم أو مناطقهم الأصلية, فعندئذ يتوجب توفير وتلبية الاحتياجات الآتية:

1. معالجة المشاكل والنزاعات والأضرار التي أجبرت النازحين على مغادرة قراهم ومناطقهم الأصلية .

2. إزالة ومعالجة مخلفات وآثار النزاعات المسلحة التي دفعت النازحين إلى مغادرة قراهم.

3. إعادة تأهيل مساكن وأموال النازحين في قراهم الأصلية التي تركوها وتوفير الخدمات الأساسية التي يحتاجها النازحون.

4. توفير المواد الغذائية والتموينية الكافية للنازحين لمدة لا تقل عن موسم زراعي واحد (سنة ميلادية).

5. أخذ التعهدات الكافية من المشايخ والواجهات الاجتماعية ومسئولي السلطات المحلية في مناطق النازحين الأصلية بعدم التعرض أو الاعتداء أو الانتقام من النازحين وتوفير الحماية اللازمة لهم , وهذه التعهدات هي الباعث على عودة كثير من النازحين باليمن بحسب إفادات كثير من المواطنين .

ومع هذا وذاك فأن خيار العودة لدى النازحين في اليمن هو الخيار الغالب .

خيار توطين النازحين في المناطق التي نزحوا إليها :

فإذا ما أختار النازحون البقاء في المناطق التي نزحوا إليها , فعندئذ يتوجب توفير الاحتياجات الآتية:

1. تمليك النازحين المساكن أو الأراضي التي أقاموا عليها منشأتهم من مساكن وغيرها هذا إذا كانت الأرض ملكاً للدولة , أما إذا كانت الأراضي ملكاً لمواطنين آخرين فعندئذ ينبغي مساعدة وإقراض النازحين حتى يتمكنوا من دفع أثمان تلك الأراضي .

2. توفير الخدمات الأساسية المستدامة في المناطق التي نزح إليها النازحون.

3. توفير المشاريع العامة والخاصة الكثيفة العمالة في مناطق النزوح لتوفير فرص العمل الكافية للنازحين لتوفير الدخل الدائم للنازحين حتى يعتمدوا على أنفسهم.

4. استيعاب القادرين و الراغبين من النازحين في الالتحاق بالمعسكرات والمشاريع العامة المجاورة للمناطق التي نزحوا إليها.

المبحث الثاني

مدى تلبية التشريعات اليمنية لشواغل النازحين واحتياجاتهم

لا ريب أن نزوح المواطنين اليمنيين داخل اليمن لا يترتب عليه الإخلال بحقوقهم ومصالحهم المنصوص عليها في كافة التشريعات الوطنية باعتبارهم مواطنين يمنيين، كما أنه من المؤكد أن كافة التشريعات الوطنية تسري على هؤلاء النازحين ،إلا إنه لا يتسع المجال لحصر كافة التشريعات الوطنية في هذا البحث، وعليه فسوف نكتفي بالإشارة إلى التشريعات الوطنية ذات الصلة بشواغل واحتياجات النازحين بحسب مراحل النزوح وبحسب المعايير الدولية في هذا الشأن،وقد استعملنا مصطلح (التشريعات ) لأنه مصطلح جامع للدستور والقوانين واللوائح والنظم وغيرها، حيث سنبين كيفية تلبية التشريعات الوطنية لشواغل النازحين وحقوقهم واحتياجاتهم وذلك في المطالب الآتية: المطلب الأول: مدى حماية التشريعات اليمنية للأشخاص من النزوح، المطلب الثاني: مدى تحقيق التشريعات اليمنية لسلامة النازحين وأمنهم، المطلب الثالث: مدى تحقيق التشريعات اليمنية لمستوى معيشة لائق للنازحين، المطلب الرابع: مدى سعي التشريعات اليمنية إلى توفير فرص عمل وأسباب كسب للنازحين، المطلب الخامس: مدى النص في التشريعات اليمنية على آليات فاعلة لإصلاح مساكن النازحين وممتلكاتهم، المطلب السادس: تمكين التشريعات اليمنية للنازحين من الحصول على الوثائق الشخصية وغيرها من دون تمييز، المطلب السابع: جمع شمل الأسر التي شتتها النزوح في التشريعات اليمنية، المطلب الثامن: تمكين التشريعات اليمنية للنازحين من المشاركة في الشؤون العامة دون تمييز، المطلب التاسع: تمكين التشريعات اليمنية للنازحين من الوصول إلى سبل الإنصاف الفاعلة والعادلة.

المطلب الأول: مدى حماية التشريعات اليمنية للأشخاص من النزوح

معالجة أسباب النزوح تفضي إلى منع النزوح أو التقليل من آثاره على النحو السابق بيانه، وأسباب النزوح الغالبة في اليمن هي الحروب والنزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية، لذلك من المهم للغاية بيان كيفية معالجة التشريعات في اليمن لأسباب النزوح .

فالتشريعات اليمنية تمنع وتحرم الاعتداء على المدنيين وممتلكاتهم ومرافقهم الخدمية، وقد سبق أن ذكرنا أن اليمن قد صادقت على اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين بتاريخ 16/7/1970م وبموجب ذلك صارت الاتفاقية قانوناً وطنياً واجب التنفيذ في اليمن وكذا الحال بالنسبة للبروتوكول الأول الإضافي لاتفاقية جنيف المتعلق بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة الذي وقعت عليه اليمن بتاريخ 14/2/1978م وصادقت عليه بتاريخ 17/4/1990م وغيرها من الاتفاقيات حسبما سبق بيانه، حيث أوجبت هذه الاتفاقيات على دولة اليمن والجماعات المسلحة فيها حماية المدنيين وممتلكاتهم ومرافقهم من الاعتداء على النحو السابق بيانه.

إضافة إلى ما سبق فقد منع القانون رقم (21) لعام 1998م بشأن الجرائم والعقوبات العسكرية منع أفراد القوات المسلحة من الاعتداء على المدنيين وممتلكاتهم والمرافق العامة التي ينتفعون بها وجعل ذلك من جرائم الحرب المنصوص عليها في ذلك القانون، حيث نصت المادة (21)من هذا القانون على أنه (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على عشر سنوات أو بجزاء يتناسب مع نتائج الجريمة كل شخص خاضع لأحكام هذا القانون ارتكب أثناء الحرب أي فعل من الأفعال التي تلحق ضرراً بالأشخاص والممتلكات المحمية بمقتضى الاتفاقيات الدولية التي تكون الجمهورية اليمنية طرفاً فيها. وتعتبر على وجه الخصوص من جرائم الحرب المعاقب عليها بمقتضى هذا القانون الأفعال التالية:-

1- قتل الأسرى أو المدنيين ولا يعفيه هذا الجزاء من الدعوى الجزائية إن كان القتيل محترم الدم.

2- تعذيب الأسرى أو إساءة معاملتهم أو تعمد إحداث آلام شديدة بهم أو إخضاعهم لأي تجارب علمية.

3- تعمد إلحاق الإضرار الخطيرة بالسلامة البدنية أو العقلية أو الصحية للأسرى من العسكريين والمدنيين أو إرغامهم على الخدمة في القوات المسلحة.

4- احتجاز الأشخاص المدنيين بصورة غير مشروعة أو أخذهم كرهائن أو التمترس بهم أثناء العمليات الحربية.

5- الاستخدام الغادر للشارة المميزة للهلال الأحمر اليمني أو أي شارات أخرى دولية للحماية وفقاً للاتفاقيات الحربية([10]).

6- الهجوم على السكان المدنيين والأشخاص العاجزين عن القتال ونهب وسلب الممتلكات مع الحكم بإعادتها أو الضمان مع التلف.

7- الهجوم على المنشئات المدنية العامة والخاصة.

8- الهجوم على المناطق منزوعة السلاح مع عدم وجود مبرر لذلك.

علاوة على ذلك فإن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم وفقاً للمادة(22)من القانون ذاته التي نصت على أنه "لا يسقط الحق في سماع الدعوى في الجرائم المنصوص عليها في هذا الفصل بالتقادم".

كما بينت المادة (23) من هذا القانون حدود ونطاق مسئولية المرتكبين لهذه الجرائم حيث نصت على أنه "في حالة ارتكاب أية جريمة من الجرائم الواردة في هذا الفصل يكون القائد والأدنى منه رتبة مسئولين عن الجريمة ولا يعفى أي منهم من العقوبة المنصوص عليها إلا إذا ارتكبت الأفعال دون اختيارهم أو علمهم أو إذا تعذر عليهم دفعها".

كما نصت المادة (28)من القانون ذاته على أنه "مع مراعاة نص المادة (71) من هذا القانون يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على خمس عشرة سنة أو بجزاء يتناسب مع نتائج الجريمة كل شخص خاضع لأحكام هذا القانون ارتكب أثناء خدمة الميدان إحدى الجرائم الآتية:

أ‌- تخريبه أو إتلافه عمداً أملاكاً بدون أمر من قائده المباشر.

ب‌- هجومه على منزل أو محل طلباً للنهب.

وإذا ارتكبت هذه الجرائم في غير خدمة الميدان فتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على عشر سنوات أو بعقوبة تتناسب مع نتائج الجريمة".

أما القانون العام للجرائم والعقوبات رقم (12) 1994م فقد بين مسئولية الآمر والمباشر في جرائم الحرب وذلك في المادة (225) التي نصت على أن "كل فرد من أفراد القوات المسلحة لا يكون مسئولاً عن :-

1- تنفيذ أمر غير قانوني صادر من رئيسه وتقع مسئولية التنفيذ على الرئيس وحده ما لم يكن من الواضح أن الأمر مخالف لحكم في قانون العقوبات أو القانون الدولي العام فعندئذ يكون الرئيس والمرؤوس مسئولين عما حدث.

2- إذا رفض تنفيذ أمر رئيس واضحة مخالفته لقانون العقوبات أو القانون الدولي العام".

والنصوص السابق ذكرها خاصة فيما يتعلق بالعسكريين في أثناء الحرب، أما الجماعات المسلحة فيجب عليها أيضاً طبقاً للاتفاقيات الدولية السابق ذكرها حماية المدنيين وممتلكاتهم والمرافق التي ينتفعون بها، كما أن قانون الجرائم والعقوبات يجرم في المادة (132) العصيان المسلح ويحرم في المادة(132) الاشتراك في عصابات مسلحة كما أنه يعاقب الإفراد والجماعات المسلحة في المواد (137)و(138)و(139)و(140) بعقوبات رادعة إذا ما ارتكبوا جرائم حرق الأموال والمباني أو تفجيرها أو تعريض وسائل النقل والمواصلات للخطر أو إغراقها أو تعريض الناس للخطر والتلويث وإتلاف الطرق العامة ويعاقب على هذه الأفعال بعقوبات رادعة قد تصل أحياناً إلى عقوبة الإعدام. ولاشك أن ذلك من قبيل الحماية القانونية للأشخاص من الأخطار والأضرار التي تدفعهم للنزوح.

ويلاحظ أن النصوص القانونية السابق ذكرها قد تضمنت عقوبات على الجناة في حين أن نصوص الاتفاقيات الدولية لم تتضمن عقوبات، حيث تركت هذه المسألة للقوانين الوطنية، ولذلك يفترض أن تكون القوانين الوطنية أكثر ردعاً لاقترانها بالعقاب أو الجزاء، كما يلاحظ أن النصوص العقابية الوطنية قد ذكرت فقط الحد الأعلى لعقوبة الحبس بدون أن تذكر الحد الأدنى، وتبعاً لذلك يجوز أن تكون عقوبة الحبس (24 ساعة فقط) لأن هذه المدة هي الحد الأدنى لعقوبة الحبس طبقاً للقانون اليمني.

والأمانة العلمية تقتضي القول بأن النصوص القانونية الوطنية والدولية التي تكفل حماية المدنيين من أعمال القتال لا تحترم في اليمن وإلا لما حدث النزوح الذي تعاني منه البلاد – فعند حدوث أي صراع أو نزاع في اليمن يكون المدنيون عرضةً لأعمال القتال كما تتعرض ممتلكاتهم للسلب والنهب والتخريب كما تتعرض الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء والهاتف والانترنت للتخريب، ولا حاجة لذكر أمثلة أو شواهد على ذلك فالواقع خير شاهد على ذلك.

كما أنه لا وجود لقانون وطني خاص يبين كيفية التعامل مع الكوارث والطوارئ بدءً من إجراءات التنبؤ بها والتحذير والوقاية منها وكيفية إجلاء المنكوبين والنازحين ووضع التدابير والاحتياطات والاستعدادات اللازمة للتعامل مع الكوارث والحالات الطارئة، مع أن الدستور ينص في المادة (33) على أن "تكفل الدولة بالتضامن مع المجتمع تحمل الأعباء الناجمة عن الكوارث والمحن العامة" ولا شك أن النزوح من ضمن الكوارث التي يتناولها هذا النص.

المطلب الثاني: مدى تحقيق التشريعات اليمنية لسلامة النازحين وأمنهم في أثناء النزوح

ذكرنا فيما سبق كيف أن الاتفاقيات والمعايير الدولية قد نظمت حقوق وأحكام النازحين , وقررت أن دول العالم قاطبة ملتزمة بموجب ذلك بسلامة النازحين وتحقيق أمنهم من وقت نزوحهم من مناطقهم الأصلية إلى الأماكن التي نزحوا إليها , ويمتد هذا الالتزام حتى عودة النازحين أو معالجة مشكلة النزوح بأي طريقة , و بمعنى آخر فإن التزام الدول بالحفاظ على سلامة النازحين يتعلق بكافة مراحل النزوح.

وسبق أن ذكرنا أيضاً أن النزوح لا يجرد النازحين من حقوقهم المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية باعتبار النازح إنساناُ , وكذا لا يجردهم من حقوقهم المنصوص عليها في القوانين الوطنية باعتبار النازح مواطناً أيضاً.

ومن هذا المنطلق وعلى هذا الأساس فإن القوانين الوطنية المختلفة توفر للنازحين السلامة والأمن مثلهم في ذلك مثل غيرهم من المواطنين، فمثلاً قانون الجرائم والعقوبات يجرم الاعتداء على النازحين وغيرهم بالقتل أو الضرب أو التهديد أو الحبس أو الاعتقال بدون موجب باعتبار هذه الأفعال المخلة بالأمن والسلامة جرائم يعاقب عليها القانون بعقوبات رادعة، كما يوجب قانون هيئة الشرطة على أفراد الشرطة اتخاذ الإجراءات والتدابير المناسبة للحيلولة دون وقوع الجرائم الماسة بسلامة المواطنين وأمنهم ومن ضمنهم النازحين , باعتبار أن تحقيق الأمن العام و السلامة وظيفة من أهم وظائف الدولة بموجب أحكام الدستور , حيث تنص المادة (39) من الدستور على أن "الشرطة هيئة مدنية نظامية تؤدي واجبها لخدمة الشعب وتكفل للمواطنين الطمأنينة والأمن وتعمل على حفظ النظام والأمن العام"، كما تنص المادة (13) من اللائحة التنفيذية لقانون السلطة المحلية لسنة 2000م على أن "تقوم الأجهزة التنفيذية في المديرية في مجال خدمات الشرطة بحماية أرواح وسلامة المواطنين والملكية العامة والخاصة والشخصية. و تأمين متطلبات الدفاع المدني والسلامة العامة في أوقات السلم وحالات الحرب والطوارئ وتأمين التجهيزات والمعدات اللازمة لها ومكافحة الحرائق والمساعدة في أعمال الإغاثة والإيواء في حالة الكوارث والنكبات الطبيعية. وإقامة البرامج الخاصة بتوعية المواطنين بطرق ووسائل الوقاية من الحرائق وتدريب فرق المطوعين على أعمال الإغاثة والإنقاذ. وكذا تلقي المساعدات والمعونات العينية والنقدية وتوزيعها على المتضررين في حالات الكوارث والنكبات الطبيعية و حصر الأضرار المادية والبشرية الناتجة عن حدوث الحرائق والكوارث والنكبات الطبيعية ورفع التقارير اللازمة بشأنها"، إلا أن الحالات الطارئة التي ينجم النزوح عنها والفوضى التي تخلفها وحالة الضعف التي يعاني منها جميع النازحين وعدم التنبؤ بها والاستعداد لها وعدم إناطة شئون النازحين بجهة سيادية عليا تملك الصلاحيات والإمكانيات اللازمة يجعل النصوص القانونية عاجزةً عن الوفاء بكامل احتياجات النازحين للأمن والسلامة.

المطلب الثالث: مدى تحقيق التشريعات اليمنية لمستوى معيشة لائق للنازحين

طبقاً للاتفاقيات والمعايير الدولية يجب على دول العالم المختلفة ومنها اليمن تحقيق مستوى معيشة لائق للنازحين في كافة مراحل النزوح لاسيما في مرحلة الحل الدائم لمشكلة النازحين ولا ريب أن التشريعات الوطنية هي الوسيلة النظامية الإلزامية لحمل الجهات المختلفة كل فيما يخصها على توفير مستوى معيشة لائق بالنازحين، إذ أن من خصائص القاعدة القانونية أنها ملزمة لاقترانها بعقاب للمخالفين لها ، فضلاً عن أن التشريعات الوطنية تحدد ادوار الجهات المختلفة فيما يتعلق بتوفير مستوى معيشة لائق بالنازحين، ولا ريب أن التشريعات والجهات الوطنية المعنية بذلك كثيرة ومتشعبة، وطبقاً للتشريعات الوطنية النافذة في اليمن فإنه من الواجب على الدولة توفير مستوى معيشة لائق لكافة المواطنين بمن فيهم النازحين، حيث وردت نصوص في التشريعات المختلفة تكفل ذلك ومنها المادة (7) من الدستور التي نصت في الفقرة (أ) على أن من مقومات المجتمع "العدالة الاجتماعية الإسلامية في العلاقات الاقتصادية الهادفة إلى تنمية الإنتاج وتطويره وتحقيق التكافل والتوازن الاجتماعي وتكافؤ الفرص ورفع مستوى معيشة المجتمع" كما تنص المادة (32) من الدستور على أن (التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية أركان أساسية لبناء المجتمع وتقدمه ويسهم المجتمع مع الدولة في توفيرها" وفي السياق ذاته تنص المادة (33) من الدستور على أن "تكفل الدولة بالتضامن مع المجتمع تحمل الأعباء الناتجة عن الكوارث الطبيعية والمحن العامة"،كما تنص المادة (54) من الدستور على أن "التعليم حق للمواطنين جميعاً تكفله الدولة وفقاً للقانون بإنشاء مختلف المدارس والمؤسسات الثقافية والتربوية" كذلك تنص المادة (55) على أن "الرعاية الصحية حق لجميع المواطنين وتكفل الدولة هذا الحق بإنشاء مختلف المستشفيات والمؤسسات الصحية والتوسع فيها"،كما ورد ضمن الأهداف والمبادئ العامة للقانون رقم (4) لسنة 2009م بشأن الصحة العامة في المادة (3)على أن هذا القانون يهدف إلى تحسين صحة المواطنين ومكافحة الأمراض الشائعة ورفع مستوى الخدمات الصحية والطبية وتأمين القدرات لمواجهة الإصابات والأمراض الناتجة عن الكوارث الطبيعية بما فيها تجهيز المستشفيات الميدانية وغيرها" وفي السياق ذاته تنص المادة (56) من الدستور على أن "تكفل الدولة توفير الضمانات الاجتماعية للمواطنين كافة في حالات المرض أو العجز أو البطالة أو الشيخوخة أو فقدان العائل كما تكفل ذلك بصفة خاصة لأسر الشهداء وفقاً للقانون"وعند استقراء النصوص الدستورية والقانونية السابق ذكرها نجد أنها قد كفلت للمواطنين كافة بمن فيهم النازحين توفير مستوى معيشي لائق، إلا أن الواقع يشهد أن هذه النصوص لم تجد طريقها للتطبيق سواء بالنسبة للنازحين أو غيرهم من المواطنين للأسباب السابق ذكرها في الفرع السابق إضافة إلى ضائلة الإمكانيات والتمويل اللازم لاسيما والنزوح يحدث في أثناء الحروب والصراعات التي تستنزف الإمكانيات الشحيحة أصلاً .

المطلب الرابع: مدى النص في التشريعات اليمنية على توفير فرص عمل وأسباب كسب للنازحين

كلفت الاتفاقيات والمعايير الدولية للنازحين الحق في العمل وكسب العيش في كافة مراحل النزوح، وذكرنا أيضاً أن هذه الاتفاقيات نافذة وسارية في اليمن كون اليمن قد وافقت عليها أو أنظمت إليها، وكذلك حق النازحين في العمل وكسب العيش مكفول بموجب أحكام التشريعات الوطنية باعتبار النازحين من جملة المواطنين، حيث أن النازحين يتمتعون بكافة حقوق المواطنة ومن ذلك الحق في العمل وكسب العيش.

وفي هذا الشأن تنص المادة (29)من الدستور على أن "العمل حق وشرف وضرورة لتطوير المجتمع ولكل مواطن الحق في ممارسة العمل الذي يختاره لنفسه في حدود القانون" في حين تنص المادة (5) من قانون العمل على أن "العمل حق طبيعي لكل مواطن وواجب على كل قادر عليه بشروط وفرص وضمانات وحقوق متكافئة دون تمييز بسبب الجنس أو السن أو العرق أو اللون أو العقيدة أو اللغة وتنظم الدولة بقدر الإمكان حق الحصول على العمل من خلال التخطيط المتنامي للاقتصاد الوطني".

وواقع الحال يشهد على ان النصوص الدستورية والقانونية ذات الصلة بتوفير مستوى معيشة لائق لم تجد طريقها للتطبيق ولم تفلح في تحقيق هذا الهدف سواء بالنسبة للنازحين أو لعامة المواطنين , حيث تواترت التقارير الدولية والمحلية التي تؤكد ضآلة فرص العمل في اليمن بالنسبة للنازحين مثلهم في ذلك مثل بقية المواطنين اليمنيين .

المطلب الخامس: مدى النص في التشريعات اليمنية على آليات فاعلة لإصلاح مساكن النازحين وممتلكاتهم

إصلاح مساكن النازحين وممتلكاتهم وتأهيلها أو تشييد مساكن أخرى عوضاً عن مساكنهم وأملاكهم من أهم المعالجات التي تفضي إلى حل ناجع ودائم لمشكلة النازحين , ولا يتحقق ذلك إلا إذا كان مكفولاً في نصوص قانونية آمرة وملزمة، والنصوص في التشريعات الوطنية ذات الصلة بهذا الموضوع هي نصوص عامة على شاكلة ما ورد في المادة (34)من الدستور التي نصت على أن "تكفل الدولة بالتضامن مع المجتمع تحمل الأعباء الناتجة عن الكوارث الطبيعية والمحن العامة" ومن هذه الأعباء إصلاح مساكن النازحين وممتلكاتهم،وكذلك الحال بالنسبة لما ورد في الفقرة (ج) من المادة (7) من الدستور التي تنص على أن "حماية و احترام الملكية الخاصة فلا تمس إلا لضرورة ولمصلحة عامة وبتعويض عادل وفقاً للقانون" وفي هذا السياق العام تنص المادة (20) من الدستور على أن "المصادرة للأموال محظورة ولا تجوز المصادرة إلا بحكم قضائي" وهذه النصوص العامة تفيد وجوب احترام أملاك المواطنين بما فيها مساكنهم وأموالهم وصونها من الاعتداء عليها أو مصادرتها ووجوب التعويض عن الاعتداء عليها، ومن أهم جوانب التعويض، التعويض العيني وذلك بإعادة الممتلكات إلى الحالة التي كانت عليها قبل الاعتداء عليها بالتخريب أو الإتلاف,إلا أنه من النادر قيام الدولة بتعويض النازحين أو إعادة أعمار مساكنهم إذ لم يحدث ذلك إلا بالنسبة لإعادة أعمار بعض مساكن النازحين في محافظة أبين وكذا عند قيام الدولة عام 1982م وما بعده بإعادة أعمار المناطق المتضررة من الزلزال في ذمار ولو كان هناك قانون للتعامل مع الحالات الطارئة لمَ تضمينه النص على التزام الدولة بإصلاح مساكن النازحين وممتلكاتهم , وقبل صدور مثل هذا القانون فنرى أن تطبيق النص الدستوري بشأن تحمل أعباء الكوارث والمحن يقع على عاتق وزارة الأشغال العامة باعتبارها الجهة المعنية بتنفيذ المشاريع العامة التي تمولها الدولة أو غيرها.

المطلب السادس: تمكين التشريعات اليمنية للنازحين من الحصول على الوثائق الشخصية وغيرها

للوثائق الشخصية أهمية بالغة وتترتب عليها آثار قانونية وشرعية كثيرة لا يتسع المجال لذكرها هنا , ومن ذلك إثبات هويات الأشخاص وجنسياتهم وأحوالهم الزوجية ومستوياتهم التعليمية وأعمارهم وأملاكهم وغيرها.

وبسبب الآثار المدمرة للحروب والنزاعات والكوارث والفوضى التي تخلفها فقد تتلف بعض هذه الوثائق , كما قد تتعرض للسلب أو الفقدان، لذلك فقد كفلت الاتفاقيات والمعايير الدولية حق النازحين في الحصول على وثائق بديلة عن تلك الوثائق الفاقدة أو المنسية , بل أنه يحق للنازحين الحصول على وثائق جديدة لإثبات أحوالهم حتى ولو لم تكن لديهم وثائق سابقة طالما وهذه الوثائق بمثابة شهادات بواقع الحال ليس فيها تزوير أو اختلاق.

والقوانين الوطنية المتعلقة بالوثائق الشخصية وغيرها كثيرة ومتعددة وكذلك الجهات المختصة بذلك , ومن أهم القوانين ذات الصلة بهذا الموضوع قانون التوثيق وقانون الأحوال المدنية وقانون السجل العقاري وغيرها.

حيث عرفت الوثيقة المادة (2) من قانون الأحوال المدنية رقم (22) لعام 1991م بأن الوثيقة هي "كل مستند مكتوب مقدم للاحتجاج في أي واقعة كالزواج أو الطلاق أو الميلاد أو الوفاة وما يتفرع عنها" كما نصت المادة (6) مكرر من هذا القانون بـأن يمنح كل مواطن فور قيده في السجل المدني رقماً وطنياً يصاحبه أسمه في كافة الشهادات والوثائق والبطاقة الشخصية التي تخصه وكافة قيود الوقائع الحيوية التي تخصه" في حين نصت المادة (15) من هذا القانون على أنه "لكل شخص أن يستخرج صورة رسمية طبق الأصل من القيود والوثائق المتعلقة به أو بأصوله أو فروعه أو أزواجه" في حين تنص المادة (49) على أنه "يجب على كل شخص من مواطني الجمهورية بلغ السادسة عشرة أن يحصل من إدارة الأحوال المدنية والسجل المدني التي يقيم في دائرتها على البطاقة الشخصية فإذا أصبح رب أسرة وجب عليه أن يقدم بطاقته الشخصية إلى إدارة الأحوال المدنية للحصول على البطاقة العائلية".

وطبقاً لهذه النصوص يستطيع النازحون مثلهم في ذلك مثل غيرهم من المواطنين الحصول على الوثائق الشخصية , إلا أن النازحين يواجهون مشاكل كثيرة في الحصول على وثائق بديلة عن وثائقهم الأصلية التي فقدت أو أتلفت أو لم يتمكن النازح من اصطحابها، وكذا يواجه النازحون مشاكل قانونية في الحصول على الوثائق الشخصية في الأماكن التي نزحوا إليها، لان القانون كما سبق أن اشرنا يشترط أن يتم الحصول على تلك الوثائق من المديرية التي يقيم فيها الشخص عادة , وهي المنطقة الأصلية التي نزح منها النازح , وكذلك في حالة فقدان الوثائق الشخصية حيث ينبغي الرجوع إلى المنطقة الأصلية للنازح حيث نصت المادة (54) من قانون الأحوال المدنية على أنه "على صاحب البطاقة في حالة فقدها أو تلفها أن يخطر مدير الأحوال المدنية أو اقرب مركز للشرطة الذي يقيم في منطقته خلال أسبوع من تاريخ الفقد أو التلف وعليه أن يطلب بطاقة أخرى" ومن المعلوم أنه ينبغي عليه في هذه الحالة أن يعلن في صحيفة واسعة الانتشار عن فقدان الوثيقة , وبعد ذلك يتم الحصول على وثيقة بدل فاقد. ولمواجهة هذه المشكلة نوصي باعتبار المكان الذي نزح إليها النازحون مكان إقامة لهم لغرض الحصول على الوثائق الشخصية و غيرها، وكذلك الحال بالنسبة لوثائق الملكية فلا يتم الحصول على بدل فاقد إلا إذا تم الإعلان في صحيفة واسعة الانتشار عن ذلك بواسطة المحكمة المختصة التي تقع الممتلكات في دائرة اختصاصها المكاني بعد أن يتم التعميم على البنوك التجارية من قبل تلك المحكمة للتأكد من عدم رهن الوثائق المفقودة وبعدئذ تقوم المحكمة المختصة بإصدار وثائق ملكية بدل فاقد وكذلك الحال لوثائق ملكية السيارات والأسهم والسندات , فكل هذه الوثائق طبقاً للقوانين النافذة لا يتم الحصول على بدل فاقد عوضاً عنها إلا في المناطق الأصلية للنازحين .

المطلب السابع: جمع شمل الأسر التي شتتها النزوح في التشريعات اليمنية

التفريق بين الأسر أو بين أفرادها أمر محظور وفقاً للاتفاقيات الدولية على النحو السابق بيانه وكذلك الحال بالنسبة للقوانين الوطنية التي تجرم وتحرم إكراه الأشخاص على الانتقال أو تقييد حريتهم في الانتقال للتواصل والاتصال بأقاربهم وأسرهم وعلى النحو السابق بيانه عندما ذكرنا موقف قانون الجرائم والعقوبات اليمني من ضمان سلامة الأشخاص وأمنهم، ومن هذا المنطلق فإن الاتفاقيات الدولية والقوانين الوطنية تجرم وتحرم تشتيت الأسر أو بعض أفرادها، وعلى ذلك فإن جمع شمل الأسر التي شتتها النزوح واجب في الاتفاقيات الدولية والقوانين الوطنية، كما إن ذلك من ضمن المعايير الدولية لمعالجة مشكلة النزوح واحتواء آثارها, على النحو بيانه عندما عرضنا المعايير الدولية لمعالجة مشكلة النزوح في الفصل الأول ونكتفي هنا بالإشارة إلى موقف التشريعات الوطنية من جمع شمل الأسر , فقد نص الدستور صراحة على الحفاظ على وحدة الأسرة في المادة (26) التي نصت على أن "الأسرة أساس المجتمع" وكذا قانون الجرائم والعقوبات الذي منع وجرم تشتيت الأسر الذي يتم غالباً عن طريق منع بعض الافراد أو الحيلولة دون التحاق بعض الأسر أو بعض أفراد الأسرة ببعضها أو تقييد حريتها في الالتحاق ببعضها حيث نصت المادة (246) من هذا القانون على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات من قبض على شخص أو حجزه أو حرمه من حريته بأية وسيلة بغير وجه قانوني" فضلاً عن أن لم شمل الأسر التي تشتت واجب على الدولة والمجتمع وفقاً للمادة (33) من الدستور التي نصت على أن "تكفل الدولة بالتضامن مع المجتمع تحمل الأعباء الناجمة عن الكوارث الطبيعية والمحن العامة" وشتات الأسر من الإعباء الناجمة عن الكوارث والمحن العامة

والأمانة العلمية تقتضي القول بأن المجتمع والدولة اليمنية تنفذ النصوص ذات العلاقة بلم شمل الأسر التي يشتتها النزوح.

المطلب الثامن: تمكين التشريعات اليمنية للنازحين من المشاركة في الشؤون العامة دون تمييز

ذكرنا مراراً وتكراراً أن النزوح لا يحرم النازح من حقوقه الإنسانية المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية باعتباره إنساناً كما لا يحرمه النزوح أيضاً من حقوقه المنصوص عليها في القوانين الوطنية باعتباره مواطناً.

والاتفاقيات الدولية والقوانين الوطنية تكفل للمواطنين كافة نازحين وغير نازحين الحق في المشاركة في الشئون العامة بدون تمييز .

وبما أننا بصدد الحديث عن دور التشريعات الوطنية في هذا الشأن فلا بأس من الإشارة إلى بعض النصوص الوطنية , حيث تنص المادة (41)من الدستور على أن "المواطنون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة". وفي هذا السياق تأتي المادة (42) من الدستور التي تنص على أن "لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية" وبشأن المشاركة في الشئون العامة تنص المادة (42) من الدستور على أن "للمواطن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأي في الاستفتاء".

ومع هذه النصوص الصريحة التي تكفل للمواطنين نازحين أو غير نازحين حق المشاركة في الشئون العامة إلا أنه في بعض الأحيان يتعذر على النازحين في الأماكن والمناطق التي نزحوا إليها المشاركة في الشئون العامة، فمثلاً عند المشاركة في الانتخابات تخشى بعض الأحزاب وبعض المرشحين من القوة التصويتية للنازحين فيتم منع النازحين حتى من مجرد قيد أسمائهم في جداول الناخبين مع أن قانون الانتخابات يجيز للناخبين التسجيل في الموطن الأصلي للعائلة أو في مكان الإقامة المعتاد أو في مقر العمل، كما يتم منع النازحين من الترشيح للانتخابات في المناطق التي نزح إليها النازحون لاسيما من قبل المرشحين المحليين الذين يشعرون أن هؤلاء المرشحين النازحين منافسين لا ينبغي أن ينافسوهم في منطقتهم , ولو تم اعتماد نظام القائمة النسبية في الانتخابات الذي يجعل اليمن كلها دائرة انتخابية واحدة لتمكن النازحون من المشاركة في الانتخابات كمرشحين وناخبين من غير أن يمنعهم أو يعرقلهم أحد.

كذلك يتعذر على النازحين المشاركة في الشئون العامة في المناطق التي نزحوا إليها كموظفين في الدولة لشعور سكان هذه المناطق بأن النازحين يزاحمونهم على الوظائف التي توزعها الدولة على أساس مناطقي، ومع هذا فإن النازحين يشاركون في الأعمال الخاصة كأصحاب مهن حرة أو عمال أو غير ذلك من الأعمال الخاصة من غير تحسس من أصحاب المناطق التي نزحوا إليها.

المطلب التاسع: تمكين التشريعات اليمنية للنازحين من الوصول إلى سبل الإنصاف الفاعلة والعادلة

تضمن الاتفاقيات والمعايير الدولية للنازحين الوصول إلى وسائل الإنصاف العادلة والفاعلة في كافة مراحل النزوح بما فيها مرحلة الحل الدائم حسبما آن أشرنا إلى المعايير الدولية في هذا الشأن.

كذلك القوانين الوطنية تكفل للمواطنين جميعاً سواء كانوا نازحين أم غير نازحين الوصول إلى سُبل الإنصاف العادلة , ومن أهمها النيابات و المحاكم الوطنية بمختلف درجاتها وأنواعها , حيث تنص المادة (51)من الدستور على أنه "يحق للمواطن أن يلجأ إلى القضاء لحماية حقوقه ومصالحه المشروعة وله الحق في تقديم الشكاوي والانتقادات والمقترحات إلى أجهزة الدولة ومؤسساتها بصورة مباشرة أو غير مباشرة" كما تضمن الدستور الضمانات المناسبة لعدالة القضاء واستقلاله حيث نصت المادة (149) من الدستور على أن "القضاء سلطة مستقلة قضائياً ومالياً وإدارياً والنيابة العامة هيئة من هيئاته وتتولى المحاكم الفصل في جميع المنازعات والجرائم والقضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأية جهة وبأية صورة التدخل في القضايا وفي أي شأن من شئون العدالة ويعتبر مثل هذا التدخل جريمة يعاقب عليها القانون ولا تسقط الدعوى إلا بالتقادم".

وطبقاً لهذا النص الدستوري يحق للنازحين مثلهم في ذلك مثل غيرهم من المواطنين اللجوء إلى القضاء طلباً للعدل والإنصاف عن طريق الدعاوى المدنية بشأن ممتلكاتهم في المناطق الأصلية التي نزحوا منها أو في الأماكن التي نزحوا إليها وكذا عن طريق الدعاوي الإدارية بشأن حقوقهم لدى سلطات الدولة أو لطلب التعويض عن الأضرار التي لحقت بهم جراء تصرفات الدولة غير المشروعة أو عند إخلال الدولة بواجباتها والتزاماتها ازاء النازحين، كما أن لهؤلاء رفع الشكاوي في المجال الجنائي تمهيداً لتحريك الدعاوي الجزائية في مواجهة المعتدين على النازحين أو على ممتلكاتهم، وهذا كله مكفول طبقاً للنص الدستوري السابق ذكره إضافة إلى المادة (17)من قانون المرافعات التي نصت على أن "حق الادعاء والدفاع مكفولان أمام القضاء وفقاً لأحكام القانون" وفي هذا الصدد نصت المادة (16) من قانون المرافعات على أن "المتقاضون متساوون في ممارسة حق التقاضي ويلتزم القاضي بإعمال مبدأ المساواة بين الخصوم في هذا الحق متقيداً في ذلك بأحكام الشريعة الإسلامية والقوانين النافذة" ومع هذا فهناك إشكالات حقيقية وواقعية تواجه النازحين في هذا الشأن أهمها انه يتعذر غالباً على النازحين الاستفادة من هذه النصوص الدستورية والقانونية الصريحة، بسبب قواعد الاختصاص المكاني المنصوص عليها في قانون المرافعات وقانون الإجراءات الجزائية، إذ يتوجب رفع الدعاوي المتعلقة بالعقارات (الأراضي والمباني) في المحكمة التي تقع العقارات ضمن اختصاصها المكاني وغالباً ما تكون ممتلكات النازحين عبارة عن مساكن وعقارات تقع في مناطقهم الأصلية التي نزحوا منها، فقانون المرافعات ينص صراحة على أن الاختصاص المكاني ينعقد لمحكمة موطن المدعي عليه، فحينما يريد النازح رفع الدعاوي ضد بعض الأشخاص مطالباً بحقوقه لديهم يكون هؤلاء الأشخاص المدعى عليهم مقيمون في المناطق الأصلية التي نزح منها النازحون المدعون، ففي هذه الحالة يتعذر على النازحين رفع الدعاوي أمام المحاكم التي تقع في مناطقهم الأصلية لوجود الأسباب ذاتها التي دفعتهم للنزوح منها، وكذلك الحال بالنسبة للدعاوي الجنائية التي يتعذر على النازحين في أثناء النزوح مباشرتها ضد الأشخاص الذين اعتدوا عليهم أو على أملاكهم، إذ أن قانون الإجراءات الجزائية ينص في المادة (234) على أنه "يتعين الاختصاص محلياً بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو المكان الذي يقيم فيه المتهم أو المكان الذي يقبض عليه فيه" وطبقاً لهذا النص لا يستطيع النازح في المنطقة التي نزح إليها مقاضاة المتهمين بالاعتداء عليه أو على أملاكه إلا أمام النيابة العامة والمحكمة في منطقته الأصلية التي نزح منها وذلك متعذر على النازح إذا كانت الأسباب التي أجبرت النازح على النزوح لا زالت قائمةً , كما أنه يخشى على حقوق النازح في منطقته الأصلية من التقادم حينما يعجز عن المطالبة بها أمام القضاء، إذ أن المطالبة القضائية أو الدعوى تقطع التقادم كما هو معلوم.

المبحث الثالث

أحكام النازحين في الفقه الإسلامي

تحث الشريعة الإسلامية على الوفاء بالعهود ومنها الاتفاقيات ذات الصلة بحقوق النازحين، وكذا تناولت الشريعة الإسلامية أحكام النازحين في نصوص كثيرة منها متصلة بأسباب النزوح ومنها تنظم رعاية النازحين وتمكنهم من حقوقهم، وسوف نعرض ذلك في المطالب الآتية: المطلب الأول: موقف الشريعة الإسلامية من الاتفاقيات والعهود الدولية بشأن النازحين، المطلب الثاني: الوقاية من النزوح في الشريعة الإسلامية، المطلب الثالث: رعاية النازحين في الشريعة الإسلامية.

المطلب الأول: موقف الشريعة الإسلامية من الاتفاقيات والعهود الدولية بشأن النازحين

ذكرنا في المبحث الأول أن هناك اتفاقيات ومواثيق وعهود دولية كثيرة تناولت حقوق النازحين وأحكامهم سواء على صعيد القانون الدولي الإنساني أو على صعيد القانون الدولي لحقوق الإنسان أو على مستوى المبادئ التوجيهية الدولية بشأن النازحين، وذكرنا أيضاً أن هناك معايير دولية تمت استفادتها من الاتفاقيات الدولية تبين المعيار أو المقياس المحدد لحقوق النازحين، وقد أشرنا في هذا السياق إلى أن هذه الاتفاقيات الدولية تستهدف حماية حقوق هذه الشريحة الضعيفة المسالمة، ذكرنا في المبحث الثاني أيضاً إن اليمن ومعها الدول الإسلامية قد وافقت أو صادقت على تلك المواثيق والعهود والاتفاقيات الدولية، ومن هذا المنطلق وعلى هذا الأساس تبرز أهمية موقف الشريعة الإسلامية من المواثيق والعهود والاتفاقيات الدولية بشأن النازحين، فموقف الشريعة الإسلامية في هذا الشأن تحدده نصوص شرعية صريحة تأمر المسلمين بالوفاء بالعقود والعهود والمواثيق والالتزام بها بما فيها تلك ذات الصلة بالنازحين ، ومن هذه النصوص ما يأتي :

1- قوله تعالى : { وأوفوا بالعهد أن العهد كان مسئولاً }([11]) فهذه الآية تأمر المسلمين بالوفاء بالعهود التي يتعهدون بها، ومن لم يفِ بذلك فسوف يكون مسئولاً أمام الله تعالى يحاسبه و يعاقبه لعدم وفائه بالعهد.

2- قوله تعالى : { والذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق }([12]) ففي هذه الآية يمدح الله الذين يوفون بالعهد ولا ينقضون الميثاق.

3- يصف الله سبحانه وتعالى الوفاء بالعهد بأنه من أهم أوجه البر بقوله تعالى : { والموفون بعهدهم إذا عاهدوا }([13]).

4- كذلك يأمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين بالوفاء بالعقود فيقول تبارك وتعالى : { يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود}([14])

5- قال النبي صلى الله عليه وسلم { ألا أخبركم بخياركم : خياركم الموفون بعهودهم }وقال صلى لله عليه وسلم {أنا أحق من أوفى بعهده} وقال صلى الله عليه وسلم { من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عهداً ولا يشدنه حتى يمضي أمده أو ينبذ إليهم على سواء }.

فهذه الأحاديث الشريفة صريحة و قاطعة في دلالتها على وجوب احترام المسلمين للعهود و الاتفاقيات التي يبرمونها بما فيها تلك ذات الصلة بالنازحين .

المطلب الثاني: الوقاية من النزوح في الشريعة الإسلامية

هناك نصوص شرعية تبين الإجراءات والتدابير للوقاية من النزوح ومعالجة الأسباب المفضية إليه, وسوف نذكر في الفرع الأول تحريم الشريعة الإسلامية للاعتداء على المدنيين في حين نذكر في الفرع الثاني وجوب التدخل للإصلاح بين الأطراف المتقاتلة في الشريعة الإسلامية , أما الفرع الثالث فسوف نذكر فيه الوقاية من الكوارث في الشريعة الإسلامية.

الفرع الأول: تحريم الشريعة الإسلامية للاعتداء على المدنيين

ذكرنا في المبحث الأول من هذا البحث بأن السبب الغالب للنزوح في اليمن هو الحروب والنزاعات المسلحة التي لا تفرق بين المقاتلين والمسالمين, وذكرنا أيضاً أن الحروب والصراعات والنزاعات المسلحة لو لم تستهدف المدنيين لما ظهرت مشكلة النزوح ولما نزح النازحون أصلاً، ولذلك فمن المهم للغاية عرض النصوص الشرعية التي تبين موقف الشريعة الإسلامية من الاعتداء على المدنيين المسالمين والنازحين سواء في مناطقهم الأصلية أو في المناطق التي نزحوا إليها أو في أثناء رحلة نزوحهم في الطرقات، وكذا تحريم الشريعة الإسلامية تهجير وتشريد المدنيين من ديارهم ، وبيان النصوص الشرعية في هذا الشأن على النحو الآتي :

1- قوله تعالى : { وقاتلوا في سبيل الله الذي يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين }([15]) فهذه الآية تنظم أحكام الحرب مع غير المسلمين والمسلمين من باب أولى – فهذه الآية الكريمة صريحة في تحديد نطاق الحرب وأنه محصور بين المقاتلين ولا يتعداه إلى غير المقاتلين كالنساء والأطفال والشيوخ والمدنيين المسالمين، كما أن المفسرين يذهبون إلى أن المقصود بقوله تعالى { ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين }هو تحريم مقاتلة غير المقاتلين، ومنهم النساء والأطفال والمدنيين المسالمين.

2- يقرر الله تعالى على عاتق الدولة واجب حماية الضعفاء ومنهم النازحون ورعاية مصالحهم والحفاظ عليها، فيجب على الدولة أن تتصدى لحماية الضعفاء ورعاية مصالحهم ولو بالقتال فيقول الله تعالى {ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستـضعـفيـن من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربــنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولــيــاً وأجعل لنا من لدنك نصيــراً }([16]).

3- كان النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام المسلمون الأوائل هم أول النازحين في الإسلام، الذين أجبرهم كفار قريش على النزوح و على ترك ديارهم وأموالهم بمكة والنزوح إلى المدينة فراراً بدينهم بعد أن تعرضوا في مكة المكرمة لأقسى أنواع التعذيب والتنكيل من قبل كفار قريش، وقد وصف الله تعالى في القران الكريم ذلك الظلم الذي لحق بالنبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين المهاجرين معه (النازحين) وقد شدد القران الكريم النكير والتحريم على من يجبر الناس على النزوح و ترك ديارهم ومساكنهم، والآيات الكريمات في هذا الشأن كثيرة للغاية وتكفي الإشارة إلى بعضها على النحو الآتي :

أ‌- قال تعالى : {وقد كفروا بما جائكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم }([17]) فالآية الكريمة تندد بكفار قريش الذين أخرجوا النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين المهاجرين معه وأجبروهم على النزوح من مكة بغير سبب إلا أنهم آمنوا بالله وحده ولم يتبعوا منهاج كفار قريش الذين أشركوا بالله.

ب-قال تعالى : {وكأين من قرية هي اشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم}([18]) فهذه الآية الكريمة تتوعد كفار مكة بالهلاك كونهم أجبروا النبي صلى الله عليه وسلم على النزوح من مكة, لأن الهلاك كان مصير أهل القرى والمدن والمناطق الأكثر قوة من كفار مكة.

ج- قال تعالى:{أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله}([19])فهذه الآية تتحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين أجبرهم كفار مكة عن طريق الحصار والتعذيب والتجويع على النزوح من مكة وترك ديارهم وأموالهم.

د- قال تعالى : {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني أثنين إذ هما في الغار}([20]) فهذه الآية صريحة في إثبات أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أجبر على النزوح ولم يترك مكة مختاراً وإنما أجبر على ذلك –كما تشير الآية إلى تحريم تهجير الناس وإجبارهم على النزوح، فمعنى الإخراج في الآية هو النزوح.

هـ - قال تعالى : {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون}([21]) فالآية تتحدث عما تعرض له المسلمون الأوائل من تهجير ونزوح و إخراج لهم من ديارهم وأوطانهم , كما تشير هذه الآية إلى تحريم تهجير الناس وإجبارهم على ترك ديارهم وأوطانهم.

و- قال تعالى : {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً ويــنــصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون}([22])فالآية الكريمة تشير إلى النازحين المهاجرين من مكة إلى المدينة , والذين تحولوا إلى فقراء بسبب إخراج الكفار المسلمين من مكة وتركهم لأموالهم وديارهم.

ز- قال تعالى : {فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثواباً من عند الله}([23]) فالآية توعد المهجرين والنازحين الذين أخرجوا من ديارهم بالأجر العظيم والمثوبة , كما أن الآية تشير إلى تحريم إخراج الناس من ديارهم وتشريدهم وإجبارهم على النزوح.

ر- قال تعالى : {والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئــــنـهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون}([24])فالآية تتحدث عن الظلم الذي تعرض لهم المسلمون الأوائل الذين تعرضوا للتهجير والنزوح من مكة إلى المدينة , كما تشير الآية إلى أن التهجير والنزوح ظلم والظلم محرم في الشريعة الإسلامية.

الفرع الثاني: وجوب التدخل للإصلاح بين الأطراف المتقاتلة في الشريعة الإسلامية

وردت نصوص شرعية كثيرة تمنع القتال بين المسلمين بداية ونصوص أخرى تأمر المسلمين بالتدخل للإصلاح بين الأطراف المتقاتلة وإنهاء عمليات القتال, كما وردت نصوص أخرى تحرم على المواطنين مقاتلة الدولة العادلة,ولا شك إن تلك النصوص جميعها تجفف منابع النزوح,ومن هذا النصوص قوله تعالى { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا أن الله يحب المقسطين}([25])فهذه الآية تحرم النزاع المسلح بين جماعتين من المسلمين وتأمر المسلمين الآخرين بالتدخل للإصلاح بين المقاتلين ووقف العمليات القتالية بينهما فإن رفضت ذلك أحدى الجماعتين , فينبغي عندئذ حسم المعركة وكسر شوكة الفئة الباغية الرافضة للصلح لتخفيف الأضرار والمخاطر الناجمة عن طول أمد النزاع المسلح بين الجماعتين,كما استفاد الفقهاء من هذه الآية أحكام البغي , وهو حد من الحدود المقررة في الشريعة الإسلامية وبموجبه تحرم الشريعة خروج أية فئة أو جماعة و مقاتلتها الدولة العادلة([26]) وفي ذلك وسيلة استباقية لمنع النزاعات المسلحة في الدولة الإسلامية التي تكون سبباً في إجبار الأشخاص على ترك مناطقهم الأصلية وتحولهم إلى نازحين في مناطق أخرى.

الفرع الثالث: الوقاية من الكوارث وآثار المشاريع الكبرى في الشريعة الإسلامية

تأمر الشريعة الإسلامية المواطنين بالحذر والحيطة من الأخطار والكوارث , وتأمرهم باتخاذ الإجراءات والتدابير للحيلولة دون وقوعها إن أمكن ذلك أو الحد من الأضرار والمخاطر الناتجة عنها,والنصوص الشرعية في هذا الشأن كثيرة لا يتسع المجال لذكرها كلها هنا,فقد وردت نصوص شرعية كثيرة تأمر المسلمين باتخاذ الإجراءات الاحتياطية قبل حدوث الكوارث والطوارئ ومنها قوله تعالى : {يا أيها الذين امنوا خذوا حذركم}([27])وقوله تعالى : {وخذوا حذركم إن الله اعد للكافرين عذاباً مهيناً}([28]) فالآيتان تأمران المسلمين بان يتخذوا التدابير و الإجراءات المناسبة للحيلولة إن أمكن من الأخطار والأضرار قبل حدوثها , وذلك هو مقتضى الحذر الذي يستوجب تجنب الحوادث قبل وقوعها واتخاذ إجراءات الأمن والسلامة، فقد روي عن الفاروق -رضي الله عنه- أنه (عدل من عند حائط مائل يوشك على السقوط إلى حائط آخر فقيل له: يا أمير المؤمنين أتفر من قضاء الله فقال: افر من قضاء الله إلى قدر الله عز وجل ) لأن القضاء يعني الإبرام والحتم بينما القدر يعني السنن والحدود([29]).

كما يقتضي الحذر أيضاً الاستعداد والتهيؤ لمواجهة الكوارث والحروب , فرغم كل إجراءات الاحتياط والاحتراز إلا أن الكوارث وغيرها قد تحصل، ولذلك فإن الحذر يقتضي أيضاً الاستعداد لمواجهة الظروف والآثار التي تفرزها الكوارث بما في ذلك توفير وتجهيز احتياجات ومستلزمات النازحين وتخفيف معاناتهم وتحديد الأدوار الواجبة على الجهات وأفراد المجتمع في هذا الشأن ([30]).

وفي إطار هذا الفهم للنصين القرآنيين المشار إليهما فإن منظمة التعاون الإسلامي تدرس إنشاء صندوق لمواجهة الكوارث والطوارئ التي تباغت دول أعضاء المنظمة لتوفير الإمكانيات والمستلزمات مسبقاً قبل حدوث الكوارث حيث ورد في التقرير الصادر عن المنظمة بأن الصندوق سوف يؤتي ثماره للبلدان عالية المخاطر التي ستستفيد من المساعدات الفنية والمالية المتاحة وفي تمويل برامج التصدي للمخاطر والتأهب لمواجهة حالات الطوارئ وبرامج بناء القدرات المؤسسية والتعاون مع المنظمات العالمية المعنية بهدف تخفيض مخاطر الكوارث التي تتعرض لها المجتمعات الإسلامية النامية([31]).

ومواجهة الكوارث الطبيعية أمر يحض عليه الدين الإسلامي الحنيف، فيعد فرضاً على كل مسلم تجاه أخيه الذي يتعرض لهذه الكوارث، لما فيه من إنقاذ النفوس البريئة من الهلاك والموت، وإنقاذ الأموال والممتلكات من الضياع والخراب والدمار([32]).

المطلب الثالث: رعاية النازحين في الشريعة الإسلامية

تقرر الشريعة الإسلامية وتفرض رعاية النازحين في نصوص صريحة واضحة , وسوف نذكر في المطلب الأول وجوب قيام الدولة بتوفير كافة مستلزمات واحتياجات النازحين في حين نذكر في المطلب الثاني استحقاق النازحين لنصيبهم الشرعي من الزكاة أما المطلب الثالث سوف نذكر فيه وجوب تعاون المجتمع وتكافله مع النازحين , وأخيراً فسوف نشير في المطلب الرابع إلى جواز تملك النازحين للأرض الموات في الشريعة الإسلامية.

الفرع الأول: واجب الدولة في تلبية احتياجات النازحين في الشريعة الإسلامية

يعبر الفقهاء عن الدولة بمعنى(ولي الأمر-الأمير-الإمام-السلطان-وغيره) والدولة مسئولة في الشريعة الإسلامية مسئولية تامة عن المواطنين الذين يُطلق عليهم في الفقه الإسلامي (الرعية) وطبقاً لهذا المصطلح يجب على الدولة حسن رعاية مواطنيها وتوفير احتياجاتهم , ويتأكد هذا الحق في حالة النزوح, إذ يجب على الدولة طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية أن تلبي احتياجات هؤلاء المواطنين النازحين الذين لا حول لهم ولا قوة , وتكون الدولة مسئولة مسئولية تامة عن ذلك , وتكون عرضة للمسائلة في الدنيا والآخرة , والنصوص الشرعية في هذا الشأن كثيرة نكتفي بالإشارة إلى بعضها , فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلّ الله عليه وسلم أنه قال((كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته، وكلكم راع ومسئول عن رعيته))([33])

ومعلوم أن الراعي هو الذي عنده رعية، أي: تحت يده رعية، فيقال له: راع لهذه الرعية
وأصل الرعاية: هي رعاية البهائم وحفظها عما يفتك بها من السباع ونحو ذلك، عندما ترعى من النبات و الأصل في بهيمة الأنعام أنها تحتاج إلى من يرعاها، أي: من يحفظها، فيرسلون إليها راعياً إنساناً مؤتمناً على هذه الدواب، يرسلونه معها حتى يحفظها، فيسيمها في النبات، ويراقبها عن الضياع، ويحفظها عن السباع، ويؤتمن عليها إلى أن يردها إلى أهلها، فيسمى راعياً، ثم أطلق مصطلح (الراعي) على كل من يؤتمن على رعية من الرعايا
وهم في هذا الحديث من البشر، أي: المسئول عنهم إنسان موكل عليهم، ورئيس يرأسهم، فيسمى راعياً، ويسمى من تحته رعية له , فأخبر صلّ الله عليه وسلم من حيث العموم بأن كل إنسان لابد أنه راع ولو على نفسه أو أهله، ولو على ولده أو امرأته أو ما أشبه ذلك، وإذا كان كذلك فإن عليه حفظ هذه الرعية ومراقبتها، والإتيان بكل ما فيه مصلحتها وكذلك -أيضاً- يشعر بأنه مسئول عن هذه الرعية، وهذا السؤال والمسئولية حقاً في الدار الآخرة و في الدنيا إذا كان فوقه مسئول عنه او رئيس له من يناقشه ويسأله، فإن الغالب أن كل رئيس فإنه مرءوس، وفوقه من يسأله عن هذه الرعية التي استرعي عليها، فعليه أن يستحضر هذه المسئولية , كما ان المسئولية السؤال يكون في الآخرة من الله تعالى، ولابد أن يكون ذلك السؤال سؤال مناقشة عن هذه الرعية: لماذا أهملتها؟ ولماذا أضعت من اؤتمنت عليه؟ ولماذا لم تنصح لها؟ ولماذا لم تولها حق الحفظ وحق المراقبة؟ فهذه المناقشة لابد أن يعد لها جواباً، فكل سؤال يحتاج إلى جواب، والأسئلة كثيرة، والناقد بصير.

لا ريب أن النازحين من الرعية المشردين الضعفاء المساكين الذين يجب على الرعاة المسئولين الاهتمام بهم ورعايتهم وحفظهم, أما معنى الإمام في الحديث الشريف السابق فهو كل إنسان قائد لغيره، وأن الناس يقتدون به ويأتمون بأفعاله، ولذلك يسمى كل القادة أئمة.
فالإمام في قوله صلّ الله عليه وسلم: (الإمام راع، وهو مسئول عن رعيته) يعم كل من كان إماماً، أي: قدوة يقتدى به، فإذا كان الانسان كذلك فإن عليه أن يهتم بمن هو راع عليهم، ومن هو مسئول عنهم من الرعية، فهكذا يكون الراعي.
والإمام العام الذي يتولى رعية المسلمين عامة هو خليفة المسلمين ، ولا شك أن رعايته آكد، وأن مسئوليته آكد، وأن عليه أن يحرص على الرعية الذين هم تحت ولايته وتحت مسئوليته وفي مقدمتهم الرعية النازحين الضعفاء المساكين، حيث يجب على الدولة أن توفر للنازحين كافة احتياجاتهم ومستلزماتهم , وأن تعالج كافة الإشكاليات والمشاكل التي يعانوا منها , لأن ذلك هو المقصود بالرعاية المنصوص عليها في الحديث الشريف السابق ذكره , وقد جعل الإسلام في بيت المال نصيبا لأمثال هؤلاء المحتاجين ، وخوَّل لولى الأمر أن يفرض ما يواجه به هذه الكوارث إن ضاقت الموارد ، بل له أن يفرض على الناس التقشف عن الكماليات لمواجهة الضروريات ، لأن عمر رضي الله عنه حّرم على نفسه أكل اللحم عام المجاعة ، وحث أهل اليسار من المسلمين ليشاركوا في مساعدة الفقراء في محنتهم ، ويساعدوهم بما يفيض عن حاجتهم , بل انه فرض العقوبات على الموسرين الذين لم يبادروا الى مساعدة الفقراء عام المجاعة او عام الرمادة الذي كان بمثابة كارثة المت بالمسلمين في عصر الفاروق رضي الله عنه , وفي ظل المعنى الإنساني وواجب الراعي نحو الرعية تتوارى المعاني الأخرى التي تفرق بين الجماعة كعامل الدين ، فالله يقول في مساعدة أسماء بنت أبى بكر لأمها المشركة حين وفدت عليها { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين }([34]).
ورأى عمر يهوديا كبيرا يتسول ففرض له في بيت المال ما يكفيه قائلا: ظلمناك إذ أخذنا منك فى شبيبتك ، وضيعناك فى شيبتك.
ففى الكوارث الفادحة تطهر المعاني الانسانية السامية حيث تبادر فيها الجماعات والدول بالمعونة ، حيث تقدم كل بما يمكن من أنواع المساعدة ، من طعام أو كساء ، أو دواء ونحو ذلك.

أن الإسلام دين الرحمة والمودة والتكافل يحث على مساعدة النازحين الضعفاء والمحتاجين والتاريخ الإسلامي يحمل نموذجا فريدا في التكافل والتضامن وقت الأزمات ففي وقت الهجرة حدث تكافل اجتماعي بين النازحين المهاجرين وإخوانهم الأنصار في وقت تعرض فيه المهاجرون لمحنة النزوح من مكة الى المدينة وتركوا ديارهم وأموالهم من مكة فأبرم النبي صلى الله عليه وسلم عقد المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار حيث تقاسم المهاجرون والأنصار , كل شيء حتى رغيف الخبز بل أن الأنصار كانوا يؤثرن على أنفسهم إخوانهم المهاجرين النازحين , وفي هذا قال الله تعالى "يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون"([35]) والمؤكد أن مساعدة النازحين منكوبي الحروب والكوارث الطبيعية وتقديم المساعدات المادية والعينية لهم أمر يثاب عليه فاعلة وهذه الأوقات فرصة لاستباق الخيرات والتنافس في الطاعات لمساعدة المنكوبين بكل الطرق الممكنة، ويبرز دور الجمعيات والمؤسسات الأهلية في إغاثة منكوبي تلك الكوارث عن طريق العمل الجماعي بالإضافة لتطوع الأفراد للمساعدة في نقل المصابين للمستشفيات والتبرع لهم بالدم ومساعدة النازحين تجاوز المحنة التي وقعت عليهم، فيجب الأقتداء بصحابة "الرسول صلي الله عليه وسلم" وقد قدموا كل العون للمحتاجين وقت الأزمات , فسيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه قدم مثلا عظيما في العطف علي المحتاجين والإنفاق في سبيل الله عز وجل عندما حلت كارثة القحط والجوع في أحد الأعوام وكانت له قافلة كبيرة علي وشك الوصول من الشام , فسارع التجار للشراء وعرضوا عليه الكثير من الأموال لكنه تبرع بالقافلة لفقراء المسلمين المنكوبين الذين كانوا يعانون من الفقر والعوز في هذا العام، فنحن في حاجة لنماذج مماثلة حتى نتجنب الكوارث ونخفف من آثارها.

وقد جاء الأمر في القرآن الكريم بالتعاون على الخير، والحث على إنقاذ النفس البشرية إذا تعرضت للخطر، قال تعالى: (من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً) ([36])وقد حض ديننا الإسلامي على تقديم الإغاثة العاجلة والمساعدة الفورية في الظروف العصيبة لكل من يتعرض هو أو ماله أو أهله أو ممتلكاته للخطر، وتوعد بالعذاب الشديد الذين يتقاعسون عن ذلك أو يمنعون المعونة عن المحتاجين والمضطرين , فالمعونة يحتاجها النازح الجار والقريب وكل مواطن عند حصول الكوارث الطبيعية أو الظروف القاهرة.
كما حث الإسلام على التعاون في مواجهة الظروف الصعبة و الأزمات بإطعام الجائعين، وإغاثة الملهوفين قال تعالى :( أو إطعام في يوم ذي مسغبة. يتيماً ذا مقربة. أو مسكيناً ذا متربة)([37])، ويوم المسغبة هو الأيام التي تحل فيها الكوارث العامة حتى يجوع أكثر الناس، فيجب على القادرين عند حلول الكوارث أن يبذلوا كل ما يملكونه لتخفيف الجوع عن الجائعين، والفزع عن الفزعين ، فقد قال تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً)([38]) ، لأن الإسلام ينظر إلى الإنسان نظرة تكريم تتجاوز حدود الموطن والدين والقرابة والرحم، من منطلق قوله تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم (.
والمسلم أخو المسلم، وعليه حقوق واجبة تجاه أخيه النازح لا يجوز إهمالها أو التقصير فيها، لاسيما في الظروف العصيبة، فيقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله ولا يسلمه).
وكان من ثمار التربية الإسلامية أن التعاون يقوم بين أفراد المجتمع في أعلى درجات التآزر والتناصر والتعاضد في الأحوال الطارئة.

الفرع الثاني: استحقاق النازحين لنصيبهم الشرعي من الزكاة

عند النظر في أحوال وظروف النازحين نجد أنهم قد هجروا مناطقهم وتركوا أموالهم وأملاكهم وأنهم لا يجدون من حطام الدنيا شيئاً , وتبعاً لذلك ينطبق على النازحين وصف الفقراء والمساكين , وعلى هذا الوصف فأن النازحين يستحقون من الزكاة ما يستحقه الفقراء والمساكين, إضافة إلى أن النازحين في المناطق التي نزحوا إليها هم من الغرباء الذين ينطبق عليهم وصف عابري السبيل , وعلى هذا الوصف فأن النازحين يستحقون من الزكاة ما يستحقه عابروا السبيل ,كما ينطبق على النازحين وصف الغارمين , حيث أن النازحين فقدوا أموالهم أو بعضها , وعلى هذا الوصف فأن النازحين يستحقون من الزكاة ما يستحقه الغارمون, وعلى هذا الأساس فأن اغلب مصارف الزكاة في الشريعة الإسلامية يدخل في نطاقها النازحون حسبما ورد في الآية الكريمة التي بينت مصارف الزكاة وهي قوله تعالى ((إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل لله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم )) ([39]) ووفقاً لهذه الآية فإنما يستحقه النازحون من مصارف الزكاة هو حقً وليس منحة أو هبة فقد وصف الله تعالى الزكاة بأنها فريضة وركن من أركان الإسلام ([40]) .

الفرع الثالث: وجوب تعاون المجتمع وتكافله مع النازحين

النازحون منكوبون فقراء معدومون تركوا في مناطقهم الأصلية أموالهم وممتلكاتهم وأقاربهم على النحو السابق بيانه, ولذلك فالنازحون أحوج الناس لتعاون المجتمع معهم وتكافله إضافةً إلى أن النازحين أخوة لمن نزحوا إلى مناطقهم عملاً بقوله تعالى :(إنما المؤمنون إخوة) ومن لوازم الإخاء في الإسلام التعاون والتراحم والتناصر، إذ ما قيمة الأخوة إذا لم تعاون أخاك عند الحاجة، وتنصره عند الشدة، وترحمه عند الضعف؟
لقد صور الرسول الكريم مبلغ التعاون والترابط بين أبناء المجتمع المسلم بعضه وبعض تصويراً بليغاً معبراً حين قال: "المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضًا وشبَّك بين أصابعه"([41])وذلك يعني انه يجب على المؤمنين مساعدة إخوانهم النازحين الضعفاء المساكين لأنهم جزء من البنيان المسلم الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يشد بعضه بعض عن طريق التعاون والمساعدة والتضامن والتكافل.
كما صور النبي صلى الله عليه وسلم تراحم المجتمع وتكامله، وتعاطف بعضه مع بعض بقوله: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر" فهذا الحديث الشريف صريح في وجوب تراحم وتعاطف المواطنين المؤمنين مع إخوانهم النازحين المحتاجين الذين يعدون جزءاً لا يتجزأ من جسد المجتمع المسلم , وفي السياق ذاته
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : "المسلمون تتكافأ دماؤهم و يسعى بذمتهم أدناهم، ويجير عليهم أقصاهم، وهم يد على مَن سواهم، يرد مشدهم على مضعفهم، ومسرعهم على قاعدهم" ([42])فهذا الحديث يوجب على المسلم القوي الغني مساعدة أخيه المسلم الضعيف أو المقعد المعوق , ومعلوم أن النازحين من الضعفاء المحتاجين.
والقرآن الكريم يوجب تعاون المسلمين مع النازحين المحتاجين للبر والإحسان ويأمر به فيقول الله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) ([43])
ومن مظاهر هذا التعاون والتراحم والتناصر: التكافل بين أبناء المجتمع المسلم،
يبدأ هذا التكافل بين الأقارب بعضهم وبعض، حسبما هو مبين في نظام النفقات في شريعة الإسلام. فالقريب الموسر ينفق على قريبه النازح المعسر وفق شروط وأحكام مفصلة في الفقه الإسلامي، كما قال الله تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) ([44])
ثم تتسع دائرة هذا التكافل لتشمل جيران النازحين، بمقتضى حق الجوار، الذي أكده الإسلام، في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس بمؤمن من بات شبعان وجاره جنبه جائع")[45])
وفي الحديث الآخر: "أيما أهل عرصة بات فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة الله وذمة رسوله" ([46]) فوفقاً لهذا الحديث يجب على كل أهل عرصة أي منطقة تفقد النازحين المقيمين بينهم للتأكد من أنهم ليسوا جوعى أو مرضى لتلبية حاجتهم .
ثم تزداد دائرة التعاون والتكافل اتساعًا ليشمل التكافل المجتمع كله ، فمنذ فجر الدعوة إلى الإسلام في مكة، والمسلمون أفراد معدودون مضطهدون، ليس لهم كيان ولا سلطان، كان القرآن يدعو بقوة إلى هذا التكافل بجعل المجتمع كالأسرة الواحدة، يساعد الواجد فيه المحروم ويعين فيه الغني الفقير. ويندرج ضمن المحرومين والفقراء النازحين.
ولم يجعل القرآن ذلك شيئًا من نوافل الدين، يقوم به من ترقى في درجات الإيمان والإحسان، ولا يطالب به الشخص العادي من الناس، بل اعتبره القرآن أمرًا أساسيًا من دعائم الدين، لا يحظى برضا الله من لم يقم به، ولا ينجو من عذابه من فرط فيه. ومن النصوص القرآنية في هذا الشأن قوله تعالى : (فلا اقتحم العقبة، وما أدراك ما العقبة، فك رقبة، أو إطعام في يوم ذي مسغبة، يتيمًا ذا مقربة، أو مسكينًا ذا متربة، ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة) ([47]) وينطبق الإطعام في الآية الكريمة للمساكين واليتامى على النازحين.
وقوله تعالى: (كل نفس بما كسبت رهينة، إلا أصحاب اليمين، في جنات يتساءلون، عن المجرمين، ما سلككم في سقر، قالوا لم نك من المصلين، ولم نك نطعم المسكين....) ([48]).
فقد وصف الله تعالى في هذه الاية الكريمة غير المطعمين للمساكين والنازحين بأنهم مجرمون مصيرهم النار: لأنهم أضاعوا حق الله بإضاعة الصلاة، وأضاعوا حق عباده، إذ لم يطعموا المسكين ينطبق على النازح .
وإطعام النازح المسكين كناية عن رعاية ضروراته وحاجاته، إذ لا معنى لأن نطعم المسكين وندعه مشردًا بلا مأوى، أو عريانًا بلا كسوة، أو مريضًا بلا علاج.

ولم يكتف القرآن بإيجاب إطعام النازح المسكين، بل زاد على ذلك فأوجب الحض على إطعامه، والحث على رعايته، وجعل إهمال ذلك من دلائل الكفر والتكذيب بالدين فقد قال تعالى : (أرأيت الذي يكذّب بالدين، فذلك الذي يدّع اليتيم، ولا يحضّ على طعام المسكين))[49])
ويجعل ذلك مع الكفر بالله من موجبات العذاب الأليم، واصطلاء الجحيم. فيقول في شأن أصحاب الشمال ممن أطغاه ماله وسلطانه، فلم يغن عنه من الله شيئًا: (خذوه فغلّوه، ثم الجحيم صلّوه، ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعًا فاسلكوه) ([50])ثم يذكر أسباب هذا الحكم الشديد، فيقول: (إنه كان لا يؤمن بالله العظيم، ولا يحض على طعام المسكين))[51])
ويزيد على ذلك فيوجب في المال حقًا معلومًا للسائلين والمحرومين ومنهم النازحون وليس بصدقة تطوعية، ولا بإحسان اختياري، من شاء أداه ومن شاء تركه، بل انه "حق" - -أي "دين"- - في عنق المكلفين، وحق معلوم غير مجهول، كما في قوله تعالى في وصف المتقين: (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم) ([52])
وفي سورة أخرى يصف الحق بالمعلومية فيقول: (والذين في أموالهم حق معلوم، للسائل والمحروم}([53]) ولاشك أن النازحين محرومين .
وفي سياق الحث على تفريج كرب النازحين المنكوبين والحث على مساعدتهم يأتي قول النبي صلى الله عليه وسلم : ' من نفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، والله في عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه ' رواه البخاري ومسلم , ويحذر أشد التحذير من البخل بهذه المعونة فيقول 'ليس منا من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم – فيجب أن يقوم بواجب المواساة والمعونة كل قادر على ذلك على مستوى الأفراد والجماعات والمسئولين في الدولة ، بل تشارك فى ذلك الدول الأخرى لاسيما إذا كان الخطب جسيما لا يواجه إلا بجهد جماعي على نطاق واسع .
وفى الحديث ' يدُ اللّه مع الجماعة ' رواه الترمذي وحسنه.وقد روى مسلم في صحيحه أن جماعة بؤساء من مُضر وفدوا على النبي صلى الله عليه وسلم فتغير وجهه لما رأى , بهم من الفاقة ، فخطب في الناس وحثهم على معونتهم ، فجمعوا شيئا كثيرا سر به النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى ما من مسارعتهم إلى الخير ، وقال : ' من سن فى الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة.

الفرع الرابع: جواز تملك النازحين للأرض الموات في الشريعة الإسلامية

من المعلوم أنه يترتب على النزوح ترك النازح لداره وأراضيه في منطقته الأصلية، وقد يتيسر له بعدئذ استعادة عقاراته وقد لا يتسنى له ذلك، وفي هذه الحالة الأخيرة لا تتوفر لدى النازح الأموال اللازمة لشراء أراضي وعقارات عوضاً عن أراضيه وعقاراته التي لا يستطيع العودة إليها أو استعادتها، فعندئذ لا يجد النازح بدأً من إحيائه للأرض الموات التي ليست مملوكة لأحد (أرض الدولة) طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية التي تجيز للنازح تملك الأرض الموات التي لا مالك لها عن طريق وضع النازح يده عليها حقيقة أو حكماً عملاً بالحديث النبوي الشريف (من أحيا أرضاً ميتة فهي له) والمقصود بإحياء الأرض إعداد الأرض وتهيئتها للانتفاع بها بحسب غرض الانتفاع فقد يكون الإحياء بالبناء على الأرض أو الحفر عليها أو نصب المنشئات الجاهزة عليها أو الخيام أو حفر الأرض أو زراعتها أو حرثها وغير ذلك، ويشترط فقهاء الحنفية في الأحياء أن يأذن به ولي الأمر (الدولة) أما جمهور الفقهاء فلا يشترطون ذلك، وكذلك يُشترط الفقهاء في الأرض التي يتم إحياؤها أن تكون بعيدة عن العمران أي المدن والقرى فإن كانت الأرض الموات قريبة من القرى والمدن لم يجز الإحياء فيها، ويعلل الفقهاء ذلك بتعلق مصالح أهل المدن والقرى بهذه الأرض كأن تكون مرعى لماشيتهم أو محتطباً لهم ونحو ذلك، وكذلك يشترط ألا تكون الأرض المزمع إحياؤها من (الحمى) والحمى عند الفقهاء ما يخصصه الإمام أو ولي الأمر أي رئيس الدولة من الأرض الموات لمنفعة عامة مثل المناطق الأثرية أو الأراضي المخصصة للمشاريع العامة كالمدارس والمعاهد والمصحات والمعسكرات ونحو ذلك، وبهذا الحمى أو التخصيص يمتنع على الناس ومنهم النازحين إحياء ما حماه أو خصصه ولي الأمر، فقد حمى النبي صلى الله عليه وسلم (النقيع) وهو محل معروف بالمدينة لرعي خيل المجاهدين، إلا أنه لا يجوز لولي الأمر أن يحمي من الأرض إلا قدراً لا يُضيق به على المواطنين ولا يضر بهم، لأن الحمى أمرٌ جاز لما فيه المصلحة وليس من المصلحة الإضرار بالناس فذلك مفسدة، والقاعدة أن (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح) ([54]).

خاتمة البحث

الحمد لله الذي بنعمته وفضله تتم الصالحات الذي وفقني وأعنني على إتمام هذا البحث والذي خلصت فيه إلى نتائج وتوصيات عدة قمت بإثباتها في مواضعها من البحث، وأكتفي هنا بعرض أهمها على النحو الآتي:

أولاً: نتائج البحث:

من خلال استقراء البحث نجد أنه قد خلص إلى عدة نتائج تم إثباتها في مواضعها من البحث ، وأهمها الآتي :

1- (النزوح) في اللغة العربية يعني مغادرة الشخص المكان الذي يقيم فيه إلى غيره سواء كان ذلك باختياره او جبراً عنه – في حين أن ( التشريد ) يعني إجبار الشخص أو اضطراره لمغادرة المكان الذي يقيم فيه إلى غيره – والمصطلح المناسب هو مصطلح ( التشريد ) وهو المصطلح الذي استعملته الاتفاقيات والمواثيق الدولية .

2- لم تعرّف القوانين الوطنية النزوح في حين أن القانون الدولي العام قد عرف النازحين بأنهم ( الأشخاص أو مجموعات الأشخاص الذين أرغموا أو اضطروا إلى الفرار أو إلى ترك منازلهم أو أماكن إقامتهم المعتادة وبصفة خاصة بسبب أو رغبة في تجنب آثار النزاع المسلح أو مواقف العنف العام أو انتهاكات حقوق الإنسان أو الكوارث الطبيعية أو التي من صنع الإنسان والذين لم يعبروا الحدود الدولية المعترف بها لإحدى الدول ) ومصطلح النزوح حديث ومعاصر ، ولذلك لم تتعرض له الشريعة الإسلامية وان كان وقد ورد في القران الكريم مصطلحات مقابلة للنزوح وهي ( الهجرة ) و( الإخراج من الديار ) .

3- أسباب النزوح طبقاً لتعريف النزوح السابق ذكره هي الحروب والنزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية والمشاريع الضخمة التي تستهدف تهجير المواطنين من مناطقهم الأصلية ، وأسباب النزوح السائدة في اليمن هي الحروب والنزاعات المسلحة والكوارث , و السبب الغالب منها بالنسبة لليمن هي الحروب والنزاعات المسلحة .

4- النازح إنسان ولذلك يتمتع بكافة حقوق الإنسان المنصوص عليها في الاتفاقيات والإعلانات والمواثيق الدولية، كما أن النازح مواطن يقيم في موطنه ولذلك يتمتع بكافة حقوق المواطنة المنصوص عليها في الدستور والقوانين الوطنية مثله في ذلك مثل سائر المواطنين.

5- مراحل النزوح تبدأ بالأسباب التي تجبر الأشخاص على النزوح الفعلي ثم النزوح بالفعل ثم مرحلة وصول النازحين إلى المناطق التي يختارون النزوح إليها ثم مرحلة المعالجات المناسبة لمشكلة النزوح بصفة دائمة كالعودة أو التوطين .

6- يعاني النازحون من أخطار وأضرار عدة وتشغلهم شواغل كثيرة تختلف باختلاف مراحل النزوح حسبما هو مبين في موضعه من هذا الكتاب .

7- تسرى على النازحين اتفاقيات ومواثيق دولية كثيرة تتلخص في الآتي :

أ- القانون الدولي الإنساني: وهو ذلك الفرع من فروع القانون الدولي العام المعاصر الذي يهدف الى حماية الأشخاص في حالة النزاعات المسلحة وحماية الممتلكات التي ليست لها علاقة مباشرة بالعمليات القتالية ويتضمن القانون الدولي الانساني اتفاقيات جنيف لعام 1864م بشأن تحسين حال الجرحى العسكريين واتفاقية جنيف لعام 1906م بشأن تحسين حال الجرحى والمرضى العسكريين في الميدان واتفاقية جنيف لعام 1929م بشأن تحسين حال الجرحى والمرضى من أفراد القوات المسلحة في الميدان واتفاقية جنيف لعام 1929م .بشأن معاملة أسرى الحرب , وكذا اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949م .بشأن تحسين حال الجرحى والمرضى والغرقى ومعاملة أسرى الحرب وحماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب ، والبرتوكول الإضافي الأول المتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة الدولية و البرتوكول الإضافي الثاني المتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة غير الدولية ، بالإضافة إلى القانون الدولي الإنساني العرفي الذي يتألف من القواعد و الممارسات المقبولة لدى المجتمع الدولي .

ب-القانون الدولي لحقوق الإنسان: وهو احد فروع القانون الدولي العام المعاصر الذي يكفل حماية الحقوق الأساسية للإفراد والجماعات في حالتي الحرب والسلم ويساهم في تطوير وتعزيز هذه الحقوق والحريات ، ويتضمن القانون الدولي لحقوق الإنسان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واتفاقيات أخرى مبينة تفصيلاً في متن الكتاب .

ج- المبادئ التوجيهية للمشردين داخلياً – وهي عبارة عن تلخيص لما ورد في الاتفاقيات والمواثيق الدولية بشأن النازحين .

8- تتضمن الاتفاقيات والمواثيق الدولية الحماية الكافية للأشخاص من النزوح وكذا حقوقهم في أثناء النزوح وما بعده في مرحلة المعالجة الدائمة لمشكلة نزوحهم على النحو المبين تفصيلاً في موضعه من البحث .

9- هناك معايير دولية تحدد مدى نجاعة المعالجات الدائمة لمشكلة النزوح وهي :

أ‌- سلامة النازحين والعائدين وأمنهم على الأجل الطويل .

ب‌- مدى تمتع النازحين بمستوى معيشة لائق دون تمييز .

ت‌- مدى حصول النازحين والعائدين على فرص عمل وسبل كسب عيش .

ث‌- وجود آليات فاعلة وميسورة لإصلاح مساكن النازحين والعائدين وأراضيهم وممتلكاتهم .

ج‌- مدى حصول النازحين والعائدين على الوثائق الشخصية وغيرها من الوثائق دون تمييز .

ح‌- مدى مشاركة النازحين والعائدين في الشئون العامة دون تمييز .

خ‌- مدى حصول النازحين والعائدين على سبل الإنصاف الفاعلة والعادلة .

10 - أحكام النازحين في القانون الدولي العام متناثرة هنا وهناك، وهذه سمة عامة لأحكام النازحين أيضا في التشريعات الوطنية والعادات والأعراف والشريعة الإسلامية و من هنا جاءت فكرة هذا الكتاب .

11 - أحكام النازحين مفصلة ومرتبة في القانون الدولي العام المعاصر ، لان الدراسات القانونية لظاهرة النزوح وأحكام النازحين لم تتجه الأنظار إليها إلا في أواخر القرن الماضي – في حين أن بعض أحكام النازحين مجملة في التشريعات الوطنية وكذا في الشريعة الإسلامية .

12 - اليمن كانت من أوائل الدول الإسلامية التي صادقت أو انضمت إلى الاتفاقيات والمواثيق الدولية ذات الصلة بالنازحين على النحو السابق بيانه في البحث – ولذلك فقد صارت هذه الاتفاقيات ملزمة لليمن ونافذة ، حكمها في ذلك حكم القانون الوطني .

13 - تناول قانون الجرائم والعقوبات العسكرية اليمني رقم (21) 1998م جرائم الحرب التي تقع على المدنيين في أثناء الحرب والتي تدفع الأشخاص إلى النزوح ، أيضاُ هناك قانون يمني خاص ينضم استعمال شارة الصليب والهلال الاحمر ويعاقب على إساءة استعمالهما .

14 - وردت نصوص كثيرة في التشريعات اليمنية المختلفة تكفل حقوق النازحين بما يحقق المعايير الدولية في هذا الشأن والسابق ذكرها – إلا أن تعدد الجهات المعنية بالنازحين وتناثر النصوص ذات الصلة بالنازحين في اغلب التشريعات قد اثر سلباً على تطبيق هذه النصوص وإنفاذها في الواقع بالإضافة إلى شحه الإمكانيات اللازمة و إشكالات أخرى تحول دون تمكين النازحين من حقوقهم لاسيما على صعيد المشاركة السياسة أو الحصول على الوظائف العامة أو حق التقاضي على النحو المبين تفصيلاُ في مواضعه من البحث .

15 - نظم القانون المدني اليمني العلاقات القانونية ذات الصلة بالأراضي والعقارات والاملاك الخاصة ، وصلة النازحين بذلك وثيقة لاسيما حق الانتفاع بتلك الأراضي أو استعمالها أو السكنى أو القرار بها ، ومعرفة ذلك يكتسب أهمية بالغة في معالجة مشكلة النزوح في مراحلها المختلفة .

16 - ذكر قانون اراضي وعقارات الدولة مكونات هذه الأراضي وتلك العقارات ، وهي غالبية اراضي اليمن , كما بيًن قواعد التصرف والانتفاع بها – وطبقاً لذلك يستطيع النازحون الاستفادة والانتفاع بتلك الأراضي في كل مراحل النزوح وعلى التفصيل المبين في موضعه من هذا البحث .

17 - عدم وجود قانون وطني يبيّن كيفية التعامل مع الحالات الطارئة ( الكوارث ) بما فيها النزوح ويبين ادوار الجهات المعنية في هذا الشأن وصلاحياتها ومسئولياتها – وكيفية التنبؤ بها ووضع التدابير اللازمة للحيلولة دون حدوثها أو وضع الاستعدادات والتجهيزات اللازمة لها .

18 - تقوم الجهات المعنية بالنازحين عند حدوث حالات نزوح لاْي سبب كان بتحرير مذكرات إلى السلطات المحلية بالمحافظات بالتعامل مع حالات النزوح تلك وتقديم الخدمات و المعونات اللازمة , وليس لدى هذه الوزارات تشريعات أو لوائح عامة ودائمة للتعامل مع حالات النزوح .

19 - تم إنشاء وحدة تنفيذية لإدارة مخيمات النازحين باليمن – وهي فكرة حسنة ولكنها من اسمها واختصاصاتها لازال دورها قاصراً على التعامل مع حالات محددة وأماكن معينة يتواجد فيها النازحون – فضلاً عن أن مستوى الوحدة الإداري والتنظيمي يحول دون إصدارها لتوجيهات ملزمة للجهات المعنية بالنازحين الأعلى منها في المستوى الإداري .

20 -الشريعة الإسلامية تحرم الاعتداء على المقاتلين وتوجب مناصرة المظلومين والضعفاء والمساكين ومنهم النازحين – كما توجب الشريعة الإسلامية على الدولة والأفراد تقديم العون والمساعدة إلى النازحين باعتبارهم من الفقراء والمساكين وعابري السبيل ، وتتوعد الشريعة الإسلامية المتقاعسين والمتخاذلين عن القيام بتلك الواجبات أزاء النازحين حسبما هو مبين تفصيلاً في موضعه من هذا البحث .

21 - تتفق الاتفاقيات والمواثيق الدولية والقوانين الوطنية والشريعة الإسلامية والعادات والأعراف السائدة في اليمن من حيث نظرتها إلى النازحين وتحقيقها لحقوقهم ,والنص على حقوقهم إلا أن المشكلة تمكن في محدودية تمكين النازحين من حقوقهم بالفعل.

ثانياً: توصيات البحث:

من خلال استقراء البحث ونتائجه فأننا نوصي بالاتي :

1- استعمال مصطلح (المشردين) عوضاُ عن مصطلح (النازحين) لسلامة استعمال مصطلح (المشردين) طبقاُ لقواعد اللغة العربية، ولان مصطلح (المشردين) هو المصطلح الذي تضمنته اغلب الوثائق الدولية – كما أن مصطلح (المشردين) ابلغ في الدلالة والتأثير من مصطلح (النازحين) .

2- التوعية بحقوق النازحين وأحكامهم سواء في الاتفاقيات الدولية أو القوانين الوطنية أو في العادات والأعراف السائدة في اليمن أو في الشريعة الإسلامية ، لما لذلك من أهمية بالغة لاسيما إن حقوق النازحين وأحكامهم متناثرة ومبعثرة على النحو السابق بيانه في البحث – فمن المؤكد أن هناك قلة قليلة جداُ تعرف حقوق النازحين وقد لمست ذلك في أثناء البحث ، فلا يُعقل مطالبة النازحين بحقوق لا يعرفون ماهيتها والجهة الواجب عليها الوفاء بها، كما لا يُعقل مطالبة النازحين لهذه الجهات بحقوق لا يعرفها القائمون على تلك الجهات .

3- إعداد مشروع قانون وطني للتعامل مع الحالات الطارئة (الحروب + الكوارث) يبين إجراءات التنبؤ بها والاحتياطات والتدابير المناسبة للحيلولة دون وقوعها أو للتخفيف من آثارها وكيفية الاستعداد لها وتوفير وإعداد الاحتياجات والإمكانيات اللازمة لمواجهتها ، لاسيما والحالات الطارئة ليست نادرة الحدوث في اليمن .

4- إعداد إستراتيجية وطنية لمواجهة ومعالجة حالات النزوح الحالية والمستقبلية ، على ان تتضمن الإستراتيجية الوطنية رؤية الحكومة الإستراتيجية ومرجعية الإستراتيجية ومحاورها ( التجريم + الحماية + تعزيز التعاون العربي والدولي في هذا المجال + تعزيز القدرات المؤسسية للجهات المعنية + بيان الدور المناط بالجهات الحكومية حتى تعرف كل جهة دورها وما ينبغي عليها وحتى لا تتناقض القرارات والإجراءات الحكومية في هذا المجال .

5- أعداد سياسة حكومية واضحة وشفافة تتضمن معالجة حالات النزوح الحالية تتضمن الأهداف ووسائل تحقيق الأهداف والتمويل والإجراءات بصفة تفصيلية .

6-رفع المستوى الإداري للوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين إلى هيئة عامة تابعة لرئيس مجلس الوزراء حتى تستطيع تنسيق الجهود بين الجهات المعنية بالنازحين لاسيما وهذه الجهات تكون في الغالب وزارات في حين أن مستوى الوحدة التنفيذية بحسب وضعها الراهن أقل بكثير من الوزارة ، وعلى هذا الأساس لا تستطيع الوحدة بوضعها الراهن أن تقوم بتوجيه الجهات المعنية بالنازحين بالوفاء بالتزاماتها القانونية حيال النازحين .

7-تضمين قانون أراضي وعقارات الدولة حق النازحين في الاستفادة والانتفاع بأراضي وعقارات الدولة في كل مراحل النزوح بحيث تكون الأولوية للنازحين في ذلك مثلهم في ذلك مثل الفئات الاخرى التي نص عليها القانون كأبناء الشهداء وغيرهم .

8-تعديل قانون الانتخابات لتمكين النازحين من قيد أسمائهم في جداول الناخبين وذلك في المناطق التي نزحوا إليها وكذا تمكينهم من الإدلاء بأصواتهم في تلك المناطق أو اعتبار النازحين في المناطق التي نزحوا إليها مراكز انتخابية تابعة للمراكز الانتخابية في المناطق التي نزحوا منها .

9- تعديل أحكام الموطن في قانون المرافعات المدنية والتجارية لتمكين النازحين من الادعاء والمطالبة بحقوقهم أمام المحاكم في المناطق التي نزحوا إليها استثناء من أحكام الموطن في قانون المرافعات التي تستوجب رفع الدعوى في محكمة موطن المدعى عليه .

10-تعديل أحكام قانون الإجراءات الجزائية لتمكين النازحين من تقديم الشكاوي والبلاغات عن الجرائم التي وقعت عليهم وذلك أمام النيابات العامة الموجودة في المناطق التي نزح إليها النازحون .

11-النزوح ظرف قهري تنطبق عليه بموجب نصوص القانون أحكام نظرية الظروف الطارئة من حيث تعديل وتخفيف الالتزامات الملقاة على عاتق النازحين للغير وكذا من حيث أحكام التقادم فيما يتعلق بحقوق النازحين لدى الغير – ولذلك نوصي بأن تتعامل أجهزة السلطة القضائية مع النزوح على هذا الأساس حتى لا تهدر حقوق النازحين.

12-الاستفادة مما ورد في هذه الدراسة بشأن العادات والأعراف ذات الصلة بالنزوح والنازحين وصياغها على هيئة قواعد يُدعى المشائخ والأعيان في مناطق النزوح للتوقيع عليها للتأكيد على احترامها والالتزام بها ، فالعادة في اليمن وغيرها انه إذا ظهر عدم احترام الأشخاص لبعض العادات أو نسيانهم لها أو تساهلهم في الالتزام بها أن يتداعى المشائخ والأعيان والشخصيات الاجتماعية لوضع ما يسمى (بالقواعد) بشأن الموضوع الذي يتم التداعى لأجله حيث يتم صياغة محرر يسمى (قاعدة ) يتضمن الالتزامات الخاصة بموضوع ما قد يكون خاص بشيء معين كالنزوح مثلاً وقد يتضمن مسائل كثيرة بل أن كثيراً من الأعراف القبلية مدونة في وثيقة تسمى (قواعد السبعين) وهناك خلاف بشان تسميتها فبعضهم يذكر أنها سُميت كذلك لان الموقعين عليها سبعون شيخاً وآخرون يرون أنها سميت كذلك لأنها تضمنت سبعين قاعدة .

13-باعتبار هذا البحث مرجعاً شاملاً في الجانب التشريعي للنزوح والنازحين لذلك نوصي باعتماده ضمن أهم مواد التوعية في هذا الشأن ، وكذا اعتماده ضمن مواد التدريب في مجال النزوح والنازحين في اليمن .

14-تضمين قانون العقوبات مادة تنص على اعتبار امتناع الجهات أو الموظفين المعنيين عن القيام بواجباتهم إزاء النازحين أو عدم تمكين النازحين من حقوقهم المكفولة جريمة يعاقب عليها القانون لضمان قيام الجهات المعنية والموظفين المعنيين بتمكين النازحين من حقوقهم وعدم تقاعسهم عن ذلك .

15-اعتبار الاعتداء على النازحين في المخيمات ومراكز الإيواء وغيرها ظرفاً مشدداً تكون عقوبته اكبر لمنع المجرمين والعصابات من استغلال ظروف النازحين وضعفهم للاعتداء عليهم أو على ممتلكاتهم .

وختاماً:

نسال من الله تعالى التوفيق والسداد (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا أصراً كما حملته على الذين من قبلنا ربنا لا تحملنا مالا طاقة لنا به وأعفو عنا واغفر لنا وارحمنا). صدق الله العظيم.

قائمة المراجع

1) الاتفاقيات والمعاهدات الدولية – د. نجيب عبيد – 2005م، صنعاء.

2) الأحكام العرفية – الشيخ يحيى محسن جمالة– دار الكتب اليمنية – 2011م.

3) إفادات مواطنين من أهالي محافظتي صعدة وأبين.

4) البنية القبلية في اليمن – د. فضل علي أبو غانم – دار الحكمة اليمانية – 1991 م.

5) تقرير ممثل الأمين العام المعني بحقوق الإنسان للمشردين داخلياً السيد فالتركالين إلى مجلس حقوق الإنسان الدورة الثالثة عشرة المتضمن (الإطار المتعلق بالحلول الدائمة لمشكلة المشردين داخلياً ) – مطبوعات الأمم المتحدة .

6) تقرير ممثل الأمين العام للأمم المتحدة المعنى بحقوق الإنسان للمشردين داخلياً – المقدم إلى مجلس حقوق الإنسان الدورة الثالثة عشرة – منشورات هيئة الأمم المتحدة فبراير 2011م.

7) تكوين اليمن الحديث، د. سيد مصطفى سالم -الطبعة الرابعة ,1993م, دار الأمين للنشر, القاهرة.

8) تهذيب اللغة, أبو منصور محمد بن احمد الأزهري المتوفى 370ه- تحقيق عبد السلام هارون وآخرين، 2/344 الدار المصرية للتأليف، طبعة 1967م – القاهرة .

9) الجامع لأحكام القران الكريم، ابو عبدالله محمد بن محمد بن ابي بكر القرطبي المتوفى 671ه، الطبعة الثانية ، 1964م الجزء الأول 1/221 .

10) الحماية القانونية للنازحين داخل بلدانهم – منشورات الصليب الأحمر الدولي جنيف 2002م ونزار أيوب.

11) خبر منشور في موقع الوطن اون لاين بتاريخ 7/1/2013م.

12) دليل التدريب على رصد حقوق الإنسان – جامعة منيسوتا - الفصل الحادي عشر رصد وحماية حقوق الإنسان الخاصة بالعائدين والمشردين داخلياً.

13) السلام في الإسلام – د. محمد عبد الحميد أبو زيد – دار النهضة العربية القاهرة 1980م.

14) شريعة القتال في الإسلام – عثمان الشرقاوي – مكتبة الإسراء 1972م.

15) صحيح مسلم ، مسلم بن حجاج، دار طيبة 2006م.

16) صحيفة الثورة الرسمية الصادرة بصنعاء يوم الأربعاء 19/3/2013م .

17) صحيفة الثورة- يوم الثلاثاء 26-3-2013م –صحيفة الجمهورية الجمعة 29/3/2013م

18) العرف حجيته وأثره – عادل عبد القادر – مكة المكرمة - المكتبة المكية طبعة 1991م.

19) العرف القبلي - محمد بن علي صياد – دار الكتب اليمنية – 2007م.

20) العرف وأثرة في الشريعة والقانون – د.أحمد بن علي المباركي- الطبعة الأولى- بيروت-1412هـ .

21) العودة الطوعية وإعادة التوطين والاندماج الاجتماعي للنازحين – احمد عثمان محمد المبارك – الخرطوم 2006م.

22) فتح الباري شرح صحيح البخاري، علي بن احمد بن حجر العسقلاني، تحقيق محب الدين الخطيب، 1985م 6/159 .

23) القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان -نزار أيوب– الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن – رام الله – مايو 2003م.

24) القانون الدولي الإنساني – د. محمد فهد الشلالدة – منشأة المعارف الإسكندرية 2005م.

25) القانون الدولي الإنساني العرفي – جون ماري هنكرتس وليزدوزوالر – المجلد الأول اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

26) القانون رقم (24) لسنة 1999م بشأن تنظيم واستخدام شارتي الهلال الأحمر والصليب الأحمر ومنع إساءة استخدمهما وهذا القانون منشور في الجريدة الرسمية العدد (18) لسنة 1999م .

27) القيود الواردة على الملكية الفردية للمصلحة العامة في الشريعة الإسلامية – د . عبد الكريم زيدان – الطبعة الأولى 1982م- الأردن.

28) الكوارث الطبيعية سنن كونية من آيات الله- نادر ابو الفتوح- مجلة الأهرام الصادرة بتاريخ 23-4-2011م.

29) الكوارث ومسئولية المجتمع في الشريعة الإسلامية- الشيخ حسن الصغار- الطبعة الأولى 1320هـ -مؤسسة البلاغ للنشر- بيروت

30) لسان العرب، محمد بن مكرم جمال الدين ابن منظور الانصاري، دار صادر بيروت الطبعة الثالثة، 1414ه .

31) لمحة عامة عن الأشخاص النازحين داخلياً في اليمن ومراقبة أنشطة الحماية لعام 2011م منشورات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

32) مبادئ توجيهية بشأن التشريد الداخلي – ملحق بتقرير ممثل الأمين العام للأمم المتحدة السيد فرنسيس دنغ إلى الدورة الرابعة والخمسين للجنة حقوق الإنسان – منشورات هيئة الأمم المتحدة – المجلس الاقتصادي والاجتماعي 27/9/ 2002م.

33) المبدأ التوجيهي (29) وحق استرداد الملكية –رودري سي ويليامز- منسق مراقبة عملية استرداد الممتلكات في البوسنة.

34) المخالفات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني – ناصر الريس – مؤسسة الحق 2005م وكذا نزار أيوب.

35) مختار الصحاح – العلامة محمد بن ابي بكر بن عبد القادر الرازي – دار الكتاب العربي بيروت 1981م.

36) المخيمات الطبية المجانية–د.محمد يحيى المحبشي–وزارة الصحة والسكان مطابع التوجيه المعنوي 2012م.

37) المستدرك على الصحيحين، ابو عبدالله الحاكم محمد بن عبد الله المتوفى 405ه دار الكتب العلمية بيروت 1990م رواه احمد وابو يعلى والبزاز.

38) المصباح المنير – للعلامة احمد بن محمد بن على الفيومي المقري – مكتبة لبنان – بيروت 1987م.

39) مقابلة مع الأخ رئيس الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين نشرتها صحيفة 26سبتمر2009م.

40) المعجم الكبير، سليمان بن احمد بن ايوب الطبراني المتوفى 360ه، دار الصوميعي، الرياض الطبعة الأولى 1994م وابو يعلى ورواته ثقات عن ابن عباس ورواه الحاكم عن حديث عائشة بنحوه.

41) النازحون (المشردون داخلياً) في القانون الدولي الإنساني – 2008م – سلسلة القانون الدولي الإنساني – دليل تدريبي على حماية المشردين – المركز الدولي لمراقبة التهجير (IDMC).

42) النظرية العامة للقانون الدولي الإنساني والشريعة الإسلامية – د/ أحمد ابو الوفاء- الطبعة الأولى دار النهضة العربية - القاهرة – 2006م.

43) نظرية العرف – د. عبدالله الخياط – مكتبة الأقصى عمان 1977م.

44) نظرية العقوبة في الأعراف القبلية – محمد بن يحيى السدمي – الطبعة الأولى – 1993 م.


(1) المصباح المنير – للعلامة احمد بن محمد بن على الفيومي المقري – مكتبة لبنان – بيروت 1987م مادة (نزح) ومادة (شرد) ومختار الصحاح – العلامة محمد بن ابي بكر بن عبد القادر الرازي – دار الكتاب العربي بيروت 1981م مادة (نزح) ومادة (شرد) .


(2) ورد هذا التعريف في مقدمة المبادئ التوجيهية للمشردين داخلياً ، مبادئ توجيهية بشأن التشريد الداخلي – ملحق بتقرير ممثل الأمين العام للأمم المتحدة السيد فرنسيس دنغ إلى الدورة الرابعة والخمسين للجنة حقوق الإنسان – منشورات هيئة الأمم المتحدة – المجلس الاقتصادي والاجتماعي 27/9/ 2002م – ص7.

(3) دليل التدريب على رصد حقوق الإنسان – جامعة منيسوتا - الفصل الحادي عشر رصد وحماية حقوق الإنسان الخاصة بالعائدين والمشردين داخلياً صـ 4.

(4) تكوين اليمن الحديث – د. سيد مصطفى سالم – صـ85


([5]) النازحون (المشردون داخلياً) في القانون الدولي الإنساني – 2008م صـ 5 – سلسلة القانون الدولي الإنساني – دليل تدريبي على حماية المشردين – المركز الدولي لمراقبة التهجير (IDMC).


([6] ) إفادات مواطنين من أهالي محافظتي صعدة وأبين .


([7])لمحة عامة عن الأشخاص النازحين داخلياً في اليمن ومراقبة أنشطة الحماية لعام 2011م منشورات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين - صـ 9،8 .


([8])المرجع السابق صـ5 .


(9) تقرير ممثل الأمين العام المعني بحقوق الإنسان للمشردين داخلياً السيد فالتركالين إلى مجلس حقوق الإنسان الدورة الثالثة عشرة المتضمن (الإطار المتعلق بالحلول الدائمة لمشكلة المشردين داخلياً ) – مطبوعات الأمم المتحدة صـ 1 .


([10])هناك قانون يمني خاص يبين ضوابط استعمال شارة الصليب الأحمر والهلال الأحمر وهو القانون رقم (24) لسنة 1999م بشأن تنظيم واستخدام شارتي الهلال الأحمر والصليب الأحمر ومنع إساءة استخدمهما وهذا القانون منشور في الجريدة الرسمية العدد (18) لسنة 1999م .


([11]) الآية (34) سورة النحل .


(12) الآية (20) سورة الرعد .


([13])الآية (1) سورة المائدة.


([14])الآية (177) سورة البقرة .


([15])الآية (190) سورة البقرة .


(16) الآية (75) سورة النساء .


(17) الآية (1) سورة الممتحنة.

(18) الآية (13) سورة محمد .


(19) الآيتان (39, 40) سورة الحج .


([20] ) الآية (40) سورة التوبة .


([21]) الآيتان (9،8) سورة الممتحنة .


(22) الآية (8) سورة الحشر .


([23])الآية (195) سورة ال عمران


([24]) الآية (41) سورة النحل .


(25) الآية (9) سورة الحجرات .


( ([26]شريعة القتال في الإسلام – عثمان الشرقاوي – مكتبة الإسراء 1972م صـ42.


([27])الآية (71) سورة النساء .


([28])الآية (102) سورة النساء .


([29])السلام في الإسلام – د. محمد عبد الحميد أبو زيد – دار النهضة العربية القاهرة 1980م صـ162.


(30) الكوارث ومسئولية المجتمع في الشريعة الإسلامية- الشيخ حسن الصغار- الطبعة الأولى 1320هـ -مؤسسة البلاغ للنشر- بيروت صـ5.

(31) خبر منشور في موقع الوطن اون لاين بتاريخ 7/1/2013م

(32) الكوارث الطبيعية سنن كونية من آيات الله- نادر ابو الفتوح- مجلة الأهرام الصادرة بتاريخ 23-4-2011م صـ16.

(33) أخرجه البخاري ومسلم انظر فتح الباري شرح صحيح البخاري 6/159 .

(34) الآية (8) سورة الممتحنة.


([35]) الآية (9) سورة الحشر.


([36]) الآية (32) سورة المائدة


([37])الآيات (16,15،14) سورة البلد.


(38) الآية (8) سورة الإنسان.


([39])الآية (60) سورة التوبة .


([40] ) تفسير القرطبي – الجامع لأحكام القران الكريم الجزء الأول 1/221 .


([41]) أخرجه مسلم (4/1986 رقم 2564)


([42]) رواه مسلم عن النعمان بن بشير .


([43])الآية (2) سورة المائدة .


([44])الآية (75) سورة الأنفال .


(([45] رواه الطبراني وابو يعلى ورواته ثقات عن ابن عباس ورواه الحاكم عن حديث عائشة بنحوه .


([46])رواه احمد وابو يعلى والبزاز والحاكم .


(47) الآيات من (11) إلى (17) من سورة البلد .


([48])الآيات من (38) إلى (44) من سورة المدثر .


([49])الآيات من (1) إلى (3) من سورة الماعون .


([50])الآيات من (30) إلى (33) من سورة الحاقة .


([51])الآيتان ( 34,33) من سورة الحاقة .


([52])الآية (19) من الذاريات


([53])الآيتان (25,24) من سورة المعارج .


([54])القيود الواردة على الملكية الفردية للمصلحة العامة في الشريعة الإسلامية – د . عبد الكريم زيدان – الطبعة الأولى 1982م- الأردن ص 17، 40.
احكام النازحين - دراسة مقارنة
احكام النازحين - دراسة مقارنة.