التعهد بسداد المديونية اقرار بصحة كشف الحساب
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
عدم تطابق حسابات
التجار ليس امراً نادراً في اليمن، ولذلك تثور الخلافات بشأن تباين الحسابات بين
الطرفين إلا أن هناك قواعد وضوابط قانونية تعالج هذه المسألة، وقد اشار الحكم محل
تعليقنا إلى بعض هذه القواعد، فالحكم محل تعليقنا هو الحكم الصادر عن الدائرة
التجارية في جلستها المنعقدة بتاريخ 26/2/2018م في الطعن رقم (58655) وتتلخص وقائع
القضية ان احد التجار تعهد في ذيل كشف الحساب المقدم اليه من الدائن له وهو تاجر
اخر ،حيث تعهد التاجر بدفع مبلغ المديونية المبينة في كشف الحساب المشار اليه
ولاحقاً ادعى التاجر المتعهد بان ذلك التعهد ليس مطلقاً وإنما مقيد بقيامه بمراجعة
ذلك الحساب وفي ضوء ذلك يتم سداد المديونية، وقد قضت الشعبة التجارية بان التعهد
ليس مطلقاً فقام التاجر الدائن بالطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي، حيث قبلت
الدائرة التجارية الطعن ونقضت الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة
العليا (بعد الاطلاع على الأوراق مشتملات الملف تجد الدائرة ان الطاعن نعى في طعنه
في السبب الأول بطلان الحكم الاستئنافي المطعون فيه لإهداره المحرر المتضمن التزام
المطعون ضده وتعهده بسداد المديونية مخالفة بذلك لأحكام المادة (104) إثبات،
والدائرة تجد ان الطعن في هذه المسألة في محله، ذلك ان كشف الحساب المحتج به من
الطاعن اظهر مديونية المدعى عليه المطعون ضده الناتجة عن التعامل بين الطرفين وذلك
بمبلغ قدره .... حيث تم تذييل ذلك الكشف في ادناه بإقرار المطعون ضده وبلفظ استلمت
الكشف المحرر اعلاه واتعهد بالسداد عند الطلب وعليه أوقع ادناه) ولم ينكر المطعون
ضده تعهده إلا أنه ذكر لاحقاً ان الكشف خاضع للاطلاع والمراجعة، مع أن صيغة
الاقرار صريحة تفيد الجزم بالحق العالق بذمته، فالمعلوم شرعاً وقانوناً ان الاقرار
حجة قاطعة على المقر ويجب الزامه بما اقر به وفقاً لأحكام المادة (87) إثبات فمن
غير المعقول الرجوع عن الاقرار فيما يتعلق بحقوق العباد) وسيكون تعليقنا على هذا
الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية :
الوجه الأول : الوضعية القانونية لكشف الحساب :
لاحظنا في الحكم محل
تعليقنا ان الخلاف بين التاجرين كان على صحة مفردات الحساب، فكشف الحساب: هو عبارة
عن كشف الحساب الجاري بين الأشخاص الذي تناوله القانون التجاري في المادة (243)
التي نصت على ان (يراد بعقد الحساب الجاري الاتفاق الحاصل بين شخصين على ان يسلم
كل منهما للاخر على دفعات مختلفة من نقود وأموال وسندات تجارية ويسجل في حساب واحد
لمصلحة الدافع وديناً على القابض دون ان يكون لأي منهما حق مطالبة الاخر بما سلمه
له في كل دفعه على حدة حيث يصبح الرصيد النهائي وحده عند اقفال الحساب هو الدين
المستحق الواجب الاداء لاحد الطرفين بحسب الاحوال) وبموجب هذا النص قام التاجر
الدائن بتسليم التاجر المدين كشف الحساب حيث تعهد المدين بسداد الدين المستحق في
الكشف عند الطلب.
الوجه الثاني : حجية كشف الحساب :
كشف الحساب يعد من
دفاتر التاجر لانه يتم إستخراج مفرداته من حسابات وسجلات ودفاتر التاجر، ولذلك
يسري عليه نص المادة (39) تجاري التي تنص على أن (الدفاتر التجارية الالزامية
منتظمة كانت أم غير منتظمة حجة على صاحبها التاجر فيما اذا استند اليها خصم التاجر
،على ان تعتبر القيود التي في مصلحة صاحب الدفتر ايضا) فبناءً على هذا النص فان
كشف الحساب حجة على التاجر الذي اصدره ،فيحق للتاجر الذي يتم تسليمه كشف الحساب ان
يحتج بما ورد فيه بإعتبار الكشف اقراراً من التاجر الذي اصدره.
الوجه الثالث : حجية تأشيرة المستلم على كشف الحساب :
اذا تم استلام كشف
ولم يعترض المستلم على الكشف خلال مدة معقولة فان ذلك يكون بمثابة قبول من المستلم
بما ورد في كشف الحساب، وكذا اذا استلم كشف الحساب وتعهد بسداد المبلغ فان المستلم
يكون مقرا بصحة ماورد في كشف الحساب فيكون ملزماً بسداد المبلغ الوارد في كشف
الحساب، اما اذا اعترض المستلم على كشف الحساب فلا يكون ملزماً بالسداد كما انه لا
يكون مقراً بالمفردات والنتيجة الواردة في كشف الحساب، كما ان المستلم لكشف الحساب
قد يتحفظ على بعض مفردات أو قيود الحساب
فلا يكون ذلك اعتراضاً على كشف الحساب كاملاً، إضافة إلى ان المستلم قد يحتفظ بحقه
في مراجعة كشف الحساب، ومن خلال مطالعتنا للحكم محل تعليقنا نجد انه قد قضى بالزام
المستلم للكشف الحساب بتسليم المبلغ الوارد في الكشف لانه قد تعهد بسداد المبلغ
عند الطلب فذلك التعهد دليل على اقرار المستانف الكشف على صحة مفردات كشف الحساب
وانه غير معترض على ماورد في الكشف، والله اعلم.