الولاية
العامة للمرأة
في
الفقه
الإسلامي والقانون اليمني
الدكتور
عبد المؤمن شجاع الدين
الاستاذ المشارك
بكلية الشريعة والقانون ـ جامعة صنعاء
m:
الحمد لله الذي انزل
على عبده الكتاب فجعله قاضياً بالعدل والصواب وخاطبه أحسن خطاب والصلاة والسلام على
سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين .... أما بعد:
فإن موضوع الولاية العامة
للمرأة من أهم المواضيع الحادثة التي تحتاج إلى البحث والدراسة , ولذلك سوف نقوم
بالدراسة الموجزة لهذا الموضوع لمعرفة أقوال الفقهاء في ولاية المرأة وعرض أدلتهم
ومناقشتها ثم نبين الوجهة التي أتجه إليها القانون اليمني في هذا الشأن , ولا ريب
أن البحث في هذا الموضوع وسيلة هامة من أهم وسائل التوعية بالمشاركة السياسية
للمرأة , وسوف نتناول هذا الموضوع على النحو الآتي:
المبحث
الأول: ماهية الولاية العاملة وأقسامها , وسوف
نذكر في هذا المبحث تعريف الولاية في اللغة وفي الفقه وفي القانون ثم نشير إلى
أقسام الولايات وأنواعها .
المبحث
الثاني: حكم الولاية العامة للمرأة , سوف نبين
في هذا المبحث أقوال الفقهاء بشان الولاية العامة للمرأة وأدلتهم , ثم نشير إلى
موقف الدستور اليمني في هذه المسألة .
قائمة
البحث:
وتتضمن نتائج البحث وتوصياته .
مصادر البحث: وتتضمن أهم مراجع البحث ومصادره .
المبحث
الأول
مــاهيــة الولايــة العامــة وأقســامهــا
وسنبين تعريف الولاية في المطلب الأول,
أما المطلب الثاني فسنذكر فيه أقسام الولاية وأنواعها.
المطلـــب
الأول
تعـــريــف الــولايـــة العاـــمة
حيث سنذكر أولاً
تعريف الولاية في اللغة في حين سنبين (ثانياً) تعريف الولاية في الفقه (وثالثاً)
سنبين تعريف الولاية في القانون .
أولاً: تعريف الولاية في اللغة:
الولاية بفتح الواو
وكسرها تعني الإمارة والسلطان وتولي الأمر , كقولنا والي الشام أي أمير الشام
وتطلق الولاية على المنطقة التي يتولاها الإنسان كالمقاطعة والمحافظة والمديرية
وكذا ما يتولاه من الأعمال , ومن ذلك تقسيم البلاد إلى ولايات , ويكون لكل ولاية
أي منطقة وآل يتولى إدارتها يكون كالأمير فيها , والولاية لا تكون ولاية إلا إذا
كان فيها سيطرة وسلطة وإذا كان أمر الوالي
لا يرد ونهيه ملزم يحترم , لأن الولاية يشترط فيها أن يكون الوالي قادراً على
الفعل المطلق (1) .
ثانياً: تعريف الولاية في الفقه:
هي امتلاك الشخص سلطة
تخوله إدارة أمر ما وتدبيره وتنفيذ إرادته فيه على الغير من فرد
أو جماعة في نطاق ضيف أو واسع , وبتعبير أخر فالولاية سلطة شرعية لشخص في إدارة شأن
ما وتنفيذ إرادته فيه على الغير (2) .
وهذا التعريف للولاية عام يشمل الولاية
العامة والولاية الخاصة , أما التعريف الخاص بالولاية العامة فالمقصود بالولاية
العامة هي: القيام بأمور الدين إلى جانب أمور الدنيا للجماعة كالخلافة ووزارة
التفويض وولاية المظالم والإمارة على الجند والإمارة العامة على الأقاليم ولاية
الحسبة وولاية القضاء (2).
ويذهب بعض الفقهاء
إلى تعريف الولاية العامة: بأنها التي تكون للقاضي أو السلطان أو الإمام حيث أن
لكل واحد منهم ولاية عامة على من يتولى أمرهم بسبب بيعة الأمة له أو بيعة أهل الحل
والعقد منهم نيابة عن الرعية (4) .
ثالثاً: تعريف الولاية في القانون:
مصطلح (الولاية) لا
وجود له في الوقت الحاضر في الدستور أو القانون إلا في قانون الأحوال الشخصية وذلك
في الباب الذي ينظم الولاية على القصر أو على أموالهم أو الولاية على الأموال , والولاية
في الزواج أو ولاية الوصي وأجره , والولاية هنا هي ولاية خاصة تخرج عن نطاق البحث وليست من قبيل
الولاية العامة محل بحثنا , والمصطلح المقابل لمصطلح (الولاية العامة) في الوقت
الحاضر في الدستور والقانون هو مصطلح (السلطة) حيث ورد هذا المصطلح في الدستور في
المادة (4) التي تنص: (بأن الشعب مالك السلطة ومصدرها) , والمادة (5) تنص على أن:
( يقوم النظام السياسي للجمهورية على التعددية السياسية والحزبية وذلك بهدف تداول
السلطة سلمياً , وكذا المادة (62) التي تنص: (على أن مجلس النواب هو السلطة
التشريعية للدولة وكذلك المادة (105) التي تنص: (على أن يمارس السلطة التنفيذية
نيابة عن الشعب رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء , وكما ورد في الدستور عنوان أجهزة
السلطة المحلية وذلك في المادة (145) , وفي هذا السياق يأتي مصطلح (الوظيفة العامة)
وقانون الجرائم والعقوبات وقانون الإجراءات وغيرها.
ومما تقدم يظهر أن
المقصود بالولاية العامة في الدستور والقانون هو السلطة أو الوظيفة , وهذا يتفق مع
تعريف الفقهاء للولاية العامة السابق ذكره وأن كان مصطلح ( الولاية) أعم من ا
لسلطة.
المطلب
الثاني
أقســـام ا الـولايــة
تنقسم الولاية إلى
قسمين رئيسين (الأول): الولاية العامة و (الثاني): الولاية الخاصة وبيان ذلك
على النحو الآتي:
أولاً: الـــولايـــــة العامـــــة:
وهي السلطة التي يكون
موضوعها شؤون المجتمع أو تتعلق بشؤون المجتمع بوجه عام وقد سبق لنا تعريف الولاية
, وقد ذهب الأستاذ الدكتور/ غالب القرشي مستنداً إلى المدلول لمصطلح (الولاية
العامة) لسان العرب لأبن منظور إلى أن المقصود بالولاية العامة: هي الولاية التي
فيها سيطرة وحق الأمر الذي لا يرد والنهي الملزم سواءً كانت الولاية كبرى أم صغرى
, لأن الولاية تشعر بالتدبير والقدرة والفعل , وما لم يجتمع ذلك في الولاية لا
يطلق عليها أسم ولاية فقد قال ابن منظور: وكل من ولي أمر واحد فهو وليه (1) .
ثانياً: الـــولايـــــة الخاصــــة:
هي قيام شخص كبير راشد
بأمر على شخص قاصر وذلك في تدبير شئونه الشخصية والمالية كولاية الأولياء
والأوصياء تدبير شؤون وأمور القاصرين (2)
.
المطلب
الثالث
أنواع الـولاية العامة
ذكر الإمامان
الفاضلان الماوردي والفراء في الأحكام السلطانية أنواع الولاية العامة , ويمكن
الإشارة بإيجاز إلى أنواع الولاية العامة على النحو الآتي:
(1)
الولاية العظمى أو
ولاية الإمامة (رئاسة الدولة):
وهي حراسة الدين
وسياسة الدنيا , وإقامة هذه الولاية واجب على الأمة ولا يحل لها أن تتوانى عن
تحقيق هذا الواجب , والأمة أثمة إذا لم تقم بهذا الواجب (1).
وهناك من المعاصرين
من يقصر الولاية العظمى على رئيس الدولة فقط وهناك من يتوسع فيها ويدخل فيها نائب
رئيس الدولة ورئيس الوزراء .
(2)
وزارة التفويض (رئيس
الوزراء):
وهي أن يقوم رئيس
الدولة بتفويض بعض الأمور إلى الوزير لتدبيرها برأيه وإمضائها على اجتهاده ووزير
التفويض هو رئيس الوزراء أو الوزير الأول في العصر الحاضر (2)
.
(3)
وزارة التنفيذ (الحقيبة
الوزارية):
ووزير التنفيذ هو الشخص الذي يقوم بتنفيذ
المهام التي يسندها إليه السلطان أو رئيس الدولة, ووزير التنفيذ هو الذي يقوم
بإيصال المعلومات من وإلى الخليفة أو رئيس الدولة(3)
.
ووزير التنفيذ من
أسمه ليس له صلاحيات الاجتهاد والتدبير كوزير التفويض , إذ إن دوره قاصر على
التنفيذ للمهام التي تسند إليه , ويذهب بعض المعاصرين إلى أو وزراء الوزارات
السيادية كالدفاع والداخلية والخارجية والمالية والوظيفة العامة والإدارة المحلية
هم من وزراء التفويض وليسوا من وزراء التنفيذ .
(4)
الإمارة (رؤساء المصالح والهيئات والمؤسسات
العامة ومحافظوا المحافظات ومدراء عموم المديريات):
وهي أن يستند السلطان
أو الخليفة أو رئيس الدولة إلى شخص من
الأشخاص إمارة إقليم من أقاليم الدولة كالمحافظين أو مدراء المديريات أو جباية
الأموال أو الإمامة في الجمع والجماعات وغيرها من الأمور المخصوصة , وتسمى
(الإمارة) لأنها تعني إقامة (أمر) من الأمور المخصوصة .
(5)
ولايــــة
القضـــــاء:
وهي التي يوليها
الخليفة أو السلطان للقاضي من أجل فصل المنازعات وإقامة الحدود وتنفيذ الوصايا
والنظر في الأوقاف بما يحفظ أصولها (1)
.
(6)
ولايــــــة
المـظــالـــــــم:
وهي دفع المتنازعين أو من بينهم خلاف إلى العدل
والإنصاف وإعطاء الحق لأصحابه بالرهبة أو التخويف , وردع المتنازعين ومن بينهم
خلاف عن أن يجحد بعضهم حق بعض وذلك لرهبتهم من السلطان خوفهم من عقابه (2) .
(7)
ولايـــــــة
الحسبــــــــة (النيابة العامة):
وهي أمر بالمعروف إذ
ظهر تركه ونهى عن المنكر إذا ظهر فعله (3)
.
(8)
ولايــة الصدقـات
(مصلحة الزكاة) أو (بيت الزكاة):
وهي أن يقوم السلطان أو ولي الأمر بتكليف من يقوم بأخذ الزكاة من
الناس وأن يأمر بتقسيمها على المستحقين لها , وتقوم بهذه الولاية في الوقت الحاضر
(مصلحة الواجبات الزكوية) .
(9)
ولايــــــة
الجهــــــاد (وزارة الــدفــاع):
وهي سياسة الجيش
وتدبير الحرب وتقوم بها في الوقت الحاضر وزارة الدفاع .
(10) ولايــــــة
الحــــــج:
وتكون على تسيير
الحجيج وهي ولاية سياسة وزعامة وتدبير , وقد تكون على إقامة الحج فالقائم عليها
بمنزلة الإمام في إقامة الصلوات وإشعار الناس بوقت إحرامهم وترتيب المناسك , وتقوم
بهذه الولاية في الوقت الحاضر وزارة الحج أو وزارة الأوقاف والحج في بعض الدول .
(11) ولايــــــة
الصلـــــوات:
وهي الإمامة في
الصلوات الخمس والإمامة في صلاة الجمعة , والفقهاء يجمعون على عدم جواز إمامة
المرأة للرجال في الصلاة .
وفي العصر الحاضر
هناك ولايات عامة كثيرة لم يتناولها الفقهاء المتقدمون كالنقابات والمنظمات
والجمعيات والأحزاب والتنظيمات السياسية وغيرها من الولايات العامة التي تهتم
بالشأن العام كله أو بعضه وهي تعد من الولايات العامة .
ويذهب بحق الأستاذ
الدكتور/غالب القرشي إلى أن الولاية تشعر بالتدبير والقدرة والفعل , وما لم يجمع
ذلك فيها فلا يطلق عليها ولاية مستنداً إلى تعريف ابن المنظور للولاية والوالي , حيث قال أين المنظور: وكل من وليّ أمر
واحد فهو وليه , إلى أن يصل الأستاذ الدكتور القرشي إلى القول: ومع ذلك إذا انحصرت
ولاية قطر من الأقطار في ملك أو رئاسة أحد الناس يكون له كامل التصرف والأمر
والنهي وتوليه من دونه وعزلهم , فهذه هي الولاية العظمى , فإذا شاركه غيره في
التصرف بشؤون الدولة والأمر والنهي والتولية والعزل بحيث لا يبقى الأمر منحصراً له
فلا يستحق وصف ولي الأمر ولا ينطبق عليه ذلك , لأنه غير نافذ الأمر والنهي في كل
شيء , أما في العصر الحاضر عصر الديمقراطيات وتوزيع السلطات وظهور المجالس التي
تتوزع فيها الولاية العظمى كمجلس قيادة الثورة أو المجلس الجمهوري أو مجلس الرئاسة
... الخ فلا يطلق على أي عضو من أعضاء هذه المجالس (الوالي أو ولي الأمر) إذا كان
هؤلاء يباشروا صلاحياتهم بصفة متساوية أما إذا كان لأي من هذه المجالس رئيس مطلق
الصلاحية في التولية والعزل وغيرها فإنه يكون والياً أو ولياً (1).
المبحــــث الثانــــي
حكـــم الــولايــة
العامــة للمــرأة
سبق أن ذكرنا أن
الولاية العامة هي التي تكون فيها سلطة وسيطرة وحق الأمر الذي لا يرد والنهي
الملزم سواء كانت الولاية كبرى أم صغرى , لان الولاية تشعر بالتدبير والقدرة
والفعل ، وسبق أن ذكرنا في أنواع الولاية العامة أنها تتنوع الى ولايات أو وظائف
كثيرة منها رئيس الدولة ونائبه ورئيس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم ووكلائهم
ورؤساء الأجهزة والمصالح والهيئات والمؤسسات والبنوك ومدراء العموم ومدراء
الإدارات ورؤساء الأقسام والوحدات ورئيس مجلس النواب والشورى وهيئتي رئاستهما وأعضاء
مجلس النواب والشورى ورئيس مجلس القضاء وأعضاء المجلس ورئيس المحكمة العليا
وقضاتها وكافة الموظفين العاديين كالباحثين والكتبة.....الخ وفي هذا المبحث سوف
نبين في المطلب الأول حكم الولاية العامة للمرأة في الفقه الإسلامي,
في حين نتناول في المطلب الثاني حكم الولاية العامة للمرأة في الدستور اليمني.
المطلـــــب
الأول
حكم
الولاية العامة للمرأة في الفقه الإسلامي
اتفق الفقهاء على
جواز تولي المرأة الوظائف العامة العادية وهي الوظائف التي ليس فيها سلطة أو سيطرة
كالكتبة والإداريين .........الخ.
وكذا الأطباء والصيادلة
والمعلمين ومن في حكمهم إذا كانت هذه الوظائف خاصة بالنساء , كأن تكون المرأة
طبيبة تعالج النساء أو مدرسة تدرس النساء وهكذا ، وكذلك بالنسبة للوظائف العامة
القيادية إذا كانت خاصة بالنساء كأن تكون المرأة مديراً لمستشفى خاص بالنساء وغير
ذلك ، أما تولي المرأة للوظائف العادية والتي تقوم بخدمة الرجال والنساء معاً أو
بخدمة الرجال فقط وكذلك الوظائف القيادية التي تتولى فيها المرأة رئاسة أو إدارة
الرجال والنساء معاً أو الرجال فقط فقد اختلف الفقهاء بشأنها خلافاً واسعاً
متشعباً.
فمن الفقهاء من ذهب
إلى جواز تولي المرأة لجميع الوظائف العامة سواء كانت عادية أم قيادية سواء كانت
خاصة بالنساء أو مشتركة بين الرجال والنساء حتى ولو كانت خاصة بالرجال ، في حين
ذهب فقهاء آخرون.
إلى عدم جواز تولي المرأة الوظائف العامة التي
يستفيد منها الرجال والنساء معاً سواء كانت هذه الوظائف عادية أو قيادية ، ومن ناحية أخرى ذهب فريق ثالث من
الفقهاء الى جواز ولاية المرأة للوظائف كافة عدا رئاسة الدولة (الولاية الكبرى)
ونيابة رئيس الدولة ورئاسة الوزراء ومحافظي المحافظات ومدراء عموم المديريات ،
وذهب فريق رابع الى جواز ولاية المرأة للوظائف العامة كافة عدا الولاية الكبرى فقط
(رئاسة الدولة) .
ولكل فريق من الفقهاء
أدلته فيما ذهب إليه ، الا إن أدلة جميع الفقهاء في هذه المسألة متداخلة مع بعضها
، فمثلاً من ذهب إلى عدم جواز الولاية العامة للمرأة كان يستدل مثلاً الى أية من
القرآن الكريم في حين يستند من يذهب الى جواز الولاية الى الآية ذاتها ، ولذلك من
الصعب تناول أدلة كل فريق بمعزل عن أدلة الفريق الأخر، وعلى هذا الأساس فقد
استعرضنا أدلة الفقهاء على حكم ولاية المرأة على النحو التالي:-
1.
قال تعالى (الرجال
قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) (1)
فمن ذهب إلى عدم جواز
ولاية المرأة فقد استدل بان هذه الآية تنص على أن القوامة للرجال، والقوامة هي
القيام بتدبير الأمور والقيام بالأمر ، فإذا كانت المرأة لا تملك القوامة على
نفسها فمن الأولى أن لا تكون لها القوامة على الأمة كلها أو بعضها ، وقد اعترض
المجيزون للولاية العامة للمرأة على هذا الاستدلال بان المراد بالرجال في الآية
الكريمة هو الأزواج والمراد بالنساء هن الزوجات ولا تشمل الآية كل الرجال مطلقاً
وكل النساء مطلقاً حتى تدخل رئاسة الدولة أو غيرها من الولايات في عموم الآية وبحيث
تنحصر الولاية العامة في الرجال.
2. قال
تعالى (( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة)) (1) وقد استدل الذاهبون الى عدم جواز ولاية
المرأة بأن زيد بن اسلم قال أن الدرجة التي جعلها الله للرجال في هذه الآية هي الإمارة
, وقد اعترض الذاهبون الى جواز ولاية المرأة على هذا الاستدلال بان هذه الآية لا تفيد
حصر الإمارة أو الرئاسة أو الولاية في الرجال , لان الآية تنظم العلاقة الزوجية
ولا صلة لها بالولاية العامة ، والدليل على ذلك أن زيد بن اسلم نفسه قال: أن
المقصود بالدرجة التي للرجال في هذه الآية هي طاعة الزوجات لأزواجهن (2) .
3. قال تعالى ((ولاتتمنوا ما
فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن)) (3) . وقد استدل الذاهبون الى عدم جواز
ولاية المرأة بان هذه الآية تدل على تفضيل
الرجال وتقسيم العمل لكل من الرجل والمرأة ) وأن الإمارة من نصيب الرجال (4 واعترض الذاهبون الى جواز ولاية المرأة
على هذا الاستدلال بان الآية لم تصرح بأفضلية الرجال بل أن الآية تقرر المساواة
بين الرجال والنساء حيث قررت الآية أن النصيب للرجال والنساء معاً في كل الأشياء
بما في ذلك الإمارة.
4.
قال تعالى (( وقرن في
بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى)) (5)
.
وقد استدل الذاهبون الى عدم جواز ولاية
المرأة بأن الأمر قد ورد في هذه الآية بلزوم المرأة للبيت ، وعملها في رئاسة
الدولة أو غيرها يفترض خروجها من البيت وذلك مخالفاً للأمر الوارد في الآية ،
واعترض الذاهبون الى جواز ولاية المرأة
على ذلك بان الأمر في هذه الآية خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم، كما أن هذا الأمر
لا يفيد الوجوب ، ولو كان الأمر يفيد الوجوب لما خرجت عائشة رضي الله عنها في
موقعة الجمل ، كما أنه من الثابت أن النساء كن يخرجن من بيوتهن في عصر النبي صلى
الله عليه وسلم وعصر الخلفاء الراشدين وفي كافة العصور ، ولو كان الخروج محرماً
لما خرجن مطلقاً .
5.
قال صلى الله عليه
وسلم : (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) (1)
.
فقد استدل الذاهبون الى عدم جواز ولاية
المرأة الى أن هذا الحديث صريح في النهي عن تولية المرأة رئاسة الدولة وغيرها من
الولايات العامة يستوي في ذلك الإمامة الكبرى أو الرئاسة الكبرى والوزارة والسفارة
والنيابة والقضاء (2) .
وقد اعترض الأستاذ
ظافر القاسمي على هذا الاستدلال بأن الحكم الوارد في الحديث النبوي لا يتعدى
الواقعة التي قيل فيها هذا الحديث ، وهذه الواقعة هي قيام أهل فارس بتنصيب ابنة
كسرى ملكه على فارس خلفاً لأبيها وأن تنصيبها سيكون سبباً لانتهاء إمبراطورية فارس
وهذا ما حصل بالفعل , كما أن هذا الحديث من الأحاديث التي تفيد الظن (3).
6. قال
صلى الله عليه وسلم : (وإذا كان أمراؤكم شراركم وأغنياؤكم بخلاءكم وأموركم الى
نسائكم فبطن الأرض خير لكم من ظاهرها) (4)
فقد استدل الذاهبون
الى عدم جواز ولاية المرأة الى ان هذا الحديث ينكر إسناد الإمارة الى النساء، وقد
اعترض الذاهبون الى جواز ولاية المرأة على هذا الاستدلال بان الترمذي نفسه
وهو راوي الحديث قد قال عن هذا الحديث :
انه غريب لا نعرفه الا من حديث صالح المري وصالح في حديثه غرائب لا تتبع.
7.
قال صلى الله عليه
وسلم : ((يا معشر النساء تصدقن فاني رايتكن أكثر أهل النار – فقلن : وبم يا رسول
الله ؟ قال : تكثرن اللعن وتكفرن العشير ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهل للب
الرجل الحازم من أحداكن)) (5)
حيث استدل الذاهبون
الى عدم جواز ولاية المرأة بان الولاية العامة ومناصبها وأعباؤها بما فيها رئاسة
الدولة تحتاج الى العقول الراجحة والكاملة وليس الناقصة.
وقد اعترض الذاهبون
الى جواز ولاية المرأة على هذا الاستدلال بان هذا الحديث خاص بالنساء اللاتي يكفرن
العشير أو يكثرن اللعن حسبما ورد في بداية الحديث وليس الحكم الوارد في هذا الحديث
عام في النساء جميعاً (6)
8.
قال صلى الله عليه
وسلم : (ما تركت بعدي فتنة اضر على الرجال من النساء) (1)
وقد استدل الذاهبون
الى عدم جواز ولاية المرأة بان عمل المرأة أو قيامها بأعمال
إلا ماره أو الخلافة يقتضي بروزها بين
الرجال وفي ذلك فتنة للرجال حسبما ورد في هذا الحديث ، وقد اعترض الذاهبون الى
جواز ولاية المرأة على هذا الاستدلال بأن الشريعة الإسلامية تجيز للمرأة البيع
والشراء والشهادة والتعليم وغير ذلك وفي سبيل قيامها بذلك فهي تبرز بين الرجال ،
كما يمكن حمل هذا الحديث على بروز المرأة بين الرجال من غير حاجة أو من غير أن
تكون لها ولاية .
1. استدل
الذاهبون الى عدم جواز ولاية المرأة بأن إمامة المرأة للرجال في الصلاة غير جائزة بإجماع
الفقهاء ومن باب أولى فلا تجوز رئاسة المرأة أو خلافتها أو ولايتها على الرجال (2) .
وقد اعترض الذاهبون الى جواز ولاية المرأة على
هذا الاستدلال بان الصلاة من العبادات التي ينبغي تأديتها على النحو الذي بينه
الشارع وحدده، والاجتهاد فيها محدود، أما الإمارة أو الرئاسة أو الولاية فهي من الأمور
الدنيوية أو المعاملات التي تخضع للاجتهاد بحسب ظروف الزمان والمكان ومصلحة
المسلمين.
2. استدل
الذاهبون الى عدم جواز ولاية المرأة بأنه كانت هناك نساء فاضلات في عصر النبي صلى
الله عليه وسلم وفي عصر الخلفاء الراشدين
وتابعيهم وتابعي التابعين والعصور التي
تلتها ، وفي أثناء تلك العصور لم تسند الولاية العامة للنساء الفاضلات ، وقد اعترض
الذاهبون الى جواز ولاية المرأة على هذا الاستدلال بان هناك الكثير من النساء
الفاضلات في تلك العصور قد قمن بأمور كثيرة من الشؤون العامة كالجهاد والدعوة
والتعليم ورواية الحديث والحسبة ، بل انه كان منهن ملكات وأميرات ورئيسات كالملكة أروى
باليمن وشجرة الدر بمصر والأميرة شاة جيهان بيكم التي تولت عرش مملكة بهوبال
بالهند في القران الثالث عشر الهجري والتي تزوجها العالم الفقيه المشهور الشيخ صديق
حسن خان الذي كان من كبار علماء الهند وغيرها.
كما أن المرأة قد
تولت رئاسة الدولة في الوقت الحاضر دول إسلامية مثل السيدة سوكارنو في اندونيسيا
والسيدتان حسنيه وخالدة في بنغلادش والسيدة بناظير بوتو في باكستان وغيرهن الكثير.
11. استدل الذاهبون الى عدم جواز ولاية المرأة بأن الأساس في الولايات والوظائف العامة هو القدرة والكفاءة على القيام بأعباء وواجبات هذه الولايات وتلك الوظائف ، وخصائص المرأة الجسمانية والنفسية لا تؤهلها للقيام بتلك الأعباء(1) .
وقد اعترض الذاهبون على هذا الاستدلال بأنه غير مضطر فهناك رجال لا تؤهلهم قدراتهم الجسمانية والنفسية على القيام بأعباء الولايات العامة ، في حين هناك نساء تؤهلن قدراتهن الجسمانية والنفسية على القيام بتلك الأعباء ، ومن شروط شغل الوظائف أو الولايات العامة أن يكون القائم بها قادرا على القيام بواجباتها وأعبائها سواء كان ذكرا أو أنثى.
12 . استدل الذاهبون الى جواز ولاية المرأة لكافة الوظائف ، بان الوظائف كافة في العصر الراهن لا يستقل الموظفون بأدائهم لواجباتها وأعبائها إذ أنهم محكومون بالدستور والقوانين المختلفة كما أنهم لا يؤدون وظائفهم بانفراد واستقلال عن غيرهم من الموظفين الآخرين وإنما يشترك الموظفون في أداء الوظائف بحيث لا يستقل موظف بعينه بأداء العمل بحيث تكون له سيطرة وحق الأمر الذي لا يرد في هذه الوظائف لاسيما في الدولة الديمقراطية الحديثة ، وعلى هذا الأساس فلا تعد هذه الوظائف من قبيل الولاية العامة بحسب المصطلح الفقهي فتمنع المرأة منها.
13. استدل الذاهبون إلى عدم جواز ولاية المرأة بقوله تعالى ((والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر))(2) فهذه الآية صريحة في جواز تولي المرأة لكافة الوظائف بما فيها إدارة شؤون الرجال ولاسيما والوظائف كلها أما تكون أمرا بالمعروف أو نهيا عن المنكر.
14. استدل الذاهبون إلى جواز ولاية المرأة بقوله تعالى (( فلما وضعتها قالت رب أني وضعتها أنثى والله اعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى واني سميتها مريم واني اعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم)) (3) .
لان الآية تنص صراحة على أن الأنثى دون الذكر في القيام بالأعمال , وقد اعترض الذاهبون الى جواز الولاية العامة للمرأة على هذا الاستدلال بأن الآية لا تدل على عدم جواز ولاية المرأة لان المقصود في الآية هو أن الذكر بقوته الجسمية يستطيع القيام بأمر الخدمة والسدانة في بيت المقدس لان الخدمة والسدانة هي أعمال عضلية يحسنها الذكور وذلك مقصد امرأة عمران عندما نذرت ما في بطنها ، أما الولايات الأخرى فلا مدخل لها في هذا الاستدلال .
15. استدل الذاهبون إلى عدم جواز ولاية المرأة بقوله تعالى (( أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين)) (1).
فهذه الآية تدل على أن المرأة التي تنشأ في الحلية والدلال والحياء لا تستطيع الفصل في الخصام ، كما أنها عاجزة عن الفصاحة والبيان ، وذلك يجعل المرأة عاجزة عن القيام بأعباء الولايات العامة.
وقد اعترض الذاهبون الى جواز الولاية العامة للمرأة على هذا الاستدلال بأنه يتعارض مع ما تدل عليه الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التي تدل صراحة على جواز الولاية العامة للمرأة.
وممن ذهب الى جواز ولاية المرأة مطلقاً لكافة الوظائف والولايات الشيخ يوسف القرضاوي والأستاذ محمد عمارة والشيخ المرحوم محمد الغزالي والشيخ محمد عزة دروزة والشيخ ظافر القاسمي والشيخ راشد الغنوشي والدكتور محمد سعيد رمضان البوطي والشيخ البهي الخولي والدكتور محمد بلتاجي وغيرهم كثير (2) .
المطلــــب
الثانــي
ولاية المرأة
في الدستور اليمني
ينص الدستور اليمني
صراحة على جواز ولاية المرأة في كافة الولايات والوظائف حيث تنص المادة (24) من
الدستور على أن (تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين سياسياً واقتصادياً
واجتماعياً وثقافياً وتصدر القوانين لتحقيق ذلك) .
وبما أن المرأة من
عموم المواطنين وبما أن هذا النص يكفل مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين في كافة
المجالات فمن حق المرأة أن تتولى كافة الوظائف.
وفي هذا السياق تنص
المادة (28) من الدستور على أن (الخدمة العامة تكليف وشرف للقائمين بها ويستهدف الموظفون القائمون بها في أدائهم
لإعمالهم المصلحة العامة وخدمة الشعب ) وهذا النص صريح في أن الخدمة العامة أو
الولاية العامة حق وواجب على المواطنين جميعاً بما فيهم النساء.
وفي الاتجاه ذاته
تأتي المادة (29) من الدستور التي تنص على أن ( العمل حق وشرف وضرورة لتطور
المجتمع ولكل مواطن الحق في ممارسة العمل الذي يختاره لنفسه) فالمرأة موطن ومن
حقها العمل المطلق في أي مجال تختاره ، ولم يقصر هذا النص عمل المرأة على أعمال
معينه حيث جاء النص عاما ومطلقاً.
في حين صرحت المادة
(31) من الدستور على أن من حق المرأة أن تشغل أي من الوظائف العامة من غير تقييد
أو حصر ، حيث نصت هذه المادة على أن ( النساء شقائق الرجال ولهن من الحقوق وعليهن
من الواجبات ما تكفله وتوجبه الشريعة وينص عليه القانون).
وتقرر المادة (41) من
الدستور المساواة المطلقة بين الرجال والنساء في شغل الوظائف العامة بمختلف
مستوياتها باعتبار شغل الوظائف من الحقوق والواجبات العامة حيث تنص هذه المادة على
أن (المواطنون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة) في هذا الاتجاه تنص
المادة (42) من الدستور على أن (لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية
والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي
بالقول والكتابة والتصوير في حدود القانون).
والظاهر من هذه
المادة على أنها تكفل حق المرأة في المشاركة السياسية والاقتصادية والاجتماعية
والثقافية بما في ذلك توليها للوظائف القاعدية والقيادية في الأحزاب والجمعيات
ومنظمات المجتمع المدني والشركات والهيئات والمؤسسات العامة والخاصة وكذا الوظائف
السياسية في الدولة.
في حين تنص المادة
(43) من الدستور على أن ( للمواطن حق الانتخاب والترشح وإبداء الرأي في الاستفتاء)
وهذا النص يكفل للمرأة حقها في المشاركة كناخبة ومرشحة في كافة عمليات الانتخاب
(انتخاب رئيس الجمهورية –الانتخابات البرلمانية – انتخابات المجالس المحلية)
وطبقاً لهذا النص يجوز للمرأة ترشيح نفسها لمنصب رئيس الجمهورية لاسيما والمادة
(107) من الدستور تبين شروط المرشح لرئاسة الجمهورية لا تشترط الذكورة، كما يجوز
للمرأة أن تترشح لعضوية البرلمان لاسيما والمادة (64) من الدستور التي تحدد شروط
المرشح لعضوية البرلمان لا تشترط الذكورة ، كما يحق للمرأة أن تترشح لعضوية
المجالس المحلية ، وطبقاً لنصوص الدستور يحق للمرأة أن تشغل الولايات العامة
الأخرى كرئيس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم لان شروط هذه الوظائف المبينة في
الدستور لا تشترط الذكورة ، وطبقاً لقانون الخدمة المدنية يحق للمرأة أن تشغل
وظيفة أن تشغل وظيفة المدير العام وبقية الوظائف الأدنى من هذه الوظيفة لان
القانون لا يشترط الذكورة فيمن يشغل هذه الوظائف.
ومن خلال استقراء
نصوص الدستور السابق ذكرها نجد أن الدستور اليمني قد اخذ بقول بعض الفقهاء
المعاصرين السابق ذكرهم كالدكتور يوسف القرضاوي وغيره والذين ذهبوا الى الجواز
المطلق في الولاية العامة للمرأة.
والخــلاصة : أن الدستور يكفل للمرأة
حقها في تولي كافة الوظائف بما فيها رئاسة الدولة.
والقوانين اليمنية
الناظمة للولايات العامة كقانون الانتخابات العامة وقانون السلطة المحلية وقانون الخدمة
المدنية وقانون الخدمة العسكرية وقانون هيئة الشرطة وقانون السلطة القضائية وقانون
السلك الدبلوماسي جميع هذه القوانين لا تمنع المرأة من الاشتغال والعمل في أي من
تلك الوظائف أو الولايات العامة إلا أن هناك ظروف سياسية واجتماعية وثقافية
واقتصادية تحول دون المشاركة السياسية، فمن الثابت أن مشاركة المرأة في ذلك لا
زالت غير متناسبة مع نسبة النساء في عدد السكان، كما أن تغير الظروف التي تعيق
المرأة عن المشاركة تحتاج إلى قرون من الزمان حتى تتغير، وتبعاً لذلك فإن تمكين
المرأة من المشاركة العامة المناسبة في الوظائف العامة تحتاج إلى الأخذ بنظام
تخصيص حصص للمرأة في كافة الأطر والمستويات والنص على ذلك في الدستور على النحو
الذي سنبينه لاحقاً ضمن توصيات البحث.
وبدون الأخذ بنظام
حصص للنساء من الوظائف والولايات العامة فإن النصوص القانونية والدستورية التي
تكفل مساواة المرأة للرجل في المشاركة العامة ستظل مجرد أمنيات طيبة تراود النساء
ولكنها لن تتحقق، والدليل على ذلك أن تلك النصوص الجوفاء عجزت عن الارتقاء
بالمشاركة العامة للمرأة مع وجود هذه النصوص لفترة طويلة .
خاتمة البحث
الحمد
لله الذي بنعمته تتم الصالحات الذي وفقني إلى الانتهاء من هذا البحث حيث توصلت إلى
نتائج وتوصيات كثيرة قمت بإثباتها في مواضعها من البحث ، وسوف أقوم بعرض أهم هذه
النتائج والتوصيات على النحو التالي :
أولاً :
نتائج البحث :
من
خلال استقراء صفحات البحث نخلص إلى أهم نتائج البحث ، وبيان أهم هذه النتائج
بإيجاز على النحو الآتي :
1. معنى الولاية العامة في اللغة هو
الإمارة والسلطة والسيطرة والإمرة، في حين أن معنى الولاية في الفقه الإسلامي هو
سلطة شرعية لشخص في إدارة شأن ما وتنفيذ إرادته في هذا الشأن على الغير, وهذه
الولاية يجب أن تكون فيها سيطرة وسلطة للآمر بحيث يكون أمره الذي لايرد والنهي
الملزم وأن يستقل السلطان وحده بذلك .
2. مصطلح الولاية العامة لا وجود له في
الوقت الحاضر في الدستور أو القوانين النافذة هو والمصطلح المقابل لمصطلح (الولاية
العامة) في الوقت الحاضر في الدستور والقوانين النافذة هو مصطلح (السلطة العامة)
أو (الوظيفة العامة) أو (الخدمة العامة).
3. تتنوع الولاية العامة إلى ولايات كثيرة
منها الولاية العظمى ( رئاسة الدولة ) ووزارة التفويض (رئيس الوزراء) ووزارة
التنفيذ (الحقيبة الوزارية) والإمارة (رؤساء المصالح) والهيئات ومحافظوا المحافظات
ومدراء المديريات وكذا ولاية القضاء وولاية المظالم (القضاء الإداري) وولاية الحسبة (النيابة
العامة) وولاية الصدقات (مصلحة الواجبات) وولاية الجهاد (وزارة الدفاع) وولاية
الحج وولاية الصلوات (وزارة الأوقاف والحج والإرشاد) .
4. اتفق الفقهاء على جواز تولي المرأة
الوظائف العامة العادية (الولاية العامة ) التي ليس فيها إمرة أو سيطرة كالكتبة
والإداريين..الخ وكذا جواز عمل المرأة طبيبة أو صيدلة أو معلمة وما في حكمها إذا
كانت المرأة تقوم بهذه الوظائف لحساب النساء أو لمصلحتهن ، وكذلك اتفق الفقهاء على
جواز تولي المرأة الوظائف العامة القيادية التي فيها إمرة وسيطرة وسلطة إذا كانت
خاصة بالنساء كأن تكون المرأة مديرة مدرسة بنات أو مديرة لمستشفى خاصة بالنساء
وهكذا .
5. اختلف الفقهاء بشأن تولي المرأة للوظائف
العادية التي تقوم فيها المرأة بخدمة الرجال والنساء معاً أو بخدمة الرجال فقط ،
كذلك اختلف الفقهاء بشأن تولي المرأة الوظائف القيادية التي تتولى فيها المرأة
رئاسة أو إدارة الرجال والنساء معاً أو الرجال فقط ، فمن الفقهاء من ذهب إلى جواز
تولي المرأة لجميع الوظائف العامة سواء كانت عادية أو قيادية وسواء كانت خاصة
بالنساء أو مشتركة بين الرجال والنساء حتى لو كانت خاصة بالرجال، في حين ذهب فقهاء
آخرون إلى عدم جواز تولي المرأة الوظائف العامة التي تتعامل فيها المرأة مع الرجال
والنساء معاً وسواء كانت هذه الوظائف عادية أم قيادية، في حين ذهب فريق ثالث من
الفقهاء
إلى جواز ولاية المرأة للوظائف العامة كافة عدا رئاسة الدولة (الإمامة العظمى)
وكذا نائب رئيس الدولة ورئيس الوزراء ومحافظ المحافظة ومدير المديرية، وذهب فريق
رابع إلى جواز ولاية المرأة الوظائف العامة كافة عدا( الولاية العظمى) رئيس الدولة،
ولكل فريق من الفقهاء أدلته على النحو المبين تفصيلاً في متن البحث .
6. يجيز الدستور اليمني والقوانين اليمنية
ذات الصلة بالوظائف العامة كقانون الانتخابات العامة وقانون الخدمة المدنية وقانون
الخدمة العسكرية وقانون هيئة الشرطة وقانون السلطة القضائية وقانون السلك
الدبلوماسي يجيز الدستور وهذه القوانين السابق ذكرها للمرأة أن تتولى الوظائف
العامة كافة بدون استثناء إلا أن هناك ظروف سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية
تحول دون تولي المرأة للوظائف العامة بصورة متساوية مع أخيها الرجل أو بحسب نسبة
عدد النساء من عدد السكان لاسيما الوظائف العامة العليا في الدولة .
ثانياً
: توصيات البحث:
من خلال استقراء صفحات
البحث ونتائجه فان الباحث يوصي بالآتي :
1. تخصيص حصص للمرأة في الوظائف العامة
(الولاية العامة ) وذلك بنسبة معينة لا تقل
عن 30% من الوظائف واعتماد نظام الحصص هذا ضمن الدستور والقوانين ذات الصلة
بالوظائف العامة كقانون الانتخابات وقانون السلطة المحلية وقانون الخدمة المدنية
وقانون الخدمة العسكرية وقانون هيئة الشرطة وقانون السلك الدبلوماسي وكذا اعتماد
حصة لا تقل
عن 30% من عضوية المجالس واللجان المنصوص عليها في القوانين المختلف والتي تتولى إعداد
الخطط والبرامج والسياسات العامة، لأن النصوص الدستورية والقانونية التي تكفل
للمرأة شغل تلك الوظائف العامة المختلفة عاجزة عن تمكين المرأة من شغل تلك الوظائف
طالما وهناك ظروف سياسية وثقافية واجتماعية واقتصادية وغيرها تعيق النساء عن شغل
تلك الوظائف العامة، فعن طريق نظام تخصيص حصص للنساء من الوظائف العامة استطاعت
دول كثيرة مشابهة لليمن في ظروفها تجاوز تلك الظروف حيث تمكنت المرأة في تلك الدول
من شغل وظائف عامة رفيعة كثيرة .
2. إعداد مشروع قانون خاص بالمرأة يتضمن
الأحكام العامة لحقوق المرأة بما في ذلك حقها في العمل والوظائف العامة ، لأن
القوانين الحقوقية المختلفة تصاغ باسلوب ذكوري وفقاً لقواعد اللغة العربية حيث
تتضمن هذه القوانين مصطلح (موظف) ولا تتضمن مصطلح (موظفة) وهكذا بالنسبة لمصطلح
(رئيس ونائب وقاضٍ وعقيد ومقدم ووزير ووكيل ومدير وهكذا ) حيث يستغل بعض المعنيين هذه
الصياغة في تعطيل حق المرأة في شغل بعض الوظائف .
3. نشر هذه الدراسة والتوعية بها واعتمادها
ضمن المواد التدريبية والتوعوية في الندوات والدورات وحلقات النقاش والورش التوعوية
والتدريبية .
والحمد لله في البدء والختام والصلاة
والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الكرام .
|
|
قائمة أهم مصادر البحث ومراجعه
1- القرآن الكريم .
2- المدخل الفقهي العام للشيخ مصطفى
الزرقاء .
3- حقوق الإنسان وحرياته الإنسانية – د.
عبد الكريم الشيشاني .
4- الولاية على النفس – د. صالح الجبوري .
5- ولاية المرأة – د. غالب عبدالكافي
القرشي .
6- الأحكام السلطانية- للإمام الماوردي .
7- الأحكام السلطانية للإمام الفراء .
8- تفسير الطبري للإمام ابن جرير الطبري .
9- الإسلام واتجاه المسلمة المعاصرة - الشيخ محمد البهي .
10-فتح
الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني .
11-
سنن الترمذي .
12-
نظام الحكم – ظافر القاسمي .
13-
الحركات النسائية وصلتها بالاستعمار – محمد عطيه خميس .
14-
الولاية العامة للمرأة – د. محمد القضاة .
(1) لسان العرب مادة (أمر)
(2) المدخل الفقهي
العام الشيخ/ مصطفى الزرقاء 2/804
(3) حقوق
الإنسان وحرياته الأساسية/ عبد الكريم الشيشاني صــ 689 ـــ
(4) الولاية على
النفس /صالح الجبوري صــ 32 ـــ
(1) المدخل الفقهي الشيخ/ مصطفى
الزرقاء 2/ 805 , وكذا ولاية المرأة للدكتور/ غالب القرشي ص ــ 41 ـــ
(2) المرجع السابق 2/805
(1) الأحكام السلطانية للماوردي
صــ5 ـــ
(2) الأحكام السلطانية للفـــراء
صــ19 ـــ
(3) الأحكام السلطانية للماوردي
صــ 22 ـــ
(2) المرجع السابق صـــ 70 ـــ
(3.) المرجع السابق صـــ 240 ـــ
(1) ولاية المرأة د. غالب عبد
الكافي القرشي صــ 41 ـــ
(1) سورة النساء الآية (34)
(1) سورة البقرة - الاية رقم (228)
(2) تفسير الطبري – 4/534
(3) سورة النساء - الاية رقم (32)
(4) حقوق الانسان /د. عبد الكريم الشيشاني – ص 69
(5) سورة الاحزاب – الاية رقم (32)
(1) سنن الترمذي – 9/119 ، سنن
النسائي -7/200
(2) الإسلام وفقه المسلمة المعاصرة / محمد البهي – ص 49 ــــ
(3) نظام الحكم / ظافر القاسمي –
ص 341
(4) سنن الترمذي -3/361
(5) البخاري / شرح فت الباري – 1/ 405
(6) المرأة في القران ولسنة/ محمد عزة دروزة صــ 49 ــ
(1) صحيح البخاري / شرح فتح الباري – 1/416
(2) الحركات النسائية وصلتها
بالاستعمار / محمد عطية خميس – ص 114
(1) الولاية العامة للمرأة / د. محمد القضاة – ص 112
(2) سورة التوبة الآية (71)
(3) سورة آل عمران - (36)
(1) سورة الزخرف الآية رقم (18)