التقاضي الإلكتروني وإمكانية تطبيقه في اليمن

 

التقاضي الإلكتروني وإمكانية تطبيقه في اليمن


أ.د.عبد المؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء

التقاضي الإلكتروني من أهم مظاهر تطوير القضاء في اليمن، وقد قامت وزارة العدل بإيجاد بعض تقنيات ومستلزمات التقاضي الإلكتروني كمشروع الربط الشبكي بين الوزارة والمحاكم وكذا بعض تقنيات التقاضي الإلكتروني التي تم إدخالها في المحكمة الإدارية والمحكمة الجزائية المتخصصة، وسوف نشير إلى هذا الموضوع في المطالب الآتية:

المطلب الأول: ماهية التقاضي الإلكتروني.

المطلب الثاني: متطلبات التقاضي الإلكتروني.

المطلب الثالث: مزايا وعيوب التقاضي الإلكتروني.

المطلب الرابع: إجراءات التقاضي الإلكتروني.

المطلب الخامس: تجارب بعض الدول في التقاضي الإلكتروني.

المطلب السادس: إمكانية التقاضي الإلكتروني.

المطلب الأول

ماهية التقاضي الإلكتروني


يرتبط مفهوم التقاضي الإلكتروني ارتباطاً وثيقاً بمفهوم المحكمة الالكترونية حيث ظهر هذا المصطلح مع ظهور وسائل التطور التكنولوجي لا سيما الانترنت ويمكن ان يدل احدهما على الاخر فتارة تسمى المحكمة الالكترونية وتارة اخرى التقاضي الالكتروني أو التقاضي عن بعد
وتقترب فكرة التقاضي الالكتروني من فكرة الحكومة الالكترونية التي تعني الانتقال من تقديم الخدمات والمعلومات الى الاشخاص بشكلها التقليدي الورقي الى الشكل الالكتروني عبر الانترنت فهي عبارة عن تطوير لأداء نظام القضاء وهي بلا شك وسيلة فاعلة للتطوير من خلال اختصار الزمن ،على اعتبار ان التأجيل واجراءات التقاضي المعقدة والطويلة نسبياً هي آفة القضاء اليوم وتذهب الدكتورة نهى الجلاء إلى  تعريف التقاضي الإلكتروني بأنه عملية نقل مستندات التقاضي الكترونياً الى المحكمة عبر البريد الالكتروني حيث يتم فحص هذه المستندات بواسطة الموظف المختص واصدار قرار بشأنها بالقبول او الرفض وارسال اشعار الى المتقاضي يفيده علماً بما تم بشأن هذه المستندات، وهذا التعريف غير شامل حيث أنه قاصر على عملية نقل مستندات التقاضي الكترونياً الى المحكمة المختصة فقط دون اجراءات التقاضي الاخرى وهذا غير دقيق. في حين عرف بعض المختصين  المحكمة الالكترونية او المحكمة المعلوماتية بأنها حيز تقني معلوماتي ثنائي الوجود يسمح ببرمجة الدعوى الالكترونية فهو يتألف من شبكة الرابط الدولية  الى مبنى المحكمة بحيث يتيح الظهور المكاني الالكتروني لوحدات قضائية وادارية يباشر من خلاله مجموعة من القضاة مهمة النظر في الدعاوي والفصل فيها بموجب تشريعات تخولهم مباشرة الاجراءات القضائية مع اعتماد آليات تقنية  لتدوين الاجراءات القضائية وحفظ وتداول ملفات الدعاوى، ويذهب حازم الشرعة إلى تعريف التقاضي الالكتروني تعريفاً آخر بانه سلطة لمجموعة متخصصة من القضاة بنظر الدعوى ومباشرة الاجراءات القضائية بوسائل الكترونية مستحدثة ضمن نظام او انظمة قضائية معلوماتية متكاملة الاطراف والوسائل تعتمد منهج تقنية شبكة الرابط الدولية الانترنت وبرامج الملفات الحاسوبية الالكترونية بنظر الدعاوي والفصل بها وتنفيذ الاحكام بغية الوصول لفصل سريع بالدعاوي والتسهيل على المتقاضين ، والواضح من هذا التعريف انه اسهب في بيان مفهوم التقاضي الالكتروني واجراءاته وكان من الافضل لو كان  التعريف مختصراً فيشمل مفهوم التقاضي الالكتروني ويبين معناه، ويذهب د. أسعد منديل إلى تعريف التقاضي الإلكتروني بأنه ((سلطة المحكمة القضائية المختصة بالفصل الكترونياً بالنزاع المنظور امامها من خلال شبكة الربط الدولية (الانترنت) وبالاعتماد على انظمة الكترونية وأليات تقنية بهدف سرعة الفصل بالخصومات والتسهيل على المتخاصمين)) ومن هذا التعريف يتضح ان فكرة التقاضي الالكتروني تقوم على ربط المحاكم ضمن دائرة الكترونية واحدة وهذا يستلزم ابتداءً حوسبة عمل كل محكمة قضائية على حدة وربطهما معاً لتؤدي عملها عبر الوسائل الالكترونية ولتقوم قواعد البيانات مقام الوثائق والملفات الورقية على نحو يتيح سرعة الوصول الى المعلومات وسرعة استرجاعها والربط فيما بينها، ومما لاشك فيه ان هذه الفكرة لا يمكن ان تبصر النور مالم يتم تعديل قانوني الاجراءات والمرافعات، بنصوص قانونية  تمنح القضاة سلطة النظر بالدعاوي واصدار الاحكام القضائية بناءً على اجراءات تقاضي الكترونية، لان التقاضي الالكتروني يتطلب انشاء وتصميم وبرمجة نظام قضائي معلوماتي يشمل إنشاء مواقع الكترونية تقدم خدمات ادارية وقضائية بالإضافة لقاعات محاكمة مجهزة بخطوط الاتصال والحواسيب والبرامج التي تمكن القضاة من الاطلاع على المعلومات عند نظر الدعاوي واعلان الخصوم واطلاعهم على الإجراءات القضائية حسبما ذكر الدكتور اسعد منديل في  بحثه (التقاضي عن بعد ص3)

 

 

 

المطلب الثاني
متطلبات التقاضي الإلكتروني

ويمكن الإشارة إلى هذه المتطلبات الفنية ووسائل الإلكترونية لبرامج التقاضي الإلكتروني وذلك في البندين الآتيين:
أولاً: المتطلبات الفنية للتقاضي الإلكتروني:
1- الحاسب الالي: 
وهو جهاز الكتروني يتعامل مع المعلومات والبيانات بتحليلها وبرمجتها واظهارها وحفظها وارسالها وتسلمها بواسطة برامج وانظمة معلومات الكترونية.
2-شبكات الاجهزة والمعدات الحاسوبية:
يجب انشاء شبكة داخلية من خلال ربط مجموعة من الحاسبات الصغيرة او الكبيرة التي تتصل فيما بينها بحيث يتم ربط جميع الاقسام والوحدات وقاعات المحكمة ببعضها البعض مما يتيح لكل وحدة على الشبكة الاستفادة من البيانات والمعلومات المتوفرة بالشبكة
3- شبكة الانترنت العالمية:

وهي عبارة عن مجموعة كبيرة من شبكات الحاسوب المرتبطة مع بعضها البعض من خلال وسائل ربط متنوعة كأسلاك او ابراج الاتصال اللاسلكية او الاقمار الصناعية عبر مختلف انحاء العالم ويجري تبادل الملفات بأنواعها عبر الانترنت عن طريق البريد الالكتروني.

4-برامج الحاسوب الالكترونية: 
وهي انظمة او بيانات او تعليمات الكترونية تستخدم لأنشاء المعلومات او ارسالها او تسليمها او معالجتها او تخزينها الكترونياً، لغرض الوصول الى نتائج محددة او انها تعليمات مكتوبة بلغة ما موجهة من جهاز فني متطور ومتعدد الاستخدامات لغرض الوصول الى نتيجة محددة او استغلال معلومة معينة.
5- قواعد البيانات والمعلومات:
وهي عبارة عن مجموعة من الملفات التي ترتبط بعضها البعض برابطة معينة كقاعدة البيانات الخاصة بالمحكمة الاستئنافية مثلاً والتي تشمل اسماء المحاكم القضائية التابعة لها والقضاة العاملين فيها والمعاونين القضائيين والموظفين الاداريين بالإضافة الى ارقام الدعاوى القضائية في كل محكمة وتاريخ تسجيلها.

6-الامكانيات البشرية:
وهي مجموعة من الفنيين المختصين بالمجال الالكتروني الذين يعملون على الاجهزة التقنية ويستخدمون البرامج الالكترونية اللازمة لها علاوة على ذلك يجب على المعنيين من قضاة وموظفي المحكمة والمحامين الحصول على دورات في علوم الحاسوب ونظم الاتصال وبرامج إنشاء المواقع الالكترونية كما ينبغي على المحامين إنشاء مواقع الكترونية باسم مكاتبهم أو تحديد أرقام هواتف باسم مكاتبهم  التي ستمكنهم من تسجيل الدعوى القضائية الكترونياً ومتابعة سيرها والنظر فيها، وقد ذكر هذه المتطلبات الدكتور أسعد منديل في بحثه الموسوم(التقاضي عن بعد ص4)
ثانياً: الحماية التقنية للتقاضي الإلكتروني:

يقصد بالحماية هنا الضمانات التي يتم اتخاذها في مواجهة الخروقات التي يمكن ان تطال ألية عمل المحكمة الالكترونية على اعتبار ان المحكمة تعتمد على حاسبات مرتبطة ببعضها عن طريق شبكات داخلية وترتبط هذه الشبكات بالشبكة العنكبوتية العالمية عن طريق وسائل الاتصال الحديثة، ومن خلال هذه الشبكات يجري تداول بيانات المحكمة ومعلوماتها وهناك خطورة تكمن في قيام غير المعنيين بالاطلاع على هذه المعلومات وخصوصيتها وسرية بعضها
ولا شك أن هناك وسائل للحماية التقنية وهي الآتي:

1- تشفير بيانات المحكمة الإلكترونية ومعلوماتها والتشفير: هو تدبير احترازي يتم اتخاذه لمواجهة محاولات اختراق بيانات المحكمة الإلكترونية و ضمان عدم تسرب البيانات والمعلومات المخزونة الكترونياً الى الغير أو تعديلها اذ يقوم الترميز او التشفير بالحيلولة دون الدخول غير المشروع للغير في الاتصالات والمبادلات التي تتم بين المحكمة الالكترونية والخصوم اطراف الدعوى القضائية ، حيث تكون هناك شفرة عبارة عن رموز غير مفهومة وهذا يؤدي الى الحماية المطلوبة، اما عن آلية التشفير وفكها فهو عملية من عمليات الترميز المعقدة والسرية اذ يتم اتباع معادلات معينة لتغيير شكل البيانات وعدم تمكين الغير من الاطلاع على البيانات وتفسيرها والاستفادة منها حتى وان تمكن من الوصول الى هذه البيانات الا انها تبقى غير مفهوم له و مبهمة لأنه لا يمكن له قراءتها دون فك الشفرة، ولا يستطيع فك الشفرة الا المستقبل للبيانات الذي لديه القدرة على استعادة محتوى الرسالة في صورتها الاصلية قبل التشفير من خلال استخدام عملية عكسية لعملية التشفير تسمى الحل .
2- تأمين سرية البيانات: يقصد بالتأمين توفير الحماية لمحتوى بيانات ومعلومات الدعوى الالكترونية ضد محاولات التغيير او التعديل او التزوير خلال مراحل تبادل المذكرات والعرائض والوثائق الكترونياً مع ضمان التحقق من شخصية المرسل للمحافظة على سرية البيانات والمعلومات المتعلقة بأطراف الدعوى القضائية الالكترونية وهذا ما يمنع الغير من الحصول على تفاصيل الدعوى القضائية الالكترونية الا من خلال أطرافها، اذ تتولى الشركة الفنية المختصة القائمة على ادارة التقاضي الالكتروني تحديد الاشخاص المخولين بالدخول الى نظام المعلومات وتسجيل الدعاوي القضائية والاطلاع عليها كالقضاة والمحامين والخبراء واطراف الدعوى وموظفي المحكمة وذلك بتزويد هؤلاء باسم مستخدم وكلمة مرور خاصة بكل منهم لكي يتمكنوا من الاطلاع على ادق التفاصيل في دعواهم وهذا النظام يضمن منع الاشخاص غير المرخص لهم من اختراق نظام المعلومات والاطلاع على مستندات الدعوى القضائية ووثائقها (انظر المرجع السابق ص3) .

المطلب الثالث
عيوب التقاضي الإلكتروني ومزاياه

التقاضي الإلكتروني له عيوب ومزايا وبيان ذلك على النحو الآتي:
أولاً: عيوب التقاضي الإلكتروني:

من العيوب التي يمكن ان تظهر عند الاخذ بنظام المحكمة الالكترونية هي:

1-     انتشار الفيروسات في الاجهزة الالكترونية مما قد يؤدي الى اتلاف كل محتويات برامج الحاسوب.
2-ظهور اعمال القرصنة على اجهزة الحاسوب ومحاولات خرق تلك الأجهزة.
3-المساس بضمانات المحاكمة العادلة لان التقاضي الإلكتروني يلغي اهم مبادئ المحاكمة العادلة وهي مبدا علانية المرافعة، فعلانية جلسات المرافعة تعني ان تبقى ابواب قاعة المحكمة مفتوحة امام الجميع ليحضر المرافعة من يشاء من الاشخاص دون تمييز ويكون رقيباً على اعمال السلطة القضائية كما إن ذلك يعطل مبدأ المواجهة والذي يقصد به أن تتم الإجراءات في حضور الخصوم حتى يرى ويسمع كل منهم المرافعات واقوال الشهود وهم جميعاً متساوون في حق تقديم ادلتهم الثبوتية كما ان لكل خصم الحق في مناقشة الادلة التي يتقدم بها خصمه، وفي كل الاحوال فأنه لا يمكن الاستغناء عن مبدئي العلانية والشفوية والمواجهة في المرافعة القضائية فلا يمكن القبول بالاحتكام للحاسوب في اصدار الاحكام او اجراء المحاكمات القضائية في مجال افتراضي بشكل سري وكتابي وغيابي لذلك لابد من التفكير جيداً بإجراءات تضمن هذه المبادئ كأن يتم نقل اجراءات المحاكمة امام المحامين في قاعة تضم شاشة كبيرة للعرض لضمان علانية المحاكمة مثلما هو الحال في المحكمة الجزائية المتخصصة بصنعاء.
 ثانياً: مزايا التقاضي الإلكتروني:
أن نظام التقاضي الإلكتروني يتميز بجملة من المزايا منها ما يأتي:

1- بساطة اجراءات التقاضي واختصار الوقت حيث انه من خلال الحاسب الالي لا حاجة الى لانتقال المحامين أو الخصوم الى المحكمة لحضور جلسات المرافعة والاطلاع على قرارات المحكمة او الحكم الصادر في الدعوى ولا حاجة للسفر من بلد الى اخر لحضور جلسات المرافعة ولا حاجة لانتقال المحضر لإعلان الخصوم ومتابعتهم في مواطنهم كما أنه لا حاجة لحضور المحامين والخصوم إلى المحكمة لتسليم المذكرات القضائية، فالتقاضي الإلكتروني يغلق ابواب التخلف عن حضور جلسات المحاكمة ويقطع الطريق على افتعال الاعذار لكسب الوقت من الخصم المماطل ومن جهة اخرى يقلل التقاضي الإلكتروني من تكدس الدعاوي القضائية ويخفف من الاحتقانات والتوتر والمشاحنات بين الخصوم لاسيما في الدعاوي التجارية والمالية والشخصية.

 

2- رفع مستوى اداء المحاكم، حيث ان نظام المحكمة الالكترونية يجعل سجلات المحكمة اكثر اماناً، لان الوثائق والمستندات الالكترونية اكثر مصداقية من المستندات العادية (الورقية) فمن السهل اكتشاف اي تغيير او تحوير فيها بالإضافة الى سهولة الاطلاع عليها والوصول اليها، كما يساعد نظام المحكمة الالكترونية على التخلص من الارشيف القضائي الورقي الضخم واستبداله بأرشفة الكترونية بسيطة باستعمال اقراص مدمجة ونسخ احتياطية منها تتسع للمعلومات جميعاً ولا تشغل الا حيزاً مكانياً بسيطاً بدلاً من الأرشيف الضخم الذي يشغل اماكن واسعة، وتسمح ألية عمل المحكمة الالكترونية بالتدوين الالكتروني  للدعاوى القضائية وتوثيق ادعاءات الخصوم ودفوعهم بعبارات الخصوم انفسهم دون ادنى تدخل من القاضي او أمين السر في صياغة أقوال الخصوم بالاختصار او الحذف او التعديل مما يكون له الاثر الفاعل في صحة تصور القاضي للدعوى القضائية والوصول الى حكم سريع فيها.

3- يوفر التقاضي الإلكتروني السرية التامة في تداول ملفات الدعوى القضائية والمحافظة على المعلومات والاسرار التي يخشى أطراف الدعوى من افشاءها على العامة.

4- من خلال الاتصال الالكتروني بين المحكمة الالكترونية ونقابة المحامين يتسنى للمحكمة معرفة ما إذا كان المحامي مسجل بالنقابة من عدمه ودرجة الترافع او انه قد الغيت عضويته من النقابة او عضويته معلقة لارتكابه مخالفات.

المطلب الرابع
اجراءات التقاضي الإلكتروني

وسنذكر أولاً إجراءات رفع الدعوى الإلكترونية وثانياً نذكر برمجة الدعوى القضائية الإلكترونية.
أولاً: اجراءات رفع الدعوى الالكترونية:
ذكر الدكتور اسعد منديل هذه الإجراءات فقال اول اجراءات التقاضي التي تمر بها الدعوى القضائية هو تسجيل الدعوى أو قيدها في السجلات الرسمية للمحكمة المختصة بعد دفع الرسوم القضائية، وتسجيل الدعوى القضائية الالكترونية يكون من خلال موقع المحكمة المختصة على شبكة الانترنت الذي يحمل عنوان معين يستطيع من خلاله الخصوم والمحامين الدخول الى النظام وتسجيل الدعاوى القضائية وتسليم الوثائق والمستندات ودفع الرسوم القضائية، حيث يقوم المدعى بإعداد عريضة الدعوى والمدعى عليه بإعداد رده على الدعوى القضائية على قرصين مدمجين (CD) يملكان السعة ذاتها ثم يتم إدخال بيانات هذين القرصين الى البرنامج الحاسوبي ثم يقوم المدعي بتوكيل محامي للدفاع عنه بشكل الكتروني عن طريق الربط الالكتروني مع قلم التوثيق المختص، فيستصدر وكالة بالخصومة بعد ادخال بياناته اللازمة المطلوبة والتأكد من هويته عن طريق الربط الالكتروني مع مديرية الاحوال المدنية المختصة في نطاق مشروع الحكومة الالكترونية، فيطلب منه ادخال رقمه الكودي الذي يحصل عليه من نقابة المحامين وذلك من خلال تفعيل قانون التوقيع الالكتروني والحكومة الالكترونية وبعدها يقوم الحاسوب الرقمي بالتحقق من صحة البيانات والتأكد من هوية مستخدم الموقع ويسمح له بالدخول ويفتح له قائمة لاختيار المحكمة المختصة مدنية كانت او جزائية، ويرفق المحامي بعريضة الدعوى الموقعة الكترونيا منه بريده الالكتروني او رقم هاتفه المحمول لمراسلته الكترونيا وبعد التأكد من كافة المستندات والوثائق المرفقة وتسديد رسوم الدعوى عن طريق النقود الالكترونية او وسائل السداد المتعددة مثل ماستر كارد او فيزا كارد او تحويل بنكي يتم تسجيلها كمحرر الكتروني بالمحكمة المختصة، وخيارات الدفع الالكتروني للرسوم القضائية كثيرة ومتنوعة ولكن المشكلة التي تكمن في تطبيق هذه الطرق هو الكيفية في مراقبة هذه الوسائل ويذكر د.أسعد منديل أنه من الافضل اعداد برنامج الكتروني بجانب برنامج الدعوى يتم فيه ادخال بيانات لقيم الدعاوى ونسبة الرسوم فان استوفى الرسم القانوني بقيمته الصحيحة تظهر البيانات الدالة على ذلك التي تشير الى قيمة الرسم وما تم دفعه وكيفية الدفع واذا لم تدفع الرسوم او كانت الرسوم ناقصة يشعر البرنامج كل من يريد فتح ملف الدعوى بأن هناك خللا يتعلق بقيمة الرسم، وبعد اتمام تسجيل عريضة الدعوى القضائية الكترونيا ودفع الرسوم القضائية عنها يتم إجراء الإعلانات القضائية وتحتل هذه المرحلة اهمية بالغة الخطورة في العمل القضائي لأنه اذا لم تتم الإعلانات بصورة صحيحة يترتب على ذلك البطلان، وفي التقاضي الإلكتروني تتم الإعلانات القضائية بطريقة الكترونية كالإعلان بواسطة البريد الالكتروني أو بواسطة الهاتف الخلوي، ولغرض اتمام عملية الإعلان الالكتروني نكون ازاء احتمالين :
الاول :- هو علم المدعي بالبريد الالكتروني للمدعى عليه : والذي يورده في عريضة دعواه فيقوم الموظف المختص عبر موقع المحكمة الالكتروني بإعلان المدعى عليه بها حيث يتضمن الإعلان رقم الدعوى وتاريخ ومكان انعقاد الجلسة بالإضافة الى الرقم الكودي الموحد الذي يستطيع المدعي من خلاله مطالعة دعواه عن بعد وتبادل المذكرات الكترونيا ومتابعة قرارات المحكمة فيما بعد.

والثاني :- عدم علم المدعي بمحل اقامة المدعى عليه او بريده الالكتروني : في هذه الحالة يقوم موظف قلم المحكمة الالكترونية من خلال الربط الشبكي مع قاعدة بيانات مديرية الاحوال المدنية بطلب الحصول على بيانات المدعى عليه اللازمة للإعلان  مثل محل الإقامة او محل عمله او البريد الالكتروني الخاص به وبعد اجراء الإعلانات القضائية وتحديد ميعاد الجلسة الاولى يأتي بعدها موضوع حضور الخصوم وغيابهم امام المحكمة الالكترونية والاثار القانونية المترتبة على ذلك، فالتقاضي الإلكتروني يوفر مدخلا ومستوعبا ورابطا شبكيا بينهما فالمدخل هو الصفحة الرئيسية لموقع النظام على الانترنت يستطيع الخصوم ووكلائهم وبقية الاشخاص الدخول اليه وتحديد نوع الخدمة او الاجراء المراد تنفيذه، والمستوعب هو وحدات من الاجهزة الادارية والقضائية التي تستقبل المراجعين وبرامج حاسوبية تقوم بعملية التوثيق التقني لكل اجراء، والرابط الشبكي بينهما هو وسيلة التواصل والدخول من صفحات ضمن موقع الكتروني على خط شبكي عالمي إلى خط شبكي حاسوبي مقيد له انظمة حماية معروفة تعتبر جدراناً نارية مانعة من دخول القراصنة والمتطفلين لقواعد البيانات الداخلية الخاصة بالدعاوى، وعليه فلا يشترط الحضور الشخصي للخصوم الى مكان المحكمة حيث يستطيع الخصوم الدخول للمحكمة الالكترونية من اي مكان فيه جهاز حاسوب متصل بشبكة الانترنت بواسطة موقع نظام التقاضي الإلكتروني يستطيع المدعي الحصول على المعلومات المتعلقة بالنظام وكيفية تسجيل الدعاوى بالدخول الى الموقع والاتصال بالموظفين والتحدث معهم لمعرفة تفاصيل عمل النظام وكيفية اقامة الدعاوى القضائية واثبات ما يدعيه المدعي وبعدها يستطيع الحضور والمثول بواسطة الموقع بالدخول الى صفحة القاضي وقاعة المحكمة ليقوم كتبة المواقع الالكترونية بالتأكد من صفته وادخاله الى قاعة المحكمة ليتمكن القاضي من مباشرة الإجراءات القضائية وكذلك الامر بالنسبة للمدعى عليه الحاضر ويتم توثيق هذا الحضور تقنياً، اما بالنسبة إلى المحامين فيستطيعون تمثيل الخصوم من مكاتبهم دون حاجة لحضورهم الى المحكمة في مواعيد الجلسات ويمكنهم تجهيز وتصميم ملفات الكترونية تتضمن عريضة الدعوى والبيانات والوثائق المطلوبة وارسالها الى وحدة تسجيل الدعاوى القضائية وفي حالة طلب اصل الوثائق والادلة المقدمة في الدعوى يستطيع المحامي تأمين ارسالها اما بالحضور الشخصي الى المحكمة او ارسالها بواسطة بريد النظام الذي يعتبر جزءا من وحدة الإعلانات  الالكترونية (التقاضي عن بعد، د. أسعد منديل ص7)

ثانياً: برمجة الدعوى القضائية الالكترونية:                                  
بعد استلام موظف قلم المحكمة الالكترونية عريضة الدعوى ومرفقاتها وتحديد الحاسوب ميعاد الجلسة وتاريخها يحضر قضاة المحكمة المختصة في الميعاد المحدد ويتم فتح الحاسوب على منصة القضاء ومن خلال شبكة الاتصالات الداخلية المتوافرة بالمحكمة والمتصلة بجميع اقسامها يتم ارسال الدعوى الى الحاسوب الخاص بالمحكمة مع كافة المحررات الالكترونية المرسلة والمستقبلة بملف الدعوى الالكتروني، فنظام التقاضي الإلكتروني يضع طريقة جديدة لتقديم بيانات ووثائق ومرفقات الدعوى وتحديد مواعيد الجلسات وتقديم الدفوع ضمن جدول جلسات منتظم ومحدد مسبقا لكل دعوى . وعند حضور اطراف الدعوى ومحاميهم تبدأ المحكمة بسماع اقوال المدعي اولا ثم اقوال المدعى عليه وذلك بإحدى الطرق الثلاثة الأتية :
1
- ان يتحدث الخصم ويقوم أمين السر بإدخال تلك المعلومات على الحاسوب في المحرر الإلكتروني للدعوى وهو اشبه بمحضر الجلسة على ان يتم عرض تلك الدفوع والطلبات على شاشة العرض.
2- ان يتحدث الخصم بواسطة تقنية حديثة تتمثل في استخدام برنامج يسمى (Voice talk) وفيه يقوم الشخص بالتحدث عبر المايك المخصص لذلك ويقوم البرنامج بنقل تلك الاشارات الصوتية وترجمتها الى كلمات تدون في المحرر الالكتروني ويظهر على شاشة العرض الموجودة بقاعة المحكمة .
 -3
بتقديم مستندات الدعوى ووثائقها وبياناتها بشكل الكتروني، ان تدوين إجراءات التقاضي في نظام المحكمة الالكترونية يتم بطرق مختلفة عما يجري في المحاكم القضائية التقليدية حيث يتم تحضير الخصوم وسماع شهادة الشهود الكترونيا وتدون كل الاجراءات تقنيا في ملف الدعوى الالكتروني الذي يكون برنامجا يحتوي على قدرة تخزينية للصوت والصورة بحيث يستطيع القاضي مباشرة المحاكمة الكترونيا من خلال المحضر الالكتروني الذي يظهر فيه صوت وصورة القاضي وصوت وصورة المدعي او وكيله وصوت وصورة المدعى عليه او محاميه وشهادة الشهود وبعد الانتهاء من كل جلسة يقوم أمين السر بحفظ محضر الجلسة، فمحاضر الجلسات الالكترونية عبارة عن عرض سير المحاكمات بالصوت والصورة كما حصلت تماما، اما بالنسبة الى مرفقات عريضة الدعوى ووثائقها ومستنداتها فتحفظ مع ملف الدعوى وتخزن صور المسح الضوئي لها على ملفات معينة كملف ال بي دي اف بحيث يكون ملف الدعوى عبارة عن برنامج يضم قسمين الاول يضم تدوين تقني مسجل بالصوت والصورة لمجريات الجلسات والمحاكمات سواء تمت بالحضور الشخصي للخصوم الى المحكمة من خلال اجهزة الحاسوب وكاميرا الجهاز التي تصور الشخص الحاضر وما يقدمه من طلبات وما يثيره من دفوع او بالحضور بواسطة الموقع الالكتروني، وبعد الانتهاء من كل جلسات المحاكمة يقوم أمين السر بطباعة تلك الجلسات الموثقة بالتسجيل الصوري وحفظها بملفات ورقية كطريقة توثيق اضافية لجلسات المحاكمة القضائية، وعندما توشك المحكمة على تكوين قناعتها بموضوع الدعوى وبعد ان ينتهي الخصوم من تقديم طلباتهم وابداء دفاعهم بحيث تصبح الدعوى صالحة للفصل فيها تقرر المحكمة حجز القضية للحكم لكي يتمكن القضاة اعضاء المحكمة القضائية من الاختلاء بأنفسهم واجراء المداولة الالكترونية فيما بينهم على اعتبار ان كلا منهم لديه نسخة من ملف الدعوى على دعامة الكترونية من خلال صفحات المحكمة الالكترونية الامنة وبعد انتهاء المداولة بين اعضاء المحكمة وتوصلهم الى الرأي النهائي يصدر حكمهم بالاتفاق او بالأغلبية ويتم التوقيع عليه من قبلهم من خلال تفعيل التوقيع الالكتروني على ملف الدعوى القضائية.

وبعد توقيع الحكم من قبل اعضاء المحكمة يتم ايداعه والنطق به ثم خروج الحكم من حوزة المحكمة وارساله الى ادارة المحكمة لغرض ايداع نسخة منه بملف الدعوى لكي يتمكن الخصوم من الاطلاع عليه ثم يقوم موظف قلم المحكمة الالكترونية بإعلان الحكم للخصوم فور صدوره كما يمكن للخصوم الاطلاع عليه بعد صدوره بملف الدعوى الالكتروني بما يضمن الاعلان الشخصي للأحكام وذلك حتى يتمكن الخصوم من الاطلاع عليه والطعن فيه في حالة عدم القبول به من قبل احد الخصوم، وبصدور الحكم القضائي في الدعوى الالكترونية يحوز الحكم حجية الشيء المقضي به ويعتبر عنوان للحقيقة وبعد الحصول على نسخة من الحكم القضائي بالطريقة الالكترونية يصبح الحكم قابلاً للتنفيذ.

 

المبحث الثالث
تجارب التقاضي الإلكتروني في بعض الانظمة القضائية

وسوف نذكر هذه التجارب في كلاً من أمريكا والصين والبرازيل والعراق والإمارات والسعودية، وقد تم ترتيب الدول بحسب تاريخ إدخالها لنظام التقاضي الإلكتروني.
اولاً :- الولايات المتحدة الامريكية :
ترفع الدعوى الكترونيا عبر موقع الكتروني خاص تملكه شركة خاصة يقع مركزها الرئيسي في مدينة سانتا بوبوا بولاية كاليفورنيا وقد بدأت في تشغيل هذا الموقع سنة 1991 ويقدم هذا الموقع العديد من الخدمات الالكترونية حيث يسمح للمحامين والمتقاضين بتقديم مستنداتهم القانونية بطريقة الكترونية وفق منظومة متكاملة كما يساهم هذا الموقع بتقليل كلفة رسوم التقاضي ومصاريفه المبالغ فيها والتخلص من الكميات الهائلة من الاوراق والمستندات المرتبطة بالدعوى والتي تكتض بها قاعات وغرف المحكمة ويسمح للمحاكم بأداء وظيفتها بطريقة اكثر فاعلية كما يوفر هذا الموقع امكانية استلام المستندات في اي وقت يوميا حتى في ايام الاجازات والعطل الرسمية طوال اربع وعشرين ساعة ومن اي مكان عبر شبكة الانترنت.
ثانياً:- الصين:
انشأت الصين وتحديدا في مدينة زيبو في اقليم شاندونج محكمة الكترونية تعتمد على برنامج حاسوبي متطور يقوم هذا البرنامج بحفظ القوانين والانظمة النافذة كافة بالإضافة الى حفظ السوابق القضائية، وتبدأ الدعوى امام المحكمة الالكترونية بإعداد كل من الدفاع والادعاء للدعوى والرد عليها ومطالبهما على قرصين مدمجين (CD) يملكان السعة ذاتها ثم تدخل بيانات هذين القرصين الى البرنامج الحاسوبي لغرض الاحتكام للقاضي الالكتروني الذي يمكنه ان يطلب رأي القاضي البشري بخصوص بعض التفاصيل الخاصة او تلك المتعلقة بالنواحي الانسانية قبل ان يقوم بإصدار الحكم والعقوبات المفروضة.
ثالثاً: سنغافورة :
تأسست عام 2000 اول محكمة الكترونية متخصصة في فض المنازعات المتعلقة بالتجارة الالكترونية على شبكة الانترنت وفيها يقدم الخصم عنوان بريدي وعنوان حقيقي في منزله او شركته وذلك بالتوجه نحو موقع المحكمة وتعبئة الاستمارة الخاصة بتقديم الشكوى واقتراح ما يراه من حل والتعرف على رقم قضيته الكترونيا وبعد استلام المحكمة طلبه ترسل الى الطرف الاخر الذي يدعي ان له حقا عنده وتعلمه خلال ثلاثة ايام بالوقائع المقدمة ضده ويكون له الحق في قبول المثول امام المحكمة او القبول بمليء استمارة مماثلة لاستمارة المدعي فاذا لم يرد خلال فترة معينة تلغى القضية كما يمكنه الرد بالدفاع عن نفسه في فترة من اسبوع الى اربعة اسابيع وبعد استلام المحكمة الالكترونية لرسالة المدعي عليه بالقبول تختار المحكمة الجهة القانونية التي ستقوم بفض النزاع وبعد اعلام الطرفين تبدأ عملية التقاضي وتتم كل الاتصالات عن طريق البريد الالكتروني والمحادثات الالكترونية، علما بأنه لا مانع من لقاء الخصمين امام المحكمة الالكترونية وجها لوجه وتسليم وثائق اضافية وتتضمن المحكمة الالكترونية للطرفين سرية المعلومات المقدمة لها.

رابعاً :- البرازيل :
يقوم النموذج البرازيلي في تطبيق التقاضي الالكتروني على استخدام برنامج حاسوبي يعتمد على الذكاء الاصطناعي يسمى بالقاضي الالكتروني، ويوجد هذا البرنامج على جهاز حاسوب محمول يحمله قاض متجول الهدف منه سرعة المساعدة في تقييم شهادات الشهود وتدقيق الادلة بطريقة علمية في مكان وقوع الجريمة . وقد صمم هذا البرنامج القاضي فالس فيوروزا عضو محكمة الاستئناف العليا في ولاية أسبيريتو سانتو وخضع البرنامج قبل تسويقه لاختبار ثلاثة قضاة في الولاية، ويعد هذا البرنامج جزءا من خطة يطلق عليها ((العدالة على عجلات)) ومن المؤمل ان يسهم هذا البرنامج في تسريع البت في الدعاوى المتراكمة في البرازيل وذلك بالحكم الفوري في الحالات غير المعقدة، علما ان هذا البرنامج الحاسوبي لا يحل محل القضاة الحقيقيين ولكنه يجعل ادائهم اكثر كفاءة .
خامساً:- العراق :
وفر مجلس القضاء العراقي في عام 2008 للمتقاضين خدمة الاستعلام عن بعد وذلك من خلال نظام البريد الالكتروني الذي استخدم اول مرة في محكمة الكاظمية وذلك بالتزامن مع افتتاح عدد اضافي من دور العدالة في العراق واعتماد التكنلوجيا الحديثة في مجال ادارة القضاء . ثم بعدها اعلن المجلس عن اطلاق مشروع الدعوى المدنية الالكترونية بالتعاون مع برنامج الامم المتحدة الانمائي والذي تم تطبيقه بشكل تجريبي في محاكم بغداد والبصرة، ويعد هذا المشروع خطوة مفصلية في طريق تحديث اساليب العمل في المحاكم واجهزة القضاء الاخرى , ويقوم هذا المشروع على نظام نموذجي لسير الدعوى ابتداءاً من تسجيلها ومرورا بجلسات المرافعة فيها والقرارات العادية التي تؤخذ من قبل القاضي خلال سير الدعوى وانتهاءاً بالحكم النهائي وتوثيق هذا الحكم وفقا لأحدث الاساليب الالكترونية . وقد ساعد برنامج الامم المتحدة الانمائي العراق على اطلاق هذا المشروع من خلال تزويده بالأجهزة الالكترونية اللازمة وتدريب الكوادر العراقية الادارية والقضائية والفنية على التعامل مع هذا النظام الالكتروني المتطور، وسيوفر هذا النظام خدمات كثيرة للعاملين بالمجال القضائي وللمواطنين بالإضافة الى المحامين وسيخلق الشفافية بالدعاوى القضائية ويقلل من الازدحام على المحاكم وينظم العمل فيها ويوفر احصائيات دقيقة عن عمل هذه المحاكم وبالتالي يمكن الاعتماد على هذه الاحصائيات في بناء استراتيجيات وخطط مستقبلية لتطوير العمل القضائي بالعراق) التقاضي عن بعد- أسعد منديل ص8) .

 


سادساً: الامارات العربية المتحدة :
لقد اطلقت النيابة العامة بأمارة دبي من خلال موقعها الإلكتروني www.dxbpp.gov.aeالنظام الالكتروني لشكاوي المتقاضين واجراءات التقاضي، وهذا النظام عبارة عن موقع على الانترنت يستطيع من خلاله المستخدم الحصول على المعلومات المتوافرة باستمرار عن الدعاوى المعروضة على المحاكم في دبي كما يستطيع المحاميين والمواطنين من تقديم الطلبات المختلفة المتعلقة بالدعاوى، فيستطيع المحامي ارسال عريضة الدعوى مباشرة الى القسم المسؤول عن تسجيل الدعاوى ودفع الرسوم عن طريق وسائل الدفع الإلكترونية، كما بإمكان الخصوم متابعة الدعاوى الخاصة بهم ومعرفة وقائع الجلسات بعد الانتهاء منها دون الحاجة لمراجعة المحامين للحصول على معلومات منهم ويقدم هذا النظام خدمات قانونية اخرى منها خدمة البحث عن التشريعات والاحكام والتي تعتبر مكتبة قانونية الكترونية قائمة بحد ذاتها، فيستطيع المستخدم الحصول على القوانين والتشريعات النافذة في دبي وفي عموم الامارات العربية المتحدة وكذلك احكام محكمة الاستئناف والتمييز الاماراتية .
سابعاً: المملكة العربية السعودية :
تعتبر محكمة جدة اول محكمة في المملكة العربية السعودية تعمل بنظام التقاضي الالكتروني باستخدام النظام الشامل ابتداء من تسجيل الدعوى القضائية واجراء الإعلان الالكتروني وانتهاء بإصدار الحكم القضائي وتقوم المحكمة باستلام عريضة الدعوى من خلال دخول المدعي الى موقع المحكمة لتسجيلها الكترونيا ثم تتابع سير اجراءات التقاضي في المحكمة الكترونيا وتنتهي بإصدار الحكم في اخر جلسة، وفي مجال القضاء الاداري فقد تم اطلاق البوابة الالكترونية لديوان المظالم التي تقدم مجموعة من الخدمات الالكترونية والتي منها (نافذة المعرفة) وهي عبارة عن قاعدة بيانات تحتوي على الانظمة واللوائح والقرارات وغيرها مما يحتاج اليه القاضي والمحامي والخصوم للاستناد اليها في الدعاوي المنظورة او الاستفادة منها اثناء الترافع الالكتروني وربطها بالسوابق القضائية والمبادئ التي استقر عليها قضاء الديوان.

المطلب السادس

إمكانية التقاضي الإلكتروني في اليمن

من خلال مطالعة ما ورد في المطالب السابقة نجد أن التقاضي الإلكتروني يسهل الوصول إلى العدالة ويبسط إجراءات التقاضي إضافة إلى أنه يقلل من المصاريف والتكاليف ويوفر الجهد والوقت والمال، إلا أن الدول التي ارتادت هذا المجال كانت تتدرج في تطبيقه ، حيث يتم تطبيقه في بعض المحاكم، ثم يتسع مجال تطبيقه بحسب النجاحات التي تحرزها المحاكم التي تطبقه، ولذلك ينبغي أن يكون هذا الأمر محل اعتبار عندما تتجه اليمن إلى تطوير قضائها، كما أن بعض الدول التي أرتادت هذا المجال لم تقم بتطبيق التقاضي الإلكتروني دفعة واحدة حيث بدأت في تطبيقه في بعض مجالات التقاضي، وهذا الأمر ينبغي مراعاته عند التفكير بتطبيق التقاضي الإلكتروني في اليمن، كما ينبغي التفكير فيما يتعلق بالتعديلات القانونية التي يستدعيها  تطبيق التقاضي الإلكتروني بالإضافة إلى كيفية المعالجة التشريعية لمبدأ العلنية والشفوية ومبدا المواجهة عند تطبيق التقاضي الإلكتروني.

ولذلك فإنه من الممكن تطبيق التقاضي الإلكتروني في اليمن على النحو الآتي:

أولاً: تطبيق التقاضي الإلكتروني في مجال الإعلانات القضائية:

حيث يمكن تطبيق التقاضي الإلكتروني في مجال الإعلانات القضائية في كل محاكم الجمهورية لأن ذلك لا يتطلب سوى وجود عنوان الكتروني أو موطن الكتروني للشخص المراد إعلانه أو رقم هاتفه الخلوي، كما أنه لا يترتب على الإعلان الإلكتروني التأثير على شفوية المرافعات وعلانيتها أو مبدأ المواجهة ، ولكن ذلك يستدعي تعديل المادة (29) مرافعات التي حددت بأن الإعلان يتم بواسطة المحضر أو صاحب الشأن وذلك بإضافة عبارة (أو بواسطة الرسائل الهاتفية أو الإيميل وكذا تعديل المادة (42) التي أوجبت أن يعرض المحضر أو صاحب الشأن أوراق الإعلان على الخصم أينما وجد وذلك بإضافة عبارة (ويجوز أن يتم الإعلان بواسطة الرسائل الهاتفية أو الإيميل)، ومن وجهة نظرنا أنه ينبغي المسارعة في تطبيق التقاضي الإلكتروني بالنسبة للإعلانات القضائية لأنها كثيرة في النظام الإجرائي اليمني ولأنها سوف يترتب على تطبيقها الكترونياً توفير الجهد والوقت والمال ومعالجة ظاهرة بطء إجراءات التقاضي ففي بداية الدعوى لابد من إعلانيين صحيحين وعندما يغيب المدعى عليه يتم إعلانه وعند التأجيل لا بد من إعلان...الخ، فالإعلانات القضائية التقليدية عبء ثقيل على القضاء والخصوم والوطن.

ثانياً: تطبيق التقاضي الإلكتروني في محكمتين نموذجيتين:

بالإضافة إلى تطبيق الإعلانات القضائية الإلكترونية على النحو المبين في الفقرة السابقة فإنه يمكن تطبيق التقاضي الإلكتروني بمفهومه العام السابق بيانه في المطالب السابقة على مستوى محكمتين نموذجيتين لقلة الكلفة وسهولة المراقبة والمتابعة لهذه التجربة وسهولة تقييمها وتقويمها ومعالجة أي اختلالات قد تظهر في اثناء التطبيق، وحتى يكون هذا التطبيق نموذجاً تتم الاستفادة منه في المحاكم الأخرى بصورة تدريجية.

ثالثاً: إعداد المحاكم عامة للتقاضي الإلكتروني:

في المطالب السابقة تناولنا كيفية التقاضي الإلكتروني ومتطلباته وعيوبه ومزاياه، ومن خلال ذلك ظهر لنا بجلاء تام المتطلبات التشريعية والتقنية لتطبيق التقاضي الإلكتروني، ولذلك لا بد من إعداد المحاكم كافة وتهيئتها بحسب الإمكانيات المتاحة لتطبيق التقاضي الإلكتروني، لأن التقاضي مستقبلاً لن يتم إلا الكترونياً وهذا من المسلمات التي لا جدال فيها بالإضافة إلى أن عملية إعداد المحاكم وتهيئتها وتوفير متطلبات ومستلزمات التقاضي الإلكتروني سوف تستغرق وقتاً، كما أن تطبيق إجراءات التقاضي الإلكتروني ينبغي أن تقوم المحاكم بتطبيقها بأسلوب متدرج بحسب الإمكانيات والظروف المتاحة، ولذلك ينبغي على من يعتزم تطوير القضاء وإصلاحه أن يبدأ من الآن في الإعداد والتهيئة للتقاضي الإلكتروني وأبسطها إنشاء مواقع الكترونية في المحاكم لإجراءات التقاضي من إعلانات وصحف دعوى الكترونية وغيرها والبدء في تطبيق بعضها بالتدريج.