التلازم بين ايداع الكفالة والتقرير بالطعن
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
يقوم
بعض الأشخاص بإيداع كفالة الطعن بالنقض في الميعاد المقرر لتقديم الطعن ويظن أن هذا الإجراء كافٍ في قطع ميعاد الطعن
بالنقض ثم يقوم في وقت لاحق بعد انقضاء الميعاد بإيداع تقرير الطعن بالنقض او
عريضة الطعن، في حين ان قانون الاجراءات قد قرر ان يتم تقديم تقرير الطعن بالنقض
وسند ايداع الكفالة معا وفي وقت واحد اي أنه ينبغي ان يتلازم إيداع الكفالة مع
إيداع تقرير الطعن بالنقض،وهذه المسالة تستحق الاشارة اليها في سياق التعليق على الحكم الصادر عن الدائرة
الجزائية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 19/12/2012م (46497) وتتلخص
وقائع القضية التي تناولها هذا الحكم ان الطاعن بالنقض قام بسداد كفالة الطعن في
الميعاد المقرر قانوناً وبعد فوات هذا الميعاد قام بإيداع تقرير الطعن بالنقض،
وعند رفع الطعن إلى المحكمة العليا، قضت الدائرة الجزائية بعدم قبول الطعن شكلاً
لفوات ميعاده، وقد ورد في أسباب حكم المحكمة العليا (بعد الاطلاع على ملف القضية
وسماع تقرير القاضي عضو الدائرة تبين عدم قبول الطعن شكلاً لتقديمه بعد فوات
ميعاده القانوني المقرر لما ظهر من ان الحكم المطعون فيه قد صدر حضورياً بتاريخ
16/10/2010م وسدد الطاعن كفالة الطعن بتاريخ 10/11/2010م إلا انه لم يقدم أسباب
الطعن إلا في تاريخ 25/12/2010م ولما كان الامر كذلك وكان المقرر قانوناً أن تسديد
كفالة الطعن وإيداع تقرير الطعن ومذكرة
اسبابه خلال الميعاد المقرر ،فان ذلك يدل على ان
الطعن قد تم تقديمه بعد فوات ميعاده ،فلا يكفي لحفظ الحق في الطعن إيداع
الكفالة فقط لان ذلك يخالف المادتين (437 ، 438) إجراءات مما يتعين معه رفض الطعن
شكلاً) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الاتية :
الوجه الأول : تقرير الطاعن بالطعن بالنقض :
وقد تناولت ذلك المادة (437) إجراءات التي نصت
على انه (يتم الطعن بالنقض بتقرير في دائرة كتاب المحكمة التي اصدرت الحكم المطعون
فيه أو المحكمة العليا خلال اربعين يوماً من تاريخ النطق بالحكم) ومن خلال مطالعة
هذا النص نجد انه قد اوجب هذا الإجراء وأوجب تمامه خلال مدة الطعن (40) يوماً
،ويتم التقرير بالطعن في بعض الاحيان بعد النطق بالحكم الاستئنافي حيث تدون عبارة
(وقد قيد المحكوم عليه طعنه بالحكم) وهذا التقرير غير مقبول قانونا الا اذا ارفق
الطاعن بتقريره سند قبض كفالة الطعن كما قد يتم التقرير بمذكرة يقدمها المحكوم
عليه لاحقا بعد النطق بالحكم بمدة على
النحو المبين في المادة السابقة، والتقرير بالطعن بالنقض هو أول اجراء من إجراءات
الطعن بالنقض بل انه اهم اجراء من هذه الإجراءات ومع ذلك فلا يتم قبول التقرير
بالطعن بالنقض إلا أذا ارفق الطاعن بالتقرير ما يدل على قيامه بإيداع مبلغ الكفالة
وهو (500) ريالاً.
الوجه الثاني : إيداع كفالة الطاعن بالنقض :
وهو إيداع مبلغ (500
ريالاً) خزينة المحكمة التي يتم تقديم تقرير الطعن اليها، والإيداع لكفالة إجرائي
وجوبي لقبول التقرير بالطعن بالنقض فلا يتم قبول التقرير إلا اذا تم ارفاق السند
او ما يدل على إيداع مبلغ الكفالة، وفي هذا المعنى نصت المادة (438) إجراءات على
أنه (اذا لم يكن الطعن مقدماً من النيابة العامة أو من المحكوم عليه بعقوبة سالبة
للحرية يجب لقبوله ان يودع رافعه خزينة المحكمة التي اصدرت الحكم مبلغ (500) ريال
على سبيل الكفالة مالم يكن قد تم اعفاؤه من هذا الإيداع وفقاً للقانون ولا تقبل
دائرة الكتاب تقرير الطعن إلا اذا كان مصحوباً بما يدل على إيداع الكفالة أو
الاعفاء منها).
الوجه الثالث : الوجوب والتلازم بين التقرير بالطعن وإيداع الكفالة :
من خلال المطالعة
للمادتين (437 و 438) إجراءات السابق ذكرهما نجد ان هناك تلازم فيما بين إيداع
كفالة الطعن والتقرير بالطعن وأن احدهما لا يغني عن الاخر ،لان القانون قد اشترط
صراحة ان يتم ارفاق سند إيداع الكفالة بمذكرة التقرير بالطعن، ولذلك فقد لاحظنا أن
الحكم محل تعليقنا قد رفض الطعن بالنقض شكلاً حينما تم إيداع تقرير الطعن بعد فوات
ميعاد مع ان الطاعن كان قد اودع مبلغ كفالة الطعن في الميعاد من غير ان يقوم في ذلك
الوقت بايداع تقرير الطعن بالنقض، لان القانون يشترط أن يكون سند إيداع الكفالة
ضمن متطلبات قبول التقرير بالطعن أي أن يتم تقديمها في وقت واحد حسبما صرح الحكم
محل تعليقنا، والله اعلم.