وقت الحصول على الشهادة السلبية بعدم التوقيع
على الحكم
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صناء
من
خلال المطالعة لكثير من الأحكام القضائية الجزائية نجد ان طعونا كثيرة لا يتم
قبولها شكلاً لعدم حصول الخصوم على الشهادة السلبية التي تثبت عدم تحرير الحكم
والتوقيع عليه في الميعاد اللازم لذلك، وقد تناول هذه المسألة الحكم الصادر عن
الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 22/11/2017م في الطعن
رقم (59735) وتتلخص وقائع القضية التي تناولها هذا الحكم ان الطاعن لم يقم بقيد
طعنه في الميعاد وظل منتظرا لتحرير نسخة الحكم حتى يحصل منها فيقدم الطعن ولم يحصل
على الشهادة السلبية الا بعد مضي المدة المقررة لتقديم الطعن لأنه كان يظن أنه ليس
هناك ميعاد محدد للحصول على الشهادة السلبية حيث قام بالحصول على الشهادة واستلم
نسخة من الحكم وقد الطعن في يوم واحد بعد مضي أكثر من مائة يوما من تاريخ النطق
بالحكم،وقد ذكر الطاعن انه لم يتمكن من الحصول على نسخة من الحكم المطعون فيه خلال مدة الأربعين يوماً
التالية للنطق بالحكم بسبب عدم طباعة الحكم والتوقيع عليه في هذه المدة، وذكر الطاعن
ان حصل على الشهادة السلبية بعد مدة الأربعين يوماً وفي التاريخ ذاته الذي استلم
فيه نسخة الحكم المطعون فيه للاستدلال بها على عدم تحرير نسخة الحكم والتوقيع
عليها الا في ذلك التاريخ الذي قدم فيه عريضة الطعن ايضا، إلا أن الدائرة
الجزائية رفضت الطعن شكلاً، وقد ورد في أسباب حكم المحكمة العليا (حيث تبين
للدائرة ان الطاعن لم يحصل على الشهادة السلبية إلا في تاريخ استلامه لنسخة من
الحكم الاستئنافي حيث أودع عريضة الطعن بالنقض في التاريخ ذاته وحيث ان المادة
(375) إجراءات قد نصت على انه على دائرة الكتاب ان تعطي صاحب الشأن بناءً على طلبه
شهادة بعدم توقيع الحكم في الميعاد المذكور، وحيث استقر قضاء الدوائر الجزائية على
ان يتم حصول الطاعن على الشهادة السلبية في المدة المحددة قانوناً بأربعين يوماً،
ولما كان حصول الطاعن على تلك الشهادة قد تم بعد المدة القانونية أي بعد مدة مائة
وثمانية وستين يوماً من تاريخ النطق بالحكم ولذلك فان الطعن يكون غير مقبول شكلاً
لتقديمه بعد انقضاء الميعاد المقرر قانوناً) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب
ماهو مبين في الأوجه الأتية :
الوجه
الأول : ماهية الشهادة السلبية بعدم التوقيع على الحكم :
هي وثيقة
صادرة عن قلم الكتاب في المحكمة التي نطقت بالحكم المطعون فيه تتضمن الافادة بان الحكم المطعون فيه لم
يتم التوقيع عليه حتى يوم صدور الشهادة السلبية، ولم يشترط القانون في الشهادة أية
شروط سوى ان تكون مكتوبة وان تكون رسمية تصح نسبتها إلى قلم الكتاب أو دائرة
الكتاب وان يتم التوقيع عليها من المختصين في دائرة كتاب المحكمة ويفضل ان تكون
ممهورة بخاتم المحكمة، وفي كثير من المحاكم في اليمن وخارجها تصدر هذه الشهادة على
نموذج خاص منعاً للاختلاف والاجتهاد في هذا الشأن (المرصفاوي في قانون الإجراءات
الجزائية، استاذنا الدكتور حسن صادق المرصفاوي، صـ990).
الوجه
الثاني : الغرض من الحصول على الشهادة السلبية بعدم التوقيع على الحكم:
حدد
القانون آجالا محددة للطعن بالأحكام يجب
على الخصوم احترامها باعتبارها من النظام العام، وفي حالات كثيرة لاسيما في اليمن
لا يتم تحرير الحكم في الميعاد المحدد للطعن او لا يتم التوقيع عليه خلال ميعاد
الطعن، وحتى لا يفوت على الطعن حقه في الطعن بسبب عدم تحرير نسخة الحكم التوقيع
عليها في الميعاد فقد قرر القانون احقية الطاعن في الحصول على شهادة سلبية تفيد
انه لم يتم التوقيع على الحكم حتى يوم صدورها، وبناءً على ذلك فان الشهادة السلبية
وسيلة إثبات ان الحكم لم يتم اعداده او تحريره او توقيعه حتى تاريخ صدور الشهادة
السلبيةحتي يتمسك الحاصل على الشهادة السلبية لاحقا لاحتساب بدء ميعاد الطعن من
تاريخ استلامه لنسخة من الحكم فعندئذ يبدأ الميعاد من تاريخ استلام نسخة الحكم وليس من تاريخ النطق بالحكم ،طبعا
هذا في القانون اليمني أما في القانون المصري فقد استقر قضا محكمة النقض على أن
الغرض من هذه الشهادة هو اثبات مخالفة
الحكم القانون وبطلانه لعدم التوقيع عليه في الميعاد .
الوجه
الثاني : التاريخ الواجب صدور الشهادة السلبية فيه وتاثيرها على ميعاد الطعن:
صرح
الحكم محل تعليقنا بانه قد استقر قضاء المحكمة العليا على وجوب صدور الشهادة
السلبية خلال المدة المقررة للطعن وان صدورها بعد ذلك التاريخ يجعلها غير مقبولة،
لأنه ينبغي على الطاعن مراجعة دائرة الكتاب خلال المدة المقررة قانوناً للطعن
للتأكد من صدور الحكم المطلوب الطعن فيه من عدمه فترك الطاعن لمراجعة دائرة قلم
الكتاب خلال هذه المدة للحصول على الشهادة
دليل على تفريط الطاعن في حقه او تقاعسه،ولذلك لايقبل طعنه في هذه الحالة
لأنه يترتب على الحصول على الشهادة السلبية في الميعاد المقرر قانونا للطعن اثبات
احقية الطاعن في احتساب ميعاد الطعن بدءا من تاريخ استلامه للحكم الذي يتم في تاريخ لاحق لتاريخ الحصول على الشهادة
السلبية،فالشهادة السلبية عبارة عن مسوغ قانوني لاحتساب بداية ميعاد الطعن من
تاريخ استلام نسخة من الحكم وليس من تاريخ النطق بالحكم.
الوجه
الرابع : جزاء عدم تحرير نسخة الحكم في الميعاد المحدد قانوناً :
حددت
المادة (375) إجراءات انه ينبغي ان يتم تحرير نسخة الحكم الأصلية خلال مدة خمسة
عشر يوماً من تاريخ النطق بالحكم، وقد استقر القضاء في اليمن على انه لا يترتب على
مخالفة ذلك بطلان الحكم، لان جزاء البطلان سوف يلحق الضرر بالخصوم من غير جريرة
،فليس من العدل تحميل الخصوم نتيجة اهمال القاضي في تحرير نسخة الحكم الأصليةفي
الميعاد، اما قانون الإجراءات المصري فالظاهر انه قد جعل الجزاء هو بطلان الحكم
لان الهدف من الشهادة السلبية في القضاء المصري هو إثبات بطلان الحكم لعدم التوقيع
عليه في الميعاد المقرر. حسبما سبق بيانه.
الوجه
الخامس : ظاهرة عدم تحرير الأحكام في الميعاد المقرر قانوناً وتأثيرها في إطالة
إجراءات التقاضي :
من
أهم اسباب ظاهرة إطالة إجراءات التقاضي في اليمن هو عدم تحرير نسخ الأحكام الأصلية
في الميعاد المقرر لذلك سواء في قانون الإجراءات أو قانون المرافعات، ولذلك فان
هيئة التفتيش القضائي قد اصدرت تعميماً بإعداد محصل الشجار قبل حجز القضية للحكم
لان عدم اعداد المحصل وهو الجزء الغالب من نسخة الحكم يؤدي إلى عدم تحرير الأحكام
في المواعيد المحددة لذلك (15 يوماً بالنسبة للأحكام الجزائية و 30 يوماً بالنسبة
للأحكام المدنية والتجارية والشخصية والادارية)، والله اعلم.
الاسعدي للطباعة ت : 772877717