حقوق اللاجئين - دراسة فقهية قانونية



حقوق اللاجئين


دراسة فقهية قانونية



                                                     أ.د. عبد المؤمن عبد القادر شجاع الدين

                                      الأستاذ رئيس قسم الفقه المقارن

                 كلية الشريعة والقانون –جامعة صنعاء-اليمن


مقدمة:

الحمد لله  وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه أجمعين: أما بعد:

فإن هذه المقدمة تشتمل على مشكلة البحث وفروضه وتساؤلاته ومناهج البحث وتقسيماته، وذلك على النحو الآتي:

أولاً: مشكلة البحث:

تتمثل مشكلة البحث في أن حقوق اللاجئين في الفقه الإسلامي والقانون اليمني والقانون الدولي غير مستقرة في أذهان غالبية المعنيين مع أهمية هذا الموضوع لكثرة اللجوء من وإلى اليمن، ويرجع ذلك إلى الفروض الآتية:

1-        تناثر مفردات هذا الموضوع في قوانين يمنية عدة وكذا في أتفاقيات دولية وكذا في مراجع ومصادر شتى.

2-                      إختلاف معالجة هذه المشكلة في القوانين الوطنية والإتفاقيات الدولية.

3-        نظرة غالبية المواطنين إلى حقوق اللاجئين على أنها من قبيل أعمال البر والإحسان وليست من قبيل الواجبات الشرعية على الموسرين، وهي حقوق شرعية ثابتة اللاجئين

ثانياً: تساؤلات البحث:

يثير البحث في هذا الموضوع تساؤلات عدة أهمها:

1-                      من هم اللاجئون؟ وما الفرق بينهم وبين المشردين والنازحين والمهاجرين؟

2-        ما هي أحكام اللاجئين؟ وما هي حقوقهم المنصوص عليها في الفقه الإسلامي والقانون الوطني والدولي؟

3-                      ما هي أسباب اللجوء؟ 

4-                      هل يتمكن اللاجئون من الحصول على حقوقهم المكفولة شرعاً وقانوناً؟

5-                      ما هي التوصيات المناسبة لتمكين اللاجئين من حقوقهم؟

ثالثاً: مناهج البحث:

استعمل الباحث المنهج الوصفي والمنهج الاستقرائي، إضافة إلى المنهج التحليلي والمقارن بحسب مقتضيات البحث واحتياجاته.

رابعا: تقسيمات البحث:

يتكون البحث من مقدمة و مبحثين وخاتمة وبيان ذلك كما يأتي:

المقدمة: وتشتمل على مشكلة البحث وفروضه وتساؤلاته ومناهجه وتقسيماته

المبحث الأول: ماهية اللاجئين: ويشتمل على التعريف باللاجئين وبيان الفرق بينهم وبين غيرهم مع ذكر أسباب اللجوء.

المبحث الثاني: حقوق اللاجئين: ويشتمل على حقوق اللاجئين كل حق حدة في الشريعة والقانون اليمني والدولي.

المبحث الأول

 ماهية اللاجئين

ويتكون هذا المبحث من المطالب الآتية:

المطلب الأول: تعريف اللاجئين.

المطلب الثاني: أسباب اللجوء.

المطلب الثالث: الفرق بين اللاجئين والنازحين.

المطلب الأول

تعريف اللاجئين

ونذكر أولاً التعريف اللغوي للاجئين ثم نذكر (ثانياً) تعريف اللاجئين في الفقه الاسلامي و(ثالثاً) نذكر تعريف اللاجئين في القانون الدولي العام.

أولاً: التعريف اللغوي للاجئين:

 كلمة اللاجئين مصدرها الفعل لَجَأَ إِلى الشيء والمَكان يَلْجَأُ لَجْأً، ولُجُوءاً ومَلْجَأً ولَجِئَ لَجَأً والْتَجَأَ وأَلْجأْتُ أَمْري إِلى اللّه أَسْنَدتُ، وفي حديث كَعْب رضي اللّه عنه مَن دَخَل في ديوان المُسلِمِين ثمَ تَلجَّأَ منهم فقد خَرج من قُبَّة الإِسْلامِ([1]) يقال لَجَأْتُ إِلى فلان، وعنه والتَجَأْتُ وتَلجَّأْتُ إِذا اسْتَنَدْتَ إِليه واعْتَضَدْتَ به أَو عَدَلْتَ عنه إِلى غيره كأَنه إِشارةٌ إِلى الخُروج والانْفراد عن المسلمِين، واَلْجَأَه إِلى الشيءِ اضْطَرَّه إِليه وأَلْجَأَه عَصَمه والتَّلْجِئةُ الإِكْراهُ، قال أَبو الهيثم التَّلْجِئةُ أَنْ يُلْجئَكَ أَن تَأْتِيَ أَمْراً باطِنُه خِلافُ ظاهره، وذلِكَ مِثْلُ إِشْهادٍ على أَمْرٍ ظاهِرُه خِلافُ باطِنِه، وفي حديث النُّعْمانِ بن بَشِير هذا تَلْجِئةٌ فأَشْهِدْ عليه غَيْرِي([2])، التَلْجِئة تَفْعِلة من الإِلْجَاءِ كأَنه قد أَلْجَأَكَ إِلى أَنْ تَأْتِيَ أَمراً باطِنُه خلافُ ظاهره وأَحْوَجَك إِلى أَن تَفْعَل فِعلاً تَكْرَهُه، وكان بشير قد أَفْرَدَ ابنَه النُّعمانَ بشيءٍ دون إِخوته حَمَلتْه عليه أُمُّه، والمَلْجَأُ واللَّجَأُ المَعْقِلُ والجمع أَلْجاءٌ ويقالُ أَلْجَأْتُ فلاناً إِلى الشيءِ إِذا حَصَّنْته في مَلْجإٍ ولَجَإٍ والْتَجَأْتُ إليه الْتِجاءً([3]).

ثانياً: تعريف اللاجئين في الفقه الاسلامي:

 لا يختلف التعريف الفقهي للاجئين عن التعريف اللغوي، حيث وردت في القرآن الكريم ألفاظ تتفق في مدلولها مع لفظ اللاجئين، مثل لفظ الاستجارة في قوله تعالى (وان احد من المشركين استجارك) ولفظ الاضطرار في قوله تعالى (فمن اضطر في فمخصمة) وقوله تعالى (فمن اضطر غير باغ ولا عاد) وعلى هذا فأن اللاجئين  في الشريعة الإسلامية هم الأشخاص الذين يضطرون لأي سبب إلى مغادرة دولهم الأصلية إلى دول أخرى ([4]).

ثالثاً: تعريف اللاجئين في القانون الدولي:

عرفت اتفاقية اللجوء الصادرة عام 1951م في مادتها الأولى اللاجئ بأنه: أي شخص يوجد نتيجة لأحداث وقعت قبل الأول من كانون الثاني سنة 1951م وبسبب تخوف له ما يبرره من التعرض لاضطهاده لأسباب ترجع إلى عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه لفئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية خارج دولة جنسيته وغير قادر أو لا يريد بسبب ذلك التخوف أن يستظل بحماية دولته، أو هو كل شخص لا يتمتع بجنسية ويوجد خارج دولة إقامته المعتادة بسبب تلك الظروف ولا يستطيع أو غير راغب بسبب هذا التخوف أن يعود إلى تلك الدولة، وكان مدلول هذا التعريف قاصراً على اللاجئين في أوروبا فقط وتحديداً قبل 1951م، لان الحرب العالمية الثانية التي انتهت عام 1945م كانت اغلب عملياتها قد حدثت في أوروبا وأسفرت عن آثار خطيرة منها ملايين اللاجئين، إلا انه بعد صدور اتفاقية اللجوء عام 1951م حدثت الثورات ضد الاستعمار الأوروبي في قارات آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ونشبت في هذه القارات حروب وصراعات عسكرية أدت إلى لجوء ملايين البشر مما استدعى تعديل تعريف اللاجئين حتى يشمل اللاجئين في العالم وليس  في أوروبا فقط وكي يشمل اللاجئين في أي وقت وليس قبل 1951م فقط، ولذلك فقد صدر البروتوكول الخاص باللاجئين عام 1967م الذي كان هدفه الرئيس إعادة صياغة تعريف اللاجئين بحيث يكون عاماً وشاملاً من حيث الزمان والمكان وإضافة أسباب أخرى للجوء، لان اتفاقية 1951م كانت قد قصرت سبب اللجوء على الاضطهاد بسبب الدين أو الجنس أو العرق أو الجنسية أو الآراء السياسية أو الانتماء لفئة معينة، وبموجب بروتوكول 1967م فقد صار مفهوم اللاجئين  واسعاً.

وبموجب الاتفاقية العربية بشأن اللاجئين في البلدان العربية 1994م واتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية بشأن اللاجئين 1969م فقد تم إضافة أسباب لجوء أخرى حيث اتسع مفهوم اللاجئين حيث شمل أيضاً الأشخاص المجبرين على البحث عن الملجأ خارج بلادهم الأصلية، أو بلد الجنسية بسبب العدوان الخارجي أو الاحتلال أو السيطرة الأجنبية أو الأحداث التي تضع النظام العام في خطر في كل أو بعض هذه البلاد([5]).

 

المطلب الثاني

أسباب اللجوء

ونذكر أولاً أسباب اللجوء في القانون الدولي ثم نذكر تلك الأسباب في الشريعة الإسلامية

أولاً: أسباب اللجوء في القانون الدولي:
وقد وردت في اتفاقية الأمم المتحدة بخصوص اللاجئين عام 1951 وبروتوكول الأمم المتحدة بشأن الملجأ الإقليمي عام 1967م أسباب اللجوء التي تميز اللاجئين عن غيرهم وهي:

1-      الخوف: وهو حالة نفسية تحدث لدى اللاجئ وتدفعه إلى الهروب من دولته إلى دولة أخرى يشعر فيها بالأمان، ويجب ان يكون لهذا الخوف ما يبرره أي أن يكون معقولاً، والمعيار هناك موضوعي وليس شخصي، فقد يحدث الخوف لشخص معين نتيجة مرض أو سوء تقدير منه لظروفه أو ظروف دولته، كما أن اتفاقية اللجوء قصرت الخوف على الخوف من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية،  وتبعاً لذلك إذا كان سبب الخوف لا يرجع إلى هذه الأسباب، فلا يكون فعل الشخص لجوءً ولا تنطبق عليه أحكام اللاجئين وحقوقهم، ومع أن اتفاقية اللجوء قد قصرت الخوف على الأسباب السابق ذكرها إلى انه المتفق عليه انطباق وصف اللاجئ على الأشخاص الذي يكون سبب خوفهم العدوان الأجنبي لدولهم أو احتلالها أو السيطرة عليها أو أحداث الشغب والصراع المسلح ([6])، وعلى هذا الأساس فأن مجرد خوف الإنسان من تعرضه للاضطهاد أو التعذيب للأسباب السابق ذكرها يجعل وصف اللاجئ ينطبق عليه ولو لم يقع الاضطهاد أو التعذيب بالفعل، ومن وجهة نظر الباحث فأنه ينبغي أن يكون الخوف حقيقياً له ما يبرره.

2-      الاضطهاد: المقصود بالاضطهاد هو وقوع الاضطهاد بالفعل وليس الخوف منه، ويقع الاضطهاد أما عن طريق تعذيب الأشخاص تعذيباً مادياً أو نفسياً أو حرمانهم من حقوقهم الإنسانية أو اعتقالهم أو حبسهم بدون حق أو مصادرة أملاكهم والاستيلاء عليها أو إقصائهم من أعمالهم أو وظائفهم أو الاعتداء عليهم أو على ذويهم بأي نوع من أنواع الاعتداء، ويتحقق الاضطهاد بتحريض الناس على بعض الأشخاص أو الفئات أو الجماعات، كما أن أي انتهاك لحقوق الإنسان التي نصت عليها الإعلانات والمواثيق الدولية يعد اضطهاداً.

3-      التمييز بسبب العرق والدين والرأي السياسي: والمقصود بالتمييز هو معاملة الأشخاص معاملة مختلفة فيما يتعلق بحقوقهم والفرص المتاحة لهم شريطة أن يكون الباعث على هذا التمييز هو العرق أو الدين أو الانتماء أو الرأي السياسي مما يولد شعوراً بالظلم، ومن المناسب الإشارة إلى معنى مصطلحات التمييز والعرق والدين من وجهة نظر الاتفاقيات الدولية، وذلك على النحو الآتي:

أ‌-       معنى العرق: انتماء الشخص أو الأشخاص إلى فئة اجتماعية متميزة بصفات شخصية معينة تشكل أقلية ضمن مجموعة من السكان ( ([7].

ب‌-                معنى الدين :هو المعتقد الذي يعتنقه الإنسان.

ت‌-      الانتماء إلى جماعة سياسية: هو انتماء الشخص أو الأشخاص إلى جماعات أو فئات تنعدم الثقة فيما بينها وبين النظام   السياسي الحاكم، مما يعرضها للملاحقة والاضطهاد.

ث‌-      الرأي السياسي: هو اعتناق شخص أو أشخاص لأراء سياسية مخالفة لما يعتقده النظام السياسي الحاكم.

4-      أسباب اللجوء الأخرى التي قررتها الاتفاقيات الدولية الأخرى ([8])، حيث تضمنت هذه الاتفاقيات بنوداً تبسط الحماية للأشخاص الذين تدفعهم للجوء أسباب مشابهة لأسباب التعذيب والاضطهاد والتمييز، ومن هذه الأسباب المشابهة العدوان الخارجي والاحتلال والسيطرة الأجنبية والأحداث التي تضع النظام العام في خطر في كل أو بعض البلاد، وبيان هذه الأسباب على الوجه الأتي:

أ‌-       العدوان الخارجي: وهو العمليات العسكرية والحربية التي تقوم بها دولة على دولة أخرى، ومن الاعتيادي أن يدفع هذا العدوان كثيراً من الأشخاص إلى مغادرة بلدانهم الأصلية.

ب‌-      احتلال دولة لدولة أخرى: وهذا الاحتلال قد يكون للدولة كلها أو لأجزاء منها، وهذا سبب دافع لبعض الأشخاص لمغادرة بلدانهم الأصلية.

ت‌-      السيطرة الأجنبية: وهي سيطرة دولة على دولة أخرى بحيث تحكمها بقراراتها كلها أو بعضها، وهذا يفضي إلى مغادرة بعض الأشخاص لبلدانهم بسبب هذه السيطرة.

ث‌-      الأحداث التي تهدد النظام العام في الدولة: وهذا السبب عام تندرج ضمنه إعمال الشغب والاضطرابات، وهذه الأحداث تدفع بعض الأشخاص إلى مغادرة بلدانهم  الأصلية.

ويذهب الدكتور أبو الوفاء إلى أن أسباب اللجوء ينبغي أن تكون بواعثها سياسية.

ثانياً: أسباب اللجوء في الشريعة الإسلامية:

تتلخص هذه الأسباب في الأتي:

1-      هجرة المسلم من دولة لا يستطيع إقامة الشعائر فيها: فمن لم يتمكن من إقامة شعائر الإسلام فيجب عليه أن يهاجر من الدولة التي يقيم فيها إلى الدولة التي يستطيع أن يقيم شعائر الإسلام فيها([9])، وقد دل على ذلك قوله تعالى (ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة).

2-      فرار الأشخاص من بلدانهم الأصلية خوفاً على حياتهم أو أعراضهم أو أموالهم، فإذا خشي الشخص على نفسه من الهلاك أو على عضوه من التلف، فيجب عليه عندئذ أن يخرج من بلده إلى بلد أخر يأمن فيه على نفسه، فحفظ النفس واجب في الشريعة الإسلامية لأنها من مقاصد الشريعة، وكذلك الحال بالنسبة لمن خاف على عرضه  من الانتهاك أو على ماله من السلب أو العبث، فالمال والعرض من مقاصد الشريعة وكلياتها وحفظهما واجب.

3-      الفرار من البلاد التي ينتشر فيها الوباء: لأنه يترتب على بقاء الشخص في الأرض الموبؤة هلاك  نفسه أو تلف عضو من أعضائه، والشريعة أمرت وأوجبت حفظ الأنفس والأعضاء ([10]).

المطلب الثالث

الفرق بين اللاجئين والنازحين والمهاجرين

النازحون جمع نازح، والنازح هو الغائب عن بلاده غيبة بعيدة، فيقال نزح الرجل عن بلاده أي رحل عنها أو انتقل منها، وهذه الكلمة مشتقة من مصدرها وهو الفعل الثلاثي (نزح) ومشتقاته ينزح نزوحاً فهو نازح. ([11])

ومن المصطلحات المرادفة لمصطلح (النازحين) مصطلح (المشردين) والمشردون جمع مشرد وشريد، والشريد هو الطريد الذي يجبر على الفرار ([12])، ومن ذلك قوله تعالى (فشرد بهم من خلفهم) ([13])

ومن خلال ما تقدم يظهر أن كلمة (النازحين) في اللغة تطلق على عامة الأشخاص الذين ينتقلون من مكان إقامتهم في وطنهم إلى مكان أخر في نطاق وطنهم بصرف النظر عن الباعث على النزوح فقد يكون الفرار من الحروب والصراعات والكوارث، وقد يكون النزوح لمجرد تحسين مستوى المعيشة أو الدخل أو غير ذلك،أما كلمة (الشاردين) أو (المشردين) فهي لا تطلق في اللغة إلا على الأشخاص الذين طردوا أو اجبروا على ترك أماكن إقامتهم أو فروا منها خوفاً على سلامتهم أو حياتهم نتيجة لصراعات أو كوارث ([14])،وتبعاً لذلك فمصطلح (المشردين) في اللغة العربية أكثر دقة من مصطلح (النازحين)، وقد أخذ بمصطلح (المشردين) تعريف هيئة الأمم المتحدة للنازحين، إلا انه قد شاع وانتشر بين الباحثين المعاصرين إطلاق  مصطلح (النازحين) على الأشخاص الذين تجبرهم الحروب والصراعات والاضطهاد والكوارث على ترك مناطقهم الأصلية والانتقال إلى مناطق أخرى داخل الدولة، ومن وجهة نظر الباحث فأن عزوف الباحثين المعاصرين عن استعمال مصطلح (المشردين) والاخذ بمصطلح (النازحين) يرجع الى ان مصطلح (المشردين) يطلق في العصر الراهن على الأشخاص الذين يفترشون الشوارع ولا مأوى لهم.

أما  القوانين اليمنية فلم تتعرض لتعريف النازحين او بيان حقوقهم، ولحداثة هذا المصطلح فلم نقف على تعريف النازحين في الفقه القانوني، أما الاتفاقيات والوثائق الدولية فتعرف النازحين بأنهم (الأشخاص أو مجموعات الأشخاص الذين أرغموا أو اضطروا إلى الفرار أو إلى ترك منازلهم أو أماكن إقامتهم المعتادة وبصفة خاصة بسبب أو رغبة في تجنب أثار النزاع المسلح أو مواقف العنف العام أو انتهاكات حقوق الإنسان أو الكوارث الطبيعية أو التي من صنع الإنسان والذين لم يعبروا الحدود الدولية المعترف بها لإحدى الدول)([15])

وهذا التعريف الدولي للنازحين جامع ومانع إذ أنه يبين بوضوح المقصود بالنازحين ويبين الفروق بين النازحين  اللاجئين الذين يجبروا او يضطروا الى عبور حدود الدول وينتقلون من دولة إلى أخرى كما هو الحال بالنسبة للاجئين إلى اليمن من رعايا دول القرن الإفريقي أو العكس، كما أن هذا التعريف يبين الفرق بين (النازحين) وبين المهاجرين داخل الدول من غير إجبار او اضطرار كالهجرة من الريف إلى المدينة أو الهجرات الموسمية لبعض الأشخاص داخل الدولة بحثاً عن فرص العمل وغير ذلك.

وعلى هذا الأساس فلا ينطبق التعريف الدولي للنازحين إلا على الأشخاص الذين اجبروا أو اضطروا إلى ترك أماكن إقامتهم والانتقال إلى مناطق أخرى داخل دولته ذاتها بسبب النزاعات المسلحة والحروب والكوارث الطبيعية او الاضطهاد او بسبب إقامة المشاريع الكبيرة كالسدود الضخمة او تحويل مجاري الأنهار التي تغمر مساحات واسعة من الأرض.

ومن خلال ما تقدم تظهر الفروق بين اللاجئين والنازحين والمهاجرين، فيتفق اللاجئون والنازحون في ان تركهم لبلدانهم من غير اختيار منهم في حين أن المهاجرين يختارون الهجرة والانتقال برضاهم، ولكن الفارق الجوهري بين النازحين واللاجئين هو أن النازحين يتركون منطقة من دولتهم إلى منطقة أخرى في حين آن اللاجئين يغادروا دولهم إلى دول أخرى.

المبحث الثاني

حقوق اللاجئين

المرجع في تقرير وتحديد حقوق اللاجئين هي اتفاقية اللجوء الصادرة عام 1951م التي تضمنت هذه الحقوق، وقد صدر في اليمن القرار الجمهوري بالقانون رقم (24) لسنة 1978م بالموافقة على انضمام اليمن إلى اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1951م وبروتوكول 1997م بشأن حماية اللاجئين، وبموجب ذلك أنظمت اليمن إلى الاتفاقية والبروتوكول في 8 يناير 1980م دون أية تحفظات، وهذا يعني التزام اليمن بالوفاء بكافة حقوق اللاجئين المنصوص عليها في الاتفاقية والبروتوكول  لاسيما وهما لا يخالفا الشريعة الإسلامية ([16])، ومن اشكاليات تطبيق القرار الجمهوري السابق ذكره القول بأن هذا القرار بالقانون شطري أي صادر عن الشطر الشمالي لليمن قبل الوحدة فهو غير ملزم الا للشطر الشمالي لان اندماج اليمن بشطريه في دولة واحدة (الجمهورية اليمنية) قد ترتب عليه وجود شخص دولي جديد يختلف عن الشطرين الشمالي والجنوبي، ولا شك ان هذا الفهم غير صحيح لان مبدأ الاستخلاف القانون الدولي يجعل دولة الخلف مسئولة عن كافة التزامات الدولة أو الدول التي خلفتها.  

وسنعرض حقوق اللاجئين كل حق على حدة وفي أثناء ذلك نبين موقف القانون الدولي والقانون اليمني والشريعة الإسلامية من كل حق على حدة، وذلك على الوجه الأتي:

الحق الأول

عدم ملاحقة اللاجئين لدخولهم الدولة بطريقة غير قانونية

في حالات كثيرة يضطر اللاجئون إلى عبور حدود بلدانهم الأصلية ودخولهم دول أخرى بطريقة غير قانونية من غير تأشيرات أو بدون أذن دخول بل ويتم الدخول من غير المنافذ الرسمية المحددة لدخول الدولة، ودخول الدول من غير أذن ومن غير المنافذ المحددة يعد جريمة طبقاً لقانون دخول الأجانب وإقامتهم في اليمن، إلا أن اللاجئين يضطرون إلى دخول الدول خلسة، ولذلك جاء حق اللاجئين في عدم الملاحقة لهم بسبب دخولهم إلى الدولة بصورة غير قانونية، ومفهوم عدم الملاحقة عام يشمل ملاحقة أجهزة الضبط كالشرطة وخفر السواحل، وكذا أجهزة التحقيق كالنيابة العامة، بالإضافة إلى الملاحقة القضائية أمام المحاكم الجزائية وكذا عدم الملاحقة الإدارية من قبل الجهة الإدارية المختصة كمصلحة الجوازات والهجرة، وسوف نبين هذا الحق في القانون الدولي والقانون اليمني والشريعة الإسلامية وذلك على النحو الأتي:

أولاً: حق اللاجئين في عدم ملاحقتهم أو مسائلتهم لدخولهم الدول بصورة غير مشروعة في القانون الدولي:

وفي هذا الشأن نصت المادة (31) من اتفاقية اللجوء الصادرة عام 1951م على ان (تمتنع الدول المتعاقدة عن فرض عقوبات جزائية بسبب دخول لاجئين، أو وجودهم غير القانوني، كما تمتنع الدول المتعاقدة عن فرض قيود غير ضرورية على تنقلات اللاجئين)، فبموجب هذا النص يجب على الدول أن تسمح للاجئين بدخول أراضيها حتى من غير المنافذ القانونية المحددة لدخول أراضيها، كما يجب على الدول ألا تفرض عليهم عقوبات لدخولهم أراضيها  بصورة غير قانونية كما على الدول ألا تمنعهم من التنقل داخل أراضي الدول التي لجاؤا إليها ([17]).

ثانياً: حق اللاجئين في عدم الملاحقة في القانون اليمني:

نظم القانون رقم (47) لسنة 1991م بشأن دخول وإقامة الأجانب ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الجمهوري رقم (4) لسنة 1994م دخول وإقامة الأجانب في اليمن، فقد نصت المادة (3) من هذا القانون على انه لا يجوز للأجنبي دخول اليمن إلا إذا كان حاصلاً على جواز سفر ساري المفعول يخول لصاحبه حق العودة إلى بلده، كما نصت المادة (6) من ذلك القانون على انه لا يجوز لأجنبي دخول اليمن أو الخروج منها إلا من الأماكن التي يحددها وزير الداخلية، ونصت المادة (45) من هذا القانون على جواز القبض على من يدخل اليمن بدون أذن ووضعه تحت الحراسة، إلا أن المادة (38)  حددت الفئات المعفية من تطبيق هذا القانون ومن ضمن ذلك ما ورد في الفقرة (4) وهم ( المعفون بموجب اتفاقيات دولية تكون اليمن طرفاً فيها في حدود تلك الاتفاقيات) ([18]) وقد ذكرنا سابقاً ان اليمن قد وافقت وانضمت إلى اتفاقية اللجوء1951م وهذه الاتفاقية قررت عدم ملاحقة اللاجئين لدخولهم الدول بصورة غير قانونية، وعلى هذا الأساس فأن حق عدم ملاحقة اللاجئين لدخولهم الدول بصورة غير قانونية مكفول في القانون اليمني.

ثالثاً: حق اللاجئين في عدم الملاحقة في الشريعة الإسلامية:

وهذا الحق مكفول أيضاً في الشريعة الإسلامية التي قررت حماية النفس البشرية وإجارة المستجير ونجدة الملهوف، كما أن اللاجئين مضطرون لمغادرة دولهم ومضطرون أيضاً لدخول الدول الأخرى بدون إذن خلافاً للقوانين،  والمضطر في الشريعة الإسلامية مستثنى عملاً بقوله تعالى: (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه) ([19]).

الحق الثاني

حق اللاجئين في السكن

 السكن هو المكان الذي يستطيع فيه الإنسان أن يأمن على نفسه ويسكن إليه ويجد الراحة فيه،وهناك شروط في السكن منها ان يكون في مكان يأمن فيه اللاجئ على نفسه وان يكون صحياً تتوفر فيه الشروط الصحية وان يحفظ خصوصية اللاجئ وان يكون مقفلاً يستطيع فيه اللاجئ ان يختلي بنفسه أو بأهله، وتختلف شروط السكن بإختلاف الظروف والأحوال والإمكانيات سوء كانت الظروف هذه متعلقة باللاجئين أو بأمكانيات الدولة التي لجاء إليها اللاجئون أو المحافظة أو المكان الذي نزل فيه اللاجئون، حيث يجب على الدول ان توفر السكن او المأوى المناسب للاجئين بحسب ظروف وإمكانيات  الدول وظروف اللاجئين، فقد يكون هذا السكن فردياً كما قد يكون جماعياً كالمخيمات، وحق اللاجئين في السكن من اهم حقوق اللاجئين حيث انه من الضروريات فهو يحمي اللاجئين من الحر والبرد ولسع الهوام والحشرات،  والحق في السكن مكفول في القانون الدولي والوطني وكذا في الشريعة الإسلامية، وبيان ذلك على الوجه الآتي:

أولاً: حق اللاجئين في السكن في القانون الدولي:

بينت ذلك المادة (21) من اتفاقية اللجوء حيث نصت هذه المادة على انه (فيما يخص الإسكان، وبقدر ما يكون هذا الموضوع خاضعا للقوانين أو الأنظمة أو خاضعا لإشراف السلطات العامة، تمنح الدول المتعاقدة اللاجئين المقيمين بصورة نظامية في إقليمها أفضل معاملة ممكنة، علي ألا تكون في أي حال أقل رعاية من تلك الممنوحة للأجانب عامة في نفس الظروف)([20]).

ثانياً: حق اللاجئين في السكن في القانون اليمني:

 تنص المادة (6) من الدستور اليمني على أن (تؤكد الدولة العمل بميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق جامعة الدول العربية وقواعد القانون الدولي)([21]) ولاشك أن اتفاقية اللجوء 1951م وبرتوكول 1967م يعد من قواعد القانون الدولي التي نص الدستور على العمل بها، كما أنه قد سبق القول بأن اليمن قد صادقت وأنضمت إلى الإتفاقية المشار إليهما التي كفلت حق اللاجئين في السكن.

ثالثاً: حق اللاجئين في السكن في الشريعة الإسلامية:

 حق اللاجئين في السكن مكفول في الشريعة الإسلامية، فعندما لجأ المسلمون من مكة إلى المدينة اقطع رسول الله دور المدينة للمهاجرين حيث نزل المهاجرون في مساكن أخوانهم الأنصار، وعقد النبي صلى الله عليه وسلم نظام المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار([22])، وقد مدح الله سبحانه وتعالى صنيع الأنصار هذا بقوله تعالى(والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون)([23]).

كما أن السكن من ضروريات الحياة إذ لا يستطيع الإنسان العيش بدونه، والضروريات الدولة الإسلامية مسئولة عن توفيرها لرعاياها وضيوفهم ومن يضطر إلى اللجوء إليها والإقامة فيها، إضافة إلى أن الشريعة الإسلامية قد أمرت بالوفاء بالعهود والمواثيق وذلك ثابت في نصوص كثيرة ومن ذلك قوله تعالى(وأوفوا بالعقود) وقوله تعالى (وأوفوا بالعهد) ولا ريب أن اتفاقية  اللجوء والبروتوكول الملحق بها يندرجا ضمن هذه المواثيق والعهود التي يجب على الدول والشعوب الإسلامية الوفاء بها.

الحق الثالث

حق اللاجئين في العمل

ومفهوم هذا الحق أن تضمن الدولة التي لجأ إليها اللاجئون حقهم  في العمل في مجال تخصصهم حتى يتمكن اللاجئون من الحصول على مصدر رزق دائم، سواء أكان العمل لدى الدولة أو لدى القطاع الخاص، كما يندرج ضمن هذا الحق قيام اللاجئين بممارسة الأعمال الحرة كإنشاء الشركات والمشاريع المختلفة، وكذا ممارسة المهن الحرة كالمحاماة والهندسة وغيرها،  وهذا الحق ليس كحق المواطن في العمل وإنما يتم التعامل مع اللاجئين فيما يخص هذا الحق مثلما تتعامل الدولة مع الأجانب الوافدين إلى الدولة من غير اللاجئين، ومقتضى هذا الحق إلا تضع الدولة التي يوجد بها اللاجئون قيوداً على عمل اللاجئين إلا بالقدر الذي تقرره الدولة بالنسبة للأجانب من غير اللاجئين، وحق اللاجئين في العمل مكفول سواء في الشريعة الإسلامية أو القانون الدولي أو الوطني، وبيان ذلك على النحو الآتي:

أولاً: حق اللاجئين في العمل في القانون الدولي:

وقد ورد هذا الحق في المادة (17) من إتفاقية اللجوء التي نصت على أن (

1- تمنح الدول المتعاقدة اللاجئين المقيمين بصورة نظامية في إقليمها أفضل معاملة ممكنة تمنح في نفس الظروف لمواطني بلد أجنبي فيما يتعلق بحق ممارسة عمل مأجور.

2- وفي أي حال لا تطبق علي اللاجئ التدابير التقييدية المفروضة علي الأجانب أو علي استخدام الأجانب من أجل حماية سوق العمل الوطنية إذا كان قد أعفي منها قبل تاريخ بدء نفاذ هذه الاتفاقية إزاء الدولة المتعاقدة المعنية، أو إذا كان مستوفيا أحد الشروط التالية:
(أ) أن يكون قد استكمل ثلاث سنوات من الإقامة في بالبلد.
(ب) أن يكون له زوج يحمل جنسية بلد إقامته. علي أن اللاجئ لا يستطيع أن يتذرع بانطباق هذا الحكم عليه إذا كان قد هجر زوجه.
(ج) أن يكون له ولد أو أكثر يحمل جنسية بلد إقامته.

3- تنظر الدول المتعاقدة بعين العطف في أمر اتخاذ تدابير لمساواة حقوق جميع اللاجئين بحقوق مواطنيها من حيث العمل المأجور، وعلي وجه الخصوص حقوق أولئك اللاجئين الذي دخلوا أراضيها بمقتضى برامج لجلب اليد العاملة أو خطط لاستقدام مهاجرين)(([24].

وفي السياق ذاته نصت المادة (18) من الإتفاقية على أن (تمنح الدول المتعاقدة اللاجئين المقيمين بصورة نظامية في إقليمها أفضل معاملة ممكنة، وعلى ألا تكون في أي حال أقل رعاية من تلك الممنوحة للأجانب عامة في نفس الظروف في ما يتعلق بممارستهم عملا لحسابهم الخاص في الزراعة والصناعة والحرف اليدوية والتجارة، وكذلك في إنشاء شركات تجارية وصناعية)، كما نصت المادة (19) على أن: (تمنح الدول المتعاقدة اللاجئين المقيمين بصورة نظامية في إقليمها، إذا كانوا يحملون شهادات معترفا بها من قبل السلطات المختصة في الدولة ويرغبون في ممارسة مهنة حرة أفضل معاملة ممكنة، على ألا تكون في أي حال أقل رعاية من تلك الممنوحة للأجانب عامة في نفس الظروف)([25]).

ثانياً: حق اللاجئين في العمل في القانون اليمني:

الوظيفة العامة وفقاً لقانون الخدمة المدنية حق خاص بالمواطنين اليمنيين، فمن شروط شغلها أن يكون الموظف يمني الجنسية([26])، ولكن يحوز لأجهزة الدولة أن تتعاقد مع أجانب كموظفين متعاقدين، ومن هؤلاء اللاجئين([27]).

 أما قانون العمل اليمني الذي ينظم العمالة لدى القطاع الخاص فقد تضمن قيوداً كثيرة على عمل الأجانب ومن ضمنهم اللاجئين حيث نصت المادة (19) من قانون العمل اليمني رقم (5) لسنة 1995م على أنه (

1- لا يجوز للعامل غير اليمني أن يزاول عملا إلا إذا كان حاصلا على ترخيص عمل رسمي من الوزارة او احد مكاتبها، كما يمنع أي صاحب عمل من تشغيل غير اليمني إلا إذا كان حائزا على ذلك الترخيص .

2-  تسري أحكام هذه المادة على العمال غير اليمنيين العاملين في القطاعات غير المشمولة بإحكام هذا القانون) وهذا يعني سريان هذا الحكم على العمال في الزراعة والمراعي وخدم المنازل والسواقين والعاملين في الأعمال العرضية، وهذا القيد خطير، ومن وجهة نظر الباحث: فأن هذه القيود والإجراءات يمكن تجاوزها بالنسبة للاجئين، لأن اليمن قد وافقت وأنضمت إلى اتفاقية اللجوء التي قضت بأنه على الدول المتعاقدة إزالة القيود والإجراءات لتي تحول دون عمل اللاجئين، كما نصت المادة (20) من القانون ذاته على أنه (يشترط لاستكمال تشغيل غير اليمنيين استيفاء الشروط التالية:

1-   حيازة ترخيص بالإقامة والعمل .

2-                  استيفاء شروط شغل المهنة وان يكون المصرح له بالعمل في لياقة صحية تامة .

3-                 أن يزاول المهنة المرخص له بمزاولتها .

4-      أن يكون حائزا على ترخيص مزاولة المهنة وذلك للمهن التي تتطلب وجود ترخيص خاص بمزاولتها .

أن يكون التشغيل في حرفة او مهنة لا تتوافر فيها الخبرات اليمنية) كما تضمنت المواد 22و23و24و25 إجراءات وقيود كثيرة على عمل الأجانب، إلا أنه من المثير للدهشة بالنسبة لعمل اللاجئين هو ما ورد في المادة (26) من هذا القانون التي نصت على أنه يحظر تشغيل غير اليمنيين في حالة إذا كان دخوله اليمن بغرض آخر غير العمل، وهذا قيد خطير على عمل اللاجئين حيث أن دخولهم إلى اليمن بغرض اللجوء وليس العمل، ولذلك وغيره فأنه ينبغي النص في قانون العمل على استثناء اللاجئين من بعض القيود التي ترد على عمل الاجانب.

ثالثاً: حق اللاجئين في العمل في الشريعة الإسلامية:

العمل مصدر رزق دائم وشريف لللاجئين حتى يستطيع هؤلاء توفير الضروريات والحاجيات اللازمة لحياتهم، ولذلك فالعمل من الأشياء الضرورية لللاجئين، والضروريات في الشريعة الإسلامية يجب تحصيلها حفظاً للأنفس من الهلاك، ومن المقرر شرعاً أيضاً أن الحاجيات تنزل بمنزلة الضروريات، لأن اللاجئين تلحقهم المشقة والضيق إذا لم يحصلوا على الحاجيات، وعلى هذا الأساس فأن الشريعة الإسلامية تنظر إلى حق اللاجئ في العمل على انه من الضروريات والحاجيات التي يجب تحصيلها ([28]).

الحق الرابع

حق اللاجئين في التعليم

المقصود بالتعليم هنا التعليم الاولي الذي يؤهل اللاجئين لاداء بعض الاعمال والوظائف والوفاء ببعض الواجبات المقرره عليهم  التعليم الجامعي أو التعليم العالي، وكذا الدورات التدريبية، وحق اللاجئين في التعليم مكفول في الشريعة الإسلامية والقانون الدولي والوطني، ونشير إلى ذلك على الوجه الآتي:

أولاً: حق اللاجئين في التعليم في القانون الدولي:

وقد ذكرت هذا الحق المادة (22) من اتفاقية اللجوء التي نصت على أن: (

1-                 تمنح الدول المتعاقدة اللاجئين نفس المعاملة الممنوحة لمواطنيها في ما يخص التعليم الأولي.

2-      تمنح الدول المتعاقدة اللاجئين أفضل معاملة ممكنة، علي ألا تكون في أي حال أقل رعاية من تلك الممنوحة للأجانب عامة في نفس الظروف فيما يخص فروع التعليم غير الأولي، وخاصة علي صعيد متابعة الدراسة، والاعتراف بالمصدقات والشهادات المدرسية والدرجات العلمية الممنوحة في الخارج، والإعفاء من الرسوم والتكاليف، وتقديم المنح الدراسية)([29]).

ثانياً: حق اللاجئين في التعليم في القانون اليمني:

قانون التعليم اليمني أجاز للأجنبي الإلتحاق بالتعليم الأساسي على قدم المساواة مع اليمني، الا انه بالنسبة للتعليم الجامعي والدراسات العليا تكون رسوم الدراسة لللاجئين باهضة وهذا النظام معمول به في غالبية الدول، وهذا الأمر يتفق تماماً مع ما ورد في أتفاقية اللجوء.

ثالثاً: حق اللاجئين في التعليم في الشريعة الإسلامية:

التعليم في الشريعة الإسلامية واجب حتى يعرف الإنسان واجباته الدينية والدنيوية وكذا حقوقه، بل أن بعض آيات اللجوء في القرآن الكريم قد أشارت إلى حق اللاجئين في التعليم وهي قوله تعالى (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون)([30]) فقد ذكر المفسرون في تفسير هذه الآية أن المقصود بذلك المستجير أو اللاجئ حتى وأن كان غير مسلم فأنه ينبغي تعليمه العلوم حتى يستطيع أن يفهم كلام الله.

الحق الخامس

حق اللاجئين في الحصول على بطاقات الهوية ووثائق السفر

اللجوء ظرف قهري يجعل أغلب اللاجئين بدون وثائق  هوية أو سفر، حيث يصل كثير من اللاجئين إلى دولة الملجأ من غير أن تكون لديهم وثائق تثبت هوياتهم وشخصياتهم، وعندئذ يتعذر عليهم السفر أو الإنتقال أو العمل بدون هذه الوثائق، ولذلك صار الحصول على بطاقات الهوية ووثائق السفر حقاً للاجئين مكفولا في الشريعة الإسلامية والقانون الدولي والوطني، ونبين ذلك على الوجه الآتي:

أولاً: حق اللاجئين في الحصول على بطاقات الهوية ووثائق السفر في القانون الدولي:

وقد ورد هذ الحق في المادتين (27) و(28) من اتفاقية اللجوء حيث نصت المادة (27) على أن(تصدر الدول المتعاقدة بطاقة هوية شخصية لكل لاجئ موجود في إقليمها لا يملك وثيقة سفر صالحة)[31])) وكذا نصت المادة (28) من الإتفاقية على أن(

1-      تصدر الدول المتعاقدة للاجئين المقيمين بصورة نظامية في إقليمها وثائق سفر لتمكينهم من السفر إلي خارج هذا الإقليم، ما لم تتطلب خلاف ذلك أسباب قاهرة تتصل بالأمن الوطني أو النظام العام. وتنطبق أحكام ملحق هذه الاتفاقية بصدد الوثائق المذكورة. وللدول المتعاقدة إصدار وثيقة سفر من هذا النوع لكل لاجئ آخر فيها. وعليها خصوصا أن تنظر بعين العطف إلي إصدار وثيقة سفر من هذا النوع لمن يتعذر عليهم الحصول علي وثيقة سفر من بلد إقامتهم النظامية من اللاجئين الموجودين في إقليمها.

2-      تعترف الدول المتعاقدة بوثائق السفر التي أصدرها أطراف الاتفاقات الدولية السابقة في ظل هذه الاتفاقات، وتعاملها كما لو كانت قد صدرت بمقتضى أحكام هذه المادة)(([32]

ثانياً: حق اللاجئين في الحصول على بطاقات الهوية ووثائق السفر في القانون اليمني:

وفي هذا الشأن نصت المادة (8) من قانون دخول وإقامة الأجانب على أنه يجب على (ربابنة السفن والطائرات منع الركاب الذين لا يحملون جوازات سفر من  مغادرة السفن أو الطائرات وأن يقدم الربابنة البيانات اللازمة عن هؤلاء المسافرين إلى الضابط المختص الموجود في المطار أو ميناء الدخول)، وهذا النص ينطبق على بعض اللاجئين، كما نصت المادة (27) من ذلك القانون على أن يحدد أشكال وأوضاع وثائق السفر التي تعطى لبعض فئات الأجانب واللاجئين وشروط وإجراءات منحها، ولم تتعرض لائحة هذا القانون لإجراءات وشروط منح وثائق السفر تلك([33]).

ثالثاً: حق اللاجئين في الحصول على بطاقات الهوية ووثائق السفر في الشريعة الإسلامية:

بطاقات الهوية ووثائق السفر من أهم الوثائق، إذ يتعذر على الأشخاص الحصول على حقوقهم وأداء واجباتهم إلا بعد أن يتم التأكد من هوياتهم، بواسطة هذه الوثائق ، ومن القواعد الشرعية قاعدة (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) ([34])ولذلك فأنه يجب وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية منح اللاجئين الوثائق اللازمة لإثبات هوياتهم ووثائق السفر حتى يستطيع هؤلاء الحصول على حقوقهم وأداء واجباتهم.

الحق السادس

حق اللاجئين في الحصول على المنتجات والمساعدات والضمان الاجتماعي

 وهذا الحق يشمل حصول اللاجئين على المنتجات التي تقوم الدول بتوزيعها على مواطنيها مجاناً أو بسعر رمزي مثل الحصص التموينية في العراق، كما يشمل المساعدات الإغاثية التي تقدمها الدولة لمواطنيها المحتاجين مثل المساعدات التي تقدمها الدول لمواطنيها النازحين، وكذا يشمل هذا الحق مساعدات الضمان الاجتماعي العينية والمالية التي تقدمها الدولة لمواطنيها، وكذا حق التعويض في حالة وفاة اللاجئ نتيجة إصابة عمل أو مرض مهني، ويدخل ضمن هذا الحق إيضاً حق اللاجئين في الحصول على المساعدة الإدارية من سلطات الدولة التي لجأوا إليها مثل إصدار الوثائق والشهادات وغير ذلك، وهذا الحق مقرر في القانون الدولي والشريعة الإسلامية والقانون اليمني، ونشير إلى ذلك على النحو الآتي:

أولاً: حق اللاجئين في الحصول على المنتجات والمساعدات والضمان الاجتماعي في القانون الدولي:

وقد بينت ذلك المواد 20و23و24و25 من إتفاقية اللجوء حيث نصت المادة (20) على أنه (حيثما وجد نظام تقنين ينطبق علي عموم السكان ويخضع له التوزيع العمومي للمنتجات غير المتوفرة بالقدر الكافي، يعامل اللاجئون معاملة المواطنين.( كما نصت المادة (23) على أن (تمنح الدول المتعاقدة اللاجئين المقيمين بصورة نظامية في إقليمها نفس المعاملة الممنوحة لمواطنيها في مجال الإغاثة والمساعدة العامة)([35]) وكذا نصت المادة (24) على أن (1- تمنح الدول المتعاقدة اللاجئين المقيمين بصورة نظامية في إقليمها نفس المعاملة الممنوحة للمواطنين فيما يخص الأمور التالية:
(أ) في حدود كون هذه الشؤون خاضعة للقوانين والأنظمة أو لإشراف السلطات الإدارية: الأجر بما فيه الإعانات العائلية إذا كانت تشكل جزءا من الأجر، وساعات العمل، والترتيبات الخاصة بساعات العمل الإضافية، والأجازات المدفوعة الأجر، والقيود علي العمل في المنزل، والحد الأدنى لسن العمل، والتلمذة والتدريب المهني، وعمل النساء والأحداث، والاستفادة من المزايا التي توفرها عقود العمل الجماعية،
(ب) الضمان الاجتماعي الأحكام القانونية الخاصة بإصابات العمل والأمراض المهنية والأمومة والمرض والعجز والشيخوخة والوفاة والبطالة والأعباء العائلية، وأية طوارئ أخري تنص القوانين والأنظمة علي جعلها مشمولة بنظام الضمان الاجتماعي، رهنا بالقيود التي قد تفرضها:
"1"
ترتيبات ملائمة تهدف للحفاظ علي الحقوق المكتسبة أو التي هي قيد الاكتساب،
"2"
قوانين أو أنظمة خاصة ببلد الإقامة قد تفرض أحكاما خاصة بشأن الإعانة الحكومية الكلية أو الجزئية المدفوعة بكاملها من الأموال العامة، وبشأن الإعانات المدفوعة للأشخاص الذين لا يستوفون شروط المساهمة المفروضة لمنح راتب تقاعدي عادي

1-      إن حق التعويض عن وفاة لاجئ بنتيجة إصابة عمل أو مرض مهني لا يتأثر بوقوع مكان إقامة المستحق خارج إقليم الدولة المتعاقدة.

2-      تجعل الدول المتعاقدة المزايا الناجمة عن الاتفاقات التي عقدتها أو التي يمكن أن تعقدها، والخاصة بالحفاظ علي الحقوق المكتسبة أو التي هي قيد الاكتساب علي صعيد الضمان الاجتماعي، شاملة للاجئين، دون أن يرتهن ذلك إلا باستيفاء اللاجئ للشروط المطلوبة من مواطني الدول الموقعة علي الاتفاقات المعنية.

3-      تنظر الدول المتعاقدة بعين العطف في إمكانية جعل الاتفاقات المماثلة النافذة المفعول أو التي قد تصبح نافذة المفعول بين هذه الدول المتعاقدة ودول غير متعاقدة، بقدر الإمكان، شاملة للاجئين) وفي السياق ذاته نصت المادة (25) على أنه (

1-      عندما يكون من شأن ممارسة اللاجئ حقا له أن تتطلب عادة مساعدة سلطات بلد أجنبي يتعذر عليه الرجوع إليه، تعمل الدول المتعاقدة التي يقيم اللاجئ علي أراضيها علي تأمين هذه المساعدة إما بواسطة سلطاتها أو بواسطة سلطة دولية.

2-       تصدر السلطة أو السلطات المذكورة في الفقرة الأولي للاجئين، أو تستصدر لهم بإشرافها، الوثائق أو الشهادات التي يجري إصدارها للأجنبي عادة من قبل سلطاته الوطنية أو بواسطتها.

3-       تقوم الوثائق أو الشهادات الصادرة علي هذا النحو مقام الصكوك الرسمية التي تسلم للأجانب من قبل سلطاتهم الوطنية أو بواسطتها، وتظل معتمدة إلي أن يثبت عدم صحتها.

4-       رهنا بالحالات التي يمكن أن يستثني فيها المعوزون، يجوز استيفاء رسوم لقاء الخدمات المذكورة في هذه المادة، ولكن ينبغي أن تكون هذه الرسوم معتدلة ومتكافئة مع ما يفرض علي المواطنين من رسوم لقاء الخدمات المماثلة. ([36])(

ثانياً: حق اللاجئين في الحصول على المنتجات والمساعدات والضمان الاجتماعي في القانون اليمني:

أشار قانون دخول وإقامة الأجانب إلى قيام وزارة الداخلية بتقديم المساعدة للاجئين فيما يتعلق بوثائق الهوية ([37])، وكذا قانون التأمينات الاجتماعية الذي يسري على العمال في القطاع الخاص، فقد أشار هذا القانون إلى التأمين على العمال الأجانب ومن ضمنهم اللاجئين([38])، وكذا قانون العمل الذي اوجب التأمين على العمال الأجانب، ومن ضمن ذلك اللاجئ الذي يجوز التأمين عليه وتعويضه عن أية إصابات عمل أو مرض مهني([39])، أما قانون الرعاية الاجتماعية رقم (31) لسنة 1996م فقد حدد المساعدات الاجتماعية ومساعدات الإغاثة وبيّن المقصود بالفقراء والمساكين والمستحقين للمساعدات والرعاية الاجتماعية وهم الفقراء والمساكين والأيتام والمرأة التي لا عائل لها والمصابون بالعجز الكلي والجزئي وأسرة الغائب أو المفقود أو المسجون، وقرر هذا القانون المساعدات التي تصرف دفعة واحدة للأشخاص الذين يتعرضون لظروف قهرية وغير ذلك، ولم يرد ذكر اللاجئين في هذا القانون([40])، ومع هذا وذاك فأن حق اللاجئين في الحصول على المنتجات والمساعدات والتأمينات الاجتماعية والإدارية مكفول في القانون اليمني بموجب القانون الخاص بموافقة اليمن وانضمامها إلى اتفاقية اللجوء.

ومن وجهة نظر الباحث فأنه من الضروري صدور قانون وطني بشأن اللاجئين يبين أحكامهم وحقوقهم وواجباتهم والتزامات الحكومة اليمنية والمنظمات الدولية وأن يتضمن أوجه التنسيق بين الأطراف المعنية بشئون اللاجئين، لأن حقوق اللاجئين متناثرة في قوانين كثيرة ومناطة بجهات عدة.

ثالثاً: حق اللاجئين في الحصول على المنتجات والمساعدات والضمان الاجتماعي في الشريعة الإسلامية:

هذا الحق مقرر في الشريعة الإسلامية بإعتبار مفهوم الفقراء والمساكين وعابري السبيل يشمل اللاجئين، والنصوص الشرعية في هذا الشأن كثيرة منها قوله تعالى (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله)([41]) فهذه الآية تقرر حق اللاجئين في الحصول على نصيبهم من الزكاة، كما أن اللاجئين يستحقون من كفارة اليمين المبينة في قوله تعالى (فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم)([42]) وكذا للاجئين حق في سائر الكفارات مثل كفارة الظهار، كما أن اللاجئين يستحقون قسطاً من خمس الركاز وهي المعادن التي يتم استخراجها من باطن الأرض لان اللاجئين من الفقراء والمساكين([43])، كما أن الشريعة الإسلامية توجب على الدولة مساعدة ورعاية كل الأشخاص الذي يقيمون في إقليم الدولة الإسلامية وتقرر الشريعة مسؤولية الحكام إذا لم يقوموا بهذا الواجب الشرعي عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)([44]).

الحق السابع

حق اللاجئين في الإعفاء من المعاملة بالمثل

من المبادئ المستقرة في العلاقات الدولية (مبدأ المعاملة بالمثل) الذي يعني أنه ينبغي على كل دولة معاملة الدول الأخرى أو رعايا هذه الدول بمثل المعاملة التي تتعامل بها هذه الدول  مع الدولة ورعاياها([45])، وهذا المبدأ هو الأصل ولكن يرد عليه إستثناء اللاجئين من المعاملة وفقاً لهذا المبدأ إذ يتوجب على الدولة أن تتعامل مع اللاجئين وفقاً للنصوص المقررة في اتفاقية اللجوء التي تكفل حقوقهم ورعايتهم  فلا يحق للدولة أن تتعذر بمبدأ المعاملة بالمثل في مواجهة اللاجئين، فعلى الدولة أن تمكن اللاجئين من حقوقهم المنصوص عليها في اتفاقية اللجوء حتى ولو كانت الدولة التي لجأ منها تعامل رعايا الدولة التي لجأوا  إليها اللاجئون معاملة سيئة، وإستثناء اللاجئين من مبدأ المعاملة بالمثل له ما يبرره حيث أن علاقة اللاجئين بدولتهم التي لجأوا منها سيئة ولا علاقة لهم أو خيار بمعاملة دولتهم الأصلية لرعايا الدولة التي لجأوا إليها، كما أن الإعفاء من مبدأ المعاملة بالمثل يعني ايضاً معاملة دول الملجاء للاجئين معاملة الأجانب أذا لم يكن هناك نص يقرر معاملة اللاجئين  معاملة أفضل، ومعاملة دولة الملجأ للاجئين لها مظاهر وأوجه عدة منها معاملة دخولهم إلى بلد الملجأ وشروط الإقامة فيها وتراخيصها والتنقل والعمل والتملك فيها وغير ذلك، ولذلك يكتسب هذا الحق أهمية بالغة في نطاق حقوق اللاجئين، وسنذكر هذا الحق في القانون الدولي والشريعة الإسلامية والقانون اليمني وعلى النحو الآتي:

أولاً: حق اللاجئين في الإعفاء من المعاملة بالمثل في القانون الدولي:

نظمت هذا الحق اتفاقية اللجوء حيث نصت المادة (7) من هذه الإتفاقية على أنه (

1-      حيثما لا تنص هذه الاتفاقية علي منح اللاجئين معاملة أفضل، تعاملهم الدولة المتعاقدة معاملتها للأجانب عامة.

2-       يتمتع جميع اللاجئين بعد مرور ثلاث سنوات علي إقامتهم بالإعفاء علي أرض الدول المتعاقدة من شرط المعاملة التشريعية بالمثل.

3-       تواصل كل دولة متعاقدة منح اللاجئين الحقوق والمزايا التي كانوا مؤهلين لها فعلا، مع عدم توفر معاملة بالمثل، بتاريخ بدء نفاذ هذه الاتفاقية إزاء الدولة المذكورة.

4-      تنظر الدول المتعاقدة بعين العطف في إمكانية منح اللاجئين، مع عدم توفر معاملة بالمثل، حقوقا ومزايا بالإضافة إلي تلك التي تؤهلهم لها الفقرتان 2 و 3، وكذلك في إمكانية جعل الإعفاء من المعاملة بالمثل يشمل لاجئين لا يستوفون الشروط المنصوص عليها في الفقرتين 2 و3)([46]).

ثانياً: حق اللاجئين في الإعفاء من المعاملة بالمثل في القانون اليمني:

لم يرد ذكر هذا الحق في أي من القوانين والتشريعات اليمنية ولكن مع هذا فأن هذا الحق مكفول في القانون الوطني، لأن اليمن قد وافقت على اتفاقية اللجوء وانضمت إليها بموجب قانون وطني صادر فيها، وبموجب ذلك فقد صارت هذه الإتفاقية في حكم القانون الوطني.

ثالثاً: حق اللاجئين في الإعفاء من المعاملة بالمثل في الشريعة الإسلامية:

من القواعد الشرعية الأكيدة عدم جواز مؤاخذة الإنسان بفعل غيره فقد قال تعالى (ولاتزر وازرة وزر أخرى)([47]) وقد ردد القرآن الكريم هذه الآية لأهميتها أكثر من أربع مرات، ومعنى هذه الآية ظاهر يدل قطعاً على عدم جواز معاملة أو مؤاخذة اللاجئين بالمعاملة التي تعامل بها دولتهم الأصلية رعايا الدولة التي لجأ إليها اللاجئون، وفي هذا المعنى إيضاً جاء قوله تعالى (كل امرى بما كسب رهين)([48]) وفي هذا المعنى وردت نصوص شرعية كثيرة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.

الحق الثامن

حق اللاجئين في إعفائهم من التدابير الإستثنائية

التدابير الإستثنائية هي تلك التدابير التي تتخذها دولة الملجأ في مواجهة مواطني أو ممتلكات بعض الدول أما لان هذه الدول معادية لدولة الملجأ أو لان الفوضى تسود هذه الدول وتنتشر فيها العصابات وتجارة المخدرات وغسل الأموال والإرهاب حيث تتخذ دولة الملجأ إجراءات وتدابير استثنائية في مواجهة الأشخاص أو الأموال القادمة من تلك الدول، وهذه الإجراءات لا تثريب عليها في مواجهة غير اللاجئين أما اللاجئون فقد نصت اتفاقية اللجوء على إعفائهم من هذه التدابير الإستثنائية مراعاة لظروف اللاجئين وأحوالهم،  إلا أنه يحق لدولة الملجأ ألا تعفى اللاجئين من هذه التدابير إذا كانت ضرورية لحماية الأمن القومي لدولة الملجأ، وسنذكر هذا الحق في القانون الدولي والوطني والشريعة الإسلامية، وذلك على النحو الآتي:

أولاً: حق اللاجئين في إعفائهم من التدابير الإستثنائية في القانون الدولي:

نظمت اتفاقية اللجوء هذا الحق في المادتين 8و9، حيث نصت المادة (8) على أنه (حين يتعلق الأمر بالتدابير الاستثنائية التي يمكن أن تتخذ ضد أشخاص أو ممتلكات أو مصالح مواطني دولة أجنبية معينة، تمتنع الدول المتعاقدة عن تطبيق هذه التدابير على أي لاجئ يحمل رسميا جنسية تلك الدولة لمجرد كونه يحمل هذه الجنسية. وعلى الدول المتعاقدة التي لا تستطيع بمقتضى تشريعها تطبيق المبدأ العام المنصوص عليه في هذه المادة أن تقوم في الحالات المناسبة بمنح إعفاءات لمثل هؤلاء اللاجئين)، ونصت المادة (9) على أنه (ليس في أي من أحكام هذه الاتفاقية ما يمنع دولة متعاقدة في زمن الحرب أو في غيره من الظروف الخطيرة والاستثنائية، من أن تتخذ مؤقتا من التدابير بحق شخص معين ما تعتبره أساسيا لأمنها القومي، ريثما يثبت لتلك الدولة المتعاقدة أن هذا الشخص لاجئ بالفعل وأن الإبقاء على تلك التدابير ضروري في حالته لصالح أمنها القومي.([49])(

ثانياً: حق اللاجئين في إعفائهم من التدابير الإستثنائية في القانون الوطني:

لم ينص أي من القوانين والتشريعات اليمنية على إعفاء اللاجئين من هذا الحق، إلا أن هذا الحق مكفول بموجب القانون اليمني الذي قضي بموافقة اليمن وإنضمامها إلى أتفاقية اللجوء حيث صارت هذه الإتفاقية بمثابة قانون وطني.

ثالثاً: حق اللاجئين في إعفائهم من التدابير الإستثنائية في الشريعة الإسلامية:

التدابير الإستثنائية التي تتخذها الدول الغاية منها حماية الدولة من أخطار محتملة الوقوع، واللجوء حالة واقعية قد وقعت وحدثت بالفعل، فاللجوء واقع حقيقي والمخاطر أحتمالية، وفقه الموازنات في الشريعة الإسلامية يقتضي بتقديم الواقعي على الإحتمالي([50])، كما أن حماية دولة الملجأ من الأخطار يمكن أن يتحقق بوسائل اخرى غير فرض هذه التدابير على اللاجئين.

الحق التاسع

حق اللاجئين في التجنس بجنسية بلد الملجأ

في أحيان كثيرة تطول الأسباب التي دفعت اللاجئين إلى اللجوء، فلا يستطيعون العودة إلى بلدانهم الأصلية فيقيمون في بلد الملجأ لمدة طويلة وعندئذ تنطبق عليهم شروط التجنس في البلدان التي لجأوا إليها، ونظراً لظروف اللاجئين وتقديراً لها ينبغي على دولة الملجأ أن لا تشترط لتجنس اللاجئين بجنسيتها إلا الحد الأدنى من شروط التجنس، فمثلاً ينبغي على هذه الدول أن تغض الطرف عن إشتراط المدة الطويلة المتصلة لإقامة اللاجئ طالب التجنس في بلد الملجأ، وسنذكر هذا الحق في القانون الدولي والوطني والشريعة الإسلامية، وعلى النحو الآتي:

أولاً: حق اللاجئين في التجنس بجنسية بلد الملجأ في القانون الدولي:

ذكرت هذا الحق اتفاقية اللجوء في المادتين (10) و (34) حيث نصت المادة (10) على أنه (1- حين يكون اللاجئ قد أبعد قسرا خلال الحرب العالمية الثانية ونقل إلى ارض دولة متعاقدة ويكون مقيما فيها، تعتبر فترة مكوثه القسري هذه بمثابة إقامة شرعية في أرض هذه الدولة. 2- حين يكون اللاجئ قد أبعد قسرا أثناء الحرب العالمية الثانية عن أرض دولة متعاقدة، ثم عاد إليها قبل بدء نفاذ هذه الاتفاقية ليتخذ مقاما فيها، تعتبر فترتا إقامته السابقة واللاحقة لهذا الإبعاد القسري، من أجل أية أغراض تتطلب إقامة غير منقطعة، بمثابة فترة واحدة غير منقطعة)، وفي السياق ذاته نصت المادة (34) على أن (تسهل الدول المتعاقدة بقدر الإمكان استيعاب اللاجئين ومنحهم جنسيتها، وتبذل علي الخصوص كل ما في وسعها لتعجيل إجراءات التجنس وتخفيض أعباء ورسوم هذه الإجراءات إلي أدني حد ممكن)([51]).

ثانياً: حق اللاجئين في التجنس بجنسية بلد الملجأ في القانون اليمني:

حدد قانون الجنسية اليمني رقم (6) لسنة 1990م وتعديلاته حدد حالات التجنس بالنسبة لغير اليمنيين الأصول وذكر القانون حالات التجنس وشروطه في المواد 4و5و6و7و8و9و10 وبيان نصوص هذه المواد على النحو الأتي:

·        المادة (4): يجوز بقرار جمهوري بناء على عرض الوزير منح الجنسية اليمنية في أي من الحالات التالية:

أ‌-       من ولد في الخارج من أم تحمل هذه الجنسية وأب مجهول الجنسية أو لا جنسية له، وذلك بشرط أن يكون قد جعل إقامته العادية بصفة مشروعة في اليمن مدة عشر سنوات متتاليات على الأقل سابقة على بلوغه سن الرشد وان يكون اختياره الجنسية اليمنية قد قدم خلال سنة من تاريخ بلوغه سن الرشد.

ب‌-       من ولد في اليمن لأبوين أجنبيين  وأقام فيها حتى بلوغه سن الرشد وكان ملما باللغة العربية سليم العقل غير مصاب بعاهة تجعله عالة على المجتمع وكان محمود السيرة والسمعة ولم يسبق الحكم عليه بعقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالنظام العام والآداب العامة إلا إذا كان قد رد إليه اعتباره و بشرط أن يقدم طلباً للحصول على الجنسية اليمنية خلال سنة من تاريخ بلوغه سن الرشد.

ت‌-                 من ولد في اليمن  لأب أجنبي ولد أيضا فيه.

ث‌-                 من يكون أدى للدولة أو للأمة العربية خدمة جليلة.

ج‌-      من ينتمي إلى الأصل  اليمني متى تقدم بطلب الحصول على الجنسية اليمنية بعد خمس  سنوات من جعل إقامته فيها بشرط  ثبوت إقامة جده الأقرب لأبيه في اليمن وتنازله عن اتصافه بأية جنسية أخرى عند منحه الجنسية)([52]).

·        المادة (5): يجوز بقرار جمهوري بناء على عرض الوزير منح الجنسية اليمنية للعربي وللأجنبي المسلم الذي لا تنطبق عليه أحكام المادة السابقة وذلك متى توافرت في شأنه الشروط الآتية:

1-                  أن يكون بالغاً سن الرشد.

2-                 أن تكون إقامته العادية في الجمهورية بطريقة مشروعة لمدة عشر سنوات متتاليات.

3-      أن يكون حسن السلوك محمود السيرة ولم يسبق الحكم عليه بعقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالنظام العام والآداب العامة ما لم يكن قد رد إليه اعتباره.

4-                  أن تكون له وسيلة مشروعة لكسب العيش.

5-                 أن يكون ملماً باللغة العربية.

6-       أن يكون ذا كفاءة تحتاج إليها البلاد . ويجوز في هذه  الحالة إعفاءه من شرط الإلمام باللغة العربية)([53]).

·        مادة (6): تخفض المدة المنصوص عليها في البند (2) من المادة السابقة إلى خمس سنوات متتاليات بالنسبة إلى الأجنبي الذي يحصل على إذن من الوزير بالتوطن في اليمن بقصد التجنس لضرورات ملحة ويشترط  إقامته هذه المدة فعلاً في اليمن بعد الإذن  وتقديمه طلب التجنس خلال الثلاثة شهور التالية لانقضاء المدة  المذكورة وإذا مات - المأذون له قبل منحه الجنسية اليمنية جاز لزوجته ولأولاده القصر الذين كانوا موجودين معه وقت صدور الإذن واستمروا مقيمين معه إلى  وقت وفاته أن ينتفعوا بالإقامة وبالمدة التي يكون المتوفى قد أقامها في اليمن.

·        مادة (7): يجوز بقرار جمهوري بناء على عرض الوزير تحديد العدد المسموح بترشيحهم لحمل الجنسية اليمنية سنوياً.

·        مادة (8): تشكل بقرار من الوزير لجنة تكون مهمتها ترشيح من ترى منحهم شهادات التجنس في حدود  العدد  المسموح به سنوياً.

·        مادة (9): لا تكسب زوجة المتجنس الجنسية اليمنية بطريقة التبعية لزوجها إلا إذا طلبت ذلك ونشر طلبها في إحدى الصحف المحلية واستمرت الزوجية قائمة لمدة أربع سنوات من تاريخ هذا الطلب ولم يعترض الوزير على ذلك خلال المدة المذكورة أما الأولاد القصر للمتجنس المذكور، فيكتسبون الجنسية اليمنية بطريق التبعية لأبيهم إذا كانت إقامتهم العادية مع أبيهم في اليمن ولهم أن يقرروا اختيار جنسيتهم الأصلية خلال السنة التالية لبلوغهم سن الرشد شريطة الإيفاء بما خسرته الدولة عليهم من نفقات في سبيل نشأتهم وتعليمهم.

·        مادة (10): المرأة اليمنية التي تتزوج من أجنبي مسلم تحتفظ بالجنسية اليمنية إلا إذا رغبت في التخلي عن جنسيتها وأثبتت هذه الرغبة عند الزواج أو أثناء قيام الزوجية وكان قانون بلد زوجها يدخلها في جنسيته، وإذا كان عقد زواج هذه المرأة باطلاً شرعاً فإنها تظل محتفظة بالجنسية اليمنية).

وقد صرح قانون الجنسية اليمني في (25) بالعمل بجميع المعاهدات والإتفاقيات الدولية حيث نصت هذه المادة على أن (يعمل بأحكام جميع المعاهدات والإتفاقيات الدولية التي ابرمت أو تبرم بين اليمن والدول الأجنبية في مسائل الجنسية بعد مصادقة مجلس النواب)، وقد ذكرنا أن اليمن قد صادقت على أتفاقية اللجوء عام 1978م قبل إنشاء مجلس النواب، وعلى هذا الأساس فأن حق اللاجئين في التجنس مكفول في القانون الوطني.

ثالثاً: حق اللاجئين في التجنس في الشريعة الإسلامية:

الأصل بالنسبة للمسلم أنه يتجنس بجنسية الدولة المسلمة التي يلجأ إليها لأن دار الإسلام واحدة ولم يقل بجواز تعدد الأقطار الإسلامية إلا المعتزلة، أما غير المسلم فتنطبق عليه أحكام الأمان فلا مانع في الشريعة من ذلك([54]).

الحق العاشر

حق اللاجئين فيما يتعلق بأحوالهم الشخصية

تختلف الأحوال الشخصية للأشخاص بإختلاف دولهم وأديانهم وأوطانهم، والأحوال الشخصية من الحقوق اللصيقة بالشخصية التي ينبغي على الدول إحترامها، والأحوال الشخصية تتضمن أحوال الأشخاص من حيث الزواج والطلاق والفسخ والمهر والنفقة والميراث والهبة والوقف......ألخ، وسنذكر هذا الحق في القانون الدولي والوطني والشريعة الإسلامية وعلى الوجه الآتي:

أولاً: الأحوال الشخصية للاجئين في القانون الدولي:

أشارت إلى ذلك المادة (12) من اتفاقية اللجوء التي نصت على أن (

1-                 تخضع أحوال اللاجئ الشخصية لقانون بلد موطنه، أو لقانون بلد إقامته إذا لم يكن له موطن.

2-      تحترم الدولة المتعاقدة حقوق اللاجئ المكتسبة والناجمة عن أحواله الشخصية ولاسيما الحقوق المرتبطة بالزواج، علي أن يخضع ذلك عند الاقتضاء لاستكمال الشكليات المنصوص عليها في قوانين تلك الدولة، ولكن شريطة أن يكون الحق المعني واحد من الحقوق التي كان سيعترف بها تشريع الدولة المذكورة لو لم يصبح صاحبه لاجئا)([55]).

ثانياً: الأحوال الشخصية للاجئين في القانون اليمني:

تنطبق على اللاجئين القوانين اليمنية باعتبارهم أجانب غير يمنيين، وذلك يثير التنازع بين القوانين اليمنية وقوانين الجنسية الأصلية لهؤلاء اللاجئين، وقد نظم القانون المدني اليمني ذلك في المواد من (23) إلى (35)، وبيان ذلك على النحو الأتي:

·        المــادة (23): القانون اليمني هو المرجع في تكييف العلاقات عندما يطلب تحديد نوع هذه العلاقة في قضية تتنازع فيها القوانين وذلك لمعرفة القانون الواجب تطبيقه من بينها.

·        المــادة(24): يرجع في الحالة المدنية للأشخاص وأهليتهم إلى قانون جنسيتهم ومع ذلك فانه بالنسبة للتصرفات المالية التي تعقد في الجمهورية وتترتب أثارها فيها، أذا كان نقص أهلية الطرف الأجنبي الراجع إلى قانون بلده فيه خفاء لا يسهل على الطرف الأخر تبينه وكان كامل الأهلية بحسب القانون اليمني فانه لا يؤبه بنقص أهليته، ويرجع في نظام الأشخاص الاعتبارية الأجنبية من شركات وجمعيات وغيرها إلى قانون الدولة التي اتخذت فيها مركز إدارتها الرئيسي الفعلي ومع ذلك فإذا باشرت نشاطها الرئيسي في الجمهورية فان القانون اليمني هو الذي يسري.

·        المــادة(25): يرجع في الزواج، والطلاق، والفسخ، والنفقات إلى القانون اليمني للأحوال الشخصية عند المرافعة)، وهذا يعني أن القانون اليمني هو الذي يسري على الأحوال الشخصية للاجئين.

·        المــادة(26): يرجع في المسائل الموضوعية الخاصة بالولاية والوصاية والقوامة وغيرها من النظم الموضوعة لحماية القصار والمحجوزين والغائبين إلى القانون اليمني)، وهذا يعني أيضاً سريان القانون اليمني على الأحوال الشخصية للاجئين.

·        المــادة(27): يرجع في الميراث والوصية وغيرها من التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت إلى قانون الأحوال الشخصية اليمني.

·        المــادة(29): يرجع في الآثار المترتبة على العقود إلى قانون الموطن المشترك للمتعاقدين أذا اتحدا موطنا فان اختلف موطن كل منهما فإلى قانون البلد الذي تم فيه العقد ما لم يتفق المتعاقدان على قانون أخر او يتبين من ظروف الحال أنهما قصدا تطبيق قانون أخر وذلك باستثناء العقود التي تبرم في شان مال غير منقول (عقار) فانه يطبق قانون موقع المال (العقار) .

·        المــادة(30): يرجع في شكل العقود إلى قانون البلد الذي تمت فيه او القانون الذي يحكم موضوعها او قانون موطن المتعاقدين المشترك او قانونهما المشترك.

·        المــادة(33): لا تخل الأحكام المتقدمة بتطبيق القواعد التي ينص عليها قانون خاص او اتفاق دولي او معاهدة دولية نافذة في الجمهورية فأنها تطبق دون أحكام المواد السابقة وإذا لم يوجد نص في قوانين الجمهورية يحكم مسالة تنازع القوانين المعروضة على القضاء فيرجع إلى قواعد القانون الدولي الخاص المتعارف عليها دوليا ما لم يتعارض أي من ذلك مع أحكام الشريعة الإسلامية(، وهذا النص صريح في تطبيق اتفاقية اللجوء فيما يتعلق بالأحوال الشخصية للاجئين.

·        المــادة(34): يعيّن القاضي قانون الجنسية الواجب تطبيقه في حالة الشخص الذي لا تعرف جنسيته او تكون له جنسيات متعددة في وقت واحد، ومع ذلك إذا كانت إحدى الجنسيات المتعددة هي الجنسية اليمنية فان القانون اليمني وحده هو الذي يطبق.

·        المــادة(35): لا يجوز تطبيق أحكام قانون أجنبي تعين تطبيقه طبقا للنصوص السابقة أذا كانت هذه الأحكام تخالف أحكام الشريعة الإسلامية او الآداب العامة في الجمهورية ([56]).

ثالثاً: الأحوال الشخصية للاجئين في الشريعة الإسلامية:

تحترم الشريعة الإسلامية الحقوق الشخصية للأشخاص حتى ولو كانوا غير مسلمين، ويسري هذا الأمر الشرعي على اللاجئين الذين تحترم الشريعة الإسلامية أحوالهم وحقوقهم الشخصية من زواج وطلاق وأرث وغيرها، فقد ظلت الأقليات الغير مسلمة تعيش في كنف الدولة الإسلامية منذ ظهور الإسلام دون أن يتعرض لأحوالهم أو شئونهم الشخصية معترض([57]).

الحق الحادي عشر

حق اللاجئين في معاملتهم بدون تمييز

حقوق اللاجئين كثيرة والقانون الدولي والوطني والشريعة الإسلامية تكفل هذه الحقوق، ولا يكفي ذلك، إذ ينبغي أن تتعامل دولة الملجأ مع اللاجئين كافة معاملة متساوية دون تمييز بينهم بسبب الدين أو العرق أو الجنس أو اللون أو غيره، فينبغي على دولة الملجأ أن تمكن اللاجئين كافة من حقوقهم على قدم المساواة دون نظر إلى أي إعتبار عدا أنهم بشر، فالتمييز في المعاملة له آثار غاية في القسوة على الأشخاص الذين يقع التمييز عليهم أو على المجتمعات التي يعيشون منها مثل شيوع الحسد والحقد والضغينة سواءً بين اللاجئين أو في أوساط المجتمع الذي يعيشون فيه ولذلك فقد منعت الشريعة الإسلامية والقانون الوطني والدولي التمييز بين اللاجئين، وسنذكر ذلك على النحو الآتي:

أولاً: حق اللاجئين في معاملتهم بدون تمييز في القانون الدولي:

قررت أتفاقية اللجوء هذا الحق في المادة (3) من هذه الإتفاقية التي نصت على أنه (تطبق الدول المتعاقدة أحكام هذه الاتفاقية على اللاجئين دون تمييز بسبب العرق أو الدين أو بلد المنشأ)([58]).

ثانياً: حق اللاجئين في معاملتهم بدون تمييز في القانون الوطني:

مبدأ المساواة من المبادئ التي قررها الدستور اليمني والقوانين الوطنية، وهذا المبدأ يسري على اللاجئين، ولأن هذا المبدأ من المعلوم يقيناً فلا حاجة إلى الإشارة إلى النصوص التي ذكرته.

ثالثاً: حق اللاجئين في معاملتهم بدون تمييز في الشريعة الإسلامية:

الدين الإسلامي دين المعاملة والمساواة، ولذلك كان الدين عقيدة وشريعة، فلا مجال في الشريعة الإسلامية للمفاضلة والتمييز بين الناس، فالإسلام دين المساواة الذي لا يفرق بسبب الدين أو الجنس أو اللون أو النسب قال تعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)([59]).

الحق الثاني عشر

حق اللاجئين في حفظ أموالهم وحيازتها

المقصود بالأموال في هذا الشأن الأموال النقدية والعينية والمنقولات، إضافة الى الأموال المعنوية كبراءات الإختراع والحق الفكري، ويشمل هذا الحق ايضاً ضمان نقل وإنتقال اللاجئين بهذه الأموال وحق اللاجئين في إخراج هذه الأموال من دولة الملجأ إلى غيرها والتصرف فيها بالبيع أو الإجارة أو الإعارة وكذا حق اللاجئين في تملك هذه الأموال، وهذا الحق مكفول في القانون الدولي والوطني والشريعة الإسلامية، وسنبين ذلك على النحو الآتي:

أولاً: حق اللاجئين في حفظ أموالهم وحيازتها ونقلها في القانون الدولي:

ضمنت هذا الحق اتفاقية اللجوء في المواد 13و14و30 حيث نصت المادة (13) على أن (تمنح الدول المتعاقدة كل لاجئ أفضل معاملة ممكنة، لا تكون في أي حال أدني رعاية من تلك الممنوحة في نفس الظروف للأجانب عامة، فيما يتعلق بحيازة الأموال المنقولة وغير المنقولة والحقوق الأخرى المرتبطة بها، وبالإيجار وغيره من العقود المتصلة بملكية الأموال المنقولة وغير المنقولة) كما نصت المادة (14) على أنه (في مجال حماية الملكية الصناعية، كالاختراعات والتصاميم أو النماذج والعلامات المسجلة والأسماء التجارية، وفي مجال حماية الحقوق على الأعمال الأدبية والفنية والعلمية، يمنح اللاجئ في بلد إقامته المعتادة نفس الحماية الممنوحة لمواطني ذلك البلد، ويمنح في إقليم أي من الدول المتعاقدة الأخرى نفس الحماية الممنوحة في ذلك الإقليم لمواطني بلد إقامته المعتادة) وبشأن نقل الموجودات نصت المادة (30) على أن: (

1-      تسمح الدول المتعاقدة للاجئين، وفقا لقوانينها وأنظمتها، بنقل ما حملوه إلي أرضها من موجودات إلى بلد آخر سمح لهم بالانتقال إليه بقصد الاستقرار فيه)([60])

2-      .تنظر الدول المتعاقدة بعين العطف إلي الطلبات التي يقدمها اللاجئون للسماح لهم بنقل أي موجودات أخري لهم أينما وجدت، يحتاجون إليها للاستقرار في بلد آخر سمح لهم بالانتقال إليه).

ثانياً: حق اللاجئين في حفظ أموالهم وحيازتها ونقلها في القانون اليمني:

هذا الحق مكفول في القوانين اليمنية التي تسمح للأجانب بمن فيهم اللاجئين أن يتملكوا المنقولات وأن يتصرفوا بها بيعاً وتأجيراً وشراءً، وقد كان القانون اليمني يمنع الأجانب من تملك العقارات حتى عام 2010م حينما صدر قانون الإستثمار الذي سمح للأجانب بتملك العقارات، حيث نصت المادة (5) من هذا القانون على انه ( يحق للمستثمران أن يشتري أو يستأجر وان يحصل على حقوق الانتفاع بالأراضي والمباني سواء مملوكة ملكية خاصة أو عامة)([61]).

ثالثاً: حق اللاجئين في تملك الأموال وحيازتها ونقلها في الشريعة الإسلامية:

تقرر الشريعة الإسلامية للأفراد حرية تملك الأموال وحيازتها ونقلها والتصرف فيها طالما وهذه الأموال ليست محرمة في الشريعة الإسلامية، ومن الثابت لجوء اليهود من أوروبا خلال القرون الوسطى وما بعدها إلى الدولة العثمانية بولاياتها المختلفة حيث تملكوا الأموال وصاروا من أغنياء الدولة العثمانية وكان يطلق عليهم في تركيا يهود الدونمة([62]).

الحق الثالث عشر

حق اللاجئين في التقاضي

لا يستطيع اللاجئون الإنتفاع بحقوقهم أو الدفاع عنها أو المطالبة بها ما لم يكن حق التقاضي مكفولاً لهم، ولذلك يكتسب حق اللاجئين في التقاضي أهميته البالغة وحق التقاضي له أدوات ووسائل كثيرة منها حق اللاجئين في تقديم البلاغات والشكاوى عن الجرائم التي قد تقع عليهم وكذا حقهم في رفع الدعوى المدنية التبعية للمطالبة بالتعويضات عن الجرائم التي تقع عليهم وكذا حقهم في رفع الدعاوى المدنية والتجارية والشخصية للمطالبة بحقوقهم المدنية والتجارية والشخصية ، كما ان حق اللاجئين في التقاضي يعني حقهم في الدفاع والمساعدة القضائية في مواجهة البلاغات والشكاوى والدعاوي التي قد يتم رفعها عليهم سواءا امام مأموري الضبط القضائي أو النيابات والمحاكم بمختلف درجاتها وسنذكر هذا الحق في القانونين الدولي واليمني والشريعة الإسلامية وذلك على النحو الأتي:

أولاً: حق اللاجئين في التقاضي في القانون الدولي:

ورد هذا الحق في اتفاقية اللجوء وذلك في المادة (16) التي نصت على أن (

1-                 يكون لكل لاجئ، على أراضي جميع الدول المتعاقدة، حق التقاضي الحر أمام المحاكم.

2-      يتمتع كل لاجئ، في الدولة المتعاقدة محل إقامته المعتادة، بنفس المعاملة التي يتمتع بها المواطن من حيث حق التقاضي أمام المحاكم، بما في ذلك المساعدة القضائية، والإعفاء من ضمان أداء المحكوم به.

3-      فيما يتعلق بالأمور التي تتناولها الفقرة (2)، يمنح كل لاجئ، في غير بلد إقامته المعتادة من بلدان الدول المتعاقدة، نفس المعاملة الممنوحة فيها لمواطني بلد إقامته المعتادة)([63]).

ثانياً: حق اللاجئين في التقاضي في القانون اليمني:

مبدأ إقليمية القوانين يقتضي ان يتم تطبيق القوانين والتشريعات الوطنية على كل من يقيم على إقليم الجمهورية اليمنية بمن فيهم اللاجئين، سواء كانت قضايا اللاجئين مدنية أو جنائية أو شخصية، وبيان ذلك على النحو الآتي:

1-                 معالجة التشريعات الوطنية لقضايا اللاجئين المدنية:

القضايا المدنية هي المسائل التي يكون محلها التصرفات المدنية والتجارية والشخصية التي يكون اللاجئ طرفاً فيها مثل مسائل البيع والشراء والإيجار والعارية والشراكة والزواج والطلاق والفسخ وغيرها،وتنطبق على اللاجئين القوانين اليمنية باعتبارهم أجانب غير يمنيين وذلك يثير التنازع بين القوانين اليمنية وقوانين الجنسية الأصلية لهؤلاء اللاجئين، وقد نظم القانون المدني اليمني ذلك في المواد من (23) إلى (35)، وبيان ذلك على النحو الأتي:

·        المــادة(23): القانون اليمني هو المرجع في تكييف العلاقات عندما يطلب تحديد نوع هذه العلاقة في قضية تتنازع فيها القوانين وذلك لمعرفة القانون الواجب تطبيقه من بينها.

·        المــادة(24): يرجع في الحالة المدنية للأشخاص وأهليتهم إلى قانون جنسيتهم ومع ذلك فانه بالنسبة للتصرفات المالية التي تعقد في الجمهورية وتترتب آثارها فيها، إذا كان نقص أهلية الطرف الأجنبي الراجع إلى قانون بلده فيه خفاء لا يسهل على الطرف الأخر تبينه وكان كامل الأهلية بحسب القانون اليمني فانه لا يؤبه بنقص أهليته، ويرجع في نظام الأشخاص الاعتبارية الأجنبية من شركات وجمعيات وغيرها إلى قانون الدولة التي اتخذت فيها مركز إدارتها الرئيسي الفعلي ومع ذلك فإذا باشرت نشاطها الرئيسي في الجمهورية فان القانون اليمني هو الذي يسري.

·        المــادة(25): يرجع في الزواج والطلاق والفسخ والنفقات إلى القانون اليمني للأحوال الشخصية عند المرافعة.

·        المــادة(26): يرجع في المسائل الموضوعية الخاصة بالولاية والوصاية والقوامة وغيرها من النظم الموضوعة لحماية القصار والمحجوزين والغائبين إلى القانون اليمني.

·        المــادة(27): يرجع في الميراث والوصية وغيرها من التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت إلى قانون الأحوال الشخصية اليمني.

·        المــادة(28): يرجع في الحيازة والملكية والانتفاع والحقوق العينية الأخرى إلى قانون موقع المال إذا كان غير منقول (عقار) والى قانون المكان الذي يوجد به المال المنقول وقت تحقق سبب الحيازة او الملكية او الانتفاع او أي حق عيني آخر او سبب فقدها.

·        المــادة(29): يرجع في الآثار المترتبة على العقود إلى قانون الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا موطنا فان اختلف موطن كل منهما فإلى قانون البلد الذي تم فيه العقد ما لم يتفق المتعاقدان على قانون آخر او يتبين من ظروف الحال أنهما قصدا تطبيق قانون آخر وذلك باستثناء العقود التي تبرم في شان مال غير منقول (عقار) فانه يطبق قانون موقع المال (العقار) .

·        المــادة(30): يرجع في شكل العقود إلى قانون البلد الذي تمت فيه او القانون الذي يحكم موضوعها او قانون موطن المتعاقدين المشترك او قانونهما المشترك.

·        المــادة(31): يرجع في ضمان ما ينشا عن فعل غير تعاقدي أو في غرامته إذا وقع في الخارج إلى القانون اليمني.

·        المــادة(32): يرجع في قواعد الاختصاص والمسائل الخاصة بالإجراءات القضائية إلى قانون البلد الذي ترفع فيه الدعوى.

·        المــادة(33): لا تخل الأحكام المتقدمة بتطبيق القواعد التي ينص عليها قانون خاص او اتفاق دولي او معاهدة دولية نافذة في الجمهورية فأنها تطبق دون أحكام المواد السابقة وإذا لم يوجد نص في قوانين الجمهورية يحكم مسالة تنازع القوانين المعروضة على القضاء فيرجع إلى قواعد القانون الدولي الخاص المتعارف عليها دوليا ما لم يتعارض اي من ذلك مع أحكام الشريعة الإسلامية)، وهذا يعني تطبيق اتفاقية اللجوء التي وافقت عليها اليمن.

·        المــادة(34): يعيّن القاضي قانون الجنسية الواجب تطبيقه في حالة الشخص الذي لا تعرف جنسيته او تكون له جنسيات متعددة في وقت واحد، ومع ذلك إذا كانت إحدى الجنسيات المتعددة هي الجنسية اليمنية فان القانون اليمني وحده هو الذي يطبق.

·        المــادة(35): لا يجوز تطبيق أحكام قانون أجنبي تعين تطبيقه طبقا للنصوص السابقة إذا كانت هذه الأحكام تخالف أحكام الشريعة الإسلامية او الآداب العامة في الجمهورية.

2-                 معالجة التشريعات الوطنية لقضايا اللاجئين الجزائية:

مبدأ إقليمية القانون الجزائي من المبادئ التي اعتنقها القانون اليمني، فالأصل طبقاً لهذا المبدأ اليمني ان كل جريمة تقع في الإقليم اليمني يطبق عليها القانون اليمني ويختص بنظرها القضاء اليمني بصرف النظر عن مرتكبها سواء كان يمنياً أم أجنبياً لاجئاً أم غير لاجي، وفي هذا الشأن نصت المادة (3) من قانون الجرائم والعقوبات اليمني على انه(يسري هذا القانون على كافة الجرائم التي تقع على إقليم الدولة أياً كانت جنسية مرتكبها وتعد الجريمة مقترفة في إقليم الدولة إذا وقع فيه عمل من الأعمال المكونة لها ومتى وقعت الجريمة كلها او بعضها في إقليم الدولة يسري هذا القانون على من ساهم فيها ولو وقعت مساهمته في الخارج)([64]).

وفي السياق ذاته تنص المادة (17) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني على انه (

1-   يسري قانون الإجراءات الجزائية على كل عمل إجرائي يتخذ في إقليم الجمهورية.

2- تسري قوانين الإجراءات الجزائية على المواطنين، وكذلك على رعايا الدول الأجنبية والأشخاص عديمي الجنسية)([65]).

3-                 الوسائل والأدوات القضائية التي يستعملها اللاجئون للدفاع عن حقوقهم ومصالحهم:

الوسائل والأدوات القضائية التي يستعملها اللاجئون للدفاع عن حقوقهم ومصالحهم:هي الدعاوي والشكاوى والبلاغات التي يكون اللاجئ طرفاً فيها.

فالقوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية تكفل حقوق اللاجئين، وبموجب ذلك أيضاً تترتب على اللاجئين واجبات، كما انه ينبغي على اللاجئين احترام التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية وعدم مخالفتها وإلا كانوا عرضة للمسائلة المدنية والجنائية.

وحتى يتمكن اللاجئون من حماية حقوقهم فأن لهم تقديم الدعاوي المدنية الأصلية أمام المحاكم المدنية المختصة لحماية أموالهم وأملاكهم وأجورهم وحقوقهم، كما انه يحق للاجئين أن يتقدموا بدعاوي الحق الشخصي والمدني أمام القضاء الجزائي للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي تلحق بهم جراء الجرائم التي تقع عليهم او على ذويهم، وهذه الدعاوى مدنية تبعية يتم رفعها أمام القضاء الجزائي تبعاً للدعاوي الجزائية، كما يحق للاجئين أن يرفعوا أمام قضاة الأحوال الشخصية الدعاوي الشخصية كدعاو الزواج والطلاق والفسخ والنفقة والحضانة وغيرها، كما ان هذه الدعاوى الشخصية قد ترفع ضد اللاجئين من بعضهم او من غير اللاجئين.

كما يستطيع اللاجئون ان يتقدموا امام مراكز الشرطة والنيابة العامة بالشكاوى عن الجرائم والمخالفات التي تقع عليهم او على أموالهم وحقوقهم، ومن ناحية ثانية فأنه يحق للاجئين تقديم البلاغات الوجوبية والجوازية للإبلاغ عن الجرائم والمخالفات التي تقع على غير اللاجئين المبلغين.

وإذا قام اللاجئون بمخالفة التشريعات الوطنية او الاتفاقيات الدولية وترتب على ذلك الاعتداء على الأشخاص والأموال والحقوق فأن اللاجئين يكونوا محلاً للدعاوي والبلاغات والشكاوى التي يواجهها المجني عليهم إلى اللاجئين، فيكون اللاجئون طرفاً في هذه الدعاوي والشكاوى والبلاغات حيث يكون اللاجئ مدع عليه او مشكو به او مبلغ به.

الحق الرابع عشر

حق اللاجئين في الانتماء للجمعيات

المقصود بالجمعيات هنا الجمعيات التي لا تستهدف الربح، فقد تكون هذه الجمعيات خيرية تستهدف رعاية وتنظيم اللاجئين، كما قد تكون خاصة باللاجئين وقد تكون مهنية تنظم شئون مهنة معينة ينتمي إلى عضويتها اللاجئون وغيرهم، وهذا الحق المقرر للاجئين لا يقتصر على مجرد الإنتماء إلى عضوية هذه الجمعيات بل يشمل أيضاً ممارسة اللاجئين لأنشطتهم وحقوقهم في نطاق هذه الجمعيات ومن ذلك حق الترشيح والإنتخاب وكافة الأنشطة والفعاليات التي تدخل ضمن أغراض الجمعية، وحق اللاجئين في الإنتماء إلى الجمعيات مقرر في القانون الدولي والوطني والشريعة الإسلامية، وبيان ذلك على الوجه الآتي:

أولاً:حق اللاجئين في الإنتماء للجمعيات في القانون الدولي:

هذا الحق مقرر في المادة (15) من اتفاقية اللجوء حيث نصت هذه المادة على أن

(تمنح الدول المتعاقدة اللاجئين المقيمين بصورة نظامية في إقليمها، بصدد الجمعيات غير السياسية وغير المستهدفة للربح والنقابات المهنية، أفضل معاملة ممكنة تمنح، في نفس الظروف لمواطني بلد أجنبي)(.([66]

ثانياً:حق اللاجئين في الإنتماء للجمعيات في القانون الوطني:

لا يمنع قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية اليمني اللاجئين من تنظيم أنفسهم في جمعيات أو مؤسسات أهلية خاصة بهم أو الألتحاق في جمعيات نوعية أو مهنية.

ثالثاً: حق اللاجئين في الإنتماء للجمعيات في الشريعة الإسلامية:

الجمعيات من أهدافها وأغراضها حماية الحقوق وتنظيم الخدمات وترشيدها لجماعة من الناس([67]) بدلاً من الفوضى والإرتجال والعشوائية التي تصاحب مطالبة كل فرد بحقوقه أو خدماته على حدة، وهذه التنظيمات بما فيها الجمعيات من أبواب السياسة الشرعية الجائزة في الشريعة الإسلامية لما تحقق للمسلمين من مصالح ولما تدفع عنهم من مفاسد.

الحق الخامس عشر

حق اللاجئين في التنقل في دولة الملجأ

يحتاج اللاجئون إلى التنقل داخل حدود دولة الملجأ بين مدينة وأخرى أو من وإلى الأماكن المحددة لإقامة اللاجئين أو من أماكن إقامة اللاجئين إلى الأماكن التي يعملون بها وقد يكون التنقل طلباً للمساعدة والعلاج أو استكمال معاملات لدى جهات إدارية أو غير ذلك من ضروريات واحتياجات اللاجئين، ولكن هذا الحق لا يخل بحق دولة الملجأ في التثبت من هوية اللاجىء، وحق اللاجئين في التنقل مقرر في القانون الدولي والقانون الوطني والشريعة الإسلامية، وبيان ذلك على الوجه الآتي:

أولاً: حق اللاجئين في التنقل في القانون الدولي:

نظمت اتفاقية اللجوء هذا الحق في المادة (26) التي نصت على أن( تمنح كل من الدول المتعاقدة اللاجئين المقيمين بصورة نظامية في إقليمها حق اختيار محل إقامتهم والتنقل الحر ضمن أراضيها، علي أن يكون ذلك رهنا بأية أنظمة تنطبق علي الأجانب عامة في نفس الظروف).( ([68]

ثانياً: حق اللاجئين في التنقل في القانون اليمني:

حرية التنقل من الحقوق الأساسية المنصوص عليها في دستور الجمهورية اليمنية وكذا في قانون إقامة الأجانب الذي أجاز للأجانب عامة ومن ضمنهم اللاجئين بالتنقل شريطة أن يصطحبوا معهم جوازات أو وثائق السفر وأذن الإقامة حسبما ورد في المادة (14) من ذلك القانون([69]).

ثالثاً: حق اللاجئين في التنقل في الشريعة الإسلامية:

سبق أن ذكرنا أن أغراض تنقل اللاجئين قد تكون طلباً للرزق كما قد تكون بغرض العلاج أو قد يكون الغرض من ذلك قضاء حاجة من الحاجيات، وخلاصة الأمر أن تنقل اللاجئين قد يكون لتحصيل الضروريات أو قضاء الحاجيات، والحاجة تنزل بمنزلة الضرورة في الشرع([70])، فتنقل اللاجئين وسيلة لتحصيل الضروريات والحاجات وذلك واجب في الشريعة، فإذا كانت الشريعة الإسلامية توجب التنقل للحصول على الضروريات والحاجيات فأن ما دون ذلك يكون مباحاً.

الحق السادس عشر

حق اللاجئين في عدم فرض الرسوم والأعباء المالية عليهم

اللاجئون دفعتهم الضرورة والجأتهم الحاجة لمغادرة بلدانهم الأصلية طلباً للنجاة وتركوا أموالهم وأملاكهم في بلدانهم الأصلية، فهم عادة من الفقراء المعدمين، ولذلك من الحقوق الأصلية للاجئين أن لا تقوم دولة الملجأ بفرض أية رسوم أو ضرائب على اللاجئين، ولا يستثنى من ذلك إلا الرسوم التي تتحصلها دولة الملجأ من اللاجئين عند منحهم الوثائق الإدارية، ومن المناسب الإشارة إلى هذا الحق في القانون الدولي والوطني والشريعة الإسلامية، وذلك على النحو الآتي:

أولاً: حق اللاجئين في عدم فرض الرسوم والضرائب عليهم في القانون الدولي:

نظمت هذا الحق المادة (29)  من اتفاقية اللجوء التي نصت على أن (

1-      تمتنع الدول المتعاقدة عن تحميل اللاجئين أية أعباء أو رسوم أو ضرائب، أيا كانت تسميتها تغاير أو تفوق تلك المستوفاة أو التي قد يصار إلي استيفائها في أحوال مماثلة.

2-      ليس في أحكام الفقرة السابقة ما يحول دون أن تطبق علي اللاجئين القوانين والأنظمة المتعلقة بالرسوم المتصلة بإصدار الوثائق الإدارية، بما فيها بطاقات الهوية).( ([71]

ثانياً: حق اللاجئين في عدم فرض الضرائب والرسوم عليهم في القانون الوطني:

لم يرد ذكر أي إعفاء ضريبي للاجئين في القوانين والتشريعات الوطنية إلا أن اتفاقية اللجوء قد صارت بمثابة قانون وطني بعد أن صدر قانون بالموافقة عليها ومصادقة اليمن عليها.

ثالثاً: حق اللاجئين في امتناع دولة الملجأ عن فرض الضرائب والرسوم في الشريعة الإسلامية:

اللاجئون هم في غالبهم من الفقراء والمساكين وعابري سبيل، وعلى ذلك فهم مستحقون للصدقات فكيف تجبى الدولة منهم الضريبة؟ فذلك غير جائز، إضافة إلى أن تقرير الضرائب محل خلاف بين الفقهاء من حيث وجوبها، فيذهب بعض الفقهاء إلا أنها من قبيل المكوس المحرمة([72]).

وعلى هذا الأساس فأن الشريعة لا تمنع الدولة من فرض الضرائب والرسوم على اللاجئين.

الحق السابع عشر

حق اللاجئين في عدم طردهم أو إبعادهم من الدول التي لجأوا إليها

اللاجئون أشخاص تقطعت بهم السبل فلا يستطيعون العودة إلى بلدانهم  الأصلية التي فروا منهم خشية الإضطهاد والتعذيب، ولذلك فأن طردهم أو إبعادهم من الدول التي لجأوا إليها له مخاطر كثيرة، ولذلك ينبغي إحاطة الطرد والإبعاد بضمانات كثيرة لحماية اللاجئين، وسنذكر هذا الحق على النحو الآتي:

أولاً:حق اللاجئين في عدم طردهم أو إبعادهم من الدول التي لجأوا إليها في القانون الدولي:

وقد ورد هذا الحق في المادة 32 و33 من اتفاقية اللجوء حيث نصت المادة (32) على أنه(

1-      لا تطرد الدولة المتعاقدة لاجئا موجودا في إقليمها بصورة نظامية إلا لأسباب تتعلق بالأمن الوطني أو النظام العام

2-      لا ينفذ طرد مثل هذا اللاجئ إلا تطبيقا لقرار متخذ وفقا للأصول الإجرائية التي ينص عليها القانون. ويجب أن يسمح للاجئ ما لم تتطلب خلاف ذلك أسباب قاهرة تتصل بالأمن الوطني، بأن يقدم بينات لإثبات براءته، وبأن يمارس حق الاستئناف ويكون له وكيل يمثله لهذا الغرض أمام سلطة مختصة أو أمام شخص أو أكثر معينين خصيصا من قبل السلطة المختصة.

3-      تمنح الدولة المتعاقدة مثل هذا اللاجئ مهلة معقولة ليلتمس خلالها قبوله بصورة قانونية في بلد آخر. وتحتفظ الدولة المتعاقدة بحقها في أن تطبق خلال هذه المهلة، ما تراه ضروريا من التدابير الداخلية) وفي السياق ذاته نصت المادة (33) على أنه (     

1-  لا يجوز لأية دولة متعاقدة أن تطرد لاجئا أو ترده بأية صورة من الصور إلي حدود الأقاليم التي تكون حياته أو حريته مهددتين فيها بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلي فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية.

2- على أنه لا يسمح بالاحتجاج بهذا الحق لأي لاجئ تتوفر دواع معقولة لاعتباره خطرا علي أمن البلد الذي يوجد فيه أو لاعتباره يمثل نظرا لسبق صدور حكم نهائي عليه لارتكابه جرما استثنائي الخطورة يعد خطرا علي مجتمع ذلك البلد))[73]).

ثانياً: حق اللاجئين في عدم طردهم أو إبعادهم من الدول التي لجأوا إليها في القانون الوطني:

نظم القرار الجمهوري بالقانون رقم (47) لسنة 1991م بشأن دخول وإقامة الأجانب إبعاد وطرد الأجانب المخالفين عامة وذلك في المواد من 29 إلى نهاية المادة (38) وذلك على النحو الآتي([74]):

·   المــادة(29): يصدر من وزير الداخلية قرارا بأشكال وأوضاع بطاقات الإقامة والنماذج المنصوص عليها في هذا القانون والبيانات التي تتضمنها تلك النماذج والإقرارات .

·       المــادة(30): يحق للوزير بقرار منه أبعاد أي أجنبي بناء على قرار بأبعاده من لجنة الإبعاد.

·   المــادة(31): لا يجوز أبعاد الأجنبي ذو الإقامة الخاصة إلا إذا كان في وجوده ما يهدد امن الدولة وسلامتها في الداخل او في الخارج او اقتصادها القومي او الصحة العامة او الآداب العامة او كان عالة على الدولة ويصدر قرار الوزير بالإبعاد بعد عرض الأمر على اللجنة المنصوص عليها في المادة (34) وبعد موافقة رئيس الوزراء .

·   المــادة(32): مع مراعاة الإجراءات القانونية لوزير الداخلية والأمن إن يأمر بحجز من يرى أبعاده حتى تتم إجراءات الإبعاد .

·       المــادة(33): يبين الوزير بقرار منه الإجراءات التي تتبع في إصدار قرار الإبعاد وإعلانه وتنفيذه .

·   المــادة(34): تشكل لجنة الإبعاد على النحو التالي:
1- وكيل وزارة الداخلية المختص رئيسا
2- وكيل وزارة الداخلية لقطاع الأمن الداخلي عضوا
3- رئيس مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية عضوا
4- مدير عام الشئون القانونية بوزارة الداخلية عضوا
5- مدير عام الشئون العربية والأجنبية بالمصلحة عضوا ومقررا
وتنعقد اللجنة بناء على طلب رئيسها ويشترط لصحة انعقاد اللجنة حضور الرئيس وثلاثة أعضاء على الأقل وتصدر القرارات بأغلبية الأعضاء الحاضرين وعند تساوي الأصوات يرجح الجانب الذي منه الرئيس ويبلغ رأيها للوزير على وجه السرعة .

·       المــادة(35): على المصلحة إخطار الأجنبي الصادر بشأنه قرار الإبعاد كتابيا وتبين اللائحة شكل الإخطار والمدة التي يجب على الأجنبي المغادرة خلالها .

·       المــادة(36): لا يسمح للأجنبي الذي سبق إبعاده بالعودة إلى أراضي الجمهورية إلا بقرار الوزير .

·   المــادة(37): للمصلحة او من تخوله حق أخراج أي أجنبي يتمكن من الدخول إلى أراضي الجمهورية بأي طريقة كانت .

·   المــادة(38): لا تسري أحكام دخول وإقامة الأجانب على:
1- أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي الأجنبي المعتمدين في الجمهورية طالما كانوا في خدمة الدولة التي يمثلونها وفقا للقانون الدولي ، أما أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي غير المعتمدين في الجمهورية فتتبع بشأنها مبدأ المعاملة بالمثل .
2- ملاحي السفن والطائرات القادمة إلى الجمهورية الذين يحملون وثائق سفر بحرية او جوية من السلطات المختصة التابعين لها ويجب التأشير على هذه الوثائق من سلطات الجوازات بالموانئ والمطارات عند دخولهم أراضي الجمهورية او النزول فيها او مغادرتها ولا تخول هذه التأشيرة حق الإقامة إلا خلال مدة بقاء السفينة او الطائرات في المطار .
3- ركاب السفن والطائرات التي ترسو وتهبط في موانئ ومطارات الجمهورية الذين ترخص لهم السلطات المختصة بالنزول والبقاء مؤقتا في أراضيها خلال مدة بقاء السفينة او الطائرة في المطار على أن لا يتجاوز ذلك مدة أسبوع ويجب على ربابنة السفن والطائرات قبل الرحيل إبلاغ أدارة الهجرة عن تخلف أي راكب غادر السفينة او الطائرة وتسليمها جواز سفره فان لم يكتشف أمره إلا بعد الرحيل وجب عليهم أن يبلغوا تلك السلطات بأسماء المتخلفين وجنسياتهم برقيا وان يرسلوا وثائق سفرهم بأسرع الوسائل من أول ميناء او مطار يصلون إليه .
4- المعفون بموجب اتفاقيات دولية تكون الجمهورية طرفا فيها وذلك في حدود تلك الاتفاقيات .
5- من يرى الوزير إعفائه بإذن خاص لاعتبارات خاصة بالمجالات الدولية([75]).

ومن خلال مطالعتنا للفقرة (5) من المادة (38)السابق ذكرها تأكد لنا أنه القانون اليمني السابق ذكره لا يجيز طرد أو إبعاد اللاجئين لأن اليمن طرفاً في اتفاقية اللجوء السابق ذكرها.

ثالثاً: حق اللاجئين في عدم طردهم من دولة الملجاء في الشريعة الإسلامية:

ذكرنا أن هناك مخاطر وأضرار كثيرة تلحق باللاجئين إذا تم طردهم مثل إعادتهم للوقوع تحت التعذيب والاضطهاد أو سجنهم في دولهم الأصلية إضافة إلى مخاطر اجتيازهم لحدود دول ملجاء أخرى، والخلاصة أن في طرد اللاجئين مفاسد وأضرار، والشريعة الإسلامية تمنح الضرر والأضرار وفقاً للقاعدة المعتبرة  (لا ضرر ولا ضرار)([76])

خاتمة البحث

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات الذي وفقني إلى إتمام هذا البحث الذي خلصت فيه إلى نتائج وتوصيات عدة بيان أهمها على الوجه الآتي:

أولاً: نتائج البحث:

1- اللاجئون هم الأشخاص الذي يضطرون إلى مغادرة دولهم الأصلية نتيجة التعذيب والإضطهاد أو الخوف منهما، وقد قامت المنظمات الدولية الإقليمية بتوسيع مفهوم اللاجئين كي يشمل العدوان الخارجي على الدول أو السيطرة عليها ووجود أحداث تجعل الأمن العام والسكينة العامة في خطر.

2-        تتلخص أسباب اللجوء في القانون الدولي في التعذيب والإضطهاد الذي يقع على بعض الأفراد والجماعات بسبب الدين أو العنصر أو الإنتماء السياسي، وقد أضافت الإتفاقية العربية لشؤون اللاجئين واتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية لشئون اللاجئين أسباب لجوء أخرى كالعدوان الخارجي والإحتلال والسيطرة الأجنبية.

3- حقوق اللاجئين حددتها أتفاقية اللجوء عام 1951م وتتلخص هذه الحقوق في عدم ملاحقة اللاجئين ومسائلتهم عن دخولهم دولة الملجاء وإقامتهم فيها بطريقة غير قانونية وإعفاء اللاجئين من المعاملة بالمثل ومن التدابير الإستثنائية واحتفاظ اللاجئين بأحوالهم الشخصية طبقاً لقوانين دولهم الأصلية واحتفاظهم بملكياتهم للأموال وحقوق الملكية الفكرية والصناعية وكذا حق الإنتماء إلى الجمعيات وحق التقاضي وحق العمل وحق السكن وحق التعليم  والحق في المساعدات الإغاثية والضمان الاجتماعي وحق التنقل والحصول على وثائق السفر والإعفاء من الضرائب وعدم إبعادهم أو طردهم من الدولة التي لجأوا إليها.

4- حقوق اللاجئين من اسمها ووفقاً للاتفاقيات الدولية والقانون الوطني والشريعة الإسلامية هي حقوق ثابتة وينبغي النظر إليها والتعامل معها على هذا الأساس وتبعاً لذلك ينبغي التمكين الفعلي للاجئين منها، ويجب على دولة الملجاء ومواطنيها الوفاء بهذه الحقوق، فليست من قبيل الفضل أو الإحسان.

5- لم يرد ذكر الرعاية الصحية صراحة ضمن حقوق اللاجئين في الاتفاقية الدولية للجوء1951م مع اهمية حق الرعاية الصحية.

6- صدر في اليمن قانون بالموافقة على إتفاقية اللجوء وبموجب ذلك صارت هذه الإتفاقية بمثابة قانون وطني.

7- حقوق اللاجئين متناثرة في القوانين والتشريعات اليمنية المختلفة وليس هناك قانون وطني ينظم شؤون اللاجئين ويبين أسباب اللجوء وحقوق اللاجئين وواجباتهم، وقد كانت محاولات لاعداد مشروع قانون بهذا الا انها باءت بالفشل.

8- ليس هناك في اليمن جهة معينة بشؤون اللاجئين تقوم برعاية شؤونهم والتنسيق بين الجهات المختلفة لضمان تمكين اللاجئين من حقوقهم  علماً بانه قد صدر القرار الجمهوري (381) لسنة 2000م بأنشاء اللجنة الوطنية لشئون اللاجئين برئاسة نائب وزير الخارجية وعضوية وكلاء بعض الوزارات المختصة وانشاء لجنة فرعية بوزارة الخارجية الا ان شئون اللاجئين تحتاج إلى وحدة تنفيذية على غرار الوحدة التنفيذية لشئون النازحين.

9- ليس هناك أية إستراتيجيات أو خطط أو برامج وطنية بشأن اللاجئين لعدم وجود جهة تنفيذية دائمة تعمل على ذلك بصفة مستمرة.

ثانياً: توصيات البحث:

تتلخص أهم توصيات البحث في الآتي:

1- إصدار قانون وطني بشأن اللجوء واللاجئين يبين أسباب اللجوء وحقوق وشؤون اللاجئين وإجراءات التعامل معهم.

2- إنشاء وحدة تنفيذية دائمة تهتم بشؤون اللاجئين وتتولى رعاية مصالح وحقوق اللاجئين وتمكينهم من حقوقهم والإشراف على شؤونهم والتنسيق بين الجهات المختلفة المعنية بشؤون اللاجئين.

3-   إعتبار الرعاية الصحية من الحقوق الأساسية للاجئين.

4- إصدار قانون من مجلس النواب بالموافقة على أتفاقية اللجوء، لأن الموافقة السابقة على هذه الإتفاقية تمت بموجب قرار جمهوري بقانون عام 1978م حتى يحسم النزاع بشأن الوضعية القانونية للقرار الجمهوري لقانون المشار اليه.

(ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به وأعف عنا وأغفر لنا وأرحمنا انت مولانا فأنصرنا على القوم الكافرين) صدق الله العظيم

 

قائمة المراجع

1- الاتفاقية العربية بشأن وضع اللاجئين في البلدان العربية 1994م منشورات الإجتماع المشترك لوزراء العدل والداخلية العرب القاهرة 1994م

2-    اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية بشأن اللاجئين 1969م، مكتبة حقوق الإنسان جامعة منيسوتا.

3-   الأم، الأمام محمد بن إدريس الشافعي، دار أبو الوفاء، 1422هـ.

4-   اتفاقية اللجوء 1951م ، منشورات مركز دراسات الهجرة واللاجئين بجامعة صنعاء 2018م.

5-   أحكام الذميين والمستأمنين في دار الإسلام، د. عبد الكريم زيدان، مؤسسة الرسالة.

6- تاريخ الدولة العثمانية، يلماز اوز توزا، المحقق محمود الأنصاري، الناشر مؤسسة فيصل للتمويل تركيا 1408م.

7-   حق اللجوء بين الشريعة الإسلامية والقانون الدولي للاجئين، د.احمد ابو الوفاء، الرياض 2009م.

8- حقوق اللاجئين في الشريعة الإسلامية والقانون الدولي، د. صلاح الدين طلب فرج، الجامعة الإسلامية غزة.

9- دستور الجمهورية اليمنية، العدد السابع (الجزء الثاني من الجريدة الرسمية 2001م ، مطابع دائرة التوجيه المعنوي.

10-  دليل التدريب على رصد حقوق الإنسان – جامعة منيسوتا -الفصل الحادي عشر رصد وحماية حقوق الإنسان الخاصة بالعائدين والمشردين داخلياً.

11-   الزكاة والضرائب، د. محمد عثمان شبير، مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، كلية الشريعة، جامعة الكويت 1996م.

12-  سنن أبي داود، أبو داود سليمان بن الاشعث بن إسحاق بن بشير الازدي السجستاني المتوفي 275هـ المكتبة العصرية – صيدا بيروت.

13-      صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري،  دار ابن كثير دمشق 1423هـ.

14-  ضوابط الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة، وليد صلاح الدين الزير، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانون 2009م.

15- فتح الباري شرح صحيح البخاري، علي بن احمد بن حجر العسقلاني، تحقيق محب الدين الخطيب، 1985م.

16-      فقه الأولويات، د.يوسف القرضاوي، دار سوق عكاظ 1995م.

17- القانون رقم (1) لسنة 2001م بشأن الجمعيات والمؤسسات الأهلية، الجريدة الرسمية، العدد الأول 2001م،   وزارة الشئون القانونية.

18- القانون رقم (15) لسنة 2010م بشأن الاستثمار، وزارة الشئون القانونية، مطابع التوجيه المعنوي صنعاء 2010م.

19-  القانون المدني، وزارة الشئون القانونية، مطابع التوجيه المعنوي 2009م.

20-  القرار الجمهوري رقم (24) لسنة 1978م بالموافقة على أنضمام اليمن إلى أتفاقية الأمم المتحدة بشأن اللاجئين، الجريدة الرسمية، العدد السادس 1979م، المكتب القانوني للدولة.

21-  قانون الإجراءات الجزائية، وزارة الشئون القانونية، مطابع التوجيه المعنوي 2006م.

22-      قانون التأمينات الاجتماعية، وزارة الشؤون القانونية، مطابع التوجيه المعنوي 2006م.

23-  قانون الجرائم والعقوبات، وزارة الشئون القانونية، مطابع التوجيه المعنوي 2006م.

24-      قانون الجنسية، وزارة الشئون القانونية، نوفمبر 2004م.

25-  قانون دخول وإقامة الأجانب ولائحته التنفيذية، وزارة الشؤون القانونية ، مطابع دائرة التوجية، نوفمبر 2004م.

26-      قانون الرعاية الاجتماعية، الجريدة الرسمية، وزارة الشؤون القانونية، العدد الثاني 1996م.

27-  قانون العمل، وزارة الشؤون القانونية مطابع التوجيه المعنوي 2008م.

28-      قاعدة لا ضر ولا ضرار وتطبيقاتها الطبية، عايض عبد الله الشهراني، الرياض 1429هـ.

29-      كشف الأسرار، عبد العزيز بن احمد البزدوي، دار الكتاب الاسلامي.

30-      لسان العرب، ابن منظور، دار صادر بيروت 1992م.

31-  مبدأ المعاملة بالمثل بين الدول المضيفة في إطار القانون الدولي، د. زينب محمد عبد السلام، دار الكتب المصرية، الطبعة الأولى 2014م.

32-      المصباح المنير –احمد بن محمد بن على الفيومي المقري – مكتبة لبنان – بيروت 1987م.

33-  مختار الصحاح – محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي – دار الكتاب العربي بيروت 1981م مادة (نزح) ومادة (شرد).

34-  مبادئ توجيهية بشأن التشريد الداخلي – ملحق بتقرير ممثل الأمين العام للأمم المتحدة السيد فرنسيس دنغ إلى الدورة الرابعة والخمسين للجنة حقوق الإنسان – منشورات هيئة الأمم المتحدة – المجلس الاقتصادي والاجتماعي 27/9/ 2002م –7.

35-      نظرية الضرورة في الفقه الاسلامي، د. يوسف قاسم، دار النهضة العربية 1983م.

36-  النهاية في غريب الأثر، المبارك بن محمد بن محمد الجزري، مطبعة الجبلي، الطبعة الأولى 1383هـ،3/71.



[1])) النهاية في غريب الأثر، المبارك بن محمد بن محمد الجزري، مطبعة الحلبي، الطبعة الأولى 1383هـ،3/71.

[2])) سنن أبي داود 3/41.

[3])) لسان العرب، ابن منظور، دار صادر بيروت 1992م مادة (لجا).

[4])) نظرية الضرورة في الفقه الاسلامي، د. يوسف قاسم، دار النهضة العربية 1983م ص35.

[5])) حق اللجوء بين الشريعة الإسلامية والقانون الدولي للاجئين، د.احمد أبو الوفاء، الرياض 2009م ص12.

[6])) تم اعتبار هذه الحالات من قبيل اللجوء بموجب الاتفاقية العربية بشأن اللاجئين واتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية حتى تنسجم أسباب اللجوء واقع الحال في العالم العربي وإفريقيا لان أسباب اللجوء المحددة في اتفاقية اللجوء 1951م كانت تعبر  عن الآثار المترتبة عن الحرب العالمية في أوروبا.

[7])) اتفاقية اللجوء 1951م ، منشورات مركز دراسات الهجرة واللاجئين بجامعة صنعاء 2018م ص2.

[8])) المادة (1) من الاتفاقية العربية بشأن وضع اللاجئين في البلدان العربية 1994م وكذا اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية بشأن اللاجئين 1969م.

[9])) حقوق اللاجئين في الشريعة الإسلامية والقانون الدولي، د. صلاح الدين طلب فرج، الجامعة الإسلامية غزة ص8.

[10])) المرجع السابق ص9.

[11])) المصباح المنير – للعلامة احمد بن محمد بن على الفيومي المقري – مكتبة لبنان – بيروت 1987م مادة (نزح) ص129.

[12])) المرجع السابق مادة (شرد) ص38.

[13])) سورة الأنفال من الآية (57).

[14])) مختار الصحاح – العلامة محمد بن ابي بكر بن عبد القادر الرازي – دار الكتاب العربي بيروت 1981م مادة (نزح) ومادة (شرد).

(15) ورد هذا التعريف في مقدمة المبادئ التوجيهية للمشردين داخلياً، مبادئ توجيهية بشأن التشريد الداخلي – ملحق بتقرير ممثل الأمين العام للأمم المتحدة السيد فرنسيس دنغ إلى الدورة الرابعة والخمسين للجنة حقوق الإنسان – منشورات هيئة الأمم المتحدة – المجلس الاقتصادي والاجتماعي 27/9/ 2002م – ص7.

[16])) الجريدة الرسمية، العدد السادس 1979م، المكتب القانوني للدولة  ص15.

[17])) اتفاقية اللجوء 1951م، منشورات مركز دراسات الهجرة ص2.

[18])) قانون دخول وإقامة الأجانب ولائحته التنفيذية، وزارة الشؤون القانونية ، مطابع دائرة التوجيه، نوفمبر 2004م ص18.

[19])) سورة البقرة الآية (183).

[20])) اتفاقية اللجوء ص3.

[21])) دستور الجمهورية اليمنية، العدد السابع (الجزء الثاني من الجريدة الرسمية 2001م ، مطابع دائرة التوجيه المعنوي ص6.

[22])) فتح الباري، ابن حجر العسقلاني،6/125.

[23])) سورة الحشر الآية (9).

[24])) اتفاقية اللجوء، مركز دراسات الهجرة ص4.

[25])) اتفاقية اللجوء، مركز دراسات الهجرة ص7.

[26])) المادة (22) من قانون الخدمة المدنية.

[27])) تنص المادة (52) من لائحة قانون الخدمة المدنية على انه ( يجوز التعاقد بصورة مؤقتة مع غير اليمنيين لشغل وظيفة دائمة أو مؤقتة)

[28])) نظرية الضرورة، د. يوسف قاسم ص87.

[29])) اتفاقية اللجوء، مركز دراسات الهجرة ص9.

[30])) سورة التوبة الآية (6).

[31])) اتفاقية اللجوء، مركز دراسات الهجرة ص8.

[32])) المرجع السابق ص9.

[33])) قانون دخول وإقامة الأجانب ص23.

[34])) كشف الأسرار، عبد العزيز بن احمد البزدوي، دار الكتاب الاسلامي،2/33.

 ([35])اتفاقية اللجوء، مركز دراسات الهجرة ص10.

[36])) اتفاقية اللجوء، مركز دراسات الهجرة ص10.

[37])) انظر المادة (29) من قانون دخول الأجانب والمادة (11) و(15) و(19) من اللائحة التنفيذية لقانون دخول الأجانب.

[38])) انظر قانون التأمينات الاجتماعية المواد (3) و(4) و(9) و(27) و(77) و(78) و(104) و(110) و(119).

[39])) انظر قانون العمل المادة (3) و(24).

[40])) قانون الرعاية الاجتماعية، الجريدة الرسمية، وزارة الشؤون القانونية، العدد الثاني 1996م انظر المواد (2) و(6) و(8) و(9) و(10).

[41])) سورة التوبة الآية (24).

[42])) سورة المائدة الآية (89).

[43])) الأم، الأمام محمد بن إدريس الشافعي، دار أبو الوفاء، 1422هـ 4/132.

[44])) صحيح البخاري، كتاب العتق، باب العبد راع في مال سيده.

[45])) مبدأ المعاملة بالمثل بين الدول المضيفة في إطار القانون الدولي، د. زينب محمد عبد السلام، دار الكتب المصرية، الطبعة الأولى 2014م ص52.

[46])) اتفاقية اللجوء، مركز دراسات الهجرة ص11.

[47])) سورة الزمر الآية (7).

[48])) سورة الطور الآية (21).

[49])) اتفاقية اللجوء، مركز دراسات الهجرة ص12.

[50])) فقه الأولويات، د.يوسف القرضاوي، دار سوق عكاظ 1995م ص17.

[51])) اتفاقية اللجوء، مركز دراسات الهجرة ص11.

[52])) قانون الجنسية، وزارة الشئون القانونية، نوفمبر 2004م ص7.

[53])) قانون الجنسية ص8.

[54])) أحكام الذميين والمستأمنين في دار الإسلام، د. عبد الكريم زيدان، مؤسسة الرسالة ص192.

[55])) اتفاقية اللجوء، مركز دراسات الهجرة ص10.

[56])) القانون المدني، وزارة الشئون القانونية، مطابع التوجيه المعنوي 2009م.

[57])) أحكام الذميين والمستأمنين ص135.

[58])) اتفاقية اللجوء، مركز دراسات الهجرة ص10.

[59])) سورة الحجرات الآية (13).

[60])) اتفاقية اللجوء، مركز دراسات الهجرة ص11.

[61])) القانون رقم (15) لسنة 2010م بشأن الاستثمار، وزارة الشئون القانونية، مطابع التوجيه المعنوي صنعاء 2010م.

([62]) تاريخ الدولة العثمانية، يلماز اوز توزا، المحقق محمود الأنصاري، الناشر مؤسسة فيصل للتمويل تركيا 1408م 2/282.

[63])) اتفاقية اللجوء، مركز دراسات الهجرة ص9.

[64])) قانون الجرائم والعقوبات، وزارة الشئون القانونية، مطابع التوجيه المعنوي 2006م ص123.

[65])) قانون الإجراءات الجزائية، وزارة الشئون القانونية، مطابع التوجيه المعنوي 2006م ص3.

[66])) اتفاقية اللجوء، مركز دراسات الهجرة ص8.

[67])) انظر القانون رقم (1) لسنة 2001م بشأن الجمعيات والمؤسسات الأهلية، الجريدة الرسمية، العدد الأول 2001م،   وزارة الشئون القانونية، المواد (2) و(3) و(4) و(21) و(23).

[68])) اتفاقية اللجوء، مركز دراسات الهجرة ص8.

[69])) قانون تنظيم دخول وإقامة الأجانب ص13.

[70])) ضوابط الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة، وليد صلاح الدين الزير، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانون 2009م ص132.

[71])) اتفاقية اللجوء، مركز دراسات الهجرة ص11.

[72])) الزكاة والضرائب، د. محمد عثمان شبير، مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، كلية الشريعة، جامعة الكويت 1996م ص107.

[73])) اتفاقية اللجوء، مركز دراسات الهجرة ص10.

[74])) قانون دخول وإقامة الأجانب، وزارة الشئون القانونية ص48.

[75])) قانون دخول وإقامة الأجانب ص49.

[76])) قاعدة لا ضر ولا ضرار وتطبيقاتها الطبية، عايض عبد الله الشهراني، الرياض 1429هـ ص25.