زيادة راتب الموظف قبل تقاعده
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
من
الإشكاليات العملية التي يتكرر وقوعها حصول الموظف على زيادة في راتبه خلال الاشهر السابقة لإحالته إلى التقاعد غير
العلاوة السنوية أو اكثر من العلاوة السنوية كما قد يكون الموظف يتقاضى بدلات وحوافز شهرية منتظمة ولكن
لايتم ادراجها ضمن كشف الراتب انما
يتقاضاها الموظف في كشف اخر ،ففي حالات
كثيرة ترفض هيئة التأمينات عند صرف المعاش التقاعدي صرف الزيادات التي تطرا على
راتب الموظف قبل احالته الا اذا كان الزيادة قانونية كالعلاوة او تسوية وضع وظيفي
او رفع رواتب موظفي الجهة كلهم او موظفي
الدولةبمدة كافية شريطة أن تكون هذه الزيادات مقررة في قانون الخدمة المدنية وهيكل
الاجور، ولأهمية هذا الموضوع فقد اخترنا التعليق على الحكم الصادر عن الدائرة
المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 19/5/2013م في الطعن المدني
رقم (46824) وتتلخص وقائع القضية التي تناولها هذا الحكم أن احد مدراء فروع مؤسسة
من مؤسسات القطاع المختلط كان يتقاضى راتبا شهريا ضمن كشف الراتب الشهريً بالإضافة
إلى نصف راتب كان يصرف له كحافز بموافقة الإدارة العامة للمؤسسة بصنعاء وكان نصف
الراتب يصرف لمدير الفرع بصفة منتظمة ولمدة طويلة ولكن نصف الراتب لم يكن يظهر في
كشوفات الراتب الرسمية الشهرية، وعند بلوغ المدير سن التقاعد طلب من الإدارة
العامة للمؤسسة ضم نصف الراتب إلى كشف الراتب الرسمي حتى يستطيع مطالبة هيئة
التأمينات باجره الكامل المذكور في كشف الراتب الذي كان يتقاضاه شهرياً بإعتبار ذلك راتباً شهرياً الا
ان الادارة العامة وافقت على ضم ثلث الراتب المجنب إلى كشف راتبه الرسمي ،وبعدها تمت احالة الموظف إلى
التقاعد واحالة ملفه الى الهيئة العامة للتأمينات التي رفضت دفع الزيادة التي طرأت
على راتبه قبل احالته للتقاعد لان هذه الزيادة غير قانونية، فقام الموظف المتقاعد
برفع دعوى أمام المحكمة المختصة طالباً تنفيذ قرار احالته إلى التقاعد ودفع راتبه
المبين في ذلك القرار المتضمن الزيادة (ثلث الراتب) فردت هيئة التأمينات بأن تعميم
رئيس الهيئة يقضي باستبعاد أي زيادة في الراتب غير العلاوة وان مبلغ الزيادة الذي
تم اضافته إلى الراتب الاساس مخالف للقانون
وان أي مبلغ يصرف خارج كشف الراتب أما ان يكون مكافأة شهرية او اعتماداً
شهرياً أو حوافز شهرية ، فعقب الموظف المتقاعد المدعي بأن هناك محضر اتفاق فيما
بين المؤسسة التي يتبعها وهيئة التأمينات على احتساب المبالغ او الزيادة التي تدفع
للموظفين خارج كشف الراتب، وقد توصلت المحكمة الابتدائية إلى الحكم بان (يتم
احتساب الزيادة التي حصل عليها الموظف ضمن راتبه
التقاعدي والزام المؤسسة التي يتبعها المتقاعد بتوريد نسبة 13% من تلك
الزيادة عن (14) سنة قادمة وذلك إلى حساب هيئة التأمينات) وقد ورد ضمن أسباب الحكم
الابتدائي (حيث تبين للمحكمة أن المدعي يطالب الهيئة تسليمه كامل راتبه المذكور في
قرار احالته للتقاعد وهو مائه واربعة وعشرين الف ريال لأن هيئة التأمينات خصمت من
ذلك المبلغ عشرين الف ريال بحجة عدم استحقاقه لتلك الزيادة التي تم اعتمادها له
قبل تقاعده بخمسة اشهر ولم تظهر تلك الزيادة في كشوفات الراتب التي يتم توريد
اقساط التأمين الى هيئة التأمينات بموجبها
ولذلك فلم يتم احتساب اشتراكات
التامين على تلك الزيادة، ولان المؤسسة التي يتبعها المتقاعد قد اقرت بانها قد
اعتمدت تلك الزيادة في راتب المتقاعد قبل خمسة
اشهر من اصدارها لقرار احالته للتقاعد وحيث أن المؤسسة التي يتبعها المدعي
المتقاعد كانت قد اتفقت مع هيئة التأمينات على احتساب اقساط تأمين على الزيادات
غير المستقطع منها التأمين وذلك بواقع 13% من الزيادة ولمدة 14 أو 15 سنة قادمة ولذلك فان هذا الاتفاق
ينطبق على القضية محل النزاع) فلم تقبل هيئة التأمينات بالحكم الابتدائي فقامت
باستئنافه إلا أن الشعبة قضت بتأييد الحكم الابتدائي، وقد ورد ضمن اسباب الحكم الاستئنافي
(ان العشرين الف ريال الزيادة في راتب المتقاعد محل الخلاف عبارة عن زيادة في مرتب
الموظف قبل تقاعده ولذلك فهي جزء من مرتب الموظف المدعي وسواء أكانت الزيادة
قانونية او غير قانونية فالقرار الاداري المذكور قائم لم يطعن فيه بالنسبة للزيادة
المضافة الى المرتب الاساسي وتعتبر من المرتب الاساسي وتدخل ضمن الراتب التقاعدي
وحيث ان المؤسسة التي كان يعمل لديها الموظف المتقاعد قد قامت بتوريد اقساط
التامين العشرين الف الى هيئة عن الخمسة الاشهر السابقة لاحالته الى التقاعد لذلك
ينبغي عليها دفع بقية الاقساط لمدة (14) سنة حسبما ورد في الاتفاق بين هيئة التأمينات
والمؤسسة التي كان يعمل بها الموظف المتقاعد) فلم تقبل هيئة التأمينات بالحكم
الاستئنافي فقامت بالطعن فيه بالنقض الا ان الدائرة المدنية رفضت الطعن وأقرت
الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا ( اما من حيث الموضوع فان
الطاعن قد نعى على الحكم الاستئنافي مخالفته للقانون واعتماده على قرار احالة
الموظف للتقاعد في حين ذلك القرار غير ملزم لهيئة التأمينات كونها لم تكن طرفاً أو
معنية بذلك القرار، وبمراجعة الدائرة للأوراق فقد تبين للدائرة ان محكمة أول درجة
قد ناقشت كل تلك المناعي ثم ناقشت ذلك الشعبة الاستئنافية وقد تم ادخال المؤسسة
التي كان يعمل لديها الموظف المتقاعد وقد تم مواجهة هيئة التأمينات والمؤسسة التي
كان يعمل بها الموظف باستحقاق الموظف المحال للتقاعد ولذلك فان مناعي هيئة
التأمينات ليست في محلها) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه
الأتية :
الوجه الأول : الراتب الخاضع للاشتراك والاستقطاع من قبل هيئة التأمينات
من خلال مطالعتنا
للحكم محل تعليقنا نجد أن النقاش كان يدور بشأن الراتب الخاضع لاستقطاع اقساط
واشتراك التأمين المستحق لهيئة التأمينات، وفي هذا الشأن فقد حددت المادة (11) من
قانون التأمينات والمعاشات ان الاجر الذي تستقطع منه نسبة اشتراك التأمينات هو
المرتب الاساسي مع البدلات ولا يشتمل أية اجور إضافية او مكافأت ويجوز أن تتضمن
اللائحة التنفيذية تحديد الاسس والقواعد التي يمكن بموجبها شمول بعض البدلات
الاساسية والمزايا التي يمكن ان تخضع للاستقطاع لغرض استفادة الموظف المؤمن عليه من ذلك فيما يتعلق بحقوقه
التقاعدية، وفي هذا الشأن نصت المادة (17) من لائحة قانون التأمينات على جواز
استقطاع اشتراك تأمين من بعض البدلات الممنوحة للموظف شريطة ان تكون هذه البدلات
ثابتة ومستقرة ومرتبطة بالموظف المؤمن عليه شخصياً وليس بالوظيفة التي يشغلها
وتعتبر هذه البدلات جزءً من الاجر الاساس عند احتساب المعاش التقاعدي، ومن خلال
تطبيق هذه النصوص على الحكم محل تعليقنا نجد البدل او الحافز الذي كان يمنح لمدير
الفرع كان ثابتاً ومستقراً ومرتبطا بالوظيفة أي وظيفة مدير الفرع وبناءً على ذلك فقد قضى الحكم على
اعتبار ذلك البدل جزءً من المعاش التقاعدي للموظف المتقاعد وحيث انه لم يتم
الاستقطاع لحساب التأمينات من ذلك البدل الا لمدة خمسة اشهر فقد قضى الحكم بالزام
الجهة التي يتبعها الموظف المتقاعد بان تسدد لهيئة التأمينات اشتراكات بنسبة 13%
من مبلغ البدل الزيادة (عشرون الف ريال) وذلك لمدة (14) سنة حتى تستطيع هيئة
التأمينات تغطية نصاب الاشتراكات التامينية
بالنسبة لمبلغ البدل ومن ثم تقوم بإضافة البدل الزيادة الى المعاش التعاقدي
للموظف المدعي.
الوجه الثاني : الزيادات التي تطرأ على راتب الموظف قبل احالته للتقاعد :
تقرر المادة (38) من
قانون التأمينات والمعاشات أن الموظف المحال للتقاعد يستحق معاشاً تقاعدياً بنسبة
100% من المرتب الاساسي والبدلات عند بلوغه أحد الاجلين، وهذا الحكم عام يشمل أي
زيادات قد تطرأ على راتب الموظف ولو قبل احالته للتقاعد بفترة وجيزة، مهما كان
مبلغ الزيادة فلا يجوز لهيئة التأمينات الاحتجاج في مواجهة الموظف المحال للتقاعد
بانها لم تستقطع اشتراكات كافية عن الزيادات الكبيرة التي طرأت على راتب الموظف
المحال للتقاعد.
الوجه الثالث : الجهة المعنية بتحديد الراتب او الاجر الشامل للموظف المحال للتقاعد :
من خلال مطالعة الحكم محل تعليقنا نجد ان جانبا من الخلاف كان يتركز على مدى حجية قرار الجهة التي كان الموظف يعمل بها المتضمن اخر راتب شامل كان يتقاضاه الموظف المحال للتقاعد، ومن خلال مطالعة النصوص القانونية نجد ان القانون قد اناط بهيئة التامينات جمع البيانات التامينية عن الموظف واحتساب اشتراكاته في ضوء كشوف الراتب التي يتم موافاة الهيئة بها بانتظام، والله اعلم.