الاحياء في الرهق التابع للأرض الزراعية

 

الاحياء في الرهق التابع للأرض الزراعية

أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

من الإشكاليات التي يتكرر حدوثها الاحياء في الرهق التابع للارض الزراعية  حدود ملكية الرهق التابع للأرض الزراعية وكيفية الانتفاع به، ولذلك فقد اخترنا التعليق على الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 9/2/2013م في الطعن رقم (47228) وتتلخص وقائع القضية التي تناولها هذا الحكم ان احد الأشخاص قام بالإحياء في الرهق الخاص أو الحمى التابع للأرض الزراعية المملوكة له فنازعه  جاره الملاصق له في الأرض لانه كان ينتفع من ذلك الرهق فقضت المحكمة الابتدائية بأحقية المدعى عليه في حمى الأرض ولكنها قضت بأنه لا يحق له الاحياء في الحمى او الرهق وتحويله إلى أرض زراعية ،وقد أيدت الشعبة المدنية الاستئنافية الحكم الابتدائي، فقام مالك الأرض بالطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي فقبلت الدائرة المدنية الطعن ونقضت الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا (فقد تبين للدائرة أن الطاعن ينعي على الحكم الاستئنافي أنه ذكر في أسبابه أن المراهق والمرافق التابعة لأرض الطاعن إنما خصصت للانتفاع فلم تخصص للتملك، والدائرة تجد أن هذا التسبيب يخالف المواد (من 129 إلى 131) مدني والمادتان 1256 و 1157) مدني التي تنص على أن لمالك الشيء كل فوائده الأصلية والفرعية وملحقاته وتوابعه شرعاً وعرفاً وغيرها من المواد، والدائرة تجد أن المواد السابق ذكرها تثبت ملكية المفاسح والحمى المدعى به لمالك الأرض وأنه يجوز له احياؤها ولا يجوز لغيره الاحياء فيها وليس كما علل الحكم الاستئنافي) وسوف يكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ما هو مبين في الأوجه الأتية :

الوجه الأول : الحمى أو الرهق الخاص بالأرض الزراعية :

الحمى أو الرهق الخاص أو المفاسح هي عبارة عن أراضي بور صالبة لا تزرع تقع على جوانب الأرض الزراعية ينتفع بها مالك الأرض وتكون على حواف الأرض الزراعية ملاصقة لها، وقد حدد قانون أراضي وعقارات الدولة الرهق الخاص او الحمى اذا اتصل بالمراهق العامة كالجبال والهضاب والمنحدرات وذلك في المادة (41) التي نصت على أنه تعد من ملحقات الأراضي الزراعية المراهق الملاصقة لها اذا كان معدل ارتفاع الرهق لا تزيد نسبة انحداره على 20% درجة أو في حدود هذه النسبة اذا زاد معدل ارتفاع الرهق عن ذلك ويبدأ احتساب نسبة الانحدار من الحد الفاصل بين الرهق والأرض الزراعية الملاصقة له، وبموجب هذا النص فأن النسبة المحددة في النص تكون رهقاً خاصاً بالأرض الزراعية تابعة لها أي انها تكون مملوكة ملكية خاصة لمالك الأرض الزراعية الأصلية وملحقة بها ،ومقتضى ذلك أنه يحق لمالك الأرض الزراعية الاحياء في الرهق الخاص بأرضه الأصلية باعتباره في حكم المال الأصلي أو الأرض الزراعية الأصلية، وهذا ما قضى به الحكم محل تعليقنا وسند الحكم فيما قضى به هو نصوص القانون المدني التي صرحت بأن الحمى أو الرهق الخاص بالأرض ملحق من ملحقات الأرض الزراعية المبيعة وأنه من مفاسحها وحماها وأن المفاسح تعني أنه يجوز لمالك الارض أن يوسعها أو يفسحها على حساب الرهق التابع لها طالما وأن التوسعة في حدود النسبة المخصصة أو التابعة للأرض، غير أن المادة (46) من قانون أراضي الدولة قد اجازت انشاء المدرجات الزراعية في المراهق العامة المجاورة للارضي الزراعية الاصلية حتى لو تجاوزت النسبة الخاصة للمراهق الخاصة.

الوجه الثاني : اشكالية الإحياء المضاف إلى الأرض الأصلية :

اجاز الحكم محل تعليقنا لمالك الأراضي الزراعية الاحياء في المراهق الملاصقة للأرض الزراعية الخاصة أي تحويل تلك المراهق البور أو الصالبة إلى أراضي زراعية حيث تزيد مساحة الأرض الزراعية عما كانت عليه عن طريق الاحياء في مراهقها وضمها الى الارض الاصلية كما يتم  استحداث مدرجات أو مواضع زراعية جديدة في المراهق المجاورة للارض الاصلية،فهذه المساحات الاضافية ليس لها وجود في وثائق الملكية الأصلية التي اقتصرت على مساحة الأرض الأصلية المنتقلة إلى المالك عن طريق الأرث أو الشراء أو غير ذلك، وعلى هذا الأساس لا تكون لدى المالك وثائق ملكية مكتوبة تثبت ملكيته للاراضي التي قام باحيائها التي بحيازته، ولذلك تحدث النزاعات بشأن الأرض التي تم احياؤها في الرهق حيث يعمد البائعون السابقون للأرض الأصلية إلى الادعاء بأن تلك الأرض المستحدثة ليست ملكاً تابعاً للمالك الأصلي للأرض وإنما هي عبارة عن اعتداء على املاكهم وانه ليس للمالك الأصلي الا ما في بصيرته أي وثيقة الملكية أي المساحة المذكورة في بصيرته أو فصله لا سيما وقد ضاعت معالم الرهق الذي كان ملاصقاً للأرض الأصلية وتابعا لها، ولذلك يتمسك المالك بوثيقة ملكية للأرض الأصلية كما يتمسك بواقعة الاحياء للرهق التابع أو المجاور للأرض الزراعية وثبوته أو حيازته للأرض التي قام بإحيائها، ولذلك يتم اثبات حيازة الملك للارث على النحو السابق بيانه عند تعليقنا على حكم بعنوان اثبات حيازة الملك وحيازة الانتفاع.

الوجه الثالث : مصير رهق الانتفاع بعد تحول الأرض الزراعية إلى عرصة او ارض للبناء:

يذهب مفتي الجمهورية اليمنية السابق المرحوم فضيلة القاضي العلامة محمد بن أحمد الجرافي رحمه الله إلى ان رهق الانتفاع الذي كان مقرراً لمصلحة الأرض الزراعية يعود إلى أصله وهو الاباحة اذا تحولت الأرض الزراعية أو صارت عرصة او ارض للبناء، لان عرصة البناء لا تكون لها مراهق للشرب مثلاً، وبناءً على ذلك فأن رهق الأرض الزراعية ينتهي اذا تحولت إلى أرض بناء أو عرصة فيعود ذلك الرهق إلى أصله وهو الاباحة فيجوز للافراد غير المالك الاحياء في ذلك الرهق أو الثبوت عليه، والله اعلم.