المحكمة المختصة بنظر دعوى التعويض عن قتل العامل

 

المحكمة المختصة بنظر دعوى التعويض عن قتل العامل

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

قتل العامل مسألة جزائية يختص بنظرها القاضي الجزائي الذي قد يحكم بالقصاص أو الدية والتعويض وغيره  بمقتضى قانون العقوبات ،وفي الوقت ذاته ينص قانون التامينات على أن قتل  العامل أثناء عمله أو بسبب العمل او بمناسبته يعد إصابة عمل يجب على مؤسسة التامينات أو الجهة التي يعمل لديها العامل القتيل ان تدفع لاسرته دية خطأ كتعويض لاسرته ،وفي هذا الشان فقد قضى الحكم محل تعليقنا بان حادث  قتل العامل اثناء قيامه بعمله تعد إصابة عمل ولو كان القتل في الشارع بعيداً عن مقر العمل طالما أن القتل قد وقع والعامل يؤدي عمله كأن يكون العامل سائقاً أو موزعا أو ذاهبا أو عائدا من عمله،كما قضى الحكم  ً بان دعوى التعويض بموجب قانون التامينات تختص بنظرها المحكمة العمالية وليس القاضي المدني أو الجزائي،  فالحكم محل تعليقنا هو الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 26/4/2016م في الطعن رقم (57797) ،وتتلخص وقائع القضية التي تناولها هذا الحكم ان العامل كان يعمل سائقاً لدى الشركة صاحبة العمل واثناء انتقاله في احدى حارات المدينة تعرض لإطلاق نار عند حدوث اشتباك مسلح بين جماعتين متصارعتين ، فتقدم ورثته بدعوى تعويض أمام اللجنة التحكيمية العمالية تتضمن مطالبة الشركة التي كان يعمل لديها العامل بتعويضهم عن مقتل العامل الذي كان يعولهم،  فقامت الشركة المدعى عليها بالدفع بعدم اختصاص اللجنة العمالية لان القضية جنائية فليست إصابة عمل لانها لم تقع بسبب العمل، وقد توصلت اللجنة التحكيمية إلى الحكم على الشركة بدفع تعويض دية خطأ ومرتب شهرين مقابل دفن...الخ، ورفض الدفع المقدم من الشركة المدعى عليها، وقد أيدت الشعبة المدنية قرار اللجنة العمالية، وكذا أقرت الدائرة المدنية بالمحكمة العليا الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن اسباب حكم المحكمة العليا( اما ما اثارته الطاعنة في طعنها بعدم اختصاص محكمة الاستئناف بنظر الدعوى لان ذلك من اختصاص المحكمة الجزائية أو المدنية فتكرار لما سبق لها طرحه فقد سبق لها الدفع به أمام اللجنة التحكيمية في المرحلة الابتدائية التي ناقشته وفصلت فيه ،اما المبالغ التي قضى بها الحكم المطعون فيه فذلك من المسائل الموضوعية التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية :

الوجه الأول : القتل اثناء العمل يكون إصابة عمل :

عرف قانون التأمينات الإجتماعية إصابة العمل بانها (الاصابة بإحدى الأمراض المهنية المبينة بالجدول الملحق بهذا القانون أو الإصابة نتيجة حادث بسبب العمل أو اثناء تأديته، ويكون بحكم ذلك كل حادث وقع للمؤمن عليه خلال فترة ذهابه لمباشرة العمل أو إلى أي مكان حدده له صاحب العمل أو عودته منه إياً كانت وسيلة المواصلات غير الممنوعة بشرط ان يسلك الطريق الطبيعي دون توقف او تخلف او انحراف مالم يكن بغير ارادته) ولاشك أن قتل العامل أثناء عمله كسائق حادث حسبما ورد في هذا النص ولذلك ينطبق على هذا الحادث وصف إصابة العمل بحسب التعريف الوارد في هذا النص ، كما قد تقع إصابة العمل أي حادث القتل من قبل العامل نفسه كان ينقلب بالسيارة وقد يكون سبب القتل راجعا إلى الغير كان يصدمه سائق آخر أو يطلق عليه النار شخص اخر، فيندرج ضمن إصابة العمل حادث القتل الذي قد يتعرض له العامل اثناء ذهابه أو عودته من العمل مثلما حصل في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا.

الوجه الثاني : إصابة العمل والمسئولية الجزائية :

ذكرنا فيما سبق ان قتل العامل لأي سبب في اثناء عمله أو بسببه او بمناسبته يعد إصابة عمل حتى لو كان هناك  مسئولا جزائبا عن فعل القتل، بل حتى لو قام الجاني بدفع دية العامل فان اسرة العامل تستحق أيضاً التعويض عن إصابة العمل، لان الدية في قانون الجرائم والعقوبات هي عقوبة وليست تعويضاً حسبما صرح قانون الجرائم والعقوبات في اكثر من مادة من مواده، في حين ان إصابة العمل حق من الحقوق التأمينية للعامل او لورثته المستحقين بموجب قانون التأمينات الإجتماعية، ولذلك يجتمع الحق في التعويض عن قتل العامل مع حق الورثة في الدية المقررة بموجب قانون الجرائم والعقوبات.

الوجه الثالث : مقدار التعويض في حالة قتل العامل اثناء عمله :

بينت ذلك المادة (41) من قانون التأمينات  حيث نصت على أن (يستحق المصاب مبلغ تعويض إضافي يساوي دية الخطأ وذلك في حالات العجز الكلي المستديم أو الوفاة نتيجة إصابة العمل) حيث صرح هذا النص ان التعويض المستحق لاسرة العامل القتيل يكون دية خطأ يتم دفعها لاسرة العامل على سبيل التعويض حسبما صرح هذا النص.

الوجه الرابع : التعويض عن قتل العامل حق واجب الدفع حتى ولو لم يكن العامل مشمولاً بالتأمينات الإجتماعية :

من خلال مطالعة الحكم محل تعليقنا نجد انه قد قضى بإلزام الشركة التي كان يعمل لديها العامل القتيل بتعويض اسرته بدية القتل الخطأ، لان الشركة لم تقم بالتأمين على العامل القتيل لدى المؤسسة العامة للتأمينات، وهذا تقصير منها لأن التامين على العامل الزامي على صاحب العمل بموجب قانون التامينات، ولذلك فان العامل القتيل يستحق هذا التعويض سواء قامت الجهة التي كان يعمل لديها بالتأمين عليه أم لا، على انه اذا كان قد تم التأمين عليه فان المؤسسة العامة للتأمينات هي التي تتولى دفع هذا التعويض، والله اعلم.