احتساب ميعاد استئناف قرار اللجنة التحكيمية
العمالية
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
يقرر قانون العمل
ميعاد استئناف قرار اللجنة التحكيمية العمالية بصورة تختلف عنً الميعاد المقرر في قانون المرافعات
لاستئناف الأحكام الصادرة عن المحاكم الابتدائية، وهذا الأمر يلتبس على الكثيرين،
ولذلك فقد اخترنا التعليق على الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في
جلستها المنعقدة بتاريخ 17/2/2013م في الطعن رقم (47344) وتتلخص وقائع القضية التي
تناولها هذا الحكم أن احد الموظفين في شركة من شركات القطاع المختلط قام برفع دعوى
أمام اللجنة التحكيمية العمالية مدعياً بأن الشركة التي كان يعمل بها قد قامت
بفصله من عمله فصلاً تعسفياً وقد توصلت
اللجنة التحكيمية العمالية إلى اصدار قرارها بالزام الشركة المدعى عليها بتعويض
المدعي برواتب ستة أشهر تعويضاً عن الفصل التعسفي وراتب شهر مقابل شهر الانذار ولم
تحكم اللجنة للمدعي بطلباته الاخرى فقام الطاعن المدعي باستئناف قرار اللجنة
التحكيمية العمالية إلا أن الشعبة المدنية قضت بعدم قبول الاستئناف شكلاً لتقديمه
بعد فوات الميعاد المحدد قانوناً، فقام العامل بالطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي
فقبلت الدائرة المدنية الطعن وقضت بنقض الحكم الاستئنافي، وقد جاء في أسباب حكم
المحكمة العليا (وحيث أن المادة (139) من قانون العمل حددت الميعاد الذي يجب أن
يقدم الاستئناف فيه وهو شهرً من تاريخ التبليغ بقرار اللجنة التحكيمية وحيث أن
محكمة الاستئناف اعتبرت تاريخ استلام الطاعن نسخة من الحكم هو تاريخ تبليغه بقرار
اللجنة التحكيمية وقررت بناء على ذلك بان المستأنف قدم استئنافه بعد مضي شهر من
تاريخ استلام نسخة من الحكم فأنها تكون قد اخطأت في حساب المدة إذ أن المدة بين
تاريخ استلام القرار وتاريخ الاستلام او
التطبيق هي تسعة وعشرين يوماً ولما كان الأمر كذلك فالمتعين نقض الحكم
والاعادة إلى محكمة الاستئناف للنظر في استئناف الطاعن) وسيكون تعليقنا على هذا
الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية :
الوجه الأول :
الميعاد المقررقانةنا لاستئناف قرار اللجنة التحكيمية العمالية :
حددت ذلك المادة
(139) من قانون العمل التي نصت على أنه (1- اذا اراد احد اطراف النزاع استئناف
قرار اللجنة التحكيمية فان عليه أن يقدم عريضة استئناف بذلك إلى شعبة قضايا العمل
بمحكمة الاستئناف المختصة خلال فترة لا تزيد على شهر من تاريخ تبليغه بالقرار -2-
يحدد رئيس شعبة قضايا العمل تاريخ عقد الجلسة الأولى للفصل في الاستئناف المقدم
خلال فترة لا تزيد على خمسة عشر يوماً من تاريخ إيداع صحيفة الاستئناف -3- على
شعبة قضايا العمل ان تفصل في النزاع بحكم نهائي خلال فترة لا تزيد على ثلاثين
يوماً من تاريخ أول جلسة تعقدها للنظر في النزاع) ومن خلال استقراء هذا النص نلاحظ
ما ياتي :
1- ميعاد استئناف قرار
اللجنة التحكيمية العمالية محدد بالاشهر وهو شهر واحد حسبما ورد في النص السابق،
وهذا الميعاد غير منضبط من نواحي عدة لان تبليغ الأطراف لا يتم في الغالب في أول
الشهر بل في أي يوم من أيام الشهر حيث يتم
احتساب بداية الميعاد في اي يوم من ايام الشهر ولذلك فان هذا الميعاد يتداخل مع الشهر الذي يليه، ولا شك أن هذا عيب
قادح، ولذلك: فاننا نوصي بتدارك هذا العيب عند تعديل قانون العمل، اما ميعاد
الاستئناف المحدد في قانون المرافعات فهو محدد بالابام وهو ستون يوماً من تاريخ
استلام الخصم لنسخة الحكم ،ولذلك فان ميعاد الاستئناف في قانون المرافعات لا يثير
أية اشكالات مثل نظيره في قانون العمل.
2- يتم احتساب ميعاد
استئناف قرار اللجنة التحكيمية وفقاً للنص السابق يتم احتسابه وفقاً للقواعد
العامة في احتساب بداية الميعاد حيث يتم احتساب
بداية الميعاد من اليوم التالي لتبليغ الخصم بنسخة من قرار اللجنة
التحكيمية العمالية، فلا يتم احتساب اليوم الذي يتم فيه التبليغ حسبما ورد في النص
السابق، ولذلك فقد لاحظنا أن الحكم الاستئنافي كان قد اخطأ في احتساب بداية
الميعاد حيث احتسب يوم التبليغ ضمن الميعاد، في حين أن المحكمة العليا لم تحتسب
يوم التبليغ فكان ذلك سببا للحكم بأن الاستئناف كان قد تم تقديمه في الميعاد وليس
بعد فوات الميعاد حسبما قضى الحكم الاستئنافي المنقوض.
3- ميعاد استئناف قرار
اللجنة التحكيمية يقل عن ميعاد استئناف الاحكام الابتدائية حيث أن ميعاد استئناف
الاحكام الابتدائية ضعف ميعاد استئناف قرارات اللجنة التحكيمية العمالية، ويرجع
ذلك إلى طبيعة وخصوصية القضايا العمالية حيث يقرر القانون انه ينبغي يتم الفصل فيها بصورة عاجلة، ولذلك لاحظنا أن
النص السابق قد حدد مدة معينة لقيام محكمة الاستئناف بالفصل في استئناف قرار
اللجنة التحكيمية العمالية.
4- وردت في النص السابق
كلمة (تبليغ) الخصوم بنسخة من قرار اللجنة العمالية حتى يتم احتساب ميعاد استئناف
قرار اللجنة ابتداء من اليوم التالي للتبليغ والظاهر أن كلمة التبليغ مرادفة لكلمة
الاعلان الواردة في قانون المرافعات، ويتحقق المقصود اذا تم تسليم الخصم نسخة من
قرار اللجنة ،وهذا التقرير الوارد في قانون العمل يوافق ما ورد في قانون المرافعات
الذي قرر أن مدة الاستئناف يتم احتسابها من اليوم الثاني لاستلام الخصوم لنسخة
الحكم أو اعلانه بها اعلاناً صحيحاً.
5- النص القانوني السابق
الوارد في قانون العمل يقرر أن عريضة استئناف قرار اللجنة التحكيمية يتم تقديمه
إلى الشعبة الاستئنافية المختصة بنظر القضايا العمالية في حين أنه في قانون
المرافعات يستوى آن يتم تقديم الاستئناف أمام المحكمة الابتدائية التي أصدرت الحكم
الابتدائي المطعون فيه بالاستئناف أو تقديم الاستئناف لدى الشعبة الاستئنافية
المختصة ،بل أن الغالب انه يتم تقديم الاستئناف أمام المحكمة الابتدائية التي
أصدرت الحكم.
الوجه الثاني :
خصوصية استئناف قرار اللجنة التحكيمية العمالية :
الاسعدي للطباعة عن بعد : 772877717
لا ريب أن استئناف
قرار اللجنة التحكيمية العمالية له خصوصية كانت ظاهرة حسبما سبق بيانه في الوجه
الأول، لكن هذه الخصوصية تذوب تماماً عندما يتصل الاستئناف بالشعبة الاستئنافية
المختصة وهي القضاء الطبيعي حيث تنظر في استئناف قرار اللجنة التحكيمية العمالية
مثلما تنظر في الطعون الاستئنافية الاخرى وفقاً للإجراءات التي تتبعها الشعبة في القضايا الاخرى، والله اعلم.
الأسعدي للطباعة ت : 772877717