قال
تعالى:
وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ
وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ
عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً .
الآية
(70)
من سورة الإسراء
قائمة محتويات الدراسة
N |
رقم الصفحة |
مقدمة
الدراسة : |
3 |
المبحث
الأول : دور
أجهزة الضبط القضائي في تعزيز حقوق الإنسان . |
4 |
المبحث
الثاني : دور
أجهزة السلطة القضائية في تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها . |
6 |
المبحث
الثالث : حقوق
الإنسان في القانون الوطني ومدى توافقها مع الاتفاقيات الدولية. |
11 |
المبحث الرابع : دور وسائل الحماية الوطنية في تعزيز
حقوق الإنسان أثناء إنفاذ القانون . |
14 |
المطلب
الأول : وسائل
الحماية الشرعية الإسلامية لحقوق الإنسان . |
15 |
المطلب
الثاني :وسائل
الحماية التربوية البحثية لحقوق الإنسان . |
15 |
المطلب
الثالث: وسائل
الحماية المجتمعية لحقوق الإنسان . |
16 |
المطلب
الرابع :
وسائل الحماية الأمنية لحقوق الإنسان . |
17 |
المطلب
الخامس : وسائل
الحماية القضائية لحقوق الإنسان . |
18 |
المطلب
السادس : وسائل
الحماية القانونية والبرلمانية لحقوق الإنسان . |
18 |
المطلب
السابع : وسائل
الحماية الرقابية والإشرافية لحقوق الإنسان . |
20 |
المبحث الخامس : دور
وسائل الحماية الدولية في تعزيز حقوق الإنسان أثناء إنفاذ القانون . |
21 |
المطلب الأول : دور وسائل الحماية الدولية لحقوق
الإنسان في مجال التشريع الدولي . |
22 |
المطلب الثاني :
دور وسائل الحماية الدولية لحقوق الإنسان في مجال التدريب والتوعية والتمويل . |
24 |
نتائج
البحث : |
25 |
توصيات
البحث : |
29 |
مراجع
البحث ومصادره : |
34 |
m:
الحمدلله
الذي كرم الإنسان أفضل تكريم والصلاة والسلام أفضل تسليم على محمد المبعوث رحمة
للناس أجمعين وعلى آله وصحبه الطيبين
الطاهرين: أما بعد فقد قمت بإعداد ورقة العمل هذه الموسومة (أجهزة
الضبط القضائي ودورها في تعزيز حقوق الإنسان خلال مراحل إنفاذ القانون) بناءً على التكليف الصادر لنا من معالي
الأستاذة الفاضلة/حورية مشهور وزير حقوق الإنسان بتاريخ 30/09/2012م , حيث التزمت
بالعنوان المحدد وكذا المفردات التي ينبغي
أن تتضمنها ورقة العمل هذه وهي
استعراض موجز للحقوق في القانون الوطني
ومدى الالتزام بالمواثيق الدولية أثناء تطبيق القانون والصعوبات والمعوقات التي تعترض حقوق
الإنسان أثناء انفاذ القانون والأدوار التي يجب أن تضطلع بها آليات الحماية الوطنية والدولية بحسب ما ورد
في التكليف الصادر لنا , ولا ريب أن هذا الموضوع متشعب يتعلق بمواضيع ومجالات شتى
, ولذلك
فسوف نتناول هذا الموضوع على وفق خطة البحث الآتية:-
المبحــث
الأول: دور أجهزة الضبط القضائي في تعزيز
حقوق الإنسان .
المبحث الثاني: دور
أجهزة السلطة القضائية في تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها.
المبحث الثالث: حقوق
الإنسان في القانون الوطني ومدى توافقها
مع الاتفاقيات الدولية .
المبحث الرابع: دور
وسائل الحماية الوطنية في تعزيز حقوق الإنسان أثناء انفاذ القانون.
المبحث
الخامس: دور وسائل الحماية الدولية في تعزيز حقوق الإنسان أثناء إنفاذ القانون .
الخاتمــــــــــــة: وتتضمن
أهم نتائج هذا البحث وتوصياته .
المبحث الأول
دور أجهزة
الضبط القضائي في تعزيز حقوق الإنسان
طبقاً
لقانون الإجراءات الجزائية فالمقصود بأجهزة الضبط القضائي هي أقسام الشرطة ومــراكزهــا
وإدارت الأمن , وهذه وهــي الجهــات التــي أناط بها قــانــون الإجراءات الجزائيــــة
ضبـــــط المتهميـــــن بارتكاب الجـــرائم وإحالتهـــم إلــى النيابــــة العامة
خلال 24 ساعة من تاريخ القبض عليهم , كما أن هذه الجهات منوط بها طبقاً لقانون
هيئة الشرطة أن تتخذ الإجراءات والتدابير المناسبة والاحتياطية للحيلولة دون حدوث
الجرائم
.
من
خلال التعريف الموجز السابق يظهر بجلاء تام الدور المنوط بأجهزة الضبط القضائي وهو
ضبط المتهمين بعد وقوع الجرائم واتخاذ الإجراءات والتدابير التي تحول دون ارتكاب
الجرائم , وفي سبيل قيام أجهزة الضبط القضائي بضبط المتهمين والجرائم التي تحدث
فهي تقوم بإجراءات التفتيش للأشخاص
والمنازل والسيارات كما أنها في هذا السبيل تقوم بالقبض على المتهمين
والمشتبهين بارتكاب الجرائم كما أنها
تباشر إجراءات التحفظ على الأشخاص وإيقافهم واستيقافهم طبقاً لقانون الإجراءات كما أنها تقوم بجمع
الاستدلالات والاستماع إلى أقوال المتهمين والمشتبهين ومعاينة مسرح الجريمة وتحرير
محضر جمع الاستدلالات , وبعد ذلك تقوم هذه الأجهزة بإحــالة ملفات القضايا
والمتهمين إلى النيابـــة العامة خلال 24 ساعة .
كما
أن أجهزة الضبط القضائي تختص بمنع وقوع الجرائم واتخاذ الإجراءات والتدابير
المناسبة للحيلولة دون ارتكاب الجرائم ولهذه الغاية فإنها تقوم بأعمال المراقبة
ووضع الحواجز ونقاط التفتيش في الطرقات وأعمال التفتيش الوقائي والسؤال للمارة
والعابرين وغير ذلك .
ووفقاً
لما تقدم فهناك دور هام يقع على عاتق
أجهزة الضبط القضائي في مجال تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها ـــ فيجب على هذه
الأجهزة أن تعلم علماً يقينياً بمصفوفة حقوق الإنسان في أثناء مراحل القبض والتحفظ
والإيقاف والتفتيش وأن تلتزم بالضمانات
التي تحول دون انتهاك حقوق الإنسان ومن
أبرزها حق الإنسان في الحرية والتنقل وسلامته الجسدية والنفسية وحماية حريته
وحياته الشخصية وحرمة مسكنه وسيارته , وعلى أجهزة الضبط القضائي أن توائم دوماً
بين حمايتها لحقوق الإنســـان وقيــامهــا بـــواجباتها القانونية فـــي منـــع
الجــرائم قبــل وقــوعهـــا وضبطهـــا بعد وقوعها(1).
ومن
أهم المشاكل والصعوبات التي تظهر فيما يتعلق بأجهزة الضبط القضائي ما يأتي:-
1) أجهزة
الاستخبارات والمباحث الجنائية لا تقوم بإحالة المتهمين إلى القضاء خلال المدة
المقررة قانوناً (24 ساعة) , كما أن هذه الأجهزة
تلجأ في أحيان كثيرة إلى إخفاء المعتقلين لديها كما أنها تنتزع أقوال بعضهم
بأساليب وطرق غير قانونية .
2) تمارس
بعض أجهزة الاستخبارات أعمال الاعتقال والقبض التعسفي بدون إذن من النيابة وكذا
تباشر هذه الأجهزة أعمال المراقبة والتجسس من غير إذن من النيابة , كما أنها لا
تنفذ ضمانات حقوق الإنسان المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية .
3) كثير
من مراكز الشرطة تقوم بالقبض على الأشخاص لأغراض آخرى غير جنائية كالنزاعات
المدنية والتجارية والشخصية بين الأشخاص .
4) أجهزة
الضبط القضائي تمنع المتهمين من تصوير
مستندات القضايا المنسوبة إليهم كما أن أغلب هذه الأجهزة تمنع المحامين من حضور
الإجراءات التي تباشرها هذه الأجهزة في مواجهة المتهمين .
5) كثرة
جهات الضبط القضائي الخاص في اليمن وذلك يهدد حقوق الإنسان وحرياته , فكل جهة من
الجهات تسعى إلى النص في قانونها على أن يكون لها صفة الضبطية القضائية الخاصة , فموظفوا الصحة لهم
ضبطية وموظفوا الضرائب لهم ضبطية وموظفوا الجمارك لهم ضبطية وموظفوا البلدية لهم
ضبطية وكذاك الحال هيئة المواصفات والمحافظة على المدن التاريخية ووزارة الصناعة والتجارة وغيرها من الجهات
وأغلب هذه الجهات تتعسف في استعمالها لصفة
الضبطية فبعضها تقوم بحبس المخالفين ومصادرة أملاكهم .
المبحث الثاني
دور أجهزة
السلطة القضائية في تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها
أجهزة السلطة القضائية هي المحاكم والنيابات
بمختلف درجاتها , ولأجهزة السلطة القضائية دور هام وحيوي للغاية في مجال تعزيز
حقوق الإنسان وحمايتها , فحقوق الإنسان
تكون مجرد أمانٍ طيبة إن لم تجد من يقوم بانفاذها ويحمي حياضــها ويعاقـــب مـــن
ينتهكهـــا وذلك هو الدور المناط بأجهزة السلطة القضائية (1).
فالقضاء هو الذي يقرر حقوق الإنسان المختلفة
بواسطة الأحكام القضائية التي يصدرها ويتم تنفيذها اختياراً أو جبراً بواسطة
القضاء , والقضاء هو الذي يصدر أحكامه معاقباً من ينتهك حقوق الإنسان , فالمحاكم
المدنية هي التي تقضي وتقرر وتنفذ حقوق الإنسان المدنية كحقه في الملكية والاسم والصورة وحقه في التعاقد
والمحاكم الإدارية هي التي تقضي وتقرر وتنفذ حق الإنسان في الوظيفة والمكافأة والأجر والترقية وعدم النقل والفصل التعسفي
وكذا حقه في التعويض وإلغاء القرارات الإدارية المضرة بمركزه الإداري والوظيفي وكذا حقه في المساواة عند التعاقد مع
الدولة , كما أن المحاكم التجارية تقضي وتقرر حق الإنسان في العمل والتجارة وتحمي
حقه في العلامات والأسماء التجارية وكافة حقوق الملكية الفكرية بما فيها حق المؤلف
والفنان وغيره , كما أن المحاكم الشخصية أو قضاة الأحوال الشخصية هم الذين يقررون
في أحكامهم وينفذون حقوق الإنسان الشخصية كحقه في الزواج والطلاق والفسخ والنفقة
والحضانة وغيرها , كما أن قضاة الجنايات أو الجزاءات هم الذين يقضون في أحكامهم بالعقوبات الرادعة
على كل من ينتهك حقوق الإنسان كحق الإنسان في الحياة وكذا على كل من ينتهك حريته
بالحبس بدون حق أو تفتيشه بدون حق أو القبض عليه بدون حق أو التجسس عليه أو تعذيبه
أو حرمانه من حقوقه أو تقييد حريته أو منعه من التنقل والتجوال بحرية , فكل هذه الانتهاكات
لحقوق الإنسان وغيرها تعد جرائم بموجب قانون الجرائم والعقوبات ولكنها لا تجد
طريقها للتنفيذ إلا بموجب حكم قضائي نهائي أو بات يصدر من القضاء الجنائي المختص (2).
كما تعد النيابة العامة من ضمن أجهزة الضبط
القضائي طبقاً للدستور النافذ باليمن وهي التي تتولى التحقيق الابتدائي في كافة
الجرائم والمخالفات التي تقوم بضبطها أجهزة الضبط القضائي السابق ذكرها في المبحث
الأول , حيث تقوم النيابة بالتحقيق في تلك القضايا المضبوطة والمحالة إليها وبعدئذ
تتصرف النيابة العامة في ضوء نتائج التحقيق الابتدائي الذي تجريه النيابة العامة ,
فإن كانت الأدلة كافية لنسبة التهمة إلى المتهم فإن النيابة عندئذ تقوم بإصدار
قرار إحالة المتهم إلى المحكمة (قرار اتهام) وهو الدعوى الجزائية التي تباشرها
النيابة العامة نيابة عن المجتمع أمام القاضي الجزائي حتى يصدر حكمه فيها , أما
إذا توصلت النيابة العامة في تحقيقها إلى عدم كفاية الأدلة على نسبة التهمة إلى
المتهم فحينئذ تصدر النيابة قراراً بان لا وجه لإقامة الدعوى (1)
, والنيابة
العامة في اليمن تجمع بين سلطات أربع , السلطة الأولى: سلطة
التحقيق فهي التي تقوم بالتحقيق بكافة مشتملاته وتكون محاضرها في هذا الشأن محاضر
رسمية لها حجيتها , والسلطة الثانية: هي سلطة الاتهام
فالنيابة العامة وحدها هي الذي يجوز لها أن تقوم بالإدعاء نيابة عن المجتمع أمام
القضاء الجزائي , والسلطة الثالثة: أن النيابة العامة من ضمن هيئات القضاء حيث
تصدر قرارات وأوامر ذات طابع قضائي كــأمـــر الحفظ وقـــرار بأن لا وجـــه لإقــامــة
الـــــدعـــوى وقـــرار الاتهام , والسلطة الرابعة: هي قيام النيابة العامة
بالإشراف على تنفيذ الأحكام بل أنها هي التي تقوم بتنفيذ تلك الأحكام , وتباشر النيابة
العامة هذه السلطات الأربع مجتمعه من غير
وجود قاضي تحقيق كما هو الحال في مصر وفرنسا يقوم بالإشراف على النيابة والتحقيقات
التي تجريها للتثبت من حياد النيابة وسلامة إجراءاتها , وتبعاً لذلك فإن الإنسان
لا يكون باليمن بمأمن من تعسف النيابة العامة وشططها وافتياتها على حقوقه طالما
وهي تجمع بين هذه السلطات الأربع من غير رقيب أو حسيب .
ومن أهم المشاكل والمعوقات ذات الصلة بحقوق الإنسان التي
تظهر أمام النيابات العامة والمحاكم ما يأتي:-
1) جمع
النيابة العامة بين سلطات التحقيق
والإتهام والقضاء وتنفيذ الأحكام وذلك يجعلها
في أحيان كثيرة خصماً غير شريف يحرص حرصاً شديداً على الإدانة أكثر من حرصه
على البراءة مع أن الأصل البراءة وليس الإدانة .
2) طول
أمد التحقيق بنظر النيابة العامة قبل أن تتصرف النيابة في التحقيق , فبعض القضايا
ظلت رهن التحقيق لأكثر من عشر سنوات ولم تقم النيابة العامة بإحالة المتهمين إلى
المحكمة المختصة إلا بعد عشر سنوات بعد أن ضاعت معالم هذه القضايا وضاعت معها أوجه
الدفاع التي كان بوسع المتهمين التمسك بها ـــ علماً بان قانون الإجراءات يجعل
الحد الأعلى للتحقيق تسعة أشهر ويجبر النيابة العامة بعدها على التصرف بالقضية إما
بالإحالة إلى المحكمة والحفظ أو القرار
بأن لا وجه لإقامة الدعوى .
3) أكثر
الأحكام القضائية الجنائية تكون ذات جانب جنائي وجانب مدني وإزاء ذلك تقوم النيابة
العامة بتنفيذ الجانب الجنائي ولا تكتفي بذلك بل تقوم بتنفيذ الجانب المدني من
الحكم فترفض النيابة العامة إطلاق كثير من السجناء حتى ينفذوا الجانب المدني
المحكوم به عليهم وغالباً ما يكون مبالغ مالية لأصحاب الحق المدني الخاص ـــ وقد
علق أحد القانونيين المخضرمين على ذلك بان
النيابة العامة في اليمن ليست نيابة عامة فقط بل أنها نيابة خاصة تجبر الأشخاص
المحكوم عليهم على الوفاء لأصحاب الحق الخاص بما حُكم به لهم .
4) طول
إجراءات التقاضي التي تجعل طريق الوصول إلى الحقوق طويلاً ومعقداً ومرهقاً إضافة
إلى بطء إجراءات التقاضي , والعدالة المتأخرة ظلم .
5) كلفة
التقاضي باهظة وتتمثل في مصاريف التقاضي وأتعاب المحاماة والرسوم القضائية التي تم تعديلها مؤخراً وجعلها نسبة
من قيمة الدعوى ـــ فكثير من أصحاب الحقوق والحاجات يعجزون عن المطالبة بحقوقهم أمام
القضاء لذلك السبب لا سيما مع غياب العون
القضائي وعدم جداوه , وفي هذا المجال فليس هناك مساواة حقيقية أمام القضاء مع أن
المساواة من أهم حقوق الإنسان القضائية , فمن المؤكد أن الفقراء لا يتساوون مع
الأغنياء أمام القضاء (1).
6) تراكم
القضايا المنظورة أمام القضاء ففي بعض الأحيان تصل القضايا التي تكون بعهدة قاضٍ
واحد أكثر من ألفين قضية ــــ وهذا الوضع يجعل القاضي لا يوافق في حكمه الحقيقة
ـــ وهذا سبب من ضمن أسباب كثرة الأحكام الجائرة وسبب من أسباب ظاهرة بطء إجراءات
التقاضي .
7) عدم
استقلال القاضي في اليمن من الناحية الفعلية والعملية، مع أن الدستور ينص على أن
القضاء مستقل والقضاة مستقلون وذلك يعني أن السلطة القضائية برمتها مستقلة عن
سلطات الدول الأخرى التنفيذية والتشريعية (البرلمان والحكومة) كما أن مبدأ استقلال
القضاة أنفسهم يقتضي أن يكون القاضي نفسه مستقلاً حتى عن السلطة القضائية (القضاة
الأعلى درجة أو وظيفة) ولكن الواقع يظهران القضاة لا يتعرضون فقط لضغوطات ومؤثرات
من السلطات الأخرى (الحكومة والبرلمان) بل أن القضاة يتعرضون إلى ضغوط ومؤثرات
أكبر وأخطر من داخل السلطة القضائية ذاتها من رؤساء المحاكم والقضاة الأعلى منهم –
وذلك يؤدي إلى إهدار كثير من الحقوق بدلاً من حمايتها.
8) النصوص
القانونية في اليمن سواء في مجال حقوق الإنسان أو غيرها مفرطة في العمومية
والتجريد ، ولذلك تتفاوت الأحكام القضائية وتختلف في القضية أو الواقعة الواحدة ما
بين قاضي وقاضي وما بين محكمة وآخري – ولذلك فكل قاضي يفهم حقوق الإنسان بطريقته .
المبحث الثالث
حقوق الإنسان
في القانون الوطني ومدى توافقها مع الاتفاقيات الدولية
ذكر
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ماهية حقوق الإنسان ولا يتسع المجال لذكرها هنا
تفصيلاً ومن أهم الحقوق المساواة بين الناس في الكرامة والحقوق والتمتع بها من غير
تمييز وحق الإنسان في الحياة والحرية وسلامة شخصه وعدم استعباده أو تعذيبه وحق
الإنسان في الاعتراف بشخصيته والمساواة مع غيره أمام القانون وحقه في اللجوء إلى
القضاء وعدم جواز القبض عليه أو حجزه أو نفيه وحقه في المحاكمة مع الآخرين على قدم
المساواة أمام محكمة مستقلة نزيهة عادلة تفصل علنياً في حقوقه والتزاماته وفي أية
تهمة جنائية توجه إليه وأن كل شخص متهم بجريمة يعد بريئاً إلى أن تثبت إدانته وأن لكل
إنسان حق التملك بمفرده أو بالاشتراك مع غيره وكذا الحق في تقلد الوظائف العامة
والحق في العمل والحق في التعليم والحق في حماية حقوقه الأدبية والفكرية .... وغير
ذلك (1) ، والتشريعات اليمنية التي تضمنت حقوق
الإنسان المنصوص عليها في الإعلانات والمواثيق والعهود الدولية كثيرة جدا ولا يتسع
المجال لذكرها هنا وتكفي الإشارة إلى بعض هذه التشريعات ، حيث تناول الدستور
النافذ الحقوق والحريات وأغلبها وردت في الباب الثاني من الدستور بعنوان (حقوق
وواجبات المواطنين الأساسية) ومن ذلك حق المواطنين في المساواة في الحقوق
والواجبات وحقهم في الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية
وحق الانتخاب والترشيح والجنسية وأن المتهم بري حتى تثبت إدانته وعدم جواز مصادرة
وتقييد حريته أو القبض عليه أو تفتيشه أو حجزه إلا في حالة التلبس (1) ، ومن جهته تناول القانون المدني
الحقوق المدنية للإنسان حيث تناول مصادر حق الملكية وأحكامه ومسؤوليات الإنسان
المدنية العقدية والتقصيرية وغيرها ، كما
تناول قانون الأحوال المدنية بعض الحقوق المدنية كاسم الإنسان وحقوقه في
المواطنة وهويته ، كما نظم قانون الجنسية حق الإنسان في الجنسية وكيفية منحها
والآثار المترتبة عليها ، كما تناول قانون الإجراءات الجزائية وقانون المرافعات
المدنية والتجارية إجراءات حق التقاضي وقواعد المحاكمة العادلة ومبادئها، في حين
نظم قانون الأحوال الشخصية حق الإنسان في الزواج والطلاق والفسخ والنفقة والحضانة
والولاية والوصاية وحقه في الميراث ....وغيره، ونظم قانون الانتخابات حق الإنسان
في الترشيح والانتخاب ، وهكذا في بقية القوانين ، وخلاصة القول أن التشريعات
والقوانين الوطنية قد تناولت ونظمت كافة حقوق الإنسان المنصوص عليها في الإعلانات
والمواثيق الدولية، كما أن القوانين الوطنية تتوافق مع الإعلانات والمواثيق
الدولية بشأن الغالبية العظمى لحقوق الإنسان ولا خلاف بين القوانين الوطنية
والإعلانات والمواثيق الدولية إلا فيما يتعلق بالنصوص التي يتضمنها قانون الجرائم
والعقوبات النافذ والمتعلقة بالقصاص في النفس ومادون النفس والنصوص المتعلقة
بعقوبة الجلد في زنا البكر وشرب الخمر والقذف وعقوبة قطع الأطراف والصلب في جريمتي
الحرابة والسرقة وكذا عقوبة الإعدام في الردة والجرائم الماسة بأمن الدولة وكذلك
تتعارض بعض النصوص في الدستور اليمني وبعض القوانين اليمنية مع بعض نصوص اتفاقية
القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو) حيث يرى بعض الباحثين (2) أن المادة (5) من الاتفاقية الدولية
المشار إليها تلغي التزام الأم بالقيام بواجب الأمومة ورعاية الأسرة حيث تنص
المادة السالف ذكرها على أن الأمومة وظيفة اجتماعية يقوم بها المجتمع ولا تختص بها
الأم كما أن الاتفاقية المشار إليها تلغي ولاية الأب على أبنته كما تسمح هذه
الاتفاقية بزواج المسلمة من غير المسلم وكذا زواجها من غير أذن أبيها أو أخيها أو
وليها الشرعي ، كما أن الاتفاقية تسمح بإقامة علاقة جنسية غير شرعية خارج نطاق
الزواج الشرعي كما تنص المادة (13) من الاتفاقية على المساواة بين الذكور والإناث
في الميراث خلافاً لقوله تعالى (لِلذَّكَرِ
مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) كما تلزم المادة (12) من الاتفاقية
الدولية الدولة بتوفير موانع الحمل للمرأة سواء كانت متزوجة أم غير متزوجة ، في حين
منعت المادتان (10،11) من السيداو الفصل بين الطلاب والطالبات في مقاعد الدراسة
......الخ ، كما أن اتفاقية حقوق الطفــــل قد أبــــاحت نظـــام التبني للطفـــل
في حيـــن أن الشـــريعة تحــرمه بقوله تعالى (
ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ
عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ
تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ) (1).
ومع
هذا فإن اتفاقية السيداو مرنة في هذا الشأن إذ لم تلزم الدول كافة بتطبيق كافة
مواد بنود الاتفاقية حيث أتاحت للدول أن تطبق من الاتفاقية ما يتوافق مع قيمها
وعقائدها الدينية ، وتبعاً لذلك لا مجال للتعذر بهذه النصوص المخالفة للشريعة
الإسلامية في تعطيل كافة بنود اتفاقية السيدوا التي لا تخالف الشريعة , ومن أهم
الإشكالات التي تثار في هذا الشأن أن الغالبية العظمى من القضاة في اليمن لا يستندون
في أحكامهم ذات الصلة بحقوق الإنسان إلى الاتفاقيات الدولية ولا يشيرون إليها في
منطوق الحكم وأسبابه حيث يكتفون بذكر نص القانون الوطني الذي تضمن حقوق الإنسان ،و
السبب في ذلك يرجع إلى عدم قيام الجهات المختصة بالتشريع والنشر القانوني
كالبرلمان ووزارتي الشؤون القانونية والعدل بنشر الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق
الإنسان في كتب ومجلدات رسمية تحمل شعار الدولة واسم الجهة الحكومية المختصة
(البرلمان- الشؤون القانونية- العدل) حتى يتعامل القاضي مع تلك الاتفاقيات على
أنها قانون وطني ، كما يعتقد أغلب القضاة اعتقاداً جازماً بأن كافة حقوق الإنسان
قد تضمنتها القوانين الوطنية ولا حاجة لذكر نصوصها في الأحكام القضائية الوطنية (2).
المبحث الرابع
دور وسائل الحماية
الوطنية في تعزيز حقوق الإنسان في أثناء إنفاذ القانون
من
المهم للغاية بيان المقصود بوسائل الحماية الوطنية لحقوق الإنسان وفي سياق ذلك سوف
تظهر الأدوار التي تضطلع بها هذه الوسائل ومما يجدر ذكره أن وسائل الحماية الوطنية
لحقوق الإنسان تتعدد وتتنوع ، ويمكن الإشارة إليها على النحو الأتي:
المطلب
الأول : المساجد والمراكز والجمعيات الإسلامية (وسائل الحماية الدينية الإسلامية)
المطلب الثاني : المدارس
والجامعات والمعاهد ومراكز البحث (وسائل الحماية التربوية والبحثية)
المطلب
الثالث : منظمات المجتمع المدني (وسائل الحماية المجتمعية)
المطلب
الرابع : مراكز الشرطة وإدارات الأمن (وسائل الحماية الأمنية)
المطلب
الخامس : النيابات والمحاكم (وسائل الحماية القضائية)
المطلب
السادس : البرلمان (وسائل الحماية القانونية والبرلمانية)
المطلب السابع : وسائل الحماية
الرقابية والإشرافية (وزارة حقوق الإنسان-
الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ـــ البرلمان)\
ولكثرة
وسائل الحماية المختلفة السابق ذكرها وتشعب هذه الوسائل وتداخلها فسوف نكتفي
بالإشارة إليها بإيجاز وعلى النحو الأتي :
المطلب الأول
وسائل الحماية
الشرعية الإسلامية لحقوق الإنسان
وتتمثل
هذه الوسائل بالمساجد والمراكز والجمعيات الإسلامية وجمعيات علماء الإسلام ودار
الإفتاء، حيث يشكل الدين الإسلامي عقيدة وشريعة المجتمع اليمني المسلم وقد سبق أن
أشرنا إلى أن حقوق الإنسان المنصوص عليها في الإعلانات والمواثيق الدولية لا
تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية إلا في حدود ضيقة للغاية على النحو السابق
بيانه ، وما يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية يحظي بقبول المواطنين اليمنيين ،
ولذلك من المهم للغاية تضمين الخطاب الدعوى الإسلامي في اليمن مفاهيم حقوق الإنسان
وذلك في الخطب والمواعظ الإسلامية والفتاوى الشرعية بصفة منتظمة وذلك بواسطة
المساجد والمراكز والجمعيات الإسلامية وجمعيات العلماء ودار الإفتاء لما تحظى به
هذه الجهات من احترام المواطنين ولحرص هؤلاء على العمل بموجب ما ورد في الفتاوى
والخطب والمواعظ الإرشادية ، لأن الغالبية العظمى من المواطنين تظن أن حقوق
الإنسان مفاهيم مستوردة تفرضها على المجتمع المسلم الدول الغربية والمنظمات
الدولية التي تسير في فلكها بحسب فهم بعض المواطنين (1).
المطلب الثاني
وسائل الحماية
التربوية والبحثية لحقوق الإنسان
الاحترام
لحقوق الإنسان وحمايتها يحتاج إلى إدماج مفاهيم حقوق الإنسان في المدارس والجامعات
والمعاهد كي يعرف المواطن ماهية حقوق الإنسان وأهميتها فلا يعقل أن يطالب الإنسان
ويدافع عن حقوق لا يعرفها ولا يعرف كيفية المطالبة بها والدفاع عنها كما إن كثير
من إشكالات تطبيق حقوق الإنسان وتنفيذها تحتاج إلى دراسات وبحوث يقوم بها الباحثون
الأكاديميون على وفق مناهج البحث العلمي ويتوصلون بها إلى نتائج وتوصيات لمعالجة
إشكاليات تطبيق حقوق الإنسان ووسائل حمايتها وكفالة احترامها وكيفية المطالبة بها
والدفاع عنها.
وفي
هذا المجال نجد أن هناك قصور حيث أن حقوق الإنسان بالكاد تم إدماجها ضمن مناهج
الدراسة في كليات الشريعة والقانون والحقوق في حين أن البحوث المتخصصة في مجال
حقوق الإنسان باليمن لا زالت قليلة باستثناء البحوث التي تتم مناقشتها في الورش
وحلقات النقاش والندوات التي تُعقد في مجال حقوق الإنسان.
المطلب الثالث
وسائل الحماية
المجتمعية لحقوق الإنسان
وتتمثل
هذه الوسائل في منظمات المجتمع المدني كالنقابات والاتحادات والجمعيات والأحزاب
والمؤسسات الطوعية غير الحكومية ، لاسيما المتخصصة والناشطة في مجال حقوق الإنسان
، ويفترض أن تلعب هذه المنظمات دوراً رائداً في مجال حماية حقوق الإنسان واحترامها
لكثرة هذه المنظمات وتمثيلها لشرائح المجتمع المختلفة وانتشارها في مناطق البلاد
المختلفة (1) ، فضلاً عن أنه يفترض
أن تتولى هذه المنظمات الدفاع والحماية لحقوق المواطنين الذين تمثلهم .
إلا
أن الأمانة العلمية تقتضي القول بأن بعض منظمات المجتمع المدني تظهر فجأة وتختفي
فجأة وبعضها نشاطها موسمي ولا هدف لها سوى اصطياد المساعدات والهبات فضلاً عن أن بعضها
فئوية تدافع وتحمي فقط حقوق الفئات التي تمثلها وبعض هذه المنظمات مناطقية (تعمل
ضمن منطقة جغرافية معينة) ولا تعمل على مستوى الوطن، وهذه لا تهتم إلا بحماية حقوق
المواطنين في المناطق التي تعمل بها.
المطلب الرابع
وسائل الحماية
الأمنية لحقوق الإنسان
سبق
أن أشرنا في المبحث الأول إلى دور مراكز الشرطة وإدارات الأمن في مجال حقوق
الإنسان واختصاصاتها والصلاحيات المناطة بها وعلاقتها الوثيقة بحماية حقوق الإنسان
في أثناء قيامها بالإجراءات والتدابير التي تحول دون وقوع الجريمة أو ضبط الجريمة
والمتهمين بعد ارتكابها ، ولا حاجة إلى تكرار ما سبق ذكره هنا خشية الإطالة ،
ونضيف إلى ذلك بأنه يقع على عاتق وسائل الحماية الأمنية لحقوق الإنسان تسهيل عملية
الإبلاغ عن الانتهاكات لحقوق الإنسان وكذا دراسة واقتراح التدابير والوسائل
الكافية والمناسبة لمنع وقوع الجرائم على حقوق الإنسان أو في مجال ضبط الجرائم
التي تقع على حقوق الإنسان ، لأن حقوق الإنسان لها الأولوية وفقاً لأحكام الشريعة
الإسلامية والقوانين الوطنية والاتفاقيات والعهود الدولية ، وقد أشرنا فيما سبق
إلى أن بعض وسائل الحماية الأمنية لحقوق الإنسان بدلاً من أن تقوم بالحماية
الأمنية لحقوق الإنسان فهي تقوم بانتهاك حقوق الإنسان حينما تقوم بالقبض على
الأشخاص أو تفتيشهم أو حبسهم وغير ذلك , وبعض هذه الانتهاكات ليست ممنهجة وإنما
تتم بوسيلة عفوية , لذلك من المهم للغاية إدماج مفاهيم حقوق الإنسان في كليات
الشرطة ومعاهدها ومدارسها المختلفة والتركيز على أهمية حقوق الإنسان وآثارها
والتأكيد على العقوبات المقررة على من ينتهك حقوق الإنسان وكذا تدريس المدونة
الدولية لقواعد سلوك الموظفين المكلفين بتنفيذ القوانين في مجال حقوق الإنسان (1).
المطلب الخامس
وسائل الحماية
القضائية لحقوق الإنسان
سبق أن ذكرنا في المبحث الثاني دور أجهزة القضاء
في تنفيذ وتطبيق حقوق الإنسان وأن حقوق الإنسان تكون مجرد أمانٍ طيبة إذا لم يكن
هناك قضاء مستقل وحازم يحكم بها وينفذها اختيارا وجبراً, وتبعاً لذلك فالقضاء
وسيلة هامة من وسائل الحماية لحقوق الإنسان-فكل من يفكر في الاعتداء على حقوق غيره
أو انتهاكها يكون في حسبانه أن القضاء سيحكم عليه وينزل عليه أقسى العقوبات وفي
ذلك زجر لمرتكبي الجرائم على حقوق الإنسان وردع لغيرهم عن ارتكاب الجرائم على حقوق
الإنسان أو انتهاكها([1]).
المطلب السادس
وسائل الحماية
القانونية والبرلمانية لحقوق الإنسان
سبق
أن أشرنا في المبحث الثالث إلى أنواع ومجموعات حقوق الإنسان وذكرنا أن القوانين
الوطنية قد تضمنت غالبية حقوق الإنسان المنصوص عليها في الاتفاقيات والإعلانات
الدولية كما أن هذه القوانين قد نصت على عقوبات مختلفة على انتهاك حقوق الإنسان
وهذه العقوبات تختلف بحسب جسامة الجرائم وأثارها على حقوق الإنسان, ولا شك أن النص
في القوانين المختلفة على العقوبات الواجب توقيعها على مرتكبي جرائم حقوق الإنسان
يوفر الحماية المناسبة لحقوق الإنسان ويفرض على الكافة احترام هذه الحقوق وعدم
انتهاكها، وفي ذلك حماية قانونية لحقوق الإنسان وهذا ما يطلق عليه بالحماية الجنائية
لحقوق الإنسان-والأمانة العلمية تقتضي القول بأن بعض حقوق الإنسان ليست مشمولة
بالحماية الجنائية كحق المؤلف وغيره, كما أن الحماية الجنائية قاصرة بالنسبة لبعض
حقوق الإنسان حيث أن العقوبات المقررة عليها ليست رادعة ومن أمثلة ذلك أن قانون
الجرائم والعقوبات يحدد في المادة (246) عقوبة
الموظف الذي يقوم بالقبض على شخص أو يحجزه أو يحرمه من حريته وذلك بالحبس
لمدة لا تزيد على خمس سنوات – فالقانون ذكر الحد الأعلى للعقوبة ولكنه لم يذكر
الحد الأدنى للعقوبة في هذه الجريمة الخطيرة، وطبقاً للمادة (39) من القانون ذاته
فإن الحد الأدنى لعقوبة الحبس هو أربع وعشرون ساعة – وطبقاً لهذين النصين يستطيع
القاضي وبموجب سلطته التقديرية أن يحكم على من يرتكب جريمة القبض على شخص أو حجزه
بالسجن لمدة أربع وعشرين ساعة فقط وذلك تساهل كبير وخطير.
إضافة
إلى الحماية القانونية الجنائية لحقوق الإنسان فهناك حماية مدنية قانونية لحقوق
الإنسان في القانون المدني طبقاً لأحكام المسئولية المدنية فالقانون المدني يكفل
للشخص الذي تضررت أي من حقوقه أن يطالب المتسبب في الضرر بتعويضه عن الأضرار
المادية والمعنوية التي لحقت به جراء الفعل الضار الصادر من المتسبب في الضرر،
ولاشك أن قواعد التعويض المنصوص عليها في القانون المدني هي من قبيل الحماية
القانونية المدنية لحقوق الإنسان من الانتهاك أو الأضرار بها، وذلك يجعل كثير من
الأشخاص يحجمون عن انتهاك حقوق غيرهم حتى لا يُفرض عليهم تعويض من تسببوا في
الأضرار بحقوقه، ومع هذا فان الحماية القانونية المدنية ليست تلقائية ولكنها تحتاج
إلى دعوى يُرفعها الشخص الذي انتهكت حقوقه أمام القضاء المدني وكذا مصاريف قضائية
وأتعاب محاماة يتكبدها الشخص الذي لحق الضرر بحقوقه إضافة إلى بطء إجراءات التقاضي
وطولها .
ومعلوم
أن البرلمان هو السلطة التشريعية في الدولة التي تتولى عملية اقتراح ومناقشة
التشريعات والقوانين والموافقة عليها، وإضافة إلى الحماية القانونية سواء الجنائية
أو المدنية لحقوق الإنسان السابق ذكرها فهناك مظهر أخر من مظاهر الحماية
البرلمانية لحقوق الإنسان وهو ما ورد في المادة (49) من قانون مجلس النواب التي
نصت على أن (لجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان بالمجلس تختص بمراجعة ودراسة
ومتابعة كل ما يتعلق بالقضايا الخاصة بالحريات العامة وحقوق الإنسان والدفاع عنها
وفقاً للدستور والقوانين النافذة وكذا تختص هذه اللجنة بالرقابة على الجهات
المعنية للتأكد من سلامة تطبيق القوانين
المتعلقة بالحريات وحقوق الإنسان وعدم انتهاكها) وهناك وسيلة حماية أخرى يباشرها
البرلمان بموجب المادة (74) من قانون مجلس النواب التي تنص على أن المجلس يشكل
لجان لتقصي الحقائق في أي موضوع يتعارض مع المصلحة العامة بما في ذلك مواضيع
انتهاك حقوق الإنسان إذا كان هذا الانتهاك عاما أي يمتد أثره إلى أكثر من شخص([2]).
المطلب السابع
وسائل الحماية
الرقابية والإشرافية لحقوق الإنسان
هناك جهات
معنية بالإشراف والرقابة على احترام حقوق الإنسان والسهر على حمايتها والتثبت من
عدم انتهاكها، ومن أبرز وأهم هذه الجهات وزارة حقوق الإنسان وهي صاحبة الولاية
العامة والاختصاص العام والأصيل في كافة مسائل حقوق الإنسان، كما سبق أن ذكرنا في
الفرع السابق أن البرلمان يمارس دوراً رقابياً في هذا الشأن بواسطة لجنة الحريات
العامة وحقوق الإنسان ولجان تقصي الحقائق، كما أن وزارة حقوق الإنسان عاكفة في هذه
الآونة وماضية في طريق إنشاء هيئة مستقلة لحقوق الإنسان، كما أن هناك لجنة وطنية
للقانون الدولي الإنساني تظم في عضويتها أغلب الجهات المعنية بحقوق الإنسان
ويرأسها وزير الخارجية، ولا حرج ولا تثريب في تعدد الجهات الرقابية الإشرافية
لحقوق الإنسان لتمدد حقوق لإنسان وانتشارها في كافة المناطق والوزارات والأجهزة
والمؤسسات والمحافظات والمديريات بل وحتى في السلطات الأخرى كالسلطة القضائية
والتشريعية، ولكن تعدد الجهات الرقابية والإشرافية على حقوق الإنسان يخشى منه أن
يؤدي إلى تضارب القرارات وتداخل الاختصاصات وتناقض الإجراءات فضلاً عن غياب
المسئوليات، ولذلك فمن المهم إيجاد مستوى إداري أعلى يتولى التنسيق والتنظيم
للجهات الإشرافية والرقابية لحقوق الإنسان مثل إنشاء مجلس أعلى لحقوق الإنسان
برئاسة رئيس الوزراء على غرار المجالس العليا الأخرى التي يرأسها رئيس مجلس
الوزراء، فحقوق الإنسان لا تقل أهمية عن النفط أو التعليم العالي أو الجامعات ...
أو غيرها من المجالس العليا التي يرأسها رئيس مجلس الوزراء بل أن حقوق الإنسان يجب
أن تكون لها الأولوية في الرعاية والاهتمام وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية
والقوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية ([3]).
المبحث الخامس
وسائل الحماية
الدولية لحقوق الإنسان في أثناء إنفاذ القانون
لبيان
هذا الدور من اللازم الإشارة بإيجاز إلى وسائل الحماية الدولية لحقوق الإنسان عند
تنفيذ هذه الحقوق, فمن المعلوم أن وسائل الحماية الدولية لحقوق الإنسان متعددة,
ودراستها والبحث فيها بصورة تفصيلية لا يسعنا في هذا البحث, حيث إن كل وسيلة من
وسائل الحماية تحتاج إلى بحث مستقل, ولذلك فسوف نكتفي بالإشارة بإيجاز إلى وسائل
الحماية الدولية لحقوق الإنسان بغرض بيان الدور الذي تقوم به في سبيل تعزيز حقوق
الإنسان وحمايتها عند التطبيق , وسيكون ذلك على الوجه الآتي:
المطلب الأول: دور
وسائل الحماية الدولية لحقوق الإنسان في مجال التشريع.
المطلب الثاني: دور
وسائل الحماية الدولية لحقوق الإنسان في مجال التدريب والتوعية والتمويل.
المطلب الأول
دور وسائل الحماية الدولية لحقوق الإنسان في مجال
التشريع
الأمانة
العلمية تقتضى القول بأن الفضل للمنظمات الدولية في تعزيز حقوق الإنسان وتقريرها
والنص عليها في الاتفاقيات والمواثيق والعهود الدولية وحث الدول المختلفة بما فيها
اليمن على التوقيع والانضمام إلى تلك الاتفاقيات والإعلانات, وكذا حث الدول على
إصدار قوانين وطنية تنص على وجوب تطبيق حقوق الإنسان الواردة في تلك الإعلانات
والمواثيق الدولية في كل دولة على حده, ومراعاة خصوصية الديانات والتقاليد في بعض
الدول فيما يتعلق ببعض حقوق الإنسان, وبالفعل قامت اليمن باستيعاب حقوق الإنسان
ضمن القوانين الوطنية على النحو السابق بيانه, إلا أنه من المؤكد أن مفهوم حقوق
الإنسان في الإعلانات والمواثيق الدولية هو مفهوم عام ومجرد أي إن حقوق الإنسان
وردت في بنود ومواد الإعلانات والمواثيق الدولية والقوانين الوطنية في عبارات عامة
ومجردة, وعند تطبيقها يحدث الخلاف والاجتهاد في التطبيق فيما بين القضاة في الدرجة
الواحدة (محكمة ابتدائية ومحكمة أخرى) وفيما بين درجة قضائية وأخرى (محكمة ابتدائية
ومحكمة استئنافية) كما أن دعاة حقوق الإنسان يختلفون في فهمهم لحقوق الإنسان
وتبعاً لذلك تختلف مضامين دعواتهم لتطبيق حقوق الإنسان, وعمومية وتجريد حقوق
الإنسان في المواثيق والإعلانات الدولية ليست عيباً لأن الدول تتوافق على
العموميات ولكنها تختلف في تفاصيل العموميات ولذلك تتجنب الدول الخوض في التفاصيل
(لأن الشيطان يكمن في التفاصيل) ولأن للدول خصوصيات خلافية في الدين والتراث،
وتبعاً لذلك فالواجب على المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان أن تهتم بدراسة
المفاهيم العامة لحقوق الإنسان في دراسات تفصيلية في كل دولة على حده بما في ذلك
اليمن, وبالنسبة لكل حق من الحقوق على حده فمثلاً حق الإنسان في الحياة ينبغي
دراسة كافة تفاصيله وفقاً للقوانين الوطنية والاتفاقيات والإعلانات الدولية لبيان
أوجه الاتفاق والاختلاف وأسباب ذلك وكيفية الموائمة بين النصوص الوطنية والدولية,
كما أن الشريعة الإسلامية لها موقف بشأن حق الإنسان في الحياة فيما يتعلق بالقصاص
فهو في الشريعة الإسلامية حياة قال تعالي (ولكم في القصاص حياة) في حين انه في
الاتفاقيات الدولية موت وإنهاء للحياة – وهذه مسألة خلافية شائكة, فكيف يتم
التوفيق بين حق المجني عليه في الحياة وحق الجاني في الحياة؟([4]).
كذلك حق
الإنسان في التعبير عن رأيه يحتاج إلى دراسة تفصيلية خاصة به تبين حدوده وضوابطه
وتعارضه مع حقوق الآخرين في التعبير وكذلك الحال في بعض حقوق الإنسان الأخرى, وهذه
هي المشكلة الحقيقة في فهم وتطبيق حقوق الإنسان([5]).
ولذلك
أوصي مخلصاً المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان بأن تتجه إلى هذه الوجهة.
المطلب الثاني
دور وسائل الحماية الدولية لحقوق الإنسان في مجال
التدريب والتوعية والتمويل
الأمانة
العلمية تقتضى القول بحق أن المنظمات الدولية المعنية بحقوق تسهم أسهاماً ملموساً
ومشكورا في هذا المجال، فأغلب الندوات والدورات وحلقات النقاش التي تتناول كيفية
تطبيق حقوق الإنسان وتنفيذها تتم بمساعدة وتمويل تلك المنظمات الدولية, ومع ذلك
فما زال تأثير تلك الأنشطة والفعاليات محدوداً لعدم نشر الدراسات والمداخلات التي
تتم مناقشتها في تلك الدورات والندوات والحلقات وتبعاً فتأثير هذه الدراسات
والأبحاث والمداخلات محدود بحدود من يحضر تلك الندوات، بل أن اغلب الدراسات والأبحاث لا يتم توثيقها حيث يطويها
النسيان بعد انتهاء الندوة أو الورشة أو حلقة النقاش مع أن المنظمات الدولية أنفقت
أموالا طائلة في إعداد هذه الدراسات وتنظيم الندوات التي ناقشتها, لذلك فالواجب أن
يتم توثيق تلك الدراسات والأبحاث وطباعتها ونشرها على نطاق واسع حتى يكون لها
تأثيراً حقيقياً وواسعاً, كذلك ينبغي أن تتعاقد المنظمات الدولية مع بعض القنوات
التلفزيونية وكذا الإذاعات لبث وقائع الندوات والحلقات, وكذا ينبغي بث الأبحاث
والدراسات وأوراق العمل التي تناقش في الحلقات والدورات وورش العمل في المواقع
الالكترونية لأن وسائل الإعلام لا تهتم إلا بالكلمات والخطب التي تلقى في تلك
الندوات والورش ولا تسلط الضوء على الدراسات والبحوث التي تناقشها هذه الندوات
والورش، كذلك ينبغي أن يتم تحرير مذكرات إلى الجهات المعنية بحقوق الإنسان في ختام
كل ورشة أو فعالية على أن تتضمن تلك المذكرات النتائج والتوصيات التي خلصت إليها
الندوة أو الحلقة أو الورشة حتى تستفيد الجهات المعنية من هذه الورش والندوات ولا
تظل توصياتها حبراً على ورق([6]).
وهذا هو
الدور المطلوب والمأمول من المنظمات الدولية حتى تكون التوعية بحقوق الإنسان
مستدامة ومفيدة وواسعة.
خاتمـــة
البحث
نتائج البحث وتوصياته
سوف نذكر
نتائج البحث أولاً ثم نذكر ثانياً توصيات البحث وذلك على النحو الآتي:
أولاً : نتائج البحث :
من
خلال استقراء البحث فقد توصل البحث إلى عدة نتائج أهمها ما يأتي:
1-
أجهزة الضبط القضائي هي
أقسام الشرطة وإدارات الأمن وهي تختص باتخاذ الإجراءات التي تحول دون وقوع الجرائم
كالمراقبة والتحري والتفتيش الوقائي وغيرها، كما أنها تختص بضبط الجرائم بعد
وقوعها وضبط المتهمين فيها والقبض عليهم وحجزهم وإحالتهم إلى النيابة العامة خلال
(24) ساعة من تاريخ القبض عليهم وفي هذا الشأن تحدث بعض الانتهاكات لحقوق الإنسان
كالقبض والتفتيش التعسفي، كما أن أجهزة الاستخبارات والبحث الجنائي تقوم بالقبض
والتفتيش وانتزاع الأقوال وإخفاء المقبوض عليهم وفي الغالب لا تمكن أجهزة الضبط
القضائي المتهمين من ممارسة حقهم في الدفاع كحضور المحامين معهم وتصوير المستندات،
كما تمارس في اليمن كثير من الجهات الضبطية القضائية الخاصة كالتخطيط الحضري
ووزارة الصحة ووزارة الصناعة والتجارة وهيئة الموانئ ووزارة الثروة السمكية وهيئة
المواصفات والمحافظة على المدن التاريخية وغيرها، بحيث صارت أغلب الجهات تباشر صفة
الضبطية القضائية وتفرض قيوداً وحدوداً على حريات المواطنين وأعمالهم كما تقوم في
بعض الأحيان بانتهاك حقوقهم أو مصادرتها أو تهديدهم أو ابتزازهم.
2-
أجهزة السلطة القضائية
هي النيابات العامة والمحاكم بمختلف درجاتها وأنواعها وهي التي أناط بها القانون
حماية حقوق الإنسان والحكم بها بموجب أحكام قضائية ملزمة، فالمحاكم المدنية تقضي
بالحقوق المدنية والمحاكم الإدارية تقضي بالحقوق السياسية والإدارية وهكذا – إلا
أن النيابة العامة في اليمن تملك سلطات واسعة (أربع سلطات) فهي من ضمن أجهزة
القضاء وفي الوقت ذاته تقوم بسلطة الاتهام للأشخاص ( فيك الخصام وأنت الخصم
والحكم) كما تملك النيابة سلطة التحقيق ومحاضرها رسمية لها حجيتها كما أنها تتولى
تنفيذ الأحكام الجنائية والإنسان لا يكون بمأمن أمام هذه السلطات الواسعة والمطلقة
– ومع أن حق التقاضي مكفول للمواطنين إلا أن تكاليف التقاضي باهظة تعطل حق
المساواة أمام القضاء إضافة إلى بطء إجراءات التقاضي وإطالتها وضياع الحقوق في
أثناء ذلك.
3-
أسرفت القوانين اليمنية
إسرافاً بالغاً في منح صفة الضبطية القضائية الخاصة لجهات كثيرة جداً والتي تباشر
إجراءات الضبط في مواجهة المواطنين بما في ذلك القبض والحبس والمصادرة مثل التخطيط
الحضري وهيئة المواصفات وهيئة المحافظة على المدن التاريخية والضرائب والجمارك
وجهاز الرقابة والمحاسبة وغيرها حتى صارت حقوق المواطنين عرضة للمصادرة والانتهاك
حيث تحولت كل سلطات وأجهزة الدولة إلى سلطات ضبط.
4-
يقسم علماء القانون حقوق
الإنسان إلى مجموعات، فهناك مجموعات (الحريات الشخصية) التي تشمل الحرية الشخصية
للفرد وحرية التنقل وحق الإنسان بالأمن على حياته وجسده وحرمة السكن وسرية
المراسلات، ثم هناك مجموعة (حريات الفكر) التي تشمل حرية العقيدة وحرية التعليم
وحرية الصحافة وحرية الرأي، ثم مجموعة (حريات التجمع) التي تشمل حرية الاجتماعات وحرية تأليف
الجمعيات والأحزاب، ثم مجموعة (الحريات الاقتصادية) التي تشمل حق الملكية وحرية
التجارة والصناعة، ثم مجموعة (الحقوق والحريات الاجتماعية) التي تشمل حق العمل
واختيار نوع العمل والحق في الراحة والحق في المعونة عند الشيخوخة، ثم مجموعة
(الحقوق السياسية) والتي أهمها حق الانتخاب وحق الترشيح وحق تقرير المصير([7])،
وهذه
المجموعات هي التي تم النص عليها في الإعلانات والمواثيق والعهود الدولية وقد تم
تضمين الغالبية العظمى منها في القوانين الوطنية لتوافقها مع القوانين الوطنية،
ولكن نسبه ضئيلة من حقوق الإنسان المنصوص عليها في الإعلانات والاتفاقيات الدولية
لم يتم تضمينها في القوانين الوطنية كالنصوص المتعلقة بالقصاص وجرائم الحدود بسبب
مخالفتها لأحكام الشريعة الإسلامية.
5-
وسائل الحماية الوطنية
لحقوق الإنسان كثيرة ومتنوعة منها وسائل الوعظ والإرشاد الإسلامي ( وزارة الأوقاف
والإرشاد) ووسائل الحماية البحثية والتربوية (الجامعات ومراكز البحث والمدارس
والمعاهد) ووسائل الحماية القضائية (النيابات العامة والمحاكم) ووسائل الحماية
الأمنية (إدارات الأمن وأقسام الشرطة) ووسائل الحماية التشريعية والبرلمانية
(القوانين واللجنة البرلمانية للحريات وحقوق الإنسان ولجان تقصي الحقائق
البرلمانية) ووسائل الحماية الرقابية والإشرافية (وزارة حقوق الإنسان والهيئة
المستقلة لحقوق الإنسان – لجنة الحريات وحقوق الإنسان في البرلمان – اللجنة
الوطنية للقانون الدولي الإنساني) ولكل وسيلة من وسائل الحماية الوطنية لحقوق
الإنسان دورها الحمائي، إلا أنه لكثرة وتنوع هذه الوسائل ينبغي تحديد الصلاحيات
والمسئوليات لهذه الوسائل بما يكفل ترشيد أعمالها وتحقيق الأهداف المنوطة بها وعدم
التداخل والتناقض بين أعمالها.
6-
وسائل الحماية الدولية
لحقوق الإنسان تتمثل في سعي المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان في تثبيت حقوق
الإنسان المختلفة وتعزيزها في الإعلانات والمواثيق والعهود الدولية وفي حث الدول
على التوقيع عليها أو الانضمام إليها وكذا حث الدول على تضمين هذه الحقوق في
قوانينها الوطنية وتطبيقها من قبل الجهات الوطنية المختلفة – وبالإضافة إلى ذلك
فإن وسائل الحماية الدولية لحقوق الإنسان تظهر في الحوافز التي تقدمها المنظمات
الدولية للدول التي تحترم حقوق الإنسان والإجراءات التي تدعو المنظمات الدولية
لاتخاذها في مواجهة الدول التي تنتهك حقوق الإنسان- وفي اليمن تظهر وسيلة أخرى من
وسائل الحماية الدولية لحقوق الإنسان وذلك في الورش والندوات وحلقات النقاش التي
تمولها أو تنظمها وتدعو إليها المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وهي تمثل
غالبية الفعاليات التي تشهدها اليمن في مجال حقوق الإنسان إلا أن فائدتها قاصرة
على الحاضرين والمشاركين فيها بسبب عدم طباعة ونشر الدراسات والبحوث التي تتم
مناقشتها في تلك الفعاليات بما يكفل تعميم الفائدة واستدامتها.
ثانياً : توصيات البحث :
من
خلال مطالعة صفحات البحث يجد المطالع أن البحث قد توصل إلى توصيات عدة تم إثباتها
في مواضعها من البحث، وتكفي الإشارة هنا إلى أهم هذه التوصيات وعلى الوجه
الآتي:
1- إعداد
دليل إرشادي لضباط الشرطة ورجال الأمن يتضمن كيفية الموائمة بين احترامهم لحقوق
الإنسان وقيامهم بواجباتهم في منع وقوع الجرائم وضبطها بعد حدوثها والاستفادة من
المدونة الدولية لسلوك الموظفين المعنيين بحقوق الإنسان– ووضع هذا الدليل على لوحة
يتم تعليقها في أماكن ظاهرة بمداخل مراكز الشرطة ودوائر الأمن وتوزيع هذا الدليل
على المعنيين.
2- إعداد
دليل إرشادي مبسط يتضمن حقوق المتهم في مرحلة جمع الاستدلالات (أي مرحلة ما قبل
إحالته إلى النيابة العامة – ووضع هذا الدليل على لوحة يتم تعليقها في أماكن ظاهرة
بمداخل مراكز الشرطة ودوائر الأمن.
3- إدماج
مادة حقوق الإنسان ضمن مقررات كلية الشرطة ومعاهد الشرطة ومدارسها المختلفة([8]).
4- أن
تكون سلطة الضبط القضائي محصورة في أقسام الشرطة وإدارات الآمن، وأن تتفرغ أجهزة
الاستخبارات والمباحث الجنائية لمهامها الوطنية والقومية وإذا أسفرت تحرياتها
واستخباراتها على أن هناك جرائم محتملة الوقوع أو قد وقعت بالفعل فعليها عندئذ الإيعاز
إلى إدارات الأمن وأقسام الشرطة بضبط هذه الجرائم واتخاذ الإجراءات للحيلولة دون
وقوع ما لم يقع منها وضرورة النص في قوانين أجهزة الاستخبارات على خضوعها لأحكام
ومبادئ قانون الإجراءات الجزائية([9]).
5- دراسة
وبحث كيفية الموائمة بين احترام حقوق الإنسان وقيام أجهزة المباحث والاستخبارات
بواجباتها ومهامها القانونية .
6- دراسة
منح صفة الضبطية القضائية الخاصة في قوانين الجهات المختلفة كالتخطيط الحضري
والبلدية والمواصفات والمقاييس وجهاز الرقابة والمحاسبة والصحة وهيئة الموانئ
وحماية المدن التاريخية ... وغيرها وانعكاسات ذلك وآثاره على حقوق الإنسان وحرياته
في اليمن.
7- عدم
اعتقال أي شخص أو تقييد حريته أو تفتيشه أو غير ذلك إلا بموجب إذن من السلطة
القضائية (النيابة العامة) إلا في حالة التلبس وعندئذ يجب على أجهزة الضبط إحالة
القضية إلى النيابة خلال (24) ساعة طبقاً للقانون.
8- تمكين أجهزة الضبط للمتهم
من مباشرة حقه في الاستعانة بمحام وتصوير المستندات الخاصة بالتهمة المنسوبة إليه.
9- الفصل
بين سلطتي الاتهام والتحقيق التي تجمع بينهما النيابة العامة في اليمن في الوقت
الحاضر واستحداث نظام قاضي التحقيق على غرار ما هو موجود في مصر وفرنسا للإشراف
والرقابة على إجراءات التحقيق التي تباشرها النيابة العامة والتأكد من سلامتها
ومراعاتها لحقوق المتهم واتسامها بالحيادية والمهنية.
10- استحداث
نظام قاضي التنفيذ الجنائي الذي يتولى الإشراف والرقابة على إجراءات تنفيذ الأحكام
الجنائية والتأكد من سلامة تلك الإجراءات ومطابقتها للقانون وإطلاق السجناء الذين
انتهت المدد المحكوم بها عليهم والبت أولاً بأول في التظلمات والشكاوى التي يرفعها
المحكوم عليهم في السجون بما في ذلك دعاوى الإعسار.
11- إخضاع
تنفيذ الجانب المدني من الحكم الجنائي لقواعد التنفيذ المدني المنصوص عليها في قانون
المرافعات المدنية واحترام النيابة العامة لمبدأ الاختصاص النوعي.
12- تفعيل
دور هيئة التفتيش القضائي في النيابة العامة بما يمكنها من بسط رقابتها المشددة
فيما يتعلق بإطالة إجراءات التحقيق في القضايا من قبل النيابة العامة قبل تصرفها
فيها أكثر من المدة المقررة لذلك في قانون الإجراءات لأن ذلك يعد انتهاكاً صارخاً
لمبدأ البراءة ومبدأ الدفاع وجعل سيف الاتهام مصلتاً على رقاب المتهمين لأكثر من
المدة التي حددها القانون.
13- دراسة
ظاهرة بطء إجراءات التقاضي وبحث أسبابها وأثارها واقتراح الوسائل والتدابير
المناسبة لها بما في ذلك وضع أسقف زمنية لكل إجراء من إجراءات التقاضي حتى يستطيع
الإنسان الوصول إلى حقوقه في أقرب وقت.
14- تخفيض
الرسوم والمصاريف القضائية وجعلها مبالغ رمزية حتى يتمكن أغلب المواطنين من
استعمال حقهم في اللجوء إلى القضاء – وكذا الدعم الدولي والوطني لصندوق العون القضائي
كي يتولى تقديم أتعاب المحاماة ومصاريف التقاضي لغير القادرين وحتى يتحقق حق هؤلاء
في المساواة مع القادرين أمام القضاء ([10]).
15- دراسة
ظاهرة تراكم القضايا أمام المحاكم المختلفة وبحث أسبابها وأثارها واقتراح
المعالجات المناسبة لها حتى يصدر القضاة أحكامهم بعد أمعان النظر فيها وبعد أن
تأخذ حقها في الدراسة والمداولة وحتى يكون الحكم القضائي عنواناً للحقيقة وعادلاً
ومنصفاً ومرضياً لطرفي الخصومة ومحقاً للحقوق.
16- دراسة
المسائل الخلافية فيما بين الاتفاقيات والإعلانات الدولية والقوانين الوطنية
وأكثرها في قانون الجرائم العقوبات وبحث إمكانية وكيفية التوفيق بين الاتفاقيات
الدولية والقوانين الوطنية في هذا الشأن.
17- الدراسة
التفصيلية والبحثية لبعض حقوق الإنسان كالحق في الحياة والحق في التعبير..الخ،
وكذا دراسة وبحث كيفية دفع تعارض حقوق المواطنين الإنسانية فحق الإنسان غالباً
يتعارض مع حق غيره.
18- دراسة
اختصاصات وصلاحيات الأجهزة الوطنية المختلفة لحماية حقوق الإنسان وبحث مسئولياتها
والتأكد من عدم تداخل الاختصاصات وتناقضها واقتراح الوسائل والتدابير المناسبة
للتنسيق بين هذه الأجهزة الوطنية لحماية حقوق الإنسان بما يكفل ترشيد أعمالها
وتنظيمها.
19- جمع
وتوثيق كافة الدراسات والأبحاث وأوراق العمل ذات الصلة بحقوق الإنسان في اليمن
وطباعتها ونشرها على أوسع نطاق للاستفادة القصوى منها والتوعية بها على أوسع نطاق
وعبر كافة وسائل الإعلام وحتى لا تكون هذه الدراسات والأبحاث حبيسة الأدراج
والملفات عديمة الجدوى والفائدة.
20- جمع
التوصيات التي تخرج بها المؤتمرات وحلقات النقاش والندوات المتعلقة بحقوق الإنسان
وإبلاغ الجهات المعنية بتلك التوصيات للاستفادة منها وأن تشفع بمذكرات توجه إلى
تلك الجهات ([11]).
وختامـاً:
لا
يسعني إلا أن أشكر وزارة حقوق الإنسان وعلى رأسها معالي الأستاذة/حورية مشهور على
جهودها المثمرة في مجال حقوق الإنسان والاهتمام بها، وما انعقاد هذا المؤتمر
الوطني لحقوق الإنسان إلا دليل دامغ على ذلك، والشكر موصول إلى المعنيين بتنظيم
المؤتمر والترتيب له، ولا يفوتني أن أتوجه بالشكر إلى الجهات الداعمة والمساندة
لهذا المؤتمر والراعية له.
والله الموفق؛؛؛
|
|
أ.د.
عبد المؤمن شجاع الدين رئيس
المكتب الفني |
|
|
صنعاء
أكتوبر 2012 م |
قائمة
أهم مراجع ومصادر الدراسة :
1- ضمانات
حقوق الإنسان أمام المحاكم الجنائية – د/ابراهيم محموداللبيدي – دار الكتب
القانونية مصر 2010م .
2- التنظيم
الدستوري لضمانات حقوق الإنسان دراسة مقارنة في بعض الدساتير العربية – د/ سحرمحمد
نجيب – دار الكتب القانونية مصر 2011م .
3- حقوق
الإنسان بين الشريعة والقانون – د/ منير حميد البياتي – كتاب الأمة العدد (88) قطر
2002م .
4- حقوق
الإنسان وحرياته الأساسية – د/فيصل شطناوي– دار الحامد عمان الأردن 1997م.
5- موسوعة
حقوق الإنسان في الإسلام – د/خديجة النبراوي – دار السلام مصر – الطبعة الأولى
2006م .
6- دراسة
مقارنة حول الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ونصوص الميثاق الدولي الخاص بالحقوق
الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وموقف التشريع الإسلامي منها – د/ سعيد محمد
احمد باناجه– مؤسسة الرسالة بيروت – الطبعة الأولى 1985م .
7- تدريس
حقوق الإنسان وتطوير التعليم القانوني بالجامعات العربية – مجموعة مؤلفين – صادر
عن مركز اتحاد المحاميين العرب للبحوث والدراسات القانونية – القاهرة الطبعة
الأولى 1987م .
8- التعارض
بين القوانين اليمنية والاتفاقيات الدولية – د/ عبدالمؤمن شجاع الدين يونيو 2011م
صنعاء .
9- الحق الإنساني والعنف
الدولي – عبدالقادر محمد العماري – الطبعة الأولى – الهلال الأحمر القطري قطر
2005م .
10- المدخل
للقانون الدولي الإنساني – د/ فوزي أو صديق – الطبعة الثانية – الهلال الأحمر
القطري الدوحة 2005م .
11- مبدأ
التدرج القانوني وأثره على تطبيق الاتفاقيات الدولية أمام القضاء اليمني– د/
عبدالمؤمن شجاع الدين 2010م .
كلمات نحو عالم إنساني - د/ محمد بن غانم
العلي – الهلال الأحمر القطري 2006م الدوحة .
12- إمكانية
تطبيق الاتفاقيات الدولية أمام القضاء اليمني - د/ عبدالمؤمن شجاع الدين 2009م .
13- الاختصاص القضائي الدولي
للمحاكم اليمنية – د/ عبدالحكيم عطروش – مركز عبادي للنشر عدن 2010م .
14- حقوق
الإنسان بين النظرية والواقع – د/علي بن حسين المحجوبي – مجلة عالم الفكر – الكويت
المجلد 31 – العدد (4) عام 2003م .
15- حقوق
الإنسان في العالم العربي – د/ كمال عبداللطيف – مجلة عالم الفكر – الكويت المجلد
31 – العدد (4) عام 2003م .
16- الحق
إقصاء للعنف – د/ عبدالرحمن التليلي - مجلة عالم الفكر – الكويت المجلد 31 – العدد
(4) عام 2003م .
17- تكامل
حقوق الإنسان في القانون الدولي والإقليمي المعاصر – د/ محمد خليل المرسي مجلة
عالم الفكر – الكويت المجلد 31 – العدد (4) عام 2003م .
18- القانون الدولي لحقوق
الإنسان – د/محمد يوسف علوان - مجلة عالم الفكر – الكويت المجلد 31 – العدد (4)
عام 2003م .
19- الحماية
الجنائية لحقوق الإنسان – د/خيري الكباش – مؤسسة الكتاب الجامعي مصر2000م الطبعة
الأولى .
20- عقوبة
الإعدام بين الشريعة والقانون – د/عبدالمؤمن شجاع الدين – مؤسسة الثورة صنعاء
الطبعة الأولى 1999م .
(1) أنظر دور المؤسسات الوطنية
لحقوق الإنسان في تنفيذ الاتفاقيات الخاصة
بحقوق الإنسان الأستاذ سيد جاد الله صـ 91 ــ ندوة حقوق الإنسان ــ الدوحة قطر 2004م
(1) أنظر الحماية الجنائية لحقوق الإنسان
ــ د.خيري الكباش ــ مؤسسة الكتاب الجامعي ــ مصر 2003م صـ215 ــ .
(2) تطبيق الاتفاقيات الدولية
أمام القضاء في اليمن ــ د. عبد المؤمن شجاع الدين ــ 2009م
(1) ضمانات حقوق الإنسان أمام
المحاكم الجنائية ــ د. إبراهيم اللبيدي ــ دار الكتب القانونية مصر 2010 صـ 203
ــ
(1) التنظيم الدستوري لضمانات
حقوق الإنسان وحرياته في بعض الدساتير العربية ــ د. سحر محمد نجيب ــ دار الكتب
القانونية مصر 2011 صـ 107 ــ .
(1) الإعلان العالمي لحقوق
الإنسان ــ اللجنة الوطنية العليا لحقوق الإنسان ــ صنعاء 1999م
(1) دستور الجمهورية اليمنية الجريدة
الرسمية ــ العدد السابع الجزء الثاني أبريل 2001م
(2) د. رشدي شحاته أبو زيد ــ
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز ضد المرأة من المنظور الإسلامي الطبعة
الأولى 2009م ــ دار الوفاء مصر صـ 220 ــ
.
(1) أنظر تعليقات الدكتور/ رشدي
شحاته على ذلك في كتابه اتفاقية (السيداو من منطور إسلامي) صـ 222 ــ
(2) التعارض بين الاتفاقيات الدولية والقوانين الوطنية ــ د. عبد المؤمن
شجاع الدين ــ 2010م صـ 14 ــ .
(1) موسوعة حقوق الإنسان في الإسلام ــ خديجة النبراوي ــ دار السلام مصر
ــ 2006 صـ 81 ــ .
(1) حقوق
الإنسان بين النظرية والتطبيق ــ د. علي بن حسين المحجوبي ــ مجلة عالم الفكر ــ الكويت المجلد 31 العدد
4 يونيو 2003 صــ 11 ــ
(1) تدريس حقوق الإنسان وتطوير
التعليم القانوني بالجامعات العربية ــ مركز اتحاد المحامين العرب للبحوث
والدراسات القانونية القاهرة ـــ مجموعة باحثين الطبعة الأولى 1987م صـ 68 ـــ .
[1] - القانون الدولي لحقوق
الإنسان (آفاق وتحولات) د. محمد يوسف علوان – مجلة عالم الفكر الكويتية – مجلد 31 –
العدد 4 ص183 .
[2] - مبدأ التدرج وعلاقته
بتطبيق الاتفاقيات الدولية أمام المحاكم الوطنية – د. عبدالمؤمن شجاع الدين-
2010ص25
[3] - المدخل للقانون
الدولي الإنساني – د. فوزي أو صديق – الطبعة الثانية – 2002م – قطر ص85.
[4] - راجـع مؤلفنا عقوبـة
الإعدام بيـن الشريعة والقانون د. عبد المؤمن شجاع الدين ــ مؤسسة الثورة صنعاء
1999م, الطبعة الأولى ص72.
[5] - الحق الإنساني والعنف
الدولي – عبدالقادر محمد العماري – الطبعة الأولى – قطر 2005ص88.
[6] - كلمات نحو عالم
إنساني – د. محمد بن غانم العلي – قطر 2006م ص55.
[7] - حقوق الإنسان بين
الشريعة والقانون – د.منير البياتي – كتاب الأمة العدد (88) قطر2002 ص45.
[8]- إدماج القانون الدولي
الإنساني في مناهج التعليم والتدريب الأمني والعسكري – محمد فضل مكي – ندوة حقوق
الإنسان بدولة قطر2004م ص98.
[9]- حقوق الإنسان والقانون
الدولي الإنساني توافق أم تمايز – د. محمد المعاضيد – قطر2004م ص50.
[10]- حقوق الإنسان وحرياته
الأساسية – د. فيصل شطناوي – دار الحامد الأردن – 1997م ص132.
[11]- حقوق الإنسان في
العالم العربي ( الحداثة والتاريخ) د. كمال عبداللطيف – مجلة عالم الفكر الكويتية –
المجلد31 – يوينو2003م ص65.