المحكمة المختصة بنظر الدعوى المستعجلة
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
هناك خلط بين الدعوى
الموضوعية والدعوى المستعجلة وهذا الخلط لا يرجع إلى عيب في القانون، وإنما يرجع
في غالب الاحيان إلى ثقافة المغالطة
السائدة في إجراءات التقاضي في اليمن
المكايدة بين الخصوم في اثناء التقاضي ،وفي بعض الأحيان يكون سبب ذلك عدم
فهم طبيعة الدعوى المستعجلة وطبيعة الحكم الصادر فيها وحجيته، وفي كل الأحوال فأن
سوء فهم طبيعة الدعوى المستعجلة وسوء استعمالها من ضمن أسباب شيوع ظاهرة التقاضي الكيدي وإطالة
إجراءات التقاضي وتعقيدها ،ولأهمية هذا
الموضوع فقد اخترنا التعليق على الحكم الصادر من الدائرة التجارية بالمحكمة العليا
في جلستها المنعقدة بتاريخ 28/2/2011م في الطعن التجاري رقم (43651) لسنة 1432هـ
الذي تضمن في أسبابه أنه (وحيث أن الدعوى
المستعجلة قد تعلقت بوقف الاستحداث في العقار حتى يتم سداد الديون
والالتزامات القائمة على العقارات، وحيث تبين أن التصرف الذي وقع من الطاعن
والمطعون ضده بشأن الاستحداث في العقار المشاراليه يعتبر من قىيل الفعل الضار الذي
تنشاء عنه المسؤولية التقصيرية وفقاً لما
جاء بالمادة ( 128 ) من القانون المدني وكذا المادة (304) مدني التي تنص على أن (كل
فعل أو ترك غير مشروع سواء كان ناشئاً عن
عمد أو خطأ اذا سبب للغير ضرراً) مما يدل على عدم اختصاص القضاء التجاري بنظر هذه
القضية وانعقاد الاختصاص للمحكمة ذات الولاية العامة عملاً بحكم المادة (90)
مرافعات والتي نصت على أن (تحكم المحكمة من تلقاء ذاتها بعدم اختصاصها نوعياً أن
تبين لها انها غير مختصة) كما أن الدفوع المتعلقة بالنظام العام يجوز التعرض لها
من قبل المحكمة والفصل فيها ولو من تلقاء نفسها، وحيث أن المادة (3/1) من القرار
الجمهوري رقم (29) لسنة 2003م بشأن المحاكم التجارية قد نصت على أن (تختص المحاكم
التجارية بالنظر في الدعاوى والمنازعات ذات الطابع التجاري والقوانين الاخرى ذات
الصلة) ولذلك فان ما ذهبت اليه المحكمة الابتدائية المؤيد بالحكم الاستئنافي
المطعون فيه قد جانب الصواب، لان العمل الاجرائي ا يكون عرضة للبطلان اذا خالف
قاعدة من قواعد الاختصاص النوعي والمادة (21) من القانون التجاري التي حددت
الأعمال التجارية الاصلية والاعمال التجارية بالتبعية، وعليه تقرر الدائرة الاحالة
إلى المحكمة المدنية التي يقع في نطاقها
العقار محل النزاع مع ، وللمحكمة المختصة طلب أي تفسير لأي نقطة تتعلق
بمضمون قرار لجنة التصفية المختارة من الشركاء وفقاً للفقرة الثانية عشرة من قرار
لجنة التصفية، لذلك فان الدائرة تقرر نقض الحكم وإعادة ملف القضية إلى الشعبة
التجارية لإعادة القضية إلى المحكمة الابتدائية لاعلان الاطراف) وسيكون تعليقنا
على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية :
الوجه الأول : الدعوى المستعجلة حدودهاوطبيعتها وحجية الحكم الصادر فيها :
الدعوى المستعجلة هي
طلب حكم مؤقت لتدبير وقتي وتحفظي يصدر في المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من
فوات الوقت دون التعرض لأصل الحق حسبما ورد في المادة (238) مرافعات، وبالإمكان
رفع الدعوى المستعجلة في المسائل المستعجلة المدنية والتجارية والاحوال الشخصية
حسبما نصت عليه المادة (239) مرافعات، والدعاوى
المستعجلة المذكورة في المادة (240) مرافعات تم ذكرها على سبيل المثال وليس الحصر
حيث نصت تلك المادة على أنه من المسائل المستعجلة طلبات سماع الشاهد واسترداد
الحيازة وإثبات الحالة وبيع الأموال القابلة للتلف أو الاذن به وفرض الحراسة
القضائية وطلب الأمر بنفقة مؤقتة ودفع
التعرض المادي وإزالة العدوان، وترفع الدعوى المستعجلة بعريضة يتم اعلانها إلى
المدعى عليه خلال أربع وعشرين ساعة ويجوز انقاصها إلى ساعتين ويكون ميعاد الحضور
أربعاً وعشرين ساعة ويجوز انقاصه من ساعة إلى ساعة وعلى القاضي أن ينظر الدعوى في
المحكمة وله عند الضرورة القصوى أن ينظرها خارج المحكمة حسبما ورد في المادة (241)
مرافعات، ويصدر الحكم في الدعاوي المستعجلة من المحكمة المختصة أو من يندب فيها
لذلك من القضاة حسبما قررت المادة (243) مرافعات، ويكون الحكم الصادر في الدعوى
المستعجلة حجية مؤقتة تزول بزوال أسباب الحكم المستعجل أو بحكم جديد في دعوى
مستعجلة جديدة أو بصدور الحكم في الموضوع حسبما نصت عليه المادة (245) مرافعات.
الوجه الثاني : المحكمة المختصة بنظر الدعوى المستعجلة :
بينت المادة (241)
مرافعات المحكمة المختصة بنظر الدعوى المستعجلة وهي المحكمة المختصة اصلا بنظر
النزاع في القضية الموضوعية وهي المحكمة التي يقع ضمن نطاق اختصاصها المكاني موطن المدعى عليه أو موطن العقار المتنازع عليه
وفي بعض مسائل الأحوال الشخصية موطن المدعية، وهذه المحاكم هي المحاكم المختصة
اصلا بنظر النزاعً أو بنظر الدعاوى الأصلية أو الموضوعية التي يكون محلها موضوع
الحق أو أصل الحق، وبناءً على ذلك فلا يجوز لهيئة التحكيم أن تنظر في الدعاوى
المستعجلة لانها ليست المختصة اصلا بنظر النزاع ،حيث قرر قانون التحكيم أن المحكم
أو هيئة التحكيم لا تختص بذلك وإنما يجوز تقديم الطلبات المستعجلة إلى المحكمة
المختصة اصلا بنظر النزاع لو لم تكن هناك هيئة تحكيم أو محكم حسبما قررت المادة
(43) تحكيم التي نصت على أنه يجوز لهيئة
التحكيم أو لأي من الطرفين أن يطلبوا من المحكمة المختصة الحكم في المواضيع
المتعلقة بالنزاع والتي تخرج عن اختصاص المحكم دون أن يعني ذلك التوقف عن إجراءات
التحكيم ، ويدور في اليمن جدل واسع بشأن مدى اختصاص اللجان التحكيمية مثل لجان
التحكيم العمالية باصدار قرارات في دعاوى مستعجلة، ولا ريب أن هذا الجدل ماهو الا صدى للجدل الذي يدور في مصر بشأن هذا
الموضوع.
الوجه الثالث : الدعاوى المستعجلة والتقاضي الكيدي :
مع أن القانون قد اشار
في النصوص القانونية السابق ذكرها إلى حالات الاستعجال التي ذكرها على سبيل المثال
كما ان النصوص المتقدمة قد بينت طبيعة ونطاق الدعاوى المستعجلة إلا أن القاضي
مازال يملك سلطة تقديرية واسعة في الحكم فيها على وجه الاستعجال، لان الحكم في
الدعاوى المستعجلة وأن كان لا يمس موضوع الحق وليس له حجية دائمة بل مؤقتة إلا أن
خطورة الأحكام المستعجلة تظهر قناعة القاضي واتجاهه في الحكم في القضية الموضوعية
ولذا فان الخصم المحكوم عليه بالحكم المستعجل يشعر أو يفهم بأن القاضي قد افصح عن
قناعته ومال إلى جانب غريمه، كما أن الدعاوى المستعجلة تكون في حالات كثيرة واجهة
من واجهات التقاضي الكيدي للكيد بالخصوم علاوة على أنها اداة من أدوات تعقيد
إجراءات التقاضي واطالتها حيث يزخر ملف القضية بالأحكام المستعجلة والقرارات
الوقتية والدفوع ولذلك فان من يريد معالجة ظاهرة إجراءات التقاضي والاسراع فيها
ينبغي عليه أن يعالج هذه الظاهرة ، ولذلك فان القاضي الحكيم يتشدد كثيرا في إثبات
الدعوى المستعجلة قبل الحكم فيها من حيث الوقوف على أدلة الملكية والأدلة التي
تثبت طابع الاستعجال.
الوجه الرابع : الفرق بين القاضي المستعجل قاضي الامور الوقتية :
هناك خلط بين قاضي
الامور الوقتية وقاضي الامور المستعجلة ولذلك فان الامر يستلزم بيان الفرق بينهما
،فهناك فروق بينهما، وللمحكمه الابتدائيه ومحاكم الاستئناف سلطة نظر الدعاوى
المستعجله إذا رفعت اليها بطريق التبعية لدعوى أصلية عادية مرفوعة امامها
،اضافةالى ان قاضي الامور المستعجلة يفصل
في دعوى اما قاض الامور الوقتية
فلا يفصل في دعوى.كماان إختصاص قاضي الأمور الوقتية ورد على سبيل الحصر أما
القاضي المستعجل فيختص بجميع المنازعات المستعجلةعلاوة على ان وسيلة التقاضي أمام
قاضي الأمور المستعجلة هي صحيفة دعوي أما الوسيلة أمام القاضي الوقتي فهي العريضة
كما ان أمر قاضي الأمور الوقتية يمكن التظلم منه أمام القاضي ذاته الذي أصدره أما
الحكم المستعجل فيتم الطعن فيه أمام محكمة الاستئناف، كما انه يتم تنفيذ الحكم
المستعجل بقوة القانون ولايسقط بعدم تنفيذه أما الامر الوقتي فينفذ بقوة القانون ولكن
اذا لم ينفذ خلال مدة معينة فانه يسقط، والله اعلم.