جمع العامل بين المكافاة والتأمين الاجتماعي
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
من
الإشكاليات العملية مدى جواز جمع العامل بين مكافأة نهاية الخدمة والتأمين
الاجتماعي إضافة إلى أن لوائح بعض الشركات والبنوك تتضمن مكافأت لعمالها عند انتهاء خدماتهم أكثر مما
ورد في قانون التامينات الاجتماعية، ولأهمية هذا الموضوع وكثرة الاحتياج اليه فقد
اخترنا التعليق على الحكم الصادر عن الدائرة الادارية بالمحكمة العليا في جلستها
المنعقدة بتاريخ 22/4/2008م في الطعن الاداري رقم (33012) لسنة 1428هـ وتتلخص
وقائع القضية التي تناولها هذا الحكم أن احد العمال تقدم بدعوى أمام اللجنة
التحكيمية العمالية مطالبا الزام الشركة التي فصلته بدفع حقوقه ومن ضمنها مكافأة
الخدمة التي ذكر العامل أن لائحة الشركة تنص على أنها راتبين في السنة وأن قانون
العمل يقرر في المادة (120) أن العامل يستحق عند انتهاء خدمته معاشا شهرياً او
مكافأة مقطوعة وفقاً لأحكام قانون التأمينات الاجتماعية أو وفقاً لأي نظام خاص أخر
اذا كانت شروطه أفضل،فاذا لم يكن العامل مشمولاً بأحكام قانون التأمينات
الاجتماعية أو أي نظام أخر استحق العامل مكافأة نهاية الخدمة، وقد اصدرت اللجنة
التحكيمية قرارها بالزام الشركة بدفع مكافأة نهاية الخدمة للعامل بواقع شهرين عن
كل سنة خدمةبحسب ماورد في لائحة الشركة التب تنص على استحقاق العامل لراتبين في كل
سنة عملا بالمادة(120) من
قانون العمل التي قررت احقية العامل غير المشمول بالتامين الاجتماعي بمكافاة نهاية
الخدمة في قانون التامينات الاجتماعية او لائحة الجهة التي كان العامل يعمل بها
بحسب الافضل للعامل، فقامت الشركة باستئناف قرار اللجنة التحكيمية العمالية أمام
الشعبة المدنية ،وقد ورد في عريضة استئناف الشركة أن العامل لا يستحق مكافأة نهاية
الخدمةوفقا للقانون لانه مشمول بنظام التأمينات الاجتماعية وأن المقصود بالراتبين
في كل سنة المذكورين في لائحة الشركة هو مكافأة سنوية للعاملين في الخدمة وليس بعد
تركهم للعمل وقد تقاضاهما العامل اثناء عمله، وقد قبلت الشعبة استئناف الشركة وحكمت
بتعديل قرار اللجنة التحكيمية حيث يستحق العامل راتب شهر فقط عن كل سنة خدمة، وقد
ورد ضمن أسباب الحكم الاستئنافي (أن اللجنة تناقضت في استنادها باستحقاق العامل
راتبين مكافأة نهاية الخدمة ووجه التناقض ظاهر حينما أقر العامل باستلامه للراتبين
في كل سنة اثناء عمله وفيما قضت اللجنة باستحقاقه للراتبين بعد خروجه من العمل عن
السنوات التي عمل فيها بالشركة فهذا تناقض فلو اطلعت اللجنة على نص المادة (9) من
لائحة الشركة التي احالت مكافأة نهاية الخدمة إلى قانون العمل كما تضمنت المادة
(80) من تلك اللائحة على انه يتم العمل بقانون العمل فيما لم يرد في هذه اللائحة ولكن اللجنة لم تنتبه لذلك
، ولان الشركة لم تثبت أن العامل مشمول
بالتأمين الاجتماعي ولذلك فان المادة (120) من قانون العمل هو الواجبة التطبيق وهي
التي تنص على أن يستحق العامل عند
انتهاء خدمته معاشاً شهرياً أو مكافأة
مقطوعة وفقاً لاحكام قانون التأمينات الاجتماعية أو وفقاً لأي نظام خاص اخر اذا
كانت شروطه أفضل للعامل واذا لم يكن العامل مشمولاً باحكام قانون التأمينات
الاجتماعية أو أي نظام خاص فهو يستحق مكافأة نهاية الخدمة بواقع مرتب شهر عن كل
سنة من سنوات الخدمة) فلم تقنع الشركة بالحكم الاستئنافي فقامت بالطعن فيه بالنقض
وارفقت بطعنها بطاقة واستمارة التأمين الخاصة بالعامل التي تدل على أن العامل
مشمول بالتأمين الاجتماعي، كذلك تقدم العامل بطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي، إلا
أن الدائرة الادارية رفضت طعن العامل وقبلت طعن الشركة ،وقد ورد في أسباب حكم
المحكمة العليا لتبرير قبولها لطعن الشركة (اما مناعي الشركة الطاعنة بشأن مكافأة
نهاية الخدمة وأن العامل لا يستحقها عملاً بالمادة (120) من قانون العمل التي نصت
على أن يستحق العامل عند انتهاء خدمته معاشاً شهرياً أو مكافأة مقطوعة وفقاً
لاحكام قانون التأمينات الاجتماعية أو وفقاً لأي نظام خاص أخر اذا كانت شروطه أفضل
للعامل، وحيث أنه قد ثبت أن العامل مشمول بالتأمين الاجتماعي ومؤمن عليه حسب
المستندات المقدمة من الشركة لذلك فاستحقاق العامل يكون وفقاً لقانون التأمينات
الاجتماعية أما بشأن ما اشار اليه العامل في عريضة طعنه تمسكه بلائحة شؤن العاملين
في الشركة في المادة (114) فذلك النص متعلق باستحقاق المكافاة اثناء الخدمة او
العمل) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ما هو مبين في الأوجه الأتية :
الوجه الأول :العامل المشمول بالتأمين الاجتماعي لا يحق
له مطالبة الجهة التي كان يعمل بها بمكافأة نهاية الخدمة :
صرح الحكم محل
تعليقنا بأن الموظف المستقيل أو المفصول أو من في حكمهما لا يحق له مطالبة الجهة
التي كان يعمل بها مطالبتها بمكافأة نهاية الخدمة طالما ونظام او لائحة هذه الجهة
لا تتضمن مكافأة بهذا المسمى، لان خضوع الجهة التي يعمل لديها العامل للتأمين
الاجتماعي الاجباري يعني انها قد شملت العامل بنظام التأمينات الاجتماعية الذي
افترضته الدولةجبرا لحماية افراد المجتمع من الفاقة والفقر والتشرد والضياع،فقيام
الجهة بالتأمين الاجتماعي على عمالها يحدد الحقوق والمكافأت التامينية للعامل الذي
يترك أو ينهي علاقته بالجهة التي كان يعمل بها وأن حقوقه التأمينية بما فيها
مكافأة نهاية الخدمة لا تلزم بها الجهة التي كان يعمل بها طالما ولوائح هذه الجهة
لا تتضمن مسمى هذه المكافأة ولا تقررها ،اما اذا كانت لائحة هذه الجهة تقرر هذه
المكافأة فأنه يحق للعامل الذي يترك العمل في الجهة أن يطالب الجهة التي كان يعمل
بها بمكافأة نهاية الخدمة المقررة في لائحة هذه الجهة وفي الوقت ذاته ان يطالب
المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بحقوقه التأمينية المنصوص عليها في قانون
التامينات، وبحسب علمي هناك حوالي تسع شركات وبنوك في اليمن تقرر لوائحها
حق العامل فيها الذي يترك العمل أو تنتهي خدمته حقه في مكافأة نهاية الخدمة
بالإضافة إلى حقوقه التأمينية لدى مؤسسة التأمينات.
الوجه الثاني : المكافأة السنوية اثناء العمل لا يجوز
للعامل المطالبة بعد تركه للعمل:
تقرر غالبية الجهات
مكافأت سنوية للعاملين فيها اثناء خدمتهم اوعملهم حيث تتضمن لوائح تلك الجهات مكافأت سنوية يتم تسليمها للعاملين في اثناء
عملهم بتلك الجهات، وتكون هذه المكافات بمثابة حوافز للعاملين في اثناء العمل، وبناءً
على ذلك لا يجوز للعامل الذي يترك العمل
أو ينهي عمله في الجهة المطالبة بتلك المكافأة باعتبارها من قبيل مكافأة نهاية
الخدمة ،لان تلك المكافأت تمنح العاملين في اثناء العمل فقد تقاضاها العامل اثناء عمله ،فهذه المكافأت
مقررة للعامل فيما فات من عمله وليس لما هو آت بعد تركه للعمل أو انتهاء عمله
حسبما قضى الحكم محل تعليقنا ، على أنه يحق للعامل المطالبة بالمكافات السنوية
التي لم يستلمها بالفعل في اثناء عمله مع مراعاة حكم تقادم الدعاوى العمالية بمضي
سنة من تاريخ الاستحقاق حسبما قرر قانون الاثبات وقانون العمل.
الوجه الثالث : جواز مطالبة العامل بحقوقه التأمينية لدى
الجهة التي كان يعمل بها بالاضافة الى حقوقه التامينية المقررة في قانون التأمينات
وتوصيتنا في هذا الشان:
هناك شركات وبنوك
تتبع النظام الاوربي والامريكي فيما يتعلق بالحقوق التأمينية للعمال فيها حيث تقوم
بالتأمين الالزامي على عمالها لدى هيئة التأمينات الاجتماعية وبذلك يستحق العامل
الحقوق التأمينية المقررة في قانون التأمينات الاجتماعية وبالإضافة الى ذلك فان
لوائح هذه البنوك تتضمن احقية العامل المتوفي أو المتقاعد أو المصاب بحقوق تأمينية
اكثر أو افضل من الحقوق الواردة في قانون التأمينات، فمثلاً هناك شركات تقرر نظمها
الخاصة منح اسرة العامل المتوفي (36) راتباً عند وفاة العامل، وبموجب هذه النظم
الخاصة وبموجب أحكام المادة (120) من قانون العمل فأنه يحق للعامل الذي تنتهي
خدمته المطالبة بتلك الحقوق التأمينية الاضافية أو الافضل، وبهذه المناسبة فاننا نوصي
وزارة العمل بتعديل المادة (120) عمل السابق ذكرها حتى تتضمن حق العامل في
المطالبة بحقوقه التأمينية الإضافية لان النص بصيغته الحالية يوحي فقط بأحقية
العامل في المطالبة بالحقوق التأمينية الافضل وليس الإضافية التي تعني احقية
العامل في الجمع بين حقوقه التأمينية المنصوص عليها في لائحة اونظام الجهة التي
يعمل بها والحقوق التأمينية الواردة في قانون التأمينات الاجتماعية، والله اعلم.
الأسعدي للطباعة ت : 772877717