الفرق بين شطب الاستئناف واعتباره كان لم يكن
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدينالأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.
يقرر قانون المرافعات اعتبار الاستئناف كأن لم يكن اذا قام المستأنف برفع الاستئناف ولكنه لم يحضر اي جلسة من جلسات محكمة الاستئناف، إلا أنه عند التطبيق يتداخل هذا الموضوع في أذهان البعض مع شطب الاستئناف الذي يقرره القانون اذا قدم المستانف وحضر جلسة او بعض لكنه يتخلف بعد ذلك عن حضور باقي الجلسات،
ولذلك فقد اخترنا التعليق على الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 32/2/2010م في الطعن المدني رقم (38338) لسنة 1431هـ وتتلخص وقائع القضية التي تناولها هذا الحكم ان المحكوم عليه بالحكم الابتدائي قام باستئنافه فانعقدت خصومة الاستئناف حيث حضر وكيل المستأنف جلستين وبعد ذلك لم يحضر فقامت الشعبة بإعلانه للحضور إعلانين صحيحين إلا أنه لم يحضر أيضاً فقضت الشعبة باعتبار الاستئناف كان لم يكن، فلم يقبل المستأنف بقرار الشعبة الاستئنافية فقام بالطعن بالنقض في ذلك القرار فقبلت الدائرة المدنية الطعن وقررت نقض القرار الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا (وحيث أن محكمة الاستئناف قضت بشطب الاستئناف واعتباره كأن لم يكن لأن المستأنف لم يكن جاداً في استئنافه لانه تم إعلانه اعلانين صحيحين لحضور جلسات المحاكمة فلم يحضر وكيله سوى جلستين الأمر الذي يستنتج منه أن الشعبة استندت في حكمها على المادة (289) مرافعات التي تنص على ان المستأنف اذا لم يحضر في اليوم المحدد للجلسة الأولى فعلى المحكمة تحديد موعد جلسة ثانية وتعلن المستأنف بالموعد الجديد وفقاً لقواعد الاعلان فاذا لم يحضر في الجلسة التالية اعتبر استئنافه كأن لم يكن وصار الحكم الابتدائي واجب التنفيذ وفقاً للقواعد العامة إلا أذا كان ميعاد الاستئناف لا زال قائماً فللمستأنف رفع استئناف جديد، وفيما لم يقض به القانون بنص خاص يتبع في شأن خصومة الاستئناف القواعد المتعلقة بما هو مقرر أمام محكمة الدرجة الأولى وحيث أن الثابت في الأوراق أن وكيل الطاعن حضر جلستين من الجلسات الأربع التي عقدتها المحكمة الاستئنافية لذا كان على المحكمة أن تستند في حكمها إلى المادة المناسبة من المواد المنصوص عليها في الفصل الثاني من الباب الثالث الخاصة بحضور وغياب الخصوم أمام محكمة أول درجة، ولما كان الأمر كذلك فأن الحكم المطعون فيه معيب يتعين نقضه) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الاول: اعتبار الاستئناف كأن لم يكن
هو جزاء قانوني مقرر بموجب المادة (289) مرافعات يصير بمقتضاه الاستئناف كأنه لم يقدم أمام محكمة الاستئناف وتبعاً لذلك يعد الحكم الابتدائي واجب النفاذ كأن الاستئناف لم يتم تقديمه ، ولا يتم تطبيق هذا الجزاء الا اذا لم يحضر المستأنف الجلسة الأولى فتم تحديد جلسة ثانية وتم فيها إعلان المستأنف بالميعاد الجديد فلم يحضر، وعند تطبيق هذا المفهوم على القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا نجد أن اعتبار الاستئناف كأن لم يكن وفقاً للمادة (289) لا ينطبق في هذه الحالة لأن وكيل المستأنف قد حضر وهو يقوم مقام المستأنف طالما ولديه وكالة صحيحة، واعتبار الاستئناف كأن لم يكن جزاء مقرر لمصلحة المستأنف عليه حتى يتفادى تراخي المستأنف وتعمده إطالة إجراءات التقاضي وتعطيل تنفيذ الحكم المستأنف فيه.
الوجه الثاني: شطب الاستئناف
اشار الحكم محل تعليقنا إلى أن الحكم القانوني المنصوص عليه في المادة (289) مرافعات بشأن اعتبار الاستئناف كأن لم يكن لا ينطبق على القضية لان وكيل المستأنف كأن قد حضر الجلسة الأولى والجلسة الثانية من جلسات الشعبة الاستئنافية واشار الحكم إلى أن الواجب في هذه الحالة هو شطب الاستئناف عملاً بالمادة (289) مرافعات التي قررت تطبيق أحكام استبعاد الدعوى وشطبها وسقوطها المنصوص عليه في المواد (112 و 113 و 114) مرافعات التي تقرر استبعاد الدعوى من جدول الجلسات اذا لم يطلب احد الخصوم السير فيها شطبت واعتبرت كأن لم تكن، وبناء على ذلك فان ما ينطبق على هذه القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا هو شطب الاستئناف اذا حضر المستانف اوجلسات ثم انقطع عن الحضور وكذا يسقط الاستئناف اذا كانت المدة المقررة قد انقضت ، فلا مجال في هذه الحالة لاعتبار الاستئناف كأن لم يكن.
الوجه الثالث: مدى لزوم التقرير باعتبار الاستئناف كان لم يكن
يذهب بعض شراح القانون الى انه لايلزم صدور قرار بذلك طالما ان القانون قد قرر ذلك فلاحاجة لقرار القاضي، ولكن غالبية الفقه القانوني يذهب الى خلاف ذلك فيشترط لزوم صدور قرار بذلك من القاضي بناء على طلب المستانف ضده لان هذه المسالة لم تعد متعلقة بالنظام العام كما كانت في قانون المرافعات المصري القديم قبل تعديل 1962م (طرق الطعن في الاحكام المدنية والتجارية ،عبد المنعم حسني، صـ(208)، والله اعلم.