تطبيق نظام الحصص (الكوتا) لتفعيل المشاركة السياسية للنساء باليمن



ب
تطبيق نظام الحصص (الكوتا) 
لتفعيل المشاركة السياسية للنساء باليمن 


د. عبدالمؤمن شجاع الدين 

كلية الشريعة والقانون - جامعة صنعاء 

خبير انتخابي 

يناير 2009



m:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد :

فهذه الدراسة تبين بإيجاز ماهية نظام الحصص (الكوتا) وأنواعه وتطبيقاته في العالم وإمكانية تطبيقه في اليمن وكيفية استيعابه في التشريعات اليمنية وكذا أسس المشاركة السياسية للنساء وآثارها، ويمكن عرض محتويات الدراسة على وفق خطة البحث التالية :

المبحث الأول : ماهية نظام الحصص (الكوتا) وأنواعه ، ويشتمل هذا المبحث على المطالب الآتية:

    المطلب الأول : معنى الكوتا والمقصود بها .

   المطلب الثاني : دوافع الأخذ بنظام التخصيص والهدف منه .

المطلب الثالث : أنظمة التخصيص (الكوتا) .

المطلب الرابع : مزايا نظام الكوتا .

المطلب الخامس: نسبة حصة النساء في البرلمان في الدول التي تأخذ بنظام الكوتا.

البحث الثاني : الأسس الشرعية والدستورية والقانونية للمشاركة السياسية للمرأة ، ويشتمل هذا المبحث على المطالب الآتية :

    المطلب الأول : الأساس الشرعي للمشاركة السياسية للمرأة .

   المطلب الثاني : الأساس الدستوري للمشاركة السياسية للمرأة .

المطلب الثالث : الأساس القانوني للمشاركة السياسية للمرأة .

المطلب الرابع : أساس المشاركة السياسية للمرأة في الاتفاقيات الدولية .

المبحث الثالث : كيفية استيعاب المنظومة التشريعية والقانونية لنظام الحصص (الكوتا) ويشتمل على المطالب الآتية :

   المطلب الأول : كيفية استيعاب الدستور لنظام الحصص (الكوتا ) .

   المطلب الثاني : كيفية استيعاب القوانين لنظام الحصص (الكوتا ) .

المطلب الثالث : كيفية استيعاب اللوائح والقرارات الإدارية لنظام الحصص (الكوتا ) .

المطلب الرابع : كيفية استيعاب العقود والاتفاقيات لنظام الحصص (الكوتا ) .

المبحث الرابع : أثار المشاركة السياسية للمرأة ، ويشتمل على المطالب الآتية :

   المطلب الأول : مزايا المشاركة السياسية للمرأة .

   المطلب الثاني : عيوب انعدام أو ضعف المشاركة السياسية للمرأة .

خاتمة البحث : وتتضمن أهم النتائج والتوصيات التي خلص إليها الباحث .

هوامش الدراسة : وتشتمل على أهم مصادر الدراسة ومراجعها .


المبحث الأول

نظام تخصيص حصص للنساء (الكوتا) وأنواعه

وفي هذا الشأن سنذكر في المطلب الأول معنى الكوتا ثم نبين في المطلب الثاني الهدف من الكوتا وبعدئذ سوف نستعرض في المطلب الثالث أنواع الكوتا أما في المطلب الرابع فسوف نذكر منه مزايا الكوتا ثم نشير في المطلب الخامس إلى نسبة تمثيل النساء في الدول التي تأخذ بنظام الكوتا.

المطلب الأول

معنى الكوتا والمقصود بها

الكوتا: مصطلح انجليزي (quota) ومعنى هذه الكلمة نصيب أو حصة, ويقصد بنظام الكوتا:تخصيص عدد من مقاعد البرلمان للنساء بغض النظر عن عدد الناخبين الذي أدلوا بأصواتهم للنساء بحيث تكون للنساء حصة في البرلمان على سبيل الوجوب والإلزام ولا يكتسب البرلمان الصفة الدستورية والشرعية ما لم يكن من بين أعضائه عدد من النساء(1) وهذا النظام يطلق عليه كوتا المقاعد , أما كوتا الترشيح فتعني تخصيص نسبة للنساء في قوائم أو طلبات الترشيح للبرلمان أو المجالس المحلية  .

ويرجع الأصل التاريخي لنظام الكوتا إلى مصطلح الإجراء الإيجابي (affirmative action) حيث تم تطبيقه لأول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية على سياسة تعويض الجماعات المحرومة والأقليات من قبل السلطات الحكومية أو من قبل أصحاب العمل في القطاع الخاص , وقد كان هذا الاصطلاح ثمرة من ثمار حركة الحقوق المدنية , وكان هذا الاصطلاح يتصل بالأقلية السوداء في المجتمع الأمريكي , وقد أطلق هذا الاصطلاح لأول مرة الرئيس الأمريكي الراحل كيندي في عام 1961م , وتابعه في ذلك الرئيس جونسون في برنامجه الانتخابي عام 1965م , حيث تم تطبيق نظام حصص أو نسبة (كوتا) تلتزم بموجبه الجهات بتخصيص نسبة معينة من مقاعد الجامعات والمدارس للطلاب الذي ينتمون إلى أقليات أثنية , فطالبت بهذا النظام جماعات أخرى مثل الحركات النسائية.

المطلب الثاني

دوافع نظام التخصيص والهدف منه

تكاد تجمع المصادر المحلية والعربية والأجنبية على ضعف مشاركة النساء في العمل السياسي وتعد الدول العربية من أقل دول العالم قاطبة في التمثيل البرلماني للمرأة حيث تصل نسبة تمثيل المرأة في البرلمانات العربية إلى (6,4%) وفي مصر 5,2% وفي اليمن 0,33%   وفي البحرين والكويت صفر% وتعكس هذه النسبة المنخفضة ضعف مشاركة المرأة في العمل السياسي وبطء تقدمها في التمثيل السياسي(2).

ولذلك فقد توصل المعنيون والباحثون في هذا الشأن إلى وضع تدابير عدة لزيادة المشاركة السياسية للمرأة , منها زيادة نسبة النساء المسجلات في جداول الناخبين ودعم ثقافة المشاركة السياسية للمرأة وتعميق وعي النساء بقضايا المجتمع وتأهيل عناصر نسائية للمشاركة في العمل السياسي والحوار مع الأحزاب والتنظيمات السياسية لحثها على اكتشاف وتصعيد قيادات نسائية.

ولكن هذه الإجراءات والتدابير تتسم بطول المدى واتساع الفجوة الزمنية بين هذه التدابير وتحقيق النتائج المتوقعة .

ولذلك فقد اتجهت دول كثيرة إلى الأخذ بنظام تخصيص نسبة للنساء في المجالس المنتخبة وغيرها , ويطلق على هذا النظام (الكوتا) أو (الحصة) وتشمل مقاعد البرلمان والمجالس المحلية وقوائم الترشيح الحزبية .

والهدف من نظام التخصيص التغلب على ضعف التمثيل السياسي للمرأة عن طريق إحداث نقله نوعية في عدد النساء المشاركات في الحياة السياسية وتجاوز المعوقات التي تحول دون حصول المرأة على حقوقها السياسية , حيث يتوقع من النساء اللاتي يصلن إلى البرلمان وغيره عن طريق نظام التخصيص أن يقمن ببحث مشكلات ومعوقات المشاركة السياسية للنساء وإرساء قواعد المساواة السياسية .

وفي الآونة الأخيرة شهد العالم زيادة متصاعدة في عدد الدول التي تأخذ بنظام التخصيص (الكوتا)حيث بلغ عددها إحدى وثمانون دولة.

المطلب الثالث

أنواع أنظمة التخصيص (الكوتا)

ذكرنا فيما سبق أن هناك كوتا مقاعد وكوتا ترشيح , وإضافة إلى ذلك هناك ثلاثة نظم رئيسية للتخصيص وهي نظام التخصيص الدستوري (الكوتا الدستورية) ونظام التخصيص القانوني (الكوتا القانونية) ونظام التخصيص الحزبي (الكوتا الحزبية) , علماً بأن بعض الدول تأخذ بأكثر من نظام واحد , ويمكن الإشارة إلى هذه النظم الثلاثة على الوجه الأتي:

1.   الكوتا الدستورية:

حيث يتم بموجب هذا النظام النص في الدستور على تخصيص نسبة معينة للنساء من مقاعد البرلمان أو قوائم الترشيح لعضوية البرلمان  , وتأخذ بهذا النظام أربع عشرة دولة منها(العراق - فرنسا - الأرجنتين - والفلبين - والنيبال - ورواندا - وأوغندا - وبوركينا فاسو) .

2.   الكوتا القانونية:-

حيث يتم بموجب هذا النظام النص في قانون الأحزاب أو قانون الانتخابات على تخصيص نسبة معينة للنساء من مقاعد البرلمان أو المجالس المحلية أو في قوائم الترشيح لتلك المجالس , وتأخذا بهذا النظام ثمان وعشرون دولة منها (المغرب - تونس - الجزائر - السودان - البرازيل - الأرجنتين - المكسيك - باراجواي - وفرنسا - وبلجيكا - وألمانيا -وبريطانيا - وباكستان – اندونيسيا - وكثير من دول أمريكا اللاتينية وكانت مصر تأخذ بنظام الكوتا القانونية ثم عدلت عنه .

3.   الكوتا الحزبية:-

حيث تقرر الأحزاب والتنظيمات السياسية بموجب هذا النظام بأنها ملتزمة من تلقاء ذاتها بترشيح نسبة معينة من النساء في قوائم مرشحيها للانتخابات البرلمانية والمحلية وتأخذ بهذا النظام بعض الدول (كإيطاليا - والنرويج ) ومن خلال تصريحات الأحزاب في اليمن في هذا الشأن يظهر أن الأحزاب في اليمن تميل إلى الأخذ بهذا النظام , إلا أن هذا النظام اختياري وليس إجبارياً , ولذلك يفقد فعاليته وجدواه .

المطلب الرابع

مزايا نظام الكوتا

1.  النساء نصف المجتمع , لذلك ينبغي أن يكون تمثيلهن بالمجالس المنتخبة على هذا الأساس , لأن التمثيل ينبغي أن يكون معبراً عن الواقع تعبيراً حقيقياً , ولذلك فإن هذا النظام يكفل المساواة التي تنص عليها كافة الأديان والدساتير الوضعية والمقصود بالمساواة هو المساواة في النتائج وليس فقط في تكافؤ الفرص .

2.  تعاني المرأة من التمييز والتخلف في شتى النواحي الاجتماعية والاقتصادية والإدارية والسياسية وغيرها , وفي ضوء هذه الأوضاع لا يمكن الارتقاء بالمشاركة السياسية للنساء إلا عن طريق الأخذ بنظام الكوتا الذي يكفل الارتقاء بالمشاركة السياسية للنساء , لأن المشاركة السياسية للنساء هي المدخل الصحيح والأكيد لتطوير أوضاع النساء عموماً بما في ذلك أوضاعهن الاقتصادية والاجتماعية والإدارية وغيرها .

3.   نظام الكوتا يحفز الأحزاب على إعداد وتهيئة الكوادر النسائية لترشيحهن لشغل المقاعد المخصصة لهن طبقاً لنظام الكوتا .

4.  نظام الكوتا طريق لرفع المشاركة السياسية للنساء , وهذه المشاركة هي الممارسة الحقيقية والواقعية لحقوق المواطنة , وهي التعبير السياسي والمدني عن المساواة في الحقوق والواجبات المنصوص عليها في الدساتير لأن العبرة في المساواة هي النتائج وليس تكافؤ الفرص .

5.  يؤدي نظام  الكوتا إلى خلق تجمع قوي من النساء في البرلمان يستطيع الدفاع عن حقوق النساء ومصالحهن وعرض قضايا النساء والأسرة بصورة أكثر فعالية .

6.  لا يؤدي البرلمان دوره الحقيقي باعتباره يمثل المجتمع كله نساءً ورجالاً إلا بتمثيل واسع ومؤثر للنساء حتى يمكن الاهتمام بكافة هموم المجتمع وتطلعاته وطموحاته وقضاياه,
ولا يتحقق هذا التمثيل في المجتمعات النامية إلا بنظام الكوتا, ولا ريب أن ضعف المشاركة السياسية للنساء من أهم أسباب الضعف العام للمشاركة السياسية عامة .

7.  نظام الكوتا يحقق التقدم السريع والفاعل للمشاركة السياسية للنساء وذلك بدوره يحقق التقدم الاجتماعي, وإحداث التقدم لا يكون بانتظار التطور الاجتماعي البطيء وإنما بصناعته,
ولا شك أن ترك المجتمع للتطور التلقائي البطيء دون تدخل لن يسفر إلا عن إعادة إنتاج الأوضاع القائمة والظروف السائدة.

المطلب الخامس

نسبة حصة النساء في البرلمان في الدول التي تأخذ بنظام الكوتا

النسبة المطلوبة دولياً هي (30%) من المقاعد , ومع ذلك فإن الدول تتفاوت في الأخذ بهذه النسبة , فالسويد مثلاً تخصص (64%) من المقاعد لنسائها والدنمارك (83%) وفلندا (73%) ورواندا(94%)  وهي أعلى نسبة في العالم , في حين تخصص أوزباكستان (30%) وبنغلادش (13%) واندونيسيا(30%) وأفغانستان (25%) والعراق (30%) والفلبين (20%) والهند (33%)  من مقاعد المجالس التشريعية الخاصة بالولايات فقط أما البرلمان الهندي فلا يُطبق فيه نظام الكوتا وفي باكستان (12%) من مجلس النواب و (17%) من مجلس الشيوخ .


المبحث الثاني

الأسس الشرعية والدستورية والقانونية للمشاركة السياسية للمرأة

وسوف نبين في المطلب الأول الأساس الشرعي للمشاركة السياسية للمرأة في حين نذكر في المطلب الثاني الأساس الدستوري للمشاركة السياسية للمرأة، أما المطلب الثالث فسوف نذكر فيه أساس المشاركة السياسية للمرأة في القوانين الوطنية، وفي المطلب الرابع سوف نذكر أساس المشاركة السياسية للمرأة في الاتفاقيات الدولية، وسيكون عرض هذه المطالب على النحو الآتي:

المطلب الأول

الأساس الشرعي للمشاركة السياسية للمرأة

المقصود بالمشاركة السياسية للمرأة هو مشاركتها في كافة الأنشطة السياسية ومنها المشاركة في الانتخابات في عمليات الاقتراع والترشيح (مرشحة وناخبة) بالإضافة إلى تولي المرأة للوظائف السياسية والإدارية العليا والمتوسطة والدنيا وكذا المشاركة في النقابات ومنظمات المجتمع المدني سواء في قيادات هذه المنظمات أو ضمن منتسبي هذه المنظمات .

والمشاركة السياسية للمرأة محل خلاف بين الفقهاء فمنهم من يذهب إلى عدم جواز المشاركة السياسية للمرأة (الولاية العامة للمرأة) في كل الولايات مطلقاً ومنهم من يجيز مشاركة المرأة في بعض الولايات ويمنع المرأة من تولي بعض الوظائف، وهناك من الفقهاء من يذهب إلى جواز تولي المرأة كافة الوظائف والولايات ومشاركتها السياسية في كافة الأنشطة السياسية وهو القول المختار عندنا وعند جمهور الفقهاء المعاصرين، لأن المرأة مخاطبة بكافة الواجبات والتكاليف الشرعية على قدم المساواة مع أخيها الرجل والتي قررها الله سبحانه وتعالى في قوله (وأمرهم شورى بينهم) وكذا قوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء}(3) وقوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}(4) وقوله تعالى { لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ}(5) وكذا قوله تعالى {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) (6) ولأن عدم الاعتداد بمشورة المرأة يتجافى مع طبيعة النظام الإسلامي ولأن الفقهاء عندما ذكروا شروط أهل الشورى لم يشترطوا الذكورة ومن هؤلاء الفقهاء الأمام الماوردي والأمام أبو يعلى الفراء ، كما أن النساء شاركن في البيعة في عصر النبيr والعصور التالية له بل أنهن كن من أول من بايع النبيr  كما أن النبيr قد بايعهن وقد أخرج البخاري في صحيحة أن النبيr شاور أم المؤمنين أم سلمة يوم الحديبية فأشارت النبيr بقولها(أخرج ولا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك) وقد أخذ النبيr برأيها , وقد كانت مشورة أم سلمة صائبة حيث تابع المسلمون النبيr في ذلك وقد كانوا امتنعوا قبل ذلك عن متابعة النبيr قبل مشاورته أم سلمة(7).

بل أن كثيراً من الفقهاء يرى أن قيام المرأة المسلمة بواجب أمانة عب الاستخلاف يوجب عليها وجوباً عينياً المشاركة السياسية العامة والإصلاح العام فالمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض, والمرأة المسلمة عندما تقوم بواجبها الانتخابي فإنها تقوم بواجب الشهادة أو بتوكيل غيرها للقيام بالأمر , وعندما تكون مرشحة في الانتخابات فإنها تقوم بواجب الإصلاح العام أو الأمر العام ، وعندما تكون في الوظائف السياسية العليا فإنها تقوم بواجب الأمر العام تنفيذاً أو تطبيقاً لقوله تعالى (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) كما أن المساواة بين الرجال والنساء في الحقوق والواجبات أصل ثابت ومن ذلك المشاركة السياسية تطبيقاً لقولهr (النساء شقائق الرجال) كما أن الصحابي عبدالرحمن بن عوفy قد شاور النساء والرجال جميعاً عند اختيار خليفة المسلمين بعد استشهاد الفاروقy وقد قال عبدالرحمن بن عوف عن ذلك (والله ما تركت دار أي من رجل ولا صاحبة فضل إلا أخذت رأيها) وإجمالاً فإن مبادئ الإسلام تتفق على جواز المشاركة السياسية للمرأة(8) .

كما أن مصطلح (الولاية العامة) في العصر الحاضر لم يعد يطبق كما كان يطبق في عصر النبيr وفي عصر الخلفاء الراشدين وفي عصور التابعين وتابعيهم ، حيث كان يُفهم مصطلح (ولي الأمر) بأن الولي أو السلطان هو الذي يكون له الأمر كله فيقوم بإبرام الأمر كله بدايةً ونهايةً من غير الرجوع لأي شخص أو سلطة ، أما في العصر الحاضر فإن اختصاصات (ولي الأمر) قد آلت إلى المؤسسات المختلفة (السلطة التنفيذية – السلطة التشريعية – السلطة القضائية ) وفي نطاق كل سلطة من تلك السلطات تتوزع الاختصاصات بين مستويات مختلفة وأشخاص عدة فلم يعد (الأمر كله) يُسند لشخص واحد يبرمه بمفرده , وتبعاً لذلك يجوز للمرأة المشاركة السياسية في كافة الوظائف المختلفة بما فيها عضوية البرلمان ورئاسة الدولة والقضاء بمختلف درجاته(9)  .

كما أن تولية المرأة قد ذكرها القرآن الكريم في موضع الاستحسان في قصة ملكة اليمن بلقيس بنت الهدهاد وذلك في قوله تعالى (يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون) كذلك قصة خروج أم المؤمنين عائشةy من مكة إلى العراق وما صاحب خروجها من مظاهر الإمارة في سفرها وعند وصولها وعند قيامها بالتفاوض مع الأمام علي بن أبي طالبy وفي أثناء الحرب التي جرت هناك ، فذلك دليل على جواز مشاركة المرأة السياسية ولو كان ذلك غير جائز لما شاركت عائشةy في ذلك الأمر(10) .

وقد استدل الذاهبون إلى جواز مشاركة المرأة السياسة إلى الأدلة والوقائع السابق ذكرها واعتبروها أدلة قاطعة على جواز المشاركة السياسية للمرأة .

وقد ذهبت جماعة الأخوان المسلمين بمصر إلى جواز المشاركة السياسية للمرأة حيث ذهب الأخوان المسلمين إلى أن (ترى الجماعة أنه ليس في النصوص المعتمدة ما يمنع تولي المرأة مهام عضوية المجالس النيابية وما يماثلها والنصوص الشرعية التي تؤيد مشاركتها في الانتخابات تنطبق على انتخابها عضواً(11) ).

ومن الفقهاء المعاصرين الذين ذهبوا إلى جواز المشاركة السياسية للمرأة الشيخ محمد الغزالي والشيخ الدكتور يوسف القرضاوي والدكتور محمد بلتاجي والدكتور محمد سعيد رمضان البوطي والشيخ البهي الخولي والشيخ عبدالحكيم أبو شعة والقاضي سمير عالية والدكتور حسن الترابي والشيخ راشد الغنوشي والشيخ محفوظ نحناح والشيخ فيصل مولوي والمفكر الإسلامي محمد عمارة والشيخ سالم البهنساوي والدكتور دندل جبر والشيخ ظافر القاسمي وغيرهم كثير(12) .

 


المطلب الثاني

الأساس الدستوري للمشاركة السياسية للمرأة

وردت في الدستور اليمني نصوص كثيرة تؤكد مبدأ المساواة بين الرجال والنساء في المشاركة السياسية ، ومن تلك النصوص المادة (24) التي تنص على أن (تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وتصدر القوانين لتحقيق ذلك) كما تنص المادة (31) على أن (النساء شقائق الرجال ولهن من الحقوق وعليهن من الواجبات ما تكفله وتوجبه الشريعة وينص عليه القانون) كما تنص المادة (41) على أن (المواطنون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة) كما تنص المادة (42) على أن (لكل موطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حدود القانون) وفي السياق ذاته تنص المادة (43) على أن (للمواطن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأي في الاستفتاء وينظم القانون الأحكام المتعلقة بممارسة هذا الحق) ومن خلال استقراء النصوص الدستورية السالف ذكرها نجد أنها تكفل صراحة حق المرأة في المشاركة السياسية على قدم المساواة مع أخيها الرجل ، كما أن هذه النصوص الدستورية توجب على الدولة إصدار القوانين التي تمكن المرأة من حقوقها السياسية .

وقد تضمن مشروع التعديلات الدستورية تعديلات إيجابية فيما يتعلق بالمشاركة السياسية للمرأة حيث تم اقتراح تعديل المادة (31) من الدستور السالف ذكرها بحيث يصير نصها بعد التعديل (النساء شقائق الرجال ولهن من الحقوق وعليهن من الواجبات ما تكفله وتوجبه الشريعة وينص عليه القانون وتعمل هيئات الدولة والمجتمع على دعم المرأة وخاصة مشاركتها في الهيئات التمثيلية بما يكفل أسهامها في بناء المجتمع وتقدمه) كما تم اقتراح تعديل المادة (63) من الدستور بحيث تنص بعد التعديل على أن (أ- يتألف مجلس النواب من ثلاثمائة وخمسة وأربعون عضواً ، ب- ينتخب ثلاثمائة عضو وعضو واحد عن طريق الاقتراع السري العام الحر المباشر المتساوي ويمثلون دوائر انتخابية متساوية من حيث عدد السكان مع التجاوز عن نسبة مئوية يحددها القانون زيادة أو نقصان وينتخب عن كل دائرة عضو واحد ، ج- تحدد أربعة وأربعون مقعداً في مجلس النواب للمرأة ويبين القانون طريقة الترشيح والانتخاب مع احتفاظ المرأة بكامل حقوقها الانتخابية في جميع الدوائر ) كما تم اقتراح النص في الدستور على حكم انتقالي ينص على أن ( يتم استكمال الإجراءات القانونية والتنفيذية بملء الأربعة والأربعون مقعداً المحددة للمرأة في مجلس النواب عقب نفاذ هذا  التعديل الدستوري مباشرة)  ومن الملاحظ أن هذا التعديل قد نص على (الكوتا ) الدستورية استجابة لمطالب النساء التي كانت تتجه إلى النص في الدستور على (الكوتا).

المطلب الثالث

الأساس القانوني للمشاركة السياسية للمرأة

ينظم المشاركة السياسية قانون الانتخابات وقانون الأحزاب والتنظيمات السياسية وقانون الجمعيات والمؤسسات وقانون مجلس الوزراء وقانون الخدمة العامة والقانون المدني وقانون النقابات ، وهذه القوانين تقر المشاركة السياسية للمرأة مثلها في ذلك مثل الرجل إلا أن الظروف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية السائدة تحول دون المساواة الفعلية بين الرجال والنساء في المشاركة السياسية .

والقانون المتعلق تعلقاً مباشرة بالحقوق السياسية هو قانون الانتخابات ومن بعده قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية ، وهذان القانونان يقررا المساواة بين الرجال والنساء في الحقوق والواجبات إلا أنهما لم ينصا على (الكوتا) وبدلاً من ذلك نص قانون الانتخابات في المادة (7) على أن (تقوم اللجنة العليا باتخاذ الإجراءات التي تشجع المرأة على ممارسة حقوقها الانتخابية وتشكيل لجان نسائية تتولى تسجيل وقيد أسماء الناخبات في جداول الناخبين والتثبت من شخصياتهن عند الاقتراع وذلك في أطار المراكز الانتخابية المحددة في نطاق كل دائرة من الدوائر الانتخابية) ومع وجود هذا في قانون الانتخابات إلا أن اللجنة العليا لا تستطيع الاستناد إليه في تقرير (الكوتا) لأن إجراءات تشجيع النساء يُشترط فيها عدم مخالفتها لنصوص أخرى في قانون الانتخابات ومنها النصوص الكثيرة التي تقرر مبدأ التنافس والمساواة بين الناخبين والمرشحين دون اعتبار لجنس الناخب أو المرشح وبصرف النظر عما إذا كان رجلاً أم امرأة .

 

المطلب الرابع

أسس المشاركة السياسية للمرأة في الاتفاقيات الدولية

تكفل العهود والمواثيق والاتفاقيات والإعلانات الدولية المشاركة السياسية للمرأة وتضع أمام الدول الأعضاء سلطة اتخاذ كافة التدابير من خلال التشريعات الداخلية لتنفيذ وتطبيق المشاركة السياسية للمرأة ، وفي هذا الشأن أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم (1904) (د-18) بتاريخ20/11/1963م الخاص بإعلان القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري أن  ميثاق الأمم المتحدة يقوم على مبدأ كرامة جميع البشر وتساويهم ، وتنص المادة (6) في ذلك الميثاق على أن (لا يقبل أي تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس في تمتع أي شخص بالحقوق السياسية وحقوق المواطنة في بلده لاسيما حق الاشتراك في الانتخابات بالاقتراع العام المتساوي والإسهام في الحكم ) وفي هذا السياق نصت المادة (25/ب) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أنه يجب أن يتاح لكل مواطن أن ينتخب ويترشح في انتخابات نزيهة تجري دورياً بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري تضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين ، كما تنص المادة (4/أ) من إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة على حق المرأة في التصويت في جميع الانتخابات ، وكذا حقها في التصويت في جميع الاستفتاءات العامة .

كما نصت اتفاقية الحقوق السياسية للمرأة الصادرة بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم(640) (د-7) بتاريخ20/12/1952م بأن لكل شخص حق المشاركة في إدارة الشئون العامة لبلده سواء بصورة مباشرة أو بواسطة ممثلين يتم اختيارهم بحرية ، كما نصت المادة (1) من تلك الاتفاقية على أن للنساء حق التصويت في جميع الانتخابات بشرط التساوي بينهن وبين الرجال دون أي تمييز .

ومن خلال استقراء النصوص التي وردت في الاتفاقيات والمواثيق الدولية نجد أنها تقرر صراحة حق المرأة في المشاركة السياسية وأنه ينبغي على كافة الدول اتخاذ كافة الإجراءات المناسبة لتمكين المرأة من المشاركة السياسية على قدم المساواة مع أخيها الرجل(13) .


المبحث الثالث

كيفية استيعاب التشريعات اليمنية لنظام الحصص (الكوتا)

مصطلح يعني أن ينص الدستور والقانون على تخصيص نسبة من المقاعد في البرلمان أو غيره من الهيئات المنتخبة وذلك للنساء أو يلتزم حزب بمفرده على تخصيص نسبة من المقاعد للنساء أو تتفق عدة أحزاب على تخصيص نسبة أو عدد من المقاعد للنساء وجعل المنافسة عليها محصورة على النساء ، وإذا تم النص على التخصيص في الدستور فيطلق عليها (كوتا دستورية) وإذا تم النص عليها في القانون يطلق عليها (الكوتا القانونية) وإذا تم الاتفاق عليها بين الأحزاب يطلق عليها مصطلح (كوتا اتفاقية) ولبيان كيفية استيعاب هذه التشريعات لنظام الحصص ( الكوتا) فسوف نبين في المطلب الأول كيفية استيعاب الدستور اليمني لنظام الحصص (الكوتا) ثم نذكر في المطلب الثاني كيفية استيعاب القوانين الأساسية لنظام الحصص ، في حين نذكر في المطلب الثالث إمكانية استيعاب نظام الحصص في اللوائح والقرارات الإدارية، أما المطلب الرابع فسوف نبين فيه إمكانية استيعاب نظام الحصص في العقود والاتفاقيات التي تبرمها الأحزاب والتنظيمات السياسية -  وسيكون عرض هذه المطالب على النحو الأتي :-

المطلب الأول

كيفية استيعاب الدستور لنظام الحصص (  الكوتا )

يحتل الدستور قمة هرم التشريعات الوطنية وهو ما يطلق عليه مبدأ سموا لدستور، ويترتب على ذلك أنه لا يجوز لأي من القوانين أو اللوائح أو القرارات أو الاتفاقيات أو العقود أن تخالف الدستور ، وإذا خالفت التشريعات الأدنى الدستور فعلى القاضي والأفراد الامتناع عن تطبيق هذه التشريعات المخالفة للدستور لعدم دستوريتها ، كما أنه يجوز لأي مواطن أن يتقدم بدعوى عدم دستورية القوانين والتشريعات المخالفة للدستور ، كما يجوز للمواطن أن يدفع بعدم دستورية تلك التشريعات إذا حاولت أية جهة أو شخص تطبيقها عليه .

وعلى هذا الأساس فإن النص في الدستور على ( الكوتا ) يجعلها واجبة التطبيق حتماً ويفرض على القوانين والتشريعات كافة احترام هذا الحق ، وبذلك يطلق على النص في الدستور على    الكوتا بـ(الكوتا السامية) التي تستمد سموها من سمو الدستور ذاته ، ولا شك أن النص على الكوتا في الدستور هو أفضل الوسائل وأضمنها لتقرير وتثبيت حق المرأة في المشاركة السياسية فضلاً عن أن ذلك هو أقصر الطرق وأسرعها للارتقاء بالمشاركة السياسية للمرأة .

أما كيفية استيعاب الدستور لنظام الكوتا، فالأمر في غاية السهولة، والمادة الدستورية الواجب استيعاب نظام الكوتا فيها هي المادة (31) من الدستور وبيان كيفية استيعاب هذا النص لنظام (الكوتا) على النحو الأتي :

المادة (31) كما هي في الدستور النافذ

استيعاب المادة (31) لنظام الكوتا بحسب اقتراحنا

النساء شقائق الرجال ولهن من الحقوق وعليهن من الواجبات ما تكفله وتوجبه الشريعة وينص عليه القانون

ونحن نقترح أن يضاف إلى في هذه المادة هذه العبارة (بحيث لا يقل تمثيل المرأة في الهيئات التمثيلية على 30%)

 


المطلب الثاني

كيفية استيعاب نظام الحصص في القوانين

القوانين المتعلقة مباشرة بالمشاركة السياسية للمرأة هي قانون الانتخابات وقانون الأحزاب والتنظيمات السياسية وقانون مجلس الوزراء وقانون السلطة المحلية،وبالإمكان استيعاب نظام الحصص في القوانين المشار إليها على النحو الأتي :

أولاً : قانون الانتخابات  :

تعديل المادة (7) وبيان ذلك على الوجه الأتي :

المادة (7) حسبما وردت في القانون النافذ

التعديل الذي نقترحه في المادة (7)

تقوم اللجنة العليا باتخاذ الإجراءات التي تشجع المرأة على ممارسة حقوقها الانتخابية وتشكيل لجان نسائية تتولى تسجيل وقيد أسماء الناخبات في جداول الناخبين والتثبت من شخصياتهن عند الاقتراع وذلك في إطار المراكز الانتخابية المحددة في نطاق كل دائرة من الدوائر الانتخابية

تقوم اللجنة العليا باتخاذ الإجراءات التي تشجع المرأة على ممارسة حقوقها الانتخابية وذلك على النحو الأتي :

أ -  تخصيص 30% من مقاعد الهيئات المنتخبة للمرأة .

ب-  تخصيص 30% من رؤساء وأعضاء اللجان الإشرافية والأساسية والأصلية للمرأة .

ج -  تشكيل لجان فرعية نسائية من النساء تتولى تسجيل وقيد أسماء الناخبات في جداول الناخبين والتثبت من شخصياتهن عند الاقتراع وذلك في إطار المراكز الانتخابية المحددة في نطاق عمل كل دائرة من الدوائر الانتخابية .

ثانياً : قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية :-

تعديل الفقرة (ب) من المادة (14) على النحو الأتي :-

الفقرة (ب) من المادة (14) حسبما وردت في القانون النافذ

التعديل الذي نقترحه في المادة (14)

عقد تقديم طلب تأسيس أي حزب أو تنظيم سياسي يجب أن يكون الحد الأدنى للعضوية في الحزب أو التنظيم السياسي عند التأسيس لا يقل عن ألفين وخمسمائة عضواً شريطة أن يكونوا من أغلب محافظات الجمهورية اليمنية بما في ذلك أمانة العاصمة

ونقترح أن يضاف إلى نهاية الفقرة (ب) هذه العبارة (وألا يقل عدد النساء عن 30% من عدد الأعضاء)

ثالثاً : قانون مجلس الوزراء وقانون  الخدمة المدنية :

استحداث مادة تنص على أن (على كافة الوزارات والمصالح والأجهزة والهيئات والمؤسسات  العامة تخصيص نسبة 30% للنساء في كافة المستويات الإدارية ).

رابعاً : قانون السلطة المحلية :-

إذا لم يتضمن الدستور (الكوتا) فينبغي استحداث مادة في قانون السلطة المحلية تنص على أنه (يتم تخصيص نسبة 30% للنساء في كافة الهيئات التي يتم انتخابها بموجب هذا القانون وذلك على مستوى كافة  الوحدات الإدارية بالجمهورية).

المطلب الثالث

إمكانية استيعاب نظام الكوتا ضمن اللوائح والقرارات الإدارية

من المعلوم أن اللوائح والقرارات الإدارية تكون مرتبتها في أدنى التسلسل الهرمي للتشريعات ولا يجوز لهذه اللوائح أن تخالف التشريعات الأعلى منها مرتبة كالدستور والقوانين الأخرى، كما أن هذه اللوائح والقرارات تكون وظيفتها في الغالب تنفيذية للقوانين ، وإذا لم ينص الدستور أو القوانين السابق ذكرها على الكوتا فليس بالإمكان استيعاب الكوتا ضمن اللوائح والقرارات الإدارية ، إلا إذا كان القرار صادراً عن حزب أو تنظيم سياسي فإنه ملزم لكافة تكوينات هذا الحزب ولكنه ليس ملزماً لغيره من الأحزاب ، وإن كان مبدأ المساواة بين الأحزاب في التنافس يقتضي من الناحية الإخلاقية على الأحزاب أن تحذو حذو الحزب الذي يقرر تخصيص نسبة معينة للنساء لاسيما في عمليات الانتخابات النيابية والمحلية .

المطلب الرابع

إمكانية استيعاب نظام الكوتا في الاتفاقيات التي تبرمها الأحزاب

الأحزاب والتنظيمات السياسية هي الأطراف الفاعلة والمؤثرة في أي عمليات انتخابية وهي التي تتنافس فيما بينها على أصوات الناخبين وهي التي تقوم برسم السياسات والبرامج والخطط لإدارة الحملات الانتخابية للتأثير على الناخبين وكسب ودهم ومعرفة ا لمكونات والكتل الانتخابية المختلفة ودراسة وسائل التأثير عليها وجمع كافة البيانات والمعلومات اللازمة لهذا الغرض ، ولذلك تراهن النساء في كافة دول العالم على موقف الأحزاب والتنظيمات من المشاركة السياسية للمرأة ، وفي الدول التي لا تنص دساتيرها أو قوانينها على الكوتا فإن النساء يتجهن إلى هذه الأحزاب للضغط عليها حتى تتفق فيما بينها على تخصيص دوائر انتخابية معينة تكون حكراً على النساء يتنافسن على الفوز  بمقاعدها وعندما تتفق الأحزاب والتنظيمات السياسية المشاركة في الانتخابات على تخصيص دوائر انتخابية معينة كي تتنافس النساء فقط على الفوز بمقاعدها فذلك يوفر للمرأة حظاً أفضل ومشاركة أوسع مما لو قام حزب بمفرده بتخصيص دوائر انتخابية لتنافس النساء فيها.

واستيعاب الكوتا ضمن الاتفاقيات التي تبرمها الأحزاب والتنظيمات السياسية جائز من الناحية الدستورية والقانونية، إلا أنه يعاب على (الكوتا الاتفاقية) أي التي تتفق عليها الأحزاب يعاب عليها أنها لا تحول دون منافسة الرجال من المرشحين المستقلين للنساء في تلك الدوائر الذين يدخلون معركة المنافسة في الدوائر التي تخصصها الأحزاب للنساء وغالباً ما يفوز الرجال المرشحون المستقلون كما أن بعض الأحزاب تقوم بالإيعاز إلى مرشحين رجال مستقلين لمنافسة النساء في تلك الدوائر، فضلاَ عن أن الأحزاب تخصص للنساء غالباً الدوائر الانتخابية التي تحول الظروف الاجتماعية الثقافية والجغرافية دون نجاح المرأة فيها (الدوائر الهامشية) وهي الدوائر التي تتوفر لدى الحزب البيانات والمعلومات عن عدم إمكانية نجاح رجال الحزب إذا ما ترشحوا فيها .

المبحث الرابع

مزايا المشاركة السياسية للمرأة

لا ريب أن هناك آثار وعوائد إيجابية يجنيها المجتمع من المشاركة السياسية للمرأة وهو ما سوف نبينه في المطلب الأول، ولا شك أن هناك أثار سلبية بالغة الخطورة تؤثر على المجتمع سلباً في حال ضعف أو انعدام المشاركة السياسية للمرأة وهو ما سوف نذكره في المطلب الثاني.

المطلب الأول

مزايا المشاركة السياسية للمرأة

هناك أثار إيجابية كثيرة للمشاركة السياسية للمرأة يجنيها المجتمع الذي يمكن المرأة
من هذه المشاركة، ولا يتسع المجال في هذه الدراسة لرصد وحصر كافة الآثار الإيجابية لمشاركة المرأة، ونكتفي بالإشارة بإيجاز إلى هذه الآثار على النحو الآتي :

1-  توازن المشاركة السياسية عامة في البلاد، فلا يعقل أن نتحدث عن مشاركه سياسية متوازنة، والمرأة غائبة أو مغيبة عن المشاركة، لأن ذلك يعني أن نصف المجتمع غائب أو مغيب، أما في حالة المشاركة السياسية للمرأة فإن المشاركة السياسية في البلاد عامة تكون متوازنة .

2-  عدالة المشاركة السياسية في البلاد ، فالمشاركة السياسية للمرأة تحقق العدالة ، حيث يشعر المجتمع بالعدالة لأن المرأة تشكل نصف المجتمع بل أكثر, ومبادئ العدل والإنصاف تقتضي أن تتناسب مشاركة المرأة مع نسبتها من عدد السكان .

3-  فاعلية المشاركة السياسية عامة في البلاد، فعندما تشارك المرأة سياسياً تكون هذه المشاركة فاعلة، فانتخاب المزيد من النساء في البرلمان لا يتعلق فقط بمسألة عدالة وتمثيل المرأة فقط ولكن ثبت من الناحية العملية أن وجود المرأة في المجالس التشريعية يؤدي إلى حدوث فروق كمية ونوعية في مشروعات القوانين وفي دراسة (للدكتور أرند ليبهارت) رئيس جمعية العلوم السياسية الأميركية ثبت أن الدول التي بها تمثيل نسبي مرتفع من النساء تصدر فيها قوانين لصالح المرأة والطفل أكثر من غيرها، وكما أن المرأة أكثر من غيرها اهتماما بقضايا التعليم وحقوق المرأة والطفل والثقافة وحماية البيئة والإعلام والسلام الاجتماعي.

4-  النهوض بالمستوى السياسي للمرأة حيث تتعلم النساء قواعد اللعبة السياسية سواء داخل الأحزاب أو داخل البرلمان كما تتحقق فرص بروز رائدات وقائدات من النساء، كما أن النائبات في البرلمان يقمن بالتنسيق والتعاون مع منظمات المرأة المختلفة وعقد شبكة مناصرة للمرأة تضم معظم المنظمات والجمعيات المناصرة للمرأة، كما تقوم النائبات بعقد تحالفات مع الأحزاب في القضايا التي تهم المرأة، ففي فلندا مثلاًَ تم إنشاء (الجمعية البرلمانية النسائية الفلندية) التي تضم النساء النائبات في البرلمان لكافة الأحزاب  .

5-  التمثيل الحقيقي والفعلي للمجتمع وتحقيق الديمقراطية الحقيقية – فالمرأة تشكل أكثر من نصف الشعب، الذي يعد مالكاً للسلطة ويباشرها عن طريق نوابه أو وكلائه المنتخبين، وعندما تنعدم المشاركة السياسية للمرأة أو تقل تظهر ديمقراطية مزيفة صورية لا تمثل النصف الأخر من المجتمع (النساء) أما في حالة المشاركة السياسية للمرأة فنكون أمام ديمقراطية حقيقية تعبر تعبيراً صادقاً عن إرادة الشعب ذكوراً وأناثاً .

6-  للمرأة متطلباتها وطموحاتها واحتياجاتها وهمومها والمشاركة السياسية للمرأة تجعلها أكثر وأجدر من يعبر عن تلك المتطلبات والاحتياجات ويدافع عنها .

7-  المشاركة السياسية للمرأة ليس مشروعاً نهضوياً للمرأة فقط بل أنه مشروع نهضوي للمجتمع كله، فعندما تشارك المرأة مشاركة سياسية على حد سواء مع الرجل تتحقق المشاركة السياسية المتكاملة للمجتمع وذلك يعني التقدم بثبات في طريق النهضة الشاملة المتكاملة للمجتمع كله وهذا يفسر النهضة التي شهدتها الأمم الاسكندنافيه (النرويج – السويد – فنلندا – الدنمرك ) .

8-  المشاركة السياسية للمرأة من أهم عوامل استقرار المجتمع فكلما ازداد نطاق المشاركة السياسية للمرأة كلما تحققت عوامل استقرار المجتمع واعتناقه لقيم المدنية والتحضر والتسامح ونبذ العنف، لاسيما والمرأة تجنح للسلم والأمن وتحب النظام والترتيب ولا تميل إلى العنف والفوضى .

9-    ثقة النساء بمؤسسات الدولة وتعاملهن معها وارتيادهن لها وهذا بدوره يوفر الثقة في مؤسسات الدولة .

المطلب الثاني

عيوب انعدام أو ضعف المشاركة السياسية للنساء

عندما تقل أو تنعدم المشاركة السياسية للمرأة تحدث أثار سلبية غاية في الخطورة ولا يتسع المجال لحصرها في هذه الدراسة ونكتفي بالإشارة إلى بعض هذه الآثار وذلك على النحو الآتي:

1-    تخلف المجتمع, لأن انعدام المشاركة السياسية للمرأة يعني تعطيل نصف طاقات ومهارات المجتمع وإمكانياته .

2-  عشوائية التخطيط وعشوائية تنفيذ الخطط والبرامج لعدم وجود بيانات ومعلومات موثوق بها صادرة من النساء الأكثر معرفة بتلك البيانات، فعندما تنعدم المشاركة السياسية للمرأة فإن الرجل يقوم بالتعبير نيابة عن المرأة عن احتياجاتها والبيانات والمعلومات الخاصة بها ولا يمثل هذا التعبير حقيقة الواقع لدى المرأة لأن الرجل ينطلق من وجهة نظره ومعارفه الشخصية .

3-  شعور غالبية المجتمع بانعدام العدالة في المشاركة السياسية , فغالباً ما يكون تغييب المرأة عن المشاركة السياسية مدخلاً لعدم مشاركة بعض الرجال أيضاً في الشئون العامة وتهميشهم، فالمجتمعات التي يقدس فيها الرجل لقوته وغلبته وتهمش فيه المرأة لضعفها ورقتها يكون ذلك طريقاً لإقصاء وتهميش الرجال ذوي الكفاءات والمهارات الذين يرفضون الأساليب البلطجية والفوضوية والغجرية في التعامل، وبذلك يشعر المجتمع برمته بالظلم وانعدام العدالة والمساواة في المشاركة السياسية، فالظلم قيمة سلبية لا يميز بين الرجال والنساء، فمن يظلم المرأة فسوف يظلم الرجال أيضاً .

4-  انعدام ثقة غالبية أفراد المجتمع بمؤسسات الدولة وشعورهم بأنها لا تمثلهم, فالمرأة عندما تعلم أن بنت جنسها لا وجود لها في تلك المؤسسات تشعر بأن تلك المؤسسات المختلفة لا تمثلها ولا تعنيها، بل أن المرأة لا تتعامل مع تلك المؤسسات إلا للضرورة، وكذلك الحال بالنسبة للرجال الذين يتم إقصاءهم وتهميشهم لحبهم للنظام ورفضهم للأساليب الفوضوية في التعامل .

5-  حدوث الاضطرابات والقلاقل وأعمال العنف وعدم استقرار المجتمع بسبب عدم توازن المشاركة السياسية وعدم عدالتها وضعف الثقة بمؤسسات الدولة وعدم تعامل غالبية أفراد المجتمع مع تلك المؤسسات .

6-  ضعف قيم الولاء الوطني لدى النساء والرجال الذين يتم إقصاؤهم الذين يشعرون بافتقارهم للمواطنة المتساوية، فالوطن عند بعض هؤلاء يكون عبارة عن حفنة تراب ونشيد وعلم وطني طالما وهؤلاء لا ينالون حقوقهم السياسية .

 


خاتمة البحث

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات الذي وفقني إلى إتمام هذا البحث والذي توصلت فيه إلى نتائج وتوصيات كثيرة قمت بإثباتها تفصيلاً في مواضعها في متن هذا البحث، أما في هذه الخاتمة فسوف أقتصر على الإشارة بإيجاز بالغ إلى أهم نتائج البحث وتوصياته وذلك على النحو الآتي :

أولاً : نتائج البحث :

1-  (الكوتا) مصطلح انجليزي معناه باللغة العربية نصيب أو حصة، ويقصد بنظام الكوتا تخصيص عدد من مقاعد البرلمان أو غيره للنساء بغض النظر عن عدد الناخبين الذين أدلو بأصواتهم للنساء ويطلق على هذا (كوتا المقاعد) أما (كوتا الترشيح) فينبغي تخصيص نسبة للنساء في طلبات أو قوائم الترشيح للبرلمان أو المجالس المحلية، وقد تم تطبيق (نظام الكوتا) لأول مرة في الولايات المتحدة لتعويض الفئات المحرومة, وقد أطلق هذا الاصطلاح لأول مرة الرئيس الأمريكي الراحل كيندي عام1961م وتابعة في ذلك الرئيس جونسون في برنامجه الانتخابي عام 1965م حيث تم تطبيق نظام الحصص (الكوتا) حيث تلتزم بموجبه الجهات بتخصيص نسبة معية من مقاعد الجامعات والمدارس وغيرها للأشخاص الذين ينتمون إلى أقليات أثنية, فطالبت بهذا النظام جماعات أخرى مثل الحركات النسائية.

ويتم تطبيق نظام الكوتا في مجال الوظائف وغير ذلك بهدف الارتقاء بالمشاركة السياسية للمرأة .

2-  يهدف نظام الحصص بالنسبة للنساء إلى التغلب على ضعف التمثيل السياسي والمشاركة السياسية للنساء وتجاوز الظروف والمعوقات التي تحول دون حصول النساء على حقوقهن السياسية .

3-  المقصود بالمشاركة السياسية للمرأة هو مشاركة المرأة في الانتخابات ناخبة ومرشحة, وكذا في مشاركتها في الوظائف العليا القيادية وكذا في النقابات ومنظمات المجتمع المدني والأنشطة والفعاليات العامة مشاركة تتساوى مع نسبة النساء من عدد السكان.

4-  تتنوع أنظمة التخصيص (الكوتا) إلى أنواع عدة منها كوتا المقاعد أي تخصيص عدد من المقاعد للنساء في البرلمان وغيره, وكوتا الترشيح وهي تخصيص نسبة معينة للنساء من طلبات أو قوائم الترشيح إضافة إلى نظام الكوتا الدستوري وهو النص في الدستور على حصة النساء وكذا نظام الكوتا القانوني وهو النص على حصة النساء في قانون ما، كما أن هناك نظام الكوتا الحزبي ومعناه أن ينص حزب ما في برنامجه أو في أحد قراراته على حصة النساء في قيادات الحزب أو قوائم مرشحيه، كما أن هناك كوتا اتفاقية والتي تعني اتفاق الأحزاب والتنظيمات السياسية على تخصيص دوائر معينة للنساء تتنافس للفوز بمقاعدها النساء فقط .

5-  الأخذ بنظام الكوتا يحقق مزايا كثيرة فمن هذه المزايا ضمان التمثيل المتساوي للمرأة, لأن المساواة حق شرعي ودستوري وقانوني, وكذا تجاوز الظروف الاجتماعية والثقافية والسياسية وغيرها التي تحول دون مشاركة المرأة في الحياة السياسية، وجعل الهيئات التمثيلية تقوم بدورها على أكمل وجه وغير ذلك على النحو المبين تفصيلاً في متن البحث.

6-  المعيار الدولي لحصة النساء هو (30 %) من المقاعد، ولكن هناك دول ترفع هذه النسبة فالسويد تخصص (64 %) والدانمرك (83 %) وفلندا (73 %) ورواندا (94 %) أندنوسيا (30 %) وأفغانستان (25 %) والعراق (30 %) والفلبين (20 %) والهند تخصص للنساء (33 %) من مقاعد المجالس التشريعية الخاصة بالولايات أما البرلمان الفيدرالي الهندي فلا يطبق فيه نظام الكوتا، وفي باكستان تخصص للنساء (12 %)
من مقاعد مجلس النواب و(17 %) من مقاعد مجلس الشيوخ.

7-  لا تأخذ اليمن بنظام حصص النساء في أي مجال من المجالات أو مجلس من المجالس، لذلك فمشاركة النساء في الحياة السياسية في اليمن محدودة فنسبة التمثيل للنساء في البرلمان اليمني هي (0.33 %) أي مقعد واحد من (301) مقعداً .

8-  هناك أسس شرعية ودستورية وقانونية للمشاركة السياسية للمرأة، فنجد الأساس الشرعي لذلك في قول جمهور الفقهاء المعاصرين بأن المرأة مخاطبة بكافة الواجبات والتكاليف الشرعية على قدم المساواة مع أخيها الرجل حسبما ورد في النصوص الشرعية ومن ذلك قوله تعالى { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ }(14) وقوله تعالى { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ }(15)
ولأن كثيراً من الفقهاء عندما ذكروا شروط أهل الحل والعقد لم يشترطوا الذكورة ، كما أن النساء شاركن في البيعة في عصر النبي
r والعصور التالية لذلك العصر بل أنهن كن أول من بايع النبيr, والنصوص الشرعية اليت تدل على جواز المشاركة السياسية للمرأة مبينة تفصيلاً في متن البحث.

أما الأساس الدستوري للمشاركة السياسية للمرأة فنجده في المواد (24 , 31 , 41 , 42 , 43) من الدستور حيث تنص المادة (31) على أن (النساء شقائق الرجال ولهن من الحقوق وعليهن من الواجبات ما تكفله وتوجبه الشريعة وينص عليه القانون)
إلا أن الدستور لم ينص على حصة النساء, ولذلك فإن المرأة لم ولن تستطيع التمتع بهذا الحق المكفول في الدستور على قد المساواة مع أخيها الرجل .

أما الأساس القانوني للمشاركة السياسية للمرأة فنجده في القوانين المتضمنة الحقوق السياسية كقانون الانتخابات وقانون المجالس المحلية وقانون الوظيفة العامة(الخدمة المدنية) وقانون الخدمة العسكرية وقانون الأحزاب والتنظيمات السياسية وقانون السلطة القضائية وقانون السلك الدبلوماسي، فهذه القوانين تكفل للمرأة شغل الوظائف والترشح لها, إلا أن هذه القوانين لا تتضمن حصة للنساء, ولذلك فإن المرأة لم ولن تستطيع التمتع بهذا الحق المكفول في هذه القوانين على قدم المساواة مع أخيها الرجل .

9-   من الممكن استيعاب نظام الكوتا في التشريعات اليمنية على طريق تعديل المادة (31) من الدستور وتضمينها تخصيص (30 %) للنساء من الهيئات التمثيلية والوظائف العامة في الدولة والأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني، وكذا استحداث مادة في كل
من قانون الانتخابات وقانون السلطة المحلية وقانون الخدمة المدنية وقانون الأحزاب وقانون الخدمة العسكرية وقانون هيئة الشرطة وقانون السلطة القضائية على أن تتضمن
هذه المادة المستحدثة تخصيص نسبة 30% للنساء من الوظائف العليا والعادية, كما
من الممكن استيعاب نظام الكوتا ضمن برامج الأحزاب وكذا الاتفاقيات التي تبرمها الأحزاب فيما بينها على النحو المبين تفصيلاً في متن البحث .

10-   هناك مزايا كثيرة للمشاركة السياسية للمرأة منها تحقيق العدالة والفاعلية للحياة السياسية عامة وكذا النهوض بمستوى المرأة والمجتمع وتحقيق الاستقرار السياسي وثقة النساء بمؤسسات الدولة وغير ذلك من المزايا المبينة تفصيلاً في متن البحث، كما أن عدم مشاركة المرأة في الحياة السياسية يؤدي إلى عشوائية التخطيط وتخلف المجتمع والشعور بالظلم والتهميش والإقصاء وحدوث الاضطرابات والقلاقل وضعف قيم الولاء الوطني وغير ذلك وعلى النحو المبين تفصيلاً في متن البحث .

ثانياً : توصيات الباحث

من الدراسة والبحث في هذا الموضوع فقد توصل الباحث إلى نتائج وتوصيات كثيرة تم إثباتها في موضعها من البحث، ويمكن الإشارة إلى بعضها بإيجاز على النحو الآتي :

1-    لغرض المشاركة السياسية للمرأة في الانتخابات القادمة المزمع إجراؤها في أبريل 2011م فإن الباحث يوصي بصفه مستعجلة بأن تقوم الجهات والمنظمات المعنية بالمشاركة السياسية للمرأة مخاطبة الأحزاب والتنظيمات السياسية بتخصيص نسبة
من المقاعد للمرأة وذلك في قوائم مرشحين الأحزاب للانتخابات النيابة والمحلية.

2-  يوصي الباحث كافة الجهات والمنظمات المعنية بالمشاركة السياسية للمرأة بأن تسعى جاهدة قبل إجراء أية انتخابات لدراسة وبحث الدوائر الانتخابية التي من الممكن أن تكون مشاركة المرأة فيها مجدية حتى تكون هذه الجهات الداعمة والمناصرة للمرأة على معرفة بخصائص وظروف الدوائر والكتل والمكونات الانتخابية فيها قبل أن تقوم الأحزاب بتحديد دوائر انتخابية معينة للنساء.

3-  يوصي الباحث بقيام الجهات والمنظمات والمعنية بالمشاركة السياسية للمرأة بحصر أسماء النساء الراغبات بالترشيح وذلك قبل أية انتخابات وتوفير البيانات والمعلومات اللازمة عنهن ومؤهلاتهن ومدى توافر الشروط القانونية للترشيح فيهن وبحث استقالة من يشترط القانون استقالتهن لغرض تقديم طلبهن الترشيح قبل دعوة رئيس الجمهورية للناخبين بثلاثين يوماً على الأقل وإلزام هؤلاء النساء الراغبات في الترشيح بأن يقمن بإعداد ملفات وافية تتضمن المستندات اللازمة للترشيح والبيانات الأخرى عنهن وعن الناخبين بالدوائر التي يرغبن بالترشح فيها ومعلومات عن الكتل الانتخابية
في الدائرة وشبكة أنصارهن في الدائرة وغير ذلك من المستندات والمعلومات اللازمة لإدارة الحملات الانتخابية وبحث وسائل وآليات فوز النساء في مقاعد تلك الدوائر .

4-  على المنظمات والجهات المناصرة والداعمة للمشاركة السياسية للمرأة أن تبحث وتدرس كيفية استثناء النساء المرشحات المستقلات من قوائم التزكية التي يشترط القانون حصول المرأة المستقلة على توقيع ثلاثمائة ناخب في الدائرة تتضمن تزكية المرأة المرشحة , حيث أن ذلك من أهم شروط قبل طلب ترشيح المرشح المستقل أو المرشحة المستقلة حسبما ورد في المادة (58) من قانون الانتخابات ، وأغلب النساء المستقلات لا يستطعن تحقيق هذا الشرط .

5-    تقوم اللجنة الوطنية بدراسة كيفية وآلية تنفيذ الكوتا سواء في الدستور أو في القوانين السابق ذكرها.

6-  اعتماد هذه الدراسة ضمن المواد التدريبية والتوعوية الهادفة إلى توسيع المشاركة السياسية للمرأة ومناقشتها في الدورات والندوات والورش المنعقدة لهذا الغرض .

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين .

 

 

د. عبدالمؤمن شجاع الدين

 

 

صنعاء – يناير 2009


هوامش الدراسة :

(1)           نظام الكوتا ومستقبل حقوق المرأة السياسية ـــ باسل الزير ص 1

(2)           المشاركة السياسية للمرأة – د. محي الدين رجب البناء ص1 .

(3)           سورة النساء – الآية رقم (1) .

(4)           سورة الحجرات – الآية رقم (13) .

(5)           سورة آل عمران- الآية رقم (195)

(6)           سورة آل عمران – الآية رقم (159)

(7)           المشاركة السياسية – د. محمد فرغلي – صـ47 – دار النهضة العربية القاهرة 2004م.

(8)     النظام السياسي في الإسلام – د . محمد عبدالقادر أبو فارس – دار الفرقان عمان الأردن1986م صـ121 ، وكتاب من توجيهات الإسلام – الأمام محمود شلتوت – دار الشروق القاهرة صـ204 ، وطرق اختيار الخليفة – د. فؤاد محمد النادي – الطبقة الأولى 1980م منشورات جامعة صنعاء صـ163 .

(9)     اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ضد المرأة من المنظور الإسلامي – د.رشدي شحاته أبو زيد – الطبعة الأولى 2009م صـ160 .

(10)   د. عبدالمؤمن شجاع الدين – الولاية العامة للمرأة – 2008م صـ26 ، د. محمد عمارة – مشروع التحرير الإسلامي للمرأة صـ7 ، د. غالب عبدالكافي القرشي – ولاية المرأة – مكتبة خالد بن الوليد – صنعاء 282 .

(11)       تمثيل المرأة في المجالس النيابية (دراسة مقارنة) ، د.أميرة المعايري – دار النهضة العربية – القاهرة عام2010م صـ13 .

(12)       د. أميرة المعايري – المرجع السابق صـ14 .

(13)       د. أميرة المعايري – المرجع السابق صـ15 .

(14)       سورة الشورى – الآية (38).

(15)       سورة آل عمران – الآية (159).