تطوير تدريس الفقه الإسلامي في الجامعات اليمنية
أ.د عبد المؤمن عبد القادر شجاع الدين
أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن في كلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء - اليمن.
المقدمة:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد وعلى آله وصحبه اجمعين: اما بعد فأن هذه المقدمة تتضمن مشكلة البحث وتساؤلاته ومناهجه ونطاقه وتقسيماته، وذلك على النحو الآتي:
اولاَ: مشكلة البحث:
تتلخص هذه المشكلة في أن تدريس الفقه الإسلامي في الجامعات اليمنية لا يعالج مشكلات الواقع المعاصر ولا يتناول الاحتياجات التي افرزها العصر، ولا يلبي احتياجات سوق العمل، كما انه لا يلبي التوسع والتطور في المقررات القانونية التي تدرس في الجامعات، كما ان تدريس الفقه الإسلامي لا يعالج اغلب النوازل والمستجدات المعاصرة التي يعاني منها المجتمع مثل الغلو والتطرف والكراهية والعنف، كما ان تدريس الفقه الإسلامي يتبع وسائل عتيقة ولا يستفد من الوسائل الحديثة في التدريس، ولذلك تراجع اقبال الطلبة على دراسة مقررات الفقه الإسلامي([1])، وتثير هذه المشكلة التساؤلات آلاتية:1- هل تستوعب مقررات الفقه الإسلامي المتغيرات والاحتياجات المعاصرة؟
2- هل هناك أهداف لمقررات الفقه الإسلامي -وهل هذه الأهداف تحقق أهداف الجامعة والمجتمع؟ وهل تم توصيف هذه المقررات؟
3- هل تلتزم مقررات الفقه الإسلامي بأساسيات علم المناهج؟
4- هل هناك تناسب بين مقررات الفقه الإسلامي والمقررات القانونية؟ وهل تتكامل المقررات الفقهية مع المقررات القانونية؟
5- ما هي طرائق تدريس الفقه الإسلامي ووسائله المتبعة؟ وما مدى ملاءمتها؟
6- ما هي المهارات التي ينبغي على أستاذ الفقه الإسلامي في الجامعة التمتع بها حتى يتم تطوير تدريسه للفقه؟
ثانياً: مناهج البحث:
بحسب مقتضيات البحث اتبع الباحث المناهج الآتية:1- المنهج الاستقرائي: الذي يعتمد على استقراء مقررات ومفردات تدريس الفقه الإسلامي ووسائل تدريسه المتبعة في الجامعات واستنباط النتائج منها والتعليق عليها.
2- المنهج التحليلي: الذي يعتمد على تحليل مقررات التدريس ومهاراته ووسائله وتحليلها وبيان مدى مناسبتها في العصر الحاضر.
ثالثاً: نطاق البحث:
1- نطاق البحث الزماني: يتحدد نطاق البحث في بيان مناسبة مقررات الفقه الإسلامي التي يتم تدريسها في الجامعات اليمنية في الوقت الحاضر ووسائل التدريس ومهاراته ولن يتناول البحث تدريس الفقه الإسلامي ومفرداته في العصور السابقة.2- نطاق البحث المكاني: يتحدد نطاق البحث على تطوير تدريس الفقه الإسلامي في الجامعات باليمن، فلن يتعرض الى الوضع في الجامعات خارج اليمن.
3- نطاق البحث الموضوعي: يتحدد نطاق البحث في تطوير تدريس الفقه الإسلامي، ولذلك لن يتوسع البحث في تناول طرائق التدريس وأساليبه ومهارات التدريس إلا بالقدر اللازم لتطوير تدريس الفقه الإسلامي.
رابعاً: تقسيمات البحث:
يتكون البحث من مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة، وبيان ذلك على الوجه الآتي:1- مقدمة البحث: تتضمن مشكلة البحث وتساؤلاته ومناهجه ونطاقه وتقسيماته.
2- المبحث الاول: تطوير مقررات الفقه الإسلامي.
3- المبحث الثاني: تطوير طرق تدريس الفقه الإسلامي.
4- المبحث الثالث: تطوير مهارات أستاذ الفقه الإسلامي.
5- خاتمة البحث: تتضمن اهم نتائج البحث وتوصياته.
المبحث الأول: تطوير مقررات الفقه الإسلامي
يشهد العصر الحاضر حركةً علميةً نشطةً في مجال تطوير المقررات الجامعية، نتيجةَ التطورات العلمية والتغيّرات المتسارعة التي يشهدها هذا العصر([2])، مما جعل جميعَ دول العالم تعمل على تطوير المقررات الجامعية بما يتلاءم مع هذه التطورات، وبدأت الجامعات بتغيير أهداف التعليم وأغراضه من خلال الكشف عن اتجاهاتٍ جديدة تتصل بميول الطلبة واتجاهاتهم واحتياجات المجتمع وسوق العمل، إضافة إلى معالجة المشاكل والاختلالات التي يعاني منها المجتمع ([3]).ونتيجةً لذلك قامت جامعات العالم قاطبة بتطوير المقررات الجامعية وإصلاحها لتناسب التطورَ العلمي والتقني والمعرفي فضلاً عن المتغيرات والاحتياجات المجتمعية، وقد اعتمد تطوير المقررات الجامعية على الأسس الآتية:
الأساس الأول: التخطيط لتطوير المقررات الجامعية:
يحتاج هذا التطوير إلى خطة سليمة شاملة حتى يُحقق أهدافه، بحيث تتكون هذه الخطة من مراحل يتم تحديد أهداف كل مرحلة وطرقها والأساليب اللازمة لتحقيقها والزمن المخصص لتنفيذها، وإجراء تقويم فـي نهاية كل مرحلة حتى يتم تلافي الأخطاء أولاً بأول، فمثلاً ينبغي في المرحلة الأولى تطوير أهداف الجامعة فيما يتعلق بالجوانب الشرعية والفقهية وفي ضوء ذلك يتم تطوير أهداف كليات الشريعة والقانون وبعد ذلك تبدأ المرحلة الثانية وذلك بتحديد المقررات الفقهية التي يجب تدريسها بحسب احتياجات سوق العمل وإشكاليات المجتمع ومتغيراته وبما ينسجم مع مفردات المقررات القانونية التي تدرس في الكليات، وبما يحقق أهداف الكلية ورؤية الجامعة وحاجة المجتمع، وبعد ذلك تبدأ المرحلة الثالثة وهي تحديد أهداف كل مقرر فقهي بما يحقق أهداف الجامعة والكليات شريطة أن تكون أهداف المقرر واضحة وقابلة للتحقق ومرتبة بحسب أهميتها وأولوياتها وبعد ذلك تبدأ المرحلة الرابعة وهي تحديد مفردات كل مقرر فقهي بما يحقق أهداف المقرر عامة وأهداف كل وحدة من وحداته او مفرداته وينبغي ان تكون هذه المفردات مرتبة في المقرر حتى يسهل للطالب تذكرها وفهمها والاستفادة منها([4]).
الأساس الثاني: مراعاة المقرر الفقهي خصائص المتعلم وحاجاته:
هدف التعليم الفقهي في المقام الأول مساعدة المتعلم على التدرج في معرفة وأدراك مضمون الفقه الإسلامي ([5])، فلكل متعلم طبيعته وظروفه الخاصة ومراحل نموه، ولكل مرحلة منها خصائص تختلف هذه المراحل بين المتعلمين كما تختلف بالنسبة للمتعلم نفسه من مرحلة لأخرى ([6])، ولذلك ينبغي على المقرر الفقهي ان يراعي هذه الخصائص.
الأساس الثالث: مراعاة حاجات المجتمع ومتطلبات سوق العمل:
يتعرض أي مجتمع لعدة تغيرات من وقت لآخر، تؤثر على أسلوب حياته ومتطلباته واحتياجاته مما يتطلب مراعاة المقرر الفقهي لهذه التغيرات، مهما اختلفت درجتها أو مصدرها أو قوة اتجاهها ([7])، فالمقرر الفقهي يجب ان يلامس هموم المجتمع المعاصر الذي يعاني من الحروب واثارها من لجوء ونزوح، إضافة الى التطرف والغلو والعنف والكراهية، فمن اللازم بيان الحكم الفقهي إزاء هذه المسائل، كما ان طلبة كليات الشريعة والقانون من المتوقع ان يعملون في سلك القضاء والمحاماة والإدارات القانونية لذلك ينبغي ان يلبي المقرر الفقهي احتياجات هذه الوظائف.
وهذه التغيرات متى ما تم مراعاتها أثناء تطوير المقرر، فإن ذلك يؤدي إلى التنمية الاجتماعية الشاملة المستمرة في المجتمع التي تحدث من خلال نشاط الإنسان وتدخله لتحقيق أهداف معينة وإحداث تطوير كمي وكيفي في جوانب الحياة في المجتمع وزيادة قدرته الذاتية على إشباع حاجاته الدينية والمادية والمعنوية لمواجهة مشكلاته وحلها ذاتيًا خلال خطة زمنية معينة ([8]).
وفي هذا السياق ينبغي دراسة المجتمع والعوامل المؤثرة فيه التي تؤثر بشكل أو بأخر على تكيّف وانسجام الطالب مع البيئة المجتمعية المحيطة به ([9]).
ومن جهة ثانية فأن هناك نوازل واحتياجات معاصرة سواء لطالب العلم او المجتمع ينبغي مراعاتها عند إعداد المقرر الجامعي وتوصيفه وتحديد أهدافه ومقرراته، ونكتفي بالإشارة فقط الى بعض المتغيرات،فمن القواعد المستقرة في الفقه الإسلامي أن (النصوص متناهية وان حاجات الناس غير متناهية)([10]) فالنصوص الشرعية من القران الكريم والسنة النبوية جامعة وصالحة لكل زمان ومكان تحتاج في كل زمان ومكان إلى اجتهاد لبيان الحكم الفقهي في احتياجات الناس المتطورة والمتغيرة بحسب الأزمنة والامكنة، ولذلك تنتصب أمام رجال الفقه الإسلامي مهمة دراسة المستجدات والاحتياجات ومعرفة اغراضها والمصالح التي تحققها والمفاسد التي تترتب عليها في ضوء النصوص الشرعية، وفي ضوء ذلك يتم بيان الحكم الفقهي بشأن هذه المستجدات والاحتياجات المعاصرة وتدريس هذه الأحكام الفقهية على طلبة الجامعات للاستفادة منها تحقيقاً لمبدأ صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان، وحتى تكون دراسة وتدريس الفقه أكثر جدوى وأكثر جدية، وحتى تكون الدراسة لفقه وشريعة تعيش بين اظهر الناس، وحتى لا يكون التناول الفقهي لمسائل فقهية لا وجود لها او يندر الاحتياج لها كالعبد الابق وعسب الفحل والمكاتبة وغيرها.
فقد قال الدكتور محمد عبد الرحمن المرعشلي (فقد نجح الفقهاء القدامي في استخراج الأمثلة الفقهية الشائعة في حياتهم لغة وعبارات وممارسات، بينما فقدت هذه الأمثلة حضورها في مجتمعاتنا المعاصرة، حيث أصبحت غريبة وغامضة وغير مفهومة للأجيال، فهي بحاجة إلى شرح وإيضاح ومعاجم فقهية ولغوية خاصة لبيان مقصودها، فينبغي استمداد الأمثلة الفقهية الحديثة مع التصدي لظروف العصر وبيئته ومشاكله وهمومه بالاجتهاد وان تكون الأمثلة والشواهد مستمدة من صميم البيئة ومن واقع تجارب الناس وممارساتهم الفعلية، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُم) فقد أدى استخدام الأمثلة القديمة إلى عزل الفقه عن مشاكل العصر: فكرًا وواقعًا؛ لأن الأمثلة القديمة لم يعد لها وجود اجتماعي معاصر ولا حضور علمي، وفي ذلك ظلم للفقه الإسلامي في دنيا التشريع والقانون عن طريق إبعاده عن التطبيق والمعاصرة) [11])).
فنصوص الشريعة وان كانت متناهية وثابتة إلا انها قادرة على استيعاب وتلبية كل الاحتياجات والمتغيرات العصرية، لان هذه النصوص جوامع كلم وقواعد عامة تنتظم ضمنها كل الوقائع التي حصلت في الماضي والتي تحصل في الحاضر والتي سوف تحصل في المستقبل([12]).
ومن الصعب للغاية حصر المتغيرات والاحتياجات المعاصرة التي ينبغي بيان موقف الفقه الإسلامي منها في المقررات الجامعية، لان الواقع يفرزها باستمرار دون توقف، وهذه الاحتياجات المعاصرة تتعلق بفروع الفقه الإسلامي كلها حتى في بعض مسائل العبادات مثل احتساب بداية رمضان ونهايته فلكياً ومفطرات الصيام المعاصرة المختلفة كالحقن، وكذا عمليات البنوك التقليدية والإسلامية وكذا مسائل المعاملات المعاصرة كالتعاقد بواسطة البريد الالكتروني، وكذا زكاة الشركات والمؤسسات وزكاة الإيجار وغير ذلك، ولذلك فأن من مقتضيات تطوير المقررات الفقهية ان تتضمن هذه المقررات الأمثلة والتطبيقات المعاصرة التي يعايشها المجتمع المعاصر وليس الأمثلة والتطبيقات الواردة في كتابات الفقهاء المتقدمين الذين كانوا يعبرون عن الواقع والمجتمع في عصرهم.
وقد أشارت إلى بعض المتغيرات التي ينبغي ان يتجه إليها تطوير الفقه الاسلامي وتجديده المؤتمرات والمجامع الإسلامية، ومن ذلك:
أولاً: قرارات وتوصيات منظمة المؤتمر الإسلامي في جدة - السعودية في دوراته العشر، التي اشارت إلى بعض المسائل والمستجدات المعاصرة التي ينبغي دراستها في المقررات الفقهية كحكم طفل الأنابيب وبنوك الحليب، والتأمين وإعادة التأمين، الإحرام بالطائرة، وزرع الأعضاء، وبنوك الأعضاء، والخلو (بدل تفريغ المنزل)، وزراعة الأعضاء التناسلية، والمناقصات، والاستنساخ .. الخ.
ثانيًا: قرارات مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة في دوراته الثلاث عشرة الذي اوصى بدراسة النوازل والمتغيرات المعاصرة ومنها: توحيد الاهلّة، خطبة الجمعة والعيدين بغير العربية، البورصة، تصوير النبي صلى الله عليه وسلم، تشريح جثث الموتى، تقرير الوفاة برفع أجهزة الإنعاش، نقل الدم، إسقاط الجنين المشوه خلقيًّا.
ثالثًا: قضايا معاصرة في الندوات الفقهية في مجمع الفقه الإسلامي - الهند، وتوجيهات في تسع ندوات فقهية كمشروع النظام المصرفي اللاربوى، والمؤسسات التعاونية اللاربوية، الذبح الماكينى، الإيدز .
رابعًا: فتاوى وتوصيات وندوات قضايا الزكاة المعاصرة في الكويت: تسع ندوات، ومنها زكاة المال الحرام، مصرف (المؤلفة قلوبهم)، مشمولات مصرف في سبيل الله، زكاة عروض التجارة، السندات الحكومية الخ .
الأساس الرابع: إعادة النظر في تأليف مقررات الفقه الاسلامي لاسيما في الدراسات العليا في كليات الشريعة والقانون, ويكون هذا النظر من الجهات الآتية:
الجهة الأولى: أسلوب البحث والتأليف والتدريس بطريق القواعد الفقهية والأصولية والنظريات الفقهية، وهو أمر ليس بمستغرب إذا نظرنا في بعض طرائق المتقدمين كالشاطبي في كتابه الموافقات وتوجهه نحو إعادة النظر في طرق الكتابة والتأليف في أصول الفقه. ثم توجهه إلى العناية بمقاصد الشريعة, وكذلك أسلوب ابن رجب في كتابه القواعد الفقهية.
الجهة الثانية: العناية التفصيلية بالمسائل المستجدة , فعند النظر في كتابة المتقدمين في الزكاة والأموال الزكوية – ولاسيما زكاة السائمة من بهيمة الأنعام وطرق تفصيلها نجد أنها متمشية مع مصطلحات وقتهم وما هو سائد فيهم من ألفاظ وأسلوب حياة , بينما جد في الوقت الحاضر أنواع من الأموال نحتاج إلى تبسيطها وتقريبها لطلاب العلم في مراحل الطلب, كالأسهم ومعرفة أنواعها وشركاتها وكيفية إخراج الزكاة فيها([13]).
الأساس الخامس: مراعاة خصوصية العلوم الفقهية:
تشترك العلوم الشرعية مع بعضها ومع غيرها من العلوم وتتقاطع معها في جوانب عدة، إلا أنها تتميز بقدر من الخصوصية له أثره في مقررات الفقه الجامعية وتدريسها، ومن أهم جوانب الخصوصية:
1- العلوم الشرعية تتكون من نصوص شرعية ينبغي احترامها لأنها غير خاضعة للتطوير، كما تتكون العلوم الشرعية من علوم اجتهادية محل خلاف بين فقهاء الأمة ومجتهديها، وهذه العلوم هي التي يتجه إليها التطوير([14]).
2- التعبد بتعلم العلوم الشرعية وتعليمها، ولذلك فهي مقصودة لذاتها أما غيرها من العلوم فهي مقصودة لغيرها، ولهذه الخاصية تأثير بالغ في جلب اهتمام الطلبة، إلا أنه ينبغي إيضاً جلب إهتمام الطلبة عن طريق إيجاد العلاقة بين المقرر الفقهي وإحتياجات المجتمع وسوق العمل.
3- إرتباط العلوم الشرعية بالسلوك والجانب الوجداني، وهذه الخاصية ينبغي التركيز عليها عند تأليف المقرر الفقهي وفي أثناء المحاضرة لتهذيب سلوك ونفوس الطلبة ومعالجة الإختلالات والإشكاليات التي تعاني منها المجتمعات المعاصرة كالغلو والتطرف والعنف وشيوع الكراهية والحقد.
الأساس السادس: جمع مسائل الفقه في أبواب كبرى تعرف بالنظريات الفقهية كنظرية الضمان ونظرية الضرر، ونظرية العقد وغيرها؛ لإظهار السبق الحضاري للفقه الاسلامي في تأسيس مثل هذه النظريات.
الأساس السابع: مواكبة الاتجاهات الحديثة في تأليف المقرر الجامعي:
الغرض من الدراسة الجامعية هو خدمة المجتمع ومعالجة مشاكله والمساهـمة في تحقيق أهدافه وطموحاته في الرقي والتقدم وحُسن الخلافة في الأرض، والعمل ايضاً على نمو الفرد النمو الشامل المتكامل،فلا يمكن أن يتحقق هذا التغيير للمجتمع والفرد والمقرر الجامعي راكد ([15]).
ويمكن الإشارة الى أهم التوجهات العالمية المعاصرة التي يجب على مطوري المقررات الفقهية الجامعية مراعاتهاعلى النحو الاتي:
1- ربط المقررات بالمجتمع والبيئة والحياة.
2- دمج التقنية في محتوى المقرر.
3- تنظيم المقررات الجامعية وفقاً للمنهج التكاملي مثل ان يكون المقرر الشرعي مكملاً للمقرر القانوني والعكس صحيح.
4- التركيز على تنمية مهارات الطلبة في التفكير والتخطيط وحل المشكلات.
5- مناسبة المقررات الجامعية جميع الطلبة بمستوياتهم المختلفة من حيث الادراك الذهني والاحتياج العلمي والعملي.
6- عدم تضخم المقررات الجامعية وزيادتها إضافة الى عدم تضخم كل مقرر على حدة.
7- تشجيع الطلبة على الحوار والمناقشة والتواصل مع زملائهم والتعليم المستمر.
8- التنويع في أساليب تقويم الطلبة ([16])، وعدم الاعتماد على طريقة قياس وتقويم واحدة، مثل الاعتماد على الاختبار التحريري للطلبة، كما ينبغي ان تكون أسئلة الامتحان متنوعة (أسئلة تذكر، أسئلة فهم، أسئلة تحليل، أسئلة تعليل، أسئلة تطبيق، أسئلة تركيب)، وأن تكون متوازنة وشاملة للمقرر كاملاً.
الأساس الثامن: المحافظة على القيم والهوية الثقافية للمجتمع:
هوية المجتمع هي مجموعة الخصائص والصفات والسمات التي يتمسك بها المجتمع وتميزه عن غيره من المجتمعات ([17])، ومن المؤكد ان الدين الإسلامي والفقه الإسلامي هما اهم قيم المجتمع الإسلامي وأهم مكونات الهوية الثقافية في المجتمعات الإسلامية، ولذلك ينبغي النظر الى الفقه الإسلامي والتعامل معه على هذا الأساس، ولذلك فأن أي محاولات لتهميش الفقه الإسلامي او اقصائه من المقررات الجامعية هو مسخ لهوية المجتمع.
وثقافة كل مجتمع تسهم في تشكيل هويته الوطنية، لذا فإن تبيان جوانب الثقافة ومكوناتها وصفاتها، والمحافظة عليها، وانتقائها، وعصرنتها بما يتلاءم مع روح العصر، وكيفية الاسهام في تحقيقه التوازن بين الجانب الديني والدنيوي مسؤولية مهمة من مسؤوليات المقرر الجامعي الحديث ([18]).
الأساس التاسع: تيسير المقررات الفقهية:
من المسلم به أن مستوى طلاب الجامعات ضعيف تبعاً لضعف مستوى التعليم العام، كما أن هؤلاء الطلاب القادمين من المدارس الحديثة قد اعتادوا طريقة معينة ومبسطة في الكتب الدراسية الحديثة، كما ان أسلوب صياغة عبارات الفقهاء المتقدمين عصية على فهم غالبية الطلبة في العصر الحاضر إضافة الى ان هؤلاء الطلبة قد اعتادوا أسلوب الصياغة والتبويب المتبع في المقررات القانونية، ولذلك ينبغي مراعاة هذه الإعتبارات عند تأليف المقررات الفقهية الجامعية ويحبذ أن يكون تأليف المقررات الفقهية على غرار المقررات القانونية من حيث تبويبها ومسمياتها حتى يستطيع الطلبة الإلمام بها والإستفادة منها في أعمالهم المستقبلية وحتى تكون مزايا الفقه الإسلامي وتفوقه على القوانين ظاهراً([19])
الأساس العاشر: استشراف المستقبل عند تطوير المقرر الجامعي:
ينبغي ألا تقتصر عملية تطوير المقررات الجامعية على تلبية حاجات الفرد في الحاضر بل تتعداه إلى التنبؤ بملامح المستقبل، وُتعدُّ الدراسات المستقبلية المستندة على واقع الامة هدفاً رئيساً في الحياة المعاصرة بالنسبة لجميع المجتمعات وهي أساس التطوير الجامعي عموماُ وتطوير المقررات الجامعية خاصة، فلم يعد المعنيون بالمقررات الجامعية يتساءلون عن حاجات الفرد اليوم ولكنهم يتساءلون عن حاجات الفرد والمجتمع في المستقبل القريب والبعيد، ومن هنا ينطلقون إلى اختيار المفردات المناسبة للمقررات الجامعية ([20])، وقد كان هذا الأساس حاضراً في اجتهادات الفقه الإسلامي في مختلف مراحل تطوره، حيث كان الفقهاء منذ بزوغ الفقه الإسلامي حتى الماضي القريب يضعون في مؤلفاتهم المعالجات والاحكام للمسائل والوقائع المتوقع حدوثها في المستقبل القريب والبعيد التي لم تظهر بعد، وهذا ما يسمى بالفقه الافتراضي.
ومن أهم الأمور التي ينبغي مراعاتها عند تطوير المقررات الجامعية الآتي:
1- إستيعاب الوسائل التقنية الحديثة مثل المقرر الجامعي الالكتروني الذي يسهل للطالب الرجوع عليه ضمن دائرة معينة تحفظ الحق الفكري للإستاذ الجامعي بالإضافة إلى تكميل بعض مفردات المقرر الجامعي عن طريق هذه الدائرة، ويمكن الإستعاضة عن هذه الدائرة الإلكترونية بوسائل حديثة أخرى كمجموعات الواتس الهاتفية الخاصة بالطلبة وغيرها وتكميل الإستاذ لبعض المفردات والمعلومات الفقهية بواسطتها وإضافة بعض الزيادات عن طريق هذه الوسائط الإلكترونية.
2- التأكيد على بعض القيم الاصيلة التي تتعرض للاهتزاز والضياع، لذلك ينبغي على المقررات الفقهية أن تعالج آثار الحروب والصراعات التي يعاني منها المجتمع المسلم المعاصر، حيث ظهرت دعوات في غالبية الدول الإسلامية للإخذ بالنظام العلماني، كما ظهرت أصوات تنادي بالإلحاد مستغلة اثار الصراعات المسلحة باسم الدين التي أحدثت نفوراً لدى بعض الافراد من الاحتكام للشريعة الإسلامية.
3- إشاعة روح التعاون بين الطلبة والمجتمع والبعد عن الفردية المطلقة في العمل والأنانية التي تدمر المجتمعات، وفي هذا المجال على المقررات الفقهية أن تتضمن ثقافة التسامح والتعاون والإيثار وتهذيب النفس البشرية حتى تكون هذه الثقافة علاجاً ناجعاً لنزعات الكراهية والحقد والتكفير والتبديع والتفسيق التي فرقت الأمة الواحدة وشّتت صفها.
4- إكساب الطلاب مهارة الاختيار المهني وفق معايير مقبولة منطقياً، فطلاب الشريعة والقانون يضعون نصب أعينهم العمل في سلك القضاء أو المحاماة أو الإدارات القانونية وغير ذلك، وتطبيق القوانين وتفسيرها متعذر إلا بفهم الكتب الفقهية، حسبما ورد في المادة (18) من القانون المدني، ولذلك ينبغي أن تتجه المقررات الفقهية إلى بيان وجهات نظر الفقه الإسلامي إزاء النصوص القانونية كافة التي تدرس في كليات الشريعة والقانون حتى تثير الدافعية لدى الطلاب لدراسة المقررات الفقهية.
5- التأكيد على فكرة التعلم الذاتي من أجل ضمان تحقيق مبدأ استمرارية التعلم، ولذلك ينبغي على المقرر الفقهي أن يتضمن إرشادات وتوجيهات للطالب إلى كيفية البحث والرجوع إلى كتب الفقه الإسلامي وكيفية تبويبها ومصطلحات الفقهاء وقواعد الفقه والتأكيد في المقررات الفقهية على عمق الفقه الإسلامي وتوسعه وأن المقرر الفقهي الجامعي لم يتناول المسائل الفقهية كاملة، كما انه لم يتوسع في المسائل التي تضمنها، وأنه ينبغي على الطالب الرجوع إلى كتب الفقه الإسلامي، وفي هذا الشأن ينبغي العناية عند إعداد المقرر الفقهي بذكر المراجع الفقهية في نهاية كل صفحة وفي نهاية الكتاب حتى يستطيع الطالب الرجوع إليها وضمان إستمرارية تعلمه.
6- إكساب الطلاب مهارات التفكير والابداع في حل المشكلات واتخاذ القرارات المناسبة.
7- العمل على تحقيق كل من البعد المحلي والبعد القومي والعالمي لمفهوم المواطنة ([21])، لذلك ينبغي على المقرر الفقهي أن يتضمن مظاهر الولاء الوطني وحب الوطن والإعتزاز به دون أن يقترن ذلك بإحتقار الأوطان الأخرى وإزدرائها، علماً بأن المقررات الفقهية التي تدرس في الجامعة لا تتناول مفهوم المواطنة مما جعل الافراد يتساهلون كثيراً في هذا المفهوم ويفرطون في الثوابت والثقافة الوطنية، كما يسود في المجتمع المعاصر مفهوم مغلوط مفاده ان مفهوم المواطنة والوطنية لا ينسجم مع الانتماء الى الاسلام.
الأساس الحادي عشر: الشمول والتكامل والتوازن عند تطوير المقرر الجامعي:
المقصود بالشمول والتكامل مراعاة أن تكون عملية تطوير المقرر شاملة لجميع الجوانب متضمنة لجميع العوامل والعناصر التي لها دور في عملية التدريس، وذلك يستدعي دراسة العلاقات بين الجوانب المتعددة ومعرفة تأثير كل جانب على الجوانب الاخرى سلبياً وايجابياً، بحيث تتضافر كل الجوانب لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأهداف بطريقة اقتصادية وفعالة، وهذا لا يتم إلا في ظل نوع من التكامل تتضافر فيه الجهود وتستثمر فيه الإمكانات كافة وفقاً لما يستطيع أن يقدمه كُل جانب حسب دوره وطاقته([22]).
ويحدد المختصون جوانب الشمول والاتزان في المقرر الجامعي على النحو الآتي:
1- أهداف الجامعة عامة واهداف الكلية خاصة ونوع التنظيم المنهجي والمقررات الجامعية الأخرى التي تدرس مثل المقررات القانونية والسلم التعليمي وطرق التدريس، والوسائل التعليمية، والأنشطة المختلفة التي يقوم بها الطالب والكتب الجامعية والتقويم([23]).
2- إعداد الأستاذ وتدريبه وفقاً للاتجاهات التعليمية الحديثة.
3- نظم الإدارة الجامعية.
4- العلاقة بين الكلية الجامعية والبيئة والمجتمع، وكيف تساهم الكلية في خدمة البيئة والمجتمع وتلبية احتياجاتهما ومعالجة اشكالياتهما.
5- طريقة تعاون الكلية مع أجهزة التوعية الشرعية مثل: وسائل الاعلام المختلفة ووزارة الأوقاف والارشاد([24]).
بينما يقصد بالتوازن تحديد الوزن النسبي لكل عامل أو جانب وفقاً لقدراته ومساهمته في تحقيق الهدف وفقاً للدور الذي يمكن القيام به([25]).
الأساس الثاني عشر: تعاون الأطراف المعنية بتطوير المقرر الجامعي:
عملية التطوير ينبغي أن تتم بتعاون جميع من له علاقة بالمقرر ويتأثر به مباشرة أوغير مباشرة مثل الاستاذ والطالب والجهات المتوقع ان يعمل بها الطالب مستقبلاً([26]).
ولا يعني اشتراك الأطراف الـمعنية بعملية التطوير تساوي دور كلاً منها مع الاخر وإنما المقصود إعطاء الفرصة لكل فرد لكي يعبر عن رأيه ويبين وجهة نظره بكل وضوح، حتى تستوعب عملية التطوير وتستفيد من كل الآراء([27])، كما أن هذا التعاون يكون في تحديد أهداف المقرر ومفرداته وليس في صياغته وتأليفه، إذ أن ذلك اختصاص أصيل للإستاذ الجامعي وحده.
الأساس الثالث عشر: استمرارية تطوير المنهج الجامعي:
ينبغي أن يكون التطوير مستمراً حتى تواكب المقررات الجامعية التغيرات المتجددة، فارتباط المنهج بالمجتمع وحركته التنموية المستمرة، يُحتم أن تتم عملية التطوير باستمرار؛ حيث أن جودة المقرر تقاس بما يعكسه من تغيرات تحدث في المجتمع، ونظراً لأن المجتمع مستمر في التغيير، ومن هنا فإن المقررات الجامعية مهما بُذل من جهد في تطويرها فإنـها لن تصل إلى درجة الكمال، ولذلك يجب أن يكون التطوير عملية مستمرة وعلى فترات غير متباعدة([28]).
إن اجراءات اعداد المقرر الجامعي يجب أن يصاحبها تقويم مستمر، ثم يتلو ذلك تعديل المقرر أو تطويره في ضوء نتائج التقويم، مما يساعد على تحقيق أهداف هذا المقرر، ويقتضي ذلك مراجعة أو مراعاة الإمكانات المادية والبشرية المتاحة، والعوامل، والظروف المختلفة، وبذلك تصبح عملية التطوير مستمرة لا تتوقف عند طرح المقرر المتطور في أرض الواقع ولكن المقرر المطور يحتاج إلى عملية متابعة وتقويم، فطالما أن هناك عملية متابعة وعملية تقويم فهناك بالضرورة عملية تطوير وهكذا تصبح عملية التطوير مستمرة باستمرار عملية التدريس بالكلية الجامعية([29])، وينبغي ان يكون الفاصل الزمني بين عملية التطوير وعملية التطوير التي تليها مدة لا تقل عن خمس سنوات، وذلك لعدة اسباب منها:
1- إعطاء فرصة للمقرر المطور أن يستقر، إذ أن السنوات الاولى لتنفيذ المقرر المطور تواجه عقبات ومشكلات، ثم بعدها يبدأ الاستقرار.
2- الحكم على المقرر بطريقة موضوعية.
3- حتى يكون اقتصادياً([30]).
الأساس الرابع عشر: مواكبة تطوير المقرر الجامعي للتطور المعرفي والبحث التقني:
ثورة المعلومات والاتصالات التي يشهدها الواقع المعاصر تقتضي أن تستجيب المقررات الجامعية لهذه المعطيات عن طريق الآتي:
1- الاستفادة الكاملة من معطيات التقنية الحديثة واستثمارها لصالح العملية التعليمية في اعداد المقررات الجامعية في مراحله المختلفة التخطيط والتنفيذ والتقويم والقيم الخاصة لبناء الفرد القادر على التعامل بكفاءة مع هذه المعطيات.
2- التركيز على تنمية عمليات التفكير العليا من خلال المقررات الجامعية لدى المتعلمين والتي تمكنهم من التعامل المستنير مع المضامين المعرفية.
3- انفتاح المقررات الجامعية على المستجدات المعرفية وطلبها، والبحث عنها والاستفادة منها بحيث تصبح مطلباً وهدفاً لهذه المقررات([31]).
الأساس الخامس عشر: تجريب المقرر الجامعي المطوّر:
يعد تجريب المقرر قبل تعميم تدريسه من الأمور الـمُهمة لعملية التطوير وذلك لتلافي الاخطاء التي قد تقع في فترة التجريب،لأن تجريب المنهج المطور هو الضمان الأكيد للتحقق من بلوغه الأهداف المحددة له، وهو في الوقت ذاته منصة انطلاق لتطوير جديدة بناء على نتائج تقويم التجربة([32]).
وتتحدد أهداف التجريب على النحو الاتي:
1- إثبات صحة أو خطأ الموضوعات التي تضمنها المقرر المطور الذي يخضع للتجريب ومدى تحقيقها لأهداف المقرر والكلية الجامعية.
2- معرفة نقاط القوة والضعف في المقرر المطور.
3- التعرف على بعض المشكلات التي تظهر عند التنفيذ والتجريب، ومن ثـم إيجاد الحلول العلمية المناسبة لها.
4- التعرف على مدى تأثير أحد جوانب المقرر في الجوانب الاخرى، ومن ثُـمَّ التعديل في هذه الجوانب([33]).
ومن الأعراف الاكاديمية المستقرة ان تكون مدة التجريب للمقرر الجامعي ما بين ثلاث وخمس سنوات وتناط هذه المهمة بأستاذ المقرر نفسه، كما انه من الأعراف المستقرة انه لا يسمح للأستاذ الجامعي ان يقوم بالتأليف في المقرر الذي يدرسه إلا بعد ان تمضي مدة لا تقل عن ثلاث سنوات على قيامه بالفعل بتدريس المقرر.
وعند إمعان النظر في المقررات الجامعية في مجال الفقه الإسلامي ومفردات هذه المقررات، نجد ان مقررات الفقه الإسلامي في كليات الشريعة والقانون هي: مدخل الفقه الإسلامي واصول الفقه، ومصطلح الحديث وفقه العبادات والاقتصاد الإسلامي ضمن مقررات السنة الأولى واحكام الاسرة واصول الفقه وفقه المعاملات ضمن مقررات السنة الثانية وفقه المعاملات الجزء الثاني والتشريع الجنائي الإسلامي واصول الفقه وفقه المواريث وفقه السيرة في السنة الثالثة وتفسير آيات الاحكام واصول الفقه والقضاء والاثبات والوصية والوقف ضمن مقررات السنة الرابعة([34])، وتمثل هذه المقررات ثلث المقررات في كلية الشريعة والقانون بجامعة صنعاء، وهذه المقررات لا تتضمن فقه السياسة الشرعية على أهميته وكثرة الاحتياج له، ومن خلال استقراء مقررات الفقه ومفرداته المشار اليها نلاحظ الاتي:
اولاً:مقررات الفقه الإسلامي التي يتم تدريسها في الجامعات اليمنية تجاهلت فرعاً من اهم فروع الفقه الإسلامي وهو السياسة الشرعية مع أهميته وكثرة الاحتياج الى مسائله في الوقت الحاضر، فالتنظيمات والإجراءات الإدارية والسياسية والاقتصادية والتجارية والاجتماعية وغيرها التي تتبعها الدولة المعاصرة تندرج ضمن أبواب السياسة الشرعية.
ثانياً: نتيجة لقلة المقررات الفقهية في كليات الشريعة والقانون بالجامعات اليمنية وتجاهل فقه السياسة الشرعية فقد تقلصت اقسام الفقه الإسلامي واصوله الى قسمين هما قسم الفقه المقارن وقسم أصول الفقه وهما يشكلان اقل من 20% من الأقسام العلمية التي تتكون منها كلية الشريعة والقانون، كما ان الدراسة الفقهية في الدراسات العليا تشكل 30% فقط، فهناك دبلوم للشريعة فقط مقابل دبلومين للقانون هما دبلوم القانون العام ودبلوم القانون الخاص، كما ان نسبة الاقبال على الالتحاق في دبلوم الشريعة الإسلامية تقل عن 90% مقارنة بدبلومي القانون العام والقانون الخاص، ولا ريب ان تقليص المقررات والتخصصات الفقهية في الجامعات اليمنية إضافة الى تقليص مفردات المقررات الفقهية سوف يؤدي الى ضعف او انعدام مخرجات الجامعات الحكومية في الجانب الفقهي وانتزاع الريادة الفقهية من الجامعات الحكومية التي ستكون عاجزة عن تخريج فقهاء بالمعنى الدقيق، حيث اتجه طلاب الفقه الإسلامي الى الجامعات الخاصة او حلقات المشائخ لطلب علم الفقه بدلاً عن الجامعات الحكومية، وهذا الامر يوجد إشكاليات اجتماعية كثيرة ليست خافية على احد ([35]).
ثالثاً: محتويات اغلب مقررات الفقه في كليات الشريعة والقانون تقدم مادة معرفية تقليدية لا تعالج إشكاليات واحتياجات العصر الحاضر،فالدول الإسلامية تعاني ويلات الغلو والتطرف، كما ان الدعوات العلمانية وموجات الالحاد بدأت تطل برؤوسها مستغلة الحروب والصراعات باسم الدين التي تعاني منها كثير من الدول الإسلامية، وكان الواجب أن تعالج المقررات الفقهية هذه الظواهر بالدراسة والبحث بالإضافة الى غياب المسائل التنظيمية الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والتجارية ...الخ عن هذه المقررات وعدم تناولها للمستجدات المعاصرة فمثلاً فقه المعاملات لا يدرس المعاملات والتعاقدات العصرية وتأصيلها في الفقه الإسلامي، كما ان فقه العبادات لا يتناول المستجدات المعاصرة مثل توحيد الاذان والحساب الفلكي لبداية رمضان وعيد الفطر ومفطرات الصيام الحديثة والتيمم بغير التراب من الأشياء الحديثة كالمفروشات ومدى نجاسة بعض الأشياء الحديثة المشتقة من مواد نجسة اصلاً وحكم اختلاط المواد المحرمة والنجسة بغيرها وتحري وجهة القبلة بالوسائل المعاصرة وغيرذلك كثير.
كما ان مادة مدخل الفقه الإسلامي لا تتناول علاقة الفقه الإسلامي بالقانون الروماني والقوانين المعاصرة وكيفية استفادة هذه القوانين من احكام الفقه الإسلامي وقواعده، وكذا لا يشير هذا المقرر الى أهمية الفقه الإسلامي في شرح النصوص القانونية المستفادة من احكام الفقه الإسلامي، كما ان مادة الاقتصاد الإسلامي تقتصر في مفرداتها على دراسة النظم الاقتصادية المعاصرة كالنظام الرأسمالي والاشتراكي ومقارنتها بالنظام الاقتصادي الإسلامي، فهذه المادة لا تدرس عمليات البنوك والتأمين المعاصر وتبين مدى موافقتها للشريعة الإسلامية، كما انها لا تدرس عمليات المصارف الإسلامية المعاصرة كشهادات الاستثمار والأسهم وبيع المرابحة والبيع للأمر بالشراء والصكوك الإسلامية وغير ذلك، كما ان فقه المواريث وان تناول مسائل الميراث كاملة الا انه لم يتضمن طرق قسمة الميراث كأحكام القسمة الرضائية والجبرية التي نظمها القانون المدني مع ان احكام القسمة ملحقة اصلاً بعلم المواريث، علماً بأن أحكام القسمة واجراءاتها من اهم المسائل التي يحتاج لها في الوقت الحاضر مثل كيفية حصر التركات وتثمينها وتصميم جداول القسمة المبينة لمكونات التركة واثمانها ونصيب كل وارث وغير ذلك.
وكذا مقرر التشريع الجنائي الإسلامي الذي تضمن تلخيص الاحكام العامة والخاصة للجرائم والعقوبات في كتيب واحد، في حين انه كان الأولى ان تكون الاحكام العامة منه في كتاب يدرس على طلبة السنة الثانية في حين تكون الاحكام الخاصة منه في كتاب اخر يقرر على طلبة السنة الثالثة، اما مقرر فقه المعاملات فأنه قد جاء خالياً من المعاملات والتعاقدات العصرية السائدة في العصر الحاضر، وكذا مقرر الوصية والوقف الذي لم يتضمن الاحتياجات العصرية مثل الوظائف العصرية للوقف كوسيلة من اهم وسائل التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الإسلام، في حين ان مقرر القضاء والاثبات قد تم اختصاره في مقرر واحد في حين انه تماثله في المقررات القانونية ثلاثة مقررات (قانون المرافعات+ التنفيذ الجبري+ قانون الإجراءات الجزائية)، إضافة الى ان مقرر القضاء والاثبات لم يتعرض للتحكيم مع انه ملحق بالقضاء الاسلامي اما مقرر تفسير آيات الاحكام فقد تم اختصاره الى مقرر واحد يدرس على طلبة السنة الرابعة فقط في حين انه كان يدرس في اربعة مقررات في كلية الشريعة والقانون حتى عام 1990م بواقع مقرر في كل مستوى دراسي بمسمى ( فقه الكتاب والسنة).
رابعاً: كثرة المقررات القانونية وتقليص المقررات الفقهية:
مع ان الكلية تحمل اسم (الشريعة والقانون) فأن ذلك يقتضي ان يكون هناك توازن بين المقررات الشرعية والمقررات القانونية الا انه يلاحظ ان المقررات الشرعية تتقلص باستمرار من حيث عددها ومن حيث مفرداتها ومن حيث صلتها بالواقع المعاصر، ويرجع ذلك من وجهة نظر الباحث الى الأسباب الاتية:
1- تطور المقررات القانونية وركود المقررات الفقهية: حيث استجابت المقررات القانونية للتغيرات والاحتياجات الواقعية،فقد ارتادت المقررات القانونية مجالات وافاقاً ومفردات جديدة فتوسعت هذه المقررات من حيث عددها ومفرداتها، في حين ظلت المقررات والمفردات الفقهية تراوح مكانها بل انها تقلصت، فمثلاً القانون الدولي الخاص كان مقرراً واحداً فصار الان أكثر من ثلاثة مقررات وكذا القانون التجاري وغيره من المقررات القانونية.
2- ظهور اتجاه لدى مدرسي المقررات القانونية بعدم جدوى تدريس المقررات الفقهية الى جانب المقررات القانونية متذرعين بذريعة ان القوانين اليمنية مستفادة من احكام الفقه الإسلامي، فدراسة المقررات الفقهية التي تتناول في مفرداتها نصوص القوانين المستفادة من الفقه ما هو الا نوعاً من العبث والتكرار، فينبغي الاكتفاء بالمقررات القانونية التي تشرح هذه النصوص، بل وصل الامر لدى بعض مدرسي المقررات القانونية الى الاعتراض على تسجيل اية بحوث في الفقه واصوله اذا كانت بمسميات ومصطلحات معاصرة بذريعة ان هذه المسميات تندرج ضمن تخصص الأقسام العلمية القانونية،ونرد على هذا الاتجاه بأنه يفترض ان يكون هناك تكامل في اليمن بين المقررات الشرعية والمقررات القانونية وان تكون متوافقة ومتساوية من حيث عددها ومفرداتها، فالمقرر القانوني والمقرر الشرعي يتفقان من حيث المفردات لكنهما يختلفان من حيث التناول، فالمقرر القانوني يتناول النظريات والمدارس القانونية بشأن مفردة او مسألة ما، في حين يتناول المقرر الشرعي اقوال الفقهاء بشأن هذه المسألة او المفردة وبيان القول الذي أخذ به القانون وعندئذ تكتمل الرؤية الشرعية والقانونية لدى الطالب في كليات الشريعة والقانون فذلك هو الهدف الأصلي لأنشاء كليات الشريعة والقانون، كما انه بالإمكان البحث في اي موضوع في رسائل الدكتوراه والماجستير ولو كان مسمى هذا الموضوع ضمن أي من فروع القانون فالبحث الفقهي يكون التناول الفقهي فيه هو الغالب حيث يعرض اقوال الفقهاء في الموضوع وادلتهم ويناقشها ثم يختار ما يراه راجحاً ويشير الى حكم الموضوع في القانون بإيجاز اما البحث القانوني فأنه يتوسع في ذكر النظريات والمدارس القانونية واتجاهات القوانين المختلفة ويكتفي بالإشارة الى الحكم الفقهي بإيجاز.
وطبقاً لأساس التكامل السابق ذكره بين المقررات فلا بد ان تكون لكل مقرر قانوني او مفردة قانونية نظير لها او مثيل في الفقه الاسلامي، لان القانون المدني نص في المادة (18) على ان ( المرجع في تفسير نصوص القوانين وتطبيقها هو الفقه الإسلامي والمذكرات الايضاحية والكتب الشارحة الصادرة من الهيئة التشريعية المختصة) ومن المؤكد عدم وجود المذكرات الايضاحية والكتب الشارحة الصادرة من السلطة التشريعية فلم يبق الا الفقه الإسلامي الذي له رجاله المتخصصون وكتبه التي تفسر النصوص القانونية في ضوء الاحكام الفقهية، علماً بأن اغلب كتب المقررات القانونية صارت تتناول بالبحث والدراسة في اقوال الفقهاء وادلتهم إزاء المسائل القانونية مستغلة ركود المقررات الفقهية وعدم تناولها لأغلب المستجدات المعاصرة وعدم مواكبتها للنصوص القانونية النافذة، علماً بأن دراسة اقوال الفقهاء وادلتهم يجب ان تكون صادرة من اهل الاختصاص وهم الفقهاء وأساتذة الفقه وليس رجال القانون وشراحه([36]).
المبحث الثاني: طرائق تدريس الفقه الإسلامي
طريقة التدريس تطلق على مجموعة خطوات يتّبعها الاستاذ لتحقيق غايات معيّنة، ووجود طرق متعدّدة شائعة للتدريس لا يعدّ ناشئاً إلّا عن أفكار الاساتذة المتكوّنة عن الطبيعة البشرية وطبيعة المعرفة على مرّ العصور([37])، ومن هذه الطرق المحاضرة ومناقشة بعض المسائل الفقهية من قبل مجموعات الطلبة التي يقسمها الأستاذ، وطريقة العصف الذهني للإجابة على مسائل واسئلة يثيرها الأستاذ ويطلب من الطلبة إيجاد حلول لها او إجابات عليها، وكذا طريقة تكليف الطلبة بإعداد مطالعات او واجبات او بحوث موجزة عن بعض المسائل ومناقشتها مع الطلبة، وطريقة توجيه أسئلة للطلبة وتكليفهم بالإجابات عليها وغير ذلك من طرق التدريس، ومن الجدير بالذكر عدم إمكانية المفاضلة بين طرق التدريس المختلفة، فاختيار إحداها يرجع إلى موضوع المحاضرة، ونشاط الطلبة، والإمكانيات والموارد المتوفّرة وغيرها من الظروف التعليمية، فلكل ذلك أثر فعّال في تعزيز جودة التعليم والتعلّم، ولاريب ان الطرق التقليدية أصبحت عاجزة عن تلبية حاجيات التعليم في عصرنا الحاليّ، على خلاف طرق التدريس الحديثة التي مكّنت الطالب من الوصول إلى المعلومة وفهمها وتطبيقها بشكل أكثر سرعة ودقّة بصورة مختصرة، لأنها وثيقة الصلة بالواقع الاجتماعيّ والاقتصاديّ داخل قاعات المحاضرات وخارجها، ومراعاتها المجتمع الذي يعيشه الطالب، وتدريبه على طريقة التعامل الصحيحة مع المواقف الحاليّة والاستعداد للمواقف المستقبلة ثمّ تطوير الواقع نحو الأفضل([38]).
وطرائق التدريس المتبعة في الجامعات اليمنية واحدة بالنسبة للمقررات الشرعية والمقررات القانونية، فطريقة التدريس لهذه المقررات هي طريقة وحيدة وهي طريق المحاضرة حيث يقوم الأستاذ بإلقاء المحاضرات على اعداد هائلة تزيد على مائة طالب وطالبة، وهذه الطريقة هي اقل الطرق في التحصيل العلمي والمعرفة حسبما ورد في هرم (بيلوم) للمعرفة، حيث اظهر الهرم ان نسبة التحصيل بواسطة طريقة المحاضرة لا تتعدى نسبة 5%([39]).
ويرجع سبب اتباع طريقة المحاضرة كطريقة وحيدة لتدريس الفقه الإسلامي وغيره، الى أسباب كثيرة أهمها:
1- كثرة طلبة كليات الشريعة والقانون، فمتوسط عدد هؤلاء الطلبة في كل سنة دراسية يتراوح ما بين 2000 و3000 طالباً طالبة، ولذلك يتعذر اتباع طرق التدريس الأخرى التي تستلزم ان يكون عدد الطلبة ما بين 30-40 طالباً وطالبة على الأكثر، وتحاول كليات الشريعة والقانون التغلب على هذه الصعوبة بتقسيم طلاب كل مستوى دراسي على مجموعات يصل عدد طلبة كل مجموعة الى أكثر من 150 طالباً، ولذلك فأن هذه المعالجة تظل قاصرة وعاجزة، اذ ان عدد الطلاب يظل كثيراً في كل مجموعة من هذه المجموعات.
2- قلة عدد أعضاء هيئة التدريس العاملين بالتدريس فعلاً قياساً بالعدد الهائل للطلاب، فمثلاً يقوم بالتدريس الفعلي للمقررات الشرعية في كلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء عشرة أساتذة فقط([40]).
3- قلة او انعدام هيئة التدريس المساعدة العاملة في مجال تدريس الفقه الإسلامي وغيره، ولذلك فأعضاء التدريس القلة اصلاً يتحملوا وحدهم كافة الأعباء الاكاديمية وغيرها، في حين انه ينبغي ان تسند كثير من طرائق التدريس التطبيقية والأنشطة العلمية الى هيئة التدريس المساعدة كالمعيدين والمدرسين المساعدين([41]).
4- انعدام الاعتمادات المالية والمستلزمات الأخرى اللازمة لتنفيذ طرائق التدريس الأخرى.
5- عدم تدريب الأساتذة العاملين بالتدريس في كليات الشريعة والقانون على طرائق ووسائل التدريس وإدارة المحاضرات وطرق الالقاء والتأثير وتوصيل المعلومات ومواجهة المشاكل التي تحدث في اثناء المحاضرة والتعامل معها، فلا ريب ان هؤلاء الأساتذة فقهاء علماء في مجال الفقه الإسلامي والقانون واكتسبوا مهارات وخبرات تدريسية خلال فترة عملهم الطويلة في مجال تدريس الفقه الإسلامي والقانون، ولكن للتدريس تخصصه وله فنونه ومهاراته التي تدرس في الكليات المتخصصة مثل كلية التربية التي تدرس كل طرائق التدريس والالقاء والإدارة الصفية والتقويم للطلبة وغيرها، ولا شك ان الأستاذ في مجال الفقه الإسلامي وغيره يحتاج الى دورات وحلقات قصيرة لتلقي هذه الفنون والعلوم التدريبية للاستفادة منها وصقل خبراته، ومن المؤكد ان ذلك سوف يسهم حتماً في تطوير تدريس الفقه الإسلامي والارتقاء به([42]).
المبحث الثالث: تطوير مهارات التدريس والأستاذ الجامعي
لا شك ان التدريس الجامعي يتأثر بعوامل عدة منها ما يتصل بالأستاذ الجامعي من حيث إعداده العلمي وتعمقه في تخصصه وثقافته الواسعة إضافة الى المامه بأساليب التدريس ولباسه وشخصيته وهندامه وعلاقاته مع الطلاب وتواضعه وصبره، وهناك عوامل تتصل بالطالب الجامعي من حيث خصائصه الشخصية وقدراته وميوله ومستواه الاجتماعي والاقتصادي ورغبته واستعداده للتعلم الجامعي، ومن هذه العوامل ما يتصل بالمقررات الجامعية من حيث طبيعتها وأهدافها ومحتواها وتقويمها ومدى انسجامها مع اهتمام الطالب من جهة ومتطلبات سوق العمل من جهة ثانية، ومن العوامل ما يتعلق بالإدارة الجامعية الرشيدة التي تهيئ مناخاً جامعياً تعليمياً وتعلمياً وبحثياً مناسباً، وهذه العوامل السابقة تتداخل وتتعاون معاً لتطوير التدريس الفعال في مجال الفقه الإسلامي وغيره([43]).
وهناك أسس وقواعد لابد من الأخذ بها في تطوير مهارات التدريس منها على سبيل المثال:
1- التدريس في الجامعة ليس مجرد نقل المعارف الإنسانية والعلمية من الأستاذ الجامعي الى الطالب، فالمعلومات والبيانات والمعارف تزداد قنوات ووسائل نقلها وتنساب بيسر وسهولة حيث يصعب على أي أستاذ جامعي مهما كانت قدراته ان يلّم بها او يستوعبها، هذا بالإضافة الى تكنولوجيا العصر وتقنياته ووسائله المتطورة والمتسارعة، من هنا لم يعد دور الأستاذ الجامعي مخزناً للمعلومات والمعارف او مجيباً عن الأسئلة او أنبوب توصيل يوصل المعلومات من مصادرها كالكتب والمراجع والمقررات الجامعية والدوريات والمجلات الى عقول الطلبة، فالأستاذ الجامعي ما هو الا مرشد وموجه ومثير للتفكير وتعليمه وملهم للطلبة وقادر على الاثارة الفكرية العقلية والاستفسار والتساؤل المتواصل والاستقصاء والبحث العلمي المستمر الذي يولد أسئلة وافكاراً جديدة جديرة بالتنقيب والبحث العلمي على حدّ سواء([44]).
2- التدريس بالجامعة عملية اتصال وتواصل اجتماعي وصلات شخصية بينية بين الأستاذ الجامعي والطلبة لذا يصبح دور الأستاذ الجامعي ليس التلقين والنقل انما هو قائد للمناقشة وموجه للنشاط الفكري وميسر للتعليم ومرشد للبحث والتقصي والاكتشاف، وفي هذا يصبح التفاعل بين عناصر الموقف الاتصالي (الأستاذ والطلبة والمادة) شرطاً اساسياً لحدوث التعلم والبحث واكتساب المعارف الإنسانية والعلمية والخبرات سواء بسواء([45]).
3- الأستاذ الجامعي يؤثر في طلابه ويتأثر بهم لأنه عنصر أساسي في عملية الاتصال الاجتماعي، ولكي يكون هذا التأثير والتأثر تربوياً سليماً ينبغي ان يقوم على أساس الثقة والاحترام المتبادل بين الأستاذ وطلابه، ولهذا يؤكد المهتمون بالتعليم الجامعي على الجوانب الإنسانية في التدريس الجامعي وتصبح عندئذ مهارات التدريس الجامعي في درجة أهمية مادة التدريس ذاتها([46]).
4- عملية التدريس الجامعي يمكن تحليلها تحليلاً منظماً وتقويم النشاطات والفعاليات التدريسية والتحكم بها،وفي ضوء نتائج ذلك ينبغي تدريب أساتذة الجامعة على ذلك، ولعل هذا الامر قد يلغي ما هو شائع بين عامة الناس من ان التدريس مجرد هواية او موهبة او حرفة تنمو بالخبرة، وان الأستاذ الجامعي يولد ولا يعد او يدرب او يصنع، ولذلك فقد ساهمت عملية تحليل عملية التدريس في تطوير برامج اعداد الأستاذ الجامعي اعداداً علمياً متخصصاً ومهنياً تربوياً مسلكياً في المؤسسات التعليمية الجامعية([47]).
5- مهارات التدريس تختلف عن المهارات البحثية (مهارات البحث) فبينما نجد ان عملية التدريس في الجامعة في جوهرها هي تعامل مع الافراد والنفس الإنسانية نجد ان مهارات البحث مبدئياً تتعامل مع الأشياء والمواد بوجه عام، وعليه فإن مفهومي التدريس والبحث يختلفان في اساسهما ومفهومهما وبالتالي لا يجوز استعمالهما تبادلياً كما ان امتلاك او اتقان مهارات احدهما قد لا يعني بالضرورة امتلاك مهارات المفهوم الأخرى او اتفاقها، فالجامعات التي تعد باحثين ليس بالضرورة ان يؤدي ذلك تلقائياً الى اعدادهم كمدرسين في الجامعة والعكس صحيح بوجه عام. من هنا ينبغي ان يحدث نوع من التوازن الحقيقي بين التدريس والبحث او البحث والتدريس حسب توجه الجامعة وأهدافها لاسيماإذا كان البحث والتدريس معا من اهداف الجامعة ووظائفها([48]).
6- ينبغي ان يكون الطلبة في وضع سليم ورغبة في التعلم، فمن اهم العوامل لتطوير مهارات التدريس الجامعي وبالتالي التعلم الجامعي الجيد هو قدرة الأستاذ الجامعي على خلق الاهتمام عند الطلبة والمحافظة عليه ليتقبل ويقبل الطلبة على التعلم وليس التعليم الجامعي([49])، فالاهتمام والميول أساسي للانتباه والانتباه أساسي للتعلم داخل قاعة المحاضرة وخارجها، وذلك انطلاقا من ان الدافعية للتعلم الجامعي تعد احد العوامل المهمة في التعلم والتعليم الجامعي،لأن الدافعية هي التي تحرك أنشطة الطالب الفكرية في عملية التعلم الجامعي وتنشطها وتصونها، لذا فان أساليب التدريس الجامعي بخبراتها ونشاطاتها والتي يقترحها الأستاذ الجامعي ينبغي ان تعمل على اثارة الدافعية وايقاضها للتعلم عند الطلبة من جهة واستمرار احتفاظهم بها من جهة أخرى للتفاعل والاندماج في المواقف التعليمية التعلمية في قاعة المحاضرات وخارجها([50]).
كما ان عملية تطوير تدريس الفقه الإسلامي تحتاج إلى مدرس جامعي قادر وفاعل وباحث،ومن خلال النظم واللوائح وكتابات المتخصصين فان عمل المدرس الجامعي يتلخص في الاتي:
1- إيصال المعلومات لطلبته والتأثير في شخصياتهم.
2- تقويم الطلبة من خلال الأنشطة داخل قاعة المحاضرات وخارجها.
3- خدمة القسم الذي يعمل فيه
4- إجراء البحوث العلمية كل حسب اختصاصه في خدمة الجامعة.
5- خدمة المجتمع من خلال المحيط الذي يعيش فيه.
6- الاشراف على رسائل الماجستير والدكتوراة.
7- المشاركة في المؤتمرات والندوات واللقاءات.
8- تقديم الرأي والمشورة للجهات التي تطلب ذلك([51]).
وكي يقوم الأستاذ الجامعي بالواجبات المناطة به على الوجه الأفضل فأن ذلك يتطلب منه في ظل المتغيرات والاحتياجات المعاصرة ما يأتي:
1- الفهم العميق للأطر المعرفية في موضوع المادة التي يقوم بتدريسها.
2- إدراك سمات وخصائص الطلبة الذي يقوم بتدريسهم ومعرفة قدراتهم ودوافعهم.
3- معرفة طرائق وأساليب التدريس الحديثة التي تؤدي حتما الى تطوير تدريس الفقه الإسلامي
4- إعداد المحاضرات اليوميةوالاسئلة المزمع ان يثيرها في قاعة المحاضرات لاثارة الدافعية لدى الطلبة لفهم المحاضرات.
5- معرفة طرائق وأساليب التعامل مع الطلبة من خلال إفساح المجال للمناقشة والحوار وبناء العلاقات الطيبة مع الطلبة.
6- القدرة على استخدام التقنيات الحديثةاو تكنولوجيا التعليم في التدريس والتدريب والبحث.
7- المحافظة على الاتزان الانفعالي للمدرس نفسه في حالة التدريس والقاء المحاضرات([52]).
8- القدرة على تحقيق التواصل بين المادة التي يدرسها واحتياجات المجتمع.
9- تطوير قدراته المهنية من خلال المتابعة للمستجدات الحديثة في مجال اختصاصه([53]).
10- إجادة أداء الأدوار والمهام الجديدة للأستاذ الجامعي وهي صانع القرار، ومصمم ومخطط ومرشد وموجه وخبير في توجيه اهتمامات الطلبة وتهذيب دوافعهم، وخدمة المجتمع وحل مشكلاته.
11- القدرة على تصميم محاور وافاق المحاضرات والمواد والاسئلة التي يقدمها للطلبة والقدرة على تقييمها وتطويرها.
12- الموائمة بين متطلبات الاعتماد الأكاديمي واستقلالية الأستاذ الجامعي، فقد حددت الجامعات معايير الجودة العالمية للنهوض بالتعليم الجامعي للمصاف الدولية،فنتج عن هذا التوجه خطاباً جديداُ في تاريخ الجامعات اليمنية مثل سيادة ما يسمى بالاعتماد الأكاديمي، وتحقيق معايير الجودة، وتحفيز الأكاديميين للتنافس وانتاج المعرفة بنشر البحوث الأكاديمية. هذا التحول في التوجهات (إدارة المهنية) يشكل تحدياُ على الجامعات اليمنية والأكاديمي اليمني لتغيير المفاهيم السائدة والمبادئ المهنية المتجذرة في مفهوم المهنية الأكاديمية([54]).
هذا النقاش المحتدم بين أهمية المهنية الأكاديمية وإدارة المهنية على الصعيدين العالمي والمحلي ولد تساؤلات عدة عمن هو الأستاذ الجامعي إذن؟ هل هو الشخص الذي يتم إعداده في مرحلة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه ليصبح أستاذاً، واستمرار تدريبه عبر البرامج التطويرية التي تعدها المؤسسة الأكاديمية عبر وحدات التطوير التربوي؟ أم أنه شخص يستطيع اكتشاف حاجاته المهنية ويقوم بوضع خططاً تدريبية وتطوير مستمر ذاتي ليساعد المؤسسة الأكاديمية في تحقيق سياستها التطويرية في تحقيق الجودة الأكاديمية؟ كيف نوفق بين القوتين المؤثرتين في تشكيل مفهوم الأستاذ الجامعي: المهنية الأكاديمية وإدارة المهنية؟ يبرز من بين هذه الأسئلة السؤال الأخلاقي الذي يدور في وسط صناعة القرار في الجهات المعنية بالتعليم العالي كيف نجذب الأستاذ الجامعي لتطوير قدراته وامكانياته المهنية([55])
إجابة هذا السؤال ليست بسيطة بل هي بحاجة لدراسة مستفيضة ومتعمقة لفهم العوامل التي تساعد الجامعات على المواءمة بين متطلبات التطوير وحاجات الأستاذ الجامعي المهنية ومدى استفادة الأستاذ الجامعي من نظام الحوافز والتفرغ الأكاديمي في تمكينه من التطوير المهني المستمر تذهب الدراسات الى أن نجاح سياسات التطوير مرهون بتوفير البنى المهنية الأكاديمية التي تساعد الأستاذ الجامعي لتطوير قدراته وامكانياته ومن أهم البنى اللازم توفرها هو الوقت المناسب ليقوم فيه الأستاذ الجامعي بعرض ما يواجهه من أمور مهنية تعيق تعلم طلابهم والعمل الأكاديمي بشكل عام والعمل على حلها عن طريق البحث العلمي والندوات وورش العمل. كذلك يبرز من بين هذه الاهتمامات تعزيز مفهوم الأكاديمية المهنية وفتح قنوات التطوير المهني الذاتي والجماعي وخلق الجمعيات المهنية ودعم المؤتمرات التخصصيةان ما يعاني منه الأساتذة الجامعيون على المستوى العالمي هو قلة الدعم المادي مقارنة بالجهد المبذول.
وفي كل الأحوال ينبغي دمج مفهومي المهنية الأكاديمية وإدارة المهنة لتكوين مفهوم الأستاذ الأكاديمي.
وحتى تتم عملية تطوير تدريس الفقه الإسلامي في مجال الأستاذ الجامعي وتطوير مهاراته وتنميتها فمن اللازم الإشارة بإيجاز إلى صفات الأستاذ الجامعي وأثرها في تطوير التدريس، حيث ينبغي ان يتصف الأستاذ الجامعي بالصفات الاتية:
أولاً: الإخلاص في العمل وإتقانه
يقول صلى الله عليه وسلم : "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه([56]) ومن إتقان أستاذ الجامعة لعمله أن يحرص على التحضير، والإعداد الجيد لمحاضراته، والتمكن من عناصرها، وعليه أن يعلم جيداً أن طالب المرحلة الجامعية ليس كغيره من طلاب المراحل الدراسية السابقة، وأن لديه القدرة على معرفة الاستاذ المتمكن من مادته من غير المتمكن، ولديه القدرة على معرفة فيما إذا كان الأستاذ قد أعد لهذه المحاضرة جيداً أم لا ولديه القدرة أيضاً على معرفة الأساليب التي قد يلجأ إليها بعض الأساتذة لتضييع وقت المحاضرة، وتغطية نقصه وسترعيوبه([57]).
ومن مظاهر الإخلاص التي يتوجب على أستاذ الجامعة ان يتصف بها، أن يعوّد نفسه على الانضباط؛ بأن يحرص على عدم الغياب عن محاضراته إلا في الظروف القاهرة، وأن يكون موجوداً في المحاضرة من أولها.
وعلى الأستاذ أيضاً أن لا يزيد على الوقت المحدد للمحاضرة بالاستقطاع من وقت الطلاب، أو من المحاضرة التي تليها؛ فإنهاء المحاضرة قبل وقتها تعدٍّ على حق الجامعة، والاستمرار فيها بعد انتهاء وقتها تعدٍّ على حق الطالب، وعلى حق الأستاذ الآخر في حال وجود محاضرة بعدها([58]).
وينبغي له أن يحرص على عدم إضاعة وقت المحاضرة في أمور جانبية، وقضايا خارجية، وموضوعات لا علاقة لها بالمحاضرة، ومقرر المادة.
وينبغي لأستاذ الجامعة أن يكون دقيقاً في قراءة ما يطلبه من الطلاب من بحوث، أو واجبات، وإلاّ فلا داعي لتكليف الطلاب بهذه البحوث، أو الواجبات إذا كان لن يطّلع عليها، ولن يتمكن من قراءتها؛ فليس الهدف من المطالبة بهذه الأشياء منحصراً في معرفة من قدّم ومن لم يقدّم؟ وإنما يتحقق الهدف بمعرفة مدى فهم الطالب لما درس، ومدى استفادته مما سمع وقرأ فيما كتب.
وعلى الاستاذ أيضاً أن يكون دقيقاً في تصحيح ما يجريه للطلاب من اختبارات سواء كانت لأعمال الفصل أم اختبارات نهائية، وأن يعلم أن قراءة إجابات الطلاب، وإعطاء كل ذي حق حقه أمر ليس بالسهل، وأنه أمانة كبيرة وحمل ثقيل لا ينبغي التساهل فيه أو التعامل معه بتوزيع الدرجات عشوائياًأو حسب المزاج، أو الهوى أو بإسناد التصحيح إلى أشخاص آخرين.
وعلى أستاذ الجامعة أن يعطي عمله الأصلي حقه من الاهتمام، وأن لا يسمح للأشغال الخارجية والأعمال الخاصة بالتأثير في عمله الأصلي؛ فكثيراً ما تؤدي هذه الأمور إلى غياب الأستاذ عن محاضراته وساعاته المكتبية أو تساهله في التحضير للمواد التي يُدرّسها أو عدم قراءته للبحوث أو الواجبات التي يطالب الطلاب بإعدادها أو عدم دقته في تصحيح ما يجريه للطلاب من اختبارات([59]).
ثانياً: قوة الشخصية والقدرة على ضبط الطلاب
من الصفات المهمة التي يفترض أن تكون موجودة في أستاذ الجامعة؛ أن يكون قوي الشخصية قادراً على ضبط الطلاب في أثناء المحاضرات، وبصفة خاصة في القاعات الكبيرة التي تستوعب أعداداً كبيرة، فطلاب المرحلة الجامعية أكبر سناً من طلاب المراحل السابقة([60])، وإذا لم يتمتع الأستاذ بشخصية قوية، وقدرة على ضبطهم، فإن هيبته عندهم تزول، وإذا زالت هيبة الأستاذ، وشعر الطلاب أن شخصيته ضعيفة أساؤوا الأدب معه، وقلّ احترامهم له، وتجرؤا على دروسه، ومحاضراته بالتشويش، والمقاطعة، ورفع الصوت، والنوم، والحديث مع زملائهم، وقراءة الصحف والمجلات، أو الكتب التي لا علاقة لها بالمادة، والحديث بأجهزة الجوال.
وعلى الأستاذ أيضاً أن يكون منتبهاً للأساليب التي يلجأ إليها بعض الطلاب لإضاعة وقت المحاضرة عن طريق إثارة بعض الموضوعات، وطرح الأسئلة التي تخص أموراً لا علاقة لها بالمادة ومنهجها، ولا مانع من الاستفادة من الدقائق الأخيرة في المحاضرة في حال الانتهاء من موضوعاتهاـ في الحديث عن بعض القضايا، والموضوعات التي تهم الطلاب وتفيدهم أو التي يحتاجون فيها إلى التوجيه والنصيحة([61]).
ثالثاً: التحلي بالأخلاق الفاضلة
ينبغي على أستاذ الجامعة أن يكون قدوة لطلابه في التحلي بالأخلاق الفاضلة والسلوكيات الحميدة بصفة عامة، وأن يبتعد عن كل خلق ذميم أو فعل شائن قبيح؛ فهو عرضة للملاحظة والانتقاد أكثر من غيره والأنظار متجهة إليه دائماً ترصد وتتابع تصرفاته وسلوكياته داخل الجامعة، وخارجها([62]).
ومن الأخلاق الفاضلة التي يفترض أن تكون موجودة في أستاذ الجامعة: الصدق والحلم والصفح ولين الجانب والوفاء بالوعد والعهد وإفشاء السلام وطلاقة الوجه والتبسّم وتحمّل أخطاء الطلاب وزلاّتهم في حدود المسموح به تربوياً، وعدم استخدام الألفاظ الفاحشة والبذيئة أو ازدراء الطلاب وتحقيرهم أو سبهم وشتمهم([63]).
رابعاً: التواضع لزملائه وطلابه
من الصفات الحميدة، والأخلاق الفاضلة التي ينبغي على أستاذ الجامعة أن يتحلى بها؛ صفة التواضع في تعامله مع زملائه وطلابه.
فينبغي على الأستاذ الجامعي الا يأنف من استيقاف الطلاب له، أو مراجعته في مكتبه؛ لسؤاله عن بعض الأمور، أو لمناقشته في بعض القضايا، أو لمراجعته في بعض الدرجات التي حصلوا عليها في اختباراتهم أو بحوثهم ولا يعتبر نفسه فوق الخطأ، وفوق المراجعة وينبغي عليه عدم الاصرار على القرارات التي اتخذها والتصريح بعدم الغائها أو التراجع عنها او التصريح بأن الدرجات التي رصدها غير قابلة للمراجعة أو التعديل
فمن غير المقبول تكبّر أستاذ الجامعة بسبب العلم الذي حصل عليه، فإن العلم الحقيقي، والازدياد منه، والتعمق فيه، يقود إلى التواضع، ويوصل إليه، وفي العبارات المأثورة "العلم ثلاثة أشبار: من دخل في الشبر الأول تكبّر، ومن دخل في الشبر الثاني تواضع، ومن دخل في الشبر الثالث عَلِم أنه لم يعلم شيئاً([64])، وما أجمل أن يردد أستاذ الجامعة قول الشاعر:
أدّبني الدهر فأراني نقص عقلي كلما زادني علماً زادني علماً بجهلي
وقول الشاعر:
ملائي السنابل تنحني تواضعا والفارغات رؤوسهن شوامخ
خامساً: الأمانة العلمية في النقل والاقتباس
من الأمور ذات الصلة الوثيقة بخلق الأمانة؛ ما يتعلق بالأمانة العلمية في النقل، والاقتباس، فالكتابة، والبحث العلمي أمران لا ينفكان عن أستاذ الجامعة، ولا يمكن له أن يظل بعيداً عنهما، وهذان الأمران يعتمدان على الاطلاع على أفكار الآخرين، وقراءة كتاباتهم، والنقل، والاقتباس منها، ولذلك فلا بد أن يكون أستاذ الجامعة أميناً فما ينقل، ويقتبس، وأن يسند الأفكار إلى أصحابها، ويوثّق ما ينقله من أقوال الآخرين؛ بذكر المصادر التي رجع إليها، ونقل منها([65]).
سادساً: توثيق العلاقة بزملائه وإحسان الظن بهم
ينبغي على أستاذ الجامعة أن يحرص على إشاعة الألفة والمودة والعلاقة الأخوية الحميمة مع زملائه، وأن يحسن الظن بهم وبما يصدر منهم من أقوال أو أفعال، وعليه أن يبتعد عن كل ما يسيء إلى هذه العلاقة أو يفسدها أو يوتّرها أو يكدّرها كالغيبة والنميمة والسعي بالوقيعة بينهم أو الدس والكيد لبعضهم والوشاية بهم أو استخدام الطلاب وسيلة لاختبار زملائه عن طريق إلقاء بعض الأسئلة عليهم في أثناء المحاضرات؛ بهدف التعرف على أفكارهم، أو مواقفهم من قضايا معينة، وإن بلغه عن أحد زملائه أنه يتكلم فيه، أو يذكره بسوء فعليه أن يتأكد مما بلغه، ويتثبت منه قبل الحكم على زميله، أو أخذ موقف منه؛ فكثيراً ما يعمد ناقلو الكلام والوشاة إلى الكذب والاختلاق والتضخيم و التشويه رغبة في الإفساد، والقطيعة، وقد يكون من المناسب في بعض الحالات مصارحة الزميل بما نُقل عنه، أو مواجهته بالناقل ليظهر الصادق منهما من الكاذب. وأسلوب المواجهة من أنجع الأساليب في لجم الوشاة وناقلي الكلام، وإيقافهم عند حدهم؛ لأنهم إذا علموا أنك ستواجههم بالطرف الآخر، فإنهم سيترددون كثيراً في المستقبل قبل أن يقدموا على نقل كلام، أو الوشاية بشخص.
وعلى أستاذ الجامعة أيضاً أن لا يعطي الطلاب فرصة للإيقاع بينه وزملائه بإثارة الموضوعات التي تتعدد فيها وجهات النظر، وله فيها رأي مخالف لآرائهم، وفي حال إثارتها فعليه أن يراعي آداب الاختلاف، وأن يكون تركيزه على عرض وجهة نظره وأدلته وموقفه من الآراء الأخرى، ومآخذه عليها دون التعرض لشخص زميله المخالف، أو تسفيه رأيه، أو نعته بصفات، أو ألفاظ غير لائقة([66]).
سابعاً: عزة النفس والاستغناء عن الطلاب وخدماتهم
ينبغي ان يكون أستاذ الجامعة عزيز النفس، وأن يربأ بنفسه عن استغلال طلابه لخدمته، أو لقضاء مصالحه الشخصية في الإدارات الحكومية أو المستشفيات، أو المطارات أو البنوك أو غيرها من الجهات التي يكون له حاجة فيها، أو تكليفهم بجمع معلومات أو إعداد بحوث صغيرة؛ ليستفيد منها بعد ذلك في أبحاثه وكتبه، أو تكليفهم بملء استبانات تخص الأبحاث الميدانية التي يقوم بإعدادها، وعليه أن يعتذر عن قبول الهدايا التي تقدّم له من طلابه، ويرفض عروض الخدمات التي تنهال عليه منهم، وإذا كان قبول الهدايا مرفوضاً فيكون من باب أولى الامتناع عن أخذ الرشوة أو طلبها.
ومن الخيانة للأمانة أن يعمد الأستاذ إلى مكافأة طلابه على ما قدموه له من خدمات شخصية؛ بإعفائهم من حضور المحاضرات، أو بمنحهم درجات لا يستحقونها، أو بضمان النجاح لهم في نهاية السنة([67]).
وإذا كان من غير اللائق إجبار الأستاذ طلابه على شراء أحد كتبه بعد أن جعله مرجعاً وحيداً للمادة مع كون هذا الكتاب ذا صلة وثيقة بالمادة، ومنهجها، فكيف يكون الأمر؟ وكم تكون درجة القبح عندما يجبرهم على شراء كتبه التي لا علاقة لها بالمادة التي يدرسونها معه لا من قريب ولا من بعيد والتي تباع في مكتبات محددة، وبأسعار مرتفعة؟([68])
ثامناً: البقاء على صلة وثيقة بالتخصص والتعمق فيه
يتوقف بعض أساتذة الجامعة بعد حصوله على الدرجات العلمية ـ عن القراءة في تخصصاتهم، وزيادة التّبحر، والتعمق فيه، ويزهد في اقتناء ما يصدر من كتب جديدة ذات صلة بتخصصه، أو حتى في الاطلاع عليها، والأصل في أستاذ الجامعة أن يبقى على صلة وثيقة بتخصصه، وأن يزداد فيه بمضي الأيام تعمقاً وتبحراً، وقد روُي عن سعيد بن جبير رحمه الله قوله:لا يزال الرجل عالماً ما تعلّم، فإذا ترك التعلم، وظن أنه قد استغنى واكتفى بما عنده فهو أجهل ما يكون([69])، فمن الواجب على أستاذ الجامعة أن يكون متابعاً لما يستجد في تخصصه، وما يصدر فيه من كتب جديدة، وما ينشر في الدوريات العلمية من بحوث وملخصات، وما يُعقد حوله من ندوات ومؤتمرات([70]).
وعلى أستاذ الجامعة أيضاً أن يحرص على تنويع المواد التي يقوم بتدريسها؛ بحيث لا يبقى سنوات طويلة يُدرّس مواد محددة، وإنما يسعى بين فترة وأخرى إلى تدريس مواد لم يُدرّسها في السابق ليستفيد من ذلك في التوسع في القراءة، وزيادة الاطلاع([71]).
وعلى الأقسام العلمية أن تسعى لتحقيق هذا الأمر أثناء توزيع المواد الدراسية بين أساتذة القسم، وأن تحرص على عدم إبقاء المادة مع الأستاذ نفسه فترة طويلة، وإنما تنقلها إلى أستاذ آخر، كما ينبغي على الأستاذ الجامعي ان يكون ذا ثقافة واسعة في تخصصه وفي التخصصات ذات الصلة بتخصصه حتى لا يقع في الحرج والاضطراب عندما يباغته سؤال طالب او غيره عن مسألة ما.
تاسعاً: الإلمام بقواعد اللغة العربية الأساسية
ينبغي على أستاذ الجامعة أن يكون عارفاً بالقواعد الأساسية للغة العربية فيما يتعلق بالنحو والصرف والإملاء، فعمل أستاذ الجامعة يقوم على التحدث والكتابة؛ وليس من المناسب، ولا من المقبول أن يقع في الأخطاء النحوية الفاحشة فيما يتكلم به في محاضراته ودروسه، أو فيما يكتبه في مؤلفاته ومقالاته، أو يستخدم أساليب ركيكة، أو عبارات غير مفهومة، أو يقع في أخطاء إملائية فادحة. وإذا كان من السهل على أستاذ الجامعة تدارك الأخطاء فيما يكتبه؛ بعرضه على من يصححه له لغوياً، فإن الأمر يصبح مكشوفاً، ولا يمكن تداركه،عندما يتعلق الأمر بالحديث الشفهي في أثناء تدريسه لطلابه، أو في المحاضرات العامة التي يلقيها، أو الندوات التي يشارك فيها، أو الرسائل العلمية التي يناقشها أمام الجمهور، أو البرامج الإذاعية، أو التلفازية التي يقدّمها، أو يُدعى للمشاركة فيها([72]).
عاشراً: الإلمام بالمقررات القانونية المشابهة للمقرر الفقهي الذي يدرسه:
فالأستاذ للمقرر الفقهي في كليات الشريعة ولقانون ينبغي عليه أن يكون ملماً بالمقرر القانوني ذي الصلة بالمقرر الفقهي الذي يدرسه حتى يستطيع المقارنة فيما بين الفقه والقانون والقول الفقهي الذي أخذ به القانون وحتى يستطيع الرجوع الى كتب الفقه الإسلامي لشرح النصوص القانونية وبيان وجهة نظر الفقه الإسلامي بشأنها، فمثلاً من يقوم بتدريس مقرر التشريع الجنائي الإسلامي عليه ان يكون ملماً بقانون الجرائم والعقوبات وقانون الإجراءات الجزائية ومن يقوم بتدريس المعاملات الشرعية ينبغي ان يكون ملماً بالقانون المدني وهكذا.
حادي عشر: الاستفادة من التقنيات الحديثة
من المهم لأستاذ الجامعة أن تكون لديه القدرة على الاستفادة من الإمكانات غير المحدودة التي تقدمها التقنيات الحديثة،فمن غير المقبول في هذا العصر أن لا يجيد أستاذ الجامعة التعامل مع الحاسب الآلي، والاستفادة من إمكاناته الضخمة وبرامجه المتنوعة، كما يفترض بأستاذ الجامعة أن يكون قادراً على الاستفادة من شبكة الإنترنت، وما تفتحه لمستخدمها من آفاق واسعة لا حدود لها، بالإضافة إلى استعانته في محاضراته ودروسه بالوسائل والتقنيات المستخدمة في العرض والإيضاح وإيصال المعلومة.
ثاني عشر: العمل على تدارك جوانب النقص والقصور التي يعاني منها
يجدر بأستاذ الجامعة أن يعمل على تدارك ومعالجة جوانب النقص والقصور التي يعاني منها، والتي يعرفها في نفسه أكثر من أي شخص آخر، ويدخل ضمن هذه الجوانب ما ذكرناه سابقاً من الأمور المتعلقة بالجانب القانوني، وقواعد اللغة العربية، واستخدامات الحاسب الآلي، وكذا الجوانب المتعلقة بطرق التدريس وفن الإلقاء، والإلمام بالمقررات والتخصصات ذات الصلة بتخصصه.
خاتمة البحث
ونعرض فيها أهم نتائج البحث وتوصياته على الوجه الآتي:
أولاً: نتائج البحث:
1- تطوير تدريس الفقه الإسلامي في الجامعات اليمنية هو مجموعة من الخطط والبرامج والإجراءات والأنشطة التي تستهدف الارتقاء بالمقرر الفقهي وطرق تدريسه وتنمية مهارات أستاذ الفقه.
2- عدد مقررات الفقه الإسلامي التي تدرس في الجامعات اليمنية أقل من نظيراتها في القانون فليس هناك تناسب بينهما، ومقتضيات تطوير المقررات الفقهية أن تواكب المقررات الفقهية نظيراتها في القانون من حيث عددها ومفرداتها وتناولاتها.
3- مقررات الفقه الإسلامي راكدة من حيث عددها ومفرداتها، فهي لا تلبي سوق العمل واحتياجات المجتمع الإسلامي المعاصر، كما أنها لا تدرس النوازل والمستجدات المعاصرة إضافة إلى أنها لا تتناول الإشكاليات التي يعاني منها المجتمع كالغلو والتطرف والتكفير والعنف وغيرها.
4- لم يتم توصيف المقررات الفقهية بحيث تظهر أهدافها وأسسها ومدى كفايتها ومناسبتها بالإضافة إلى بيان الوحدات التي يتكون منها كل مقرر وبيان أهداف كل وحدة من الوحدات التي يتكون منها المقرر.
5- الأستاذ الذي يدرس الفقه الإسلامي متخصص في الفقه، ولذلك ينبغي عليه أن يتمتع بمهارات التدريس وأساليبه المعاصرة وأن يتم تدريبه على ذلك وتنمية قدراته في هذا المجال.
ثانياً: توصيات البحث:
من خلال استقراء ما ورد في البحث فأن الباحث يوصي بالآتي:
1- إعادة صياغة الأهداف الفقهية لكليات الشريعة والقانون لاستيعاب المتغيرات والمستجدات المعاصرة وتلبية احتياجات المجتمع.
2- توصيف المقررات الفقهية وتحديد أهداف كل مقرر على حدة وبيان أهمية علاقة هذه المقررات بالواقع المعاصر وكيفية استفادة الطالب من المقررات الفقهية في حياته العملية مستقبلاً.
3- استيعاب مقررات الفقه الإسلامي في كليات الشريعة والقانون لاحتياجات المجتمع المعاصر وسوق العمل، وتضمين هذه المقررات المعالجات الفقهية للمشكلات الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع المعاصر مثل الغلو والتطرف والتكفير والكراهية والحقد.
4- تدريب أساتذة الفقه الإسلامي في الجامعات اليمنية على طرق التدريس ومهارات التدريس.
5- تضمين المقررات الفقهية المفردات المقابلة والمناسبة لمفردات المقررات القانونية لإيجاد نوع من التكامل والتناسب بين الشريعة والقانون.
6- تضمين المقررات الفقهية ثقافة التسامح والقبول بالآخر ونبذ الغلو والتطرف.
والحمد لله في البدء والختام والصلاة والسلام على بدر التمام محمد وعلى آله الكرام
قائمة المراجع
1- الإدارة التعليمية أصولها وتطبيقاتها، د. محمد منير مرسي، عالم الكتب مصر 1984م.
2- إدارة القسم الأكاديمي، جون بينيت، تعريب د.جابر عبد الحميد، دار النهضة العربية القاهرة.
3- أساس تطوير المناهج الدراسية، حصة بنت نغيمش، شبكة الالوكة www.alukh.net
4- أستاذ الجامعة صفاته وأخلاقه، موقع د. أمين المغامسي almghamsi.blogstop.com
5- أسس بناء المناهج وتنظيماتها، حلمي أحمد الوكيل ومحمد أمين المفتي، ط4 عمَان: دار المسيرة للنشر والتوزيع، 2011م.
6- أساسيات المناهج، رالف تايلور ترجمة د.أحمد خيري، دار النهضة العربية مصر 1983م.
7- أساليب التدريس الجامعي، د. عايش محمود زيتون، دار الشروق الأردن 1995م.
8- أساسيات التدريس الفعال في العالم العربي، د. حسن شحاته، الدار المصرية اللبنانية القاهرة 1992م.
9- أصول المنهج التربوي الحديث، حسام الدين محمد عبد المطلب مازن، القاهرة: مكتبة النهضة المصرية للطباعة والنشر 2007م.
10-تجديد الفقه الإسلامي، د. جمال عطية ود.وهبة الزحيلي، دار الفكر المعاصر دمشق 2004م.
11-تذكرة السامع في آداب العالم والمتعلم، ابن جماعة، دار الكتب بيروت.
12-تطوير المناهج الدراسية، محمود أحمد شوق، الرياض: دار عالم الكتب1995م.
13-تطوير مناهج التعليم لتلبية متطلبات التنمية ومواجهة تحديات العولمة، عبد السلام مصطفى عبد السلام، مؤتمر التعليم النوعي ودوره في التنمية البشرية في عصر العولمة، جامعة المنصورة 12-13ابريل 2006م.
14-تطوير التعليم الشرعي، د.محمد عبد الله الدويش، كتاب الأمة العدد 158 ذو العقد 1434هـ.
15-تطوير التعليم الجامعي العربي، د. عبد الرحمن عيسوي، منشأة المعارف الإسكندرية 2002م.
16-تقويم التدريس الجامعي، عبد محمد حسن، مجلة العلوم الإنسانية، البحرين 2001م.
17-التعليم العالي وإعداد هيئة التدريس، محمد عزت عبد الموجود، مجلة دراسات تربوية السنة الثالثة العدد (3) 1988م.
18-حقوق وواجبات الأستاذ الجامعي، د. عبد الوهاب الوشلي، دار الفكر المعاصر صنعاء 2007م.
19-دلائل الإعجاز في التشريع الإسلامي، محمد شفيق ياسين، منشور في الموقع الالكتروني alqudslana.com
20-دليل كلية الشريعة والقانون للعام الجامعي 2016/2017م، د.ت، د.ط
21-الصحوة الإسلامية بين الجمود والتطرف، د.يوسف القرضاوي، كتاب الأمة.
22-طرائق التدريس المعاصرة، محمود داوود سليمان الربيعي، الأردن: عالم الكتب الحديث 2006م.
23-مهارات التدريس، د. جابر عبد الحميد جابر وآخرين، دار النهضة العربية القاهرة مصر، الطبعة الأولى 1985م.
24-المنهج المدرسي المعاصر، جودت أحمد سعادة وإبراهيم عبد الله محمد، ط5، عمّان: دار الفكر2008م.
25-المناهج تخطيطها وتطويرها وتنفيذها، حامد عبد الله الطافحة، عمان: الرضوان للنشر والتوزيع 2013م
26-المناهج المدرسية بين النظرية والتطبيق، حسن شحاته، ط3. القاهرة: مكتبة الدار العربية للكتاب، 2003م.
27-المناهج التربوية الحديثة مفاهيمها وعناصرها وأسسها وعملياتها، توفيق أحمد مرعي ومحمد محمود الحيلة، ط9. عمَان: دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة 2011م.
28-المناهج الدراسية: الواقع والمستقبل، أحمد إبراهيم قنديل، القاهرة: مصر العربية للنشر والتوزيع.
29-المناهج (الأسس-المكونات-التنظيمات-التطوير)، فتحي يونس وآخرون، عمّان: دار الفكر 2004م.
30-المرجع في تدريس علوم الشريعة – القسم الثاني، د. عبد الرحمن صالح عبدالله، جامعة السلطان قابوس عُمان 1997م.
31-المهنية الأكاديمية، حسين موسى الصلاحي، جامعة عبد العزيز جدة، كلية الآداب، منشور في مدونته في قوقل.
[1])) يظهر الأمر جلياً عند الدراسة التخصصية العليا في دبلوم الشريعة الإسلامية حيث تراجع اقبال الطلبة عن الالتحاق به الى مستويات متدنية جداً قياساً بدبلومي القانون العام والقانون الخاص.
[2])) أساس تطوير المناهج الدراسية، حصة بنت نغيمش، شبكة الالوكة ص2www.alukh.net
[3])) طرائق التدريس المعاصرة، محمود داوود سليمان الربيعي، الأردن: عالم الكتب الحديث، ص٣٦٠.
[4])) أسس تطوير المناهج، حصة بنت نغميش ص4
[5]))أصول المنهج التربوي الحديث، حسام الدين محمد عبد المطلب مازن، القاهرة: مكتبة النهضة المصرية للطباعة والنشر 2007م، ص53.
[6])) تطوير المناهج الدراسية، محمود أحمد شوق، الرياض: دار عالم الكتب١٩٩٥م ص137.
[7])) المنهج المدرسي المعاصر، جودت أحمد سعادة وإبراهيم عبد الله محمد، ط5. 2008م، عمّان: دار الفكر. ص102.
[8])) تطوير مناهج التعليم لتلبية متطلبات التنمية ومواجهة تحديات العولمة،عبد السلام مصطفى عبد السلام، مؤتمر التعليم النوعي ودوره في التنمية البشرية في عصر العولمة، جامعة المنصورة 12-13ابريل 2006م ص276.
[9]))المناهج تخطيطها وتطويرها وتنفيذها، حامد عبد الله الطافحة، عمان: الرضوان للنشر والتوزيع.
2013م، ص 331.
[10])) دلائل الاعجاز في التشريع الإسلامي، محمد شفيق ياسين، منشور في الموقع الالكتروني alqudslana.com
[11])) التجديد في الفقه الاسلامي، محمد عبد الرحمن المرعشلي، مجلة المسلم المعاصر العدد (110) ديسمبر 2003م ص8.
[12])) تجديد الفقه الإسلامي، د. جمال عطية ود.وهبة الزحيلي، دار الفكر المعاصر دمشق 2004م ص27
[13])) ضوابط النظر في النوازل والمتغيرات، ص12.
[15])) اسس بناء المناهج وتنظيماتها،حلمي أحمد الوكيل ومحمد أمين المفتي، ط4عمَان: دار المسيرة للنشر والتوزيع. 2011م، ص 331.
[16])) المناهج المدرسية بين النظرية والتطبيق،حسن شحاته، ط3. القاهرة: مكتبة الدار العربية للكتاب، 2003م، ص 259-260.
[17])) تطوير مناهج التعليم لتلبية متطلبات التنمية، عبد السلام مصطفى، ص272.
[18])) المنهج المدرسي المعاصر،جودت سعادة وإبراهيم عبد الله، ص56.
[19])) تطوير التعليم الشرعي، د.محمد عبد الله الدويش، ص123.
[20])) تطوير المناهج الدراسية، محمود أحمد شوق،ص132.
[21])) المنهج المدرسي المعاصر،جودت سعادة وإبراهيم عبدالله، ص60.
[22]))اسس بناء المناهج وتنظيماتها، حلمي أحمد الوكيل ومحمد أمين المفتي، ص281
[24])) المناهج التربوية الحديثة مفاهيمها وعناصرها وأسسها وعملياتها،توفيق أحمد مرعي ومحمد محمود الحيلة، ط9. عمَان: دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة2011م ص122.
[25])) اسس بناء المناهج وتنظيماتها، حلمي أحمد الوكيل ومحمد أمين المفتي، ص340.
[26])) المرجع السابق ص135.
[27])) اسس بناء المناهج وتنظيماتها، حلمي أحمد الوكيل ومحمد أمين المفتي، ص281
[28])) المناهج الدراسية: الواقع والمستقبل، أحمد إبراهيم قنديل، القاهرة: مصر العربية للنشر والتوزيع.ص٣١٢،حسام الدين محمد عبد المطلب مازن، وأصول المنهج التربوي الحديث والتكنولوجي ٢٠٠٧م، ص١٧٧.
[29])) المناهج (الأسس-المكونات-التنظيمات-التطوير)، فتحي يونس وآخرون،عمّان: دار الفكر 2004م ص180 واساسيات المناهج، رالف تايلور ص45.
[30])) اسس بناء المناهج وتنظيماتها،حلمي أحمد الوكيل ومحمد أمين المفتي، ص341.
[31])) تقويم التدريس الجامعي، عبد محمد حسن، مجلة العلوم الإنسانية، البحرين2001م، ص 173
[32])) تطوير المناهج الدراسية، محمود أحمد شوق، ص140.
[33])) اسس بناء المناهج وتنظيماتها،حلمي أحمد الوكيل ومحمد أمين المفتي، ص341.
[34])) دليل كلية الشريعة والقانون للعام الجامعي 2016/2017م، د.ت، د.ط، ص18,19,20
[35])) الصحوة الإسلامية بين الجمود والتطرف، د.يوسف القرضاوي، كتاب الامة ص46.
[36])) تطوير التعليم الشرعي حاجة ام ضرورة، د. محمد بن عبد الله الدويش، كتاب الامة قطر العدد (158) ص37.
[37])) أساليب التدريس الجامعي، د. عايش محمود زيتون، دار الشروق الأردن 1995م ص22.
[38])) المرجع السابق ص25.
[39])) اساسيات التدريس الفعال في العالم العربي، د. حسن شحاته، الدار المصرية اللبنانية القاهرة 1992م ص88.
[40])) دليل كلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء ص14
[41])) هناك معيد واحد تعين حديثاً في قسم أصول الفقه.
[42])) المرجع في تدريس علوم الشريعة – القسم الثاني، د. عبد الرحمن صالح عبدالله، جامعة السلطان قابوس عُمان 1997م ص383.
[43])) أساليب التدريس الجامعي، د. عايش محمود زيتون ص35.
[44])) تطوير التعليم الشرعي، د.محمد الدرويش ص42.
[45])) إدارة القسم الاكاديمي، جون بينيت، تعريب د.جابر عبد الحميد، دار النهضة العربية القاهرة ص52.
[46])) أساليب التدريس الجامعي، د.عايش زيتون ص27.
[47])) المرجع السابق ص32.
[48])) التعليم العالي واعداد هيئة التدريس، محمد عزت عبد الموجود، مجلة دراسات تربوية السنة الثالثة العدد (3) 1988م، ص32.
[49])) تطوير التعليم الجامعي العربي، د. عبد الرحمن عيسوي، منشأة المعارف الإسكندرية 2002م ص112.
[50])) أساليب التدريس الجامعي، عايش محمود زيتون، دار الشروق عمان /الاردن 1995م، ص22
[51])) حقوق وواجبات الأستاذ الجامعي، د. عبد الوهاب الوشلي، دار الفكر المعاصر صنعاء 2007م ص55.
[52])) مهارات التدريس، د. جابر عبد الحميد جابر واخرين، دار النهضة العربية القاهرة مصر ، الطبعة الأولى 1985م ص212.
[53])) المرجع السابق ص225.
[54])) الإدارة التعليمية أصولها وتطبيقاتها، د. محمد منير مرسي، عالم الكتب مصر 1984م، ص126.
[55])) المهنية الاكاديمية، حسين موسى الصلاحي، جامعة عبد العزيز جدة، كلية الآداب، منشور في مدونته في قوقل ص2.
[56])) مجمع الزوائد 4/98
[57])) أستاذ الجامعة صفاته واخلاقه، موقع د. امين المغامسي ص4almghamsi.blogstop.com
[58])) المرجع السابق ص7.
[59])) المرجع السابق ص8
[60])) أساليب التدريس الجامعي، د. عايش محمود زيتون ص51
[61])) أستاذ الجامعة صفاته واخلاقه ص8
[62])) مهارات التدريس، د. جابر عبد الحميد،ص205
[63]))أستاذ الجامعة صفاته واخلاقه،د.امين المغامسي، ص9
[64])) تذكرة السامع في آداب العالم والمتعلم، ابن جماعة ، دار الكتب بيروت ص190.
[65])) أستاذ الجامعة، ص9
[66])) أستاذ الجامعة صفاته واخلاقه ص12
[67])) المرجع السابق، ص10
[68])) المرجع السابق،
[69])) تذكرة السامع، ابن جماعة، ص48
[70])) أستاذ الجامعة، ص11
[71])) أستاذ الجامعة صفاته واخلاقه ص11
[72])) أستاذ الجامعة صفاته وأخلاقه ص8
![]() |
تطوير تدريس الفقه الإسلامي في الجامعات اليمنية |