اتخاذ الاسماء الشخصية علامات تجارية
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
يقرر القانون انه يجب
ان يتوفر في العلامة التجارية عنصر الاصالة والتميز ،وان للمحكمة ان تتعرض لهذه
المسألة طالما والنزاع منظور امامها بشأن تشابه العلامات،فان الاسم الشخصي المجرد
أو المركب إذا تمت كتابته بطريقة عادية أو بخط عادي لايصلح أن يكون علامة تجارية
لأن الاسم في هذه الحالة لايكون مميزا فلايكون علامة مميزة تميز السلع
والمنتجات عن غيرها، وقد قضى بذلك الحكم
محل تعليقنا وهو الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 11/8/2018م في الطعن
رقم (59904) وتتلخص وقائع القضية التي تناولها هذا الحكم ان شركة محلية قامت
بتسجيل اسم تجاري مماثل للاسم التجاري لشركة محلية اخرى كانت قد اتخذت لقب جد
الشركاء في الشركة اسماً تجارياً لها وتم
تسجيله لدى وزارة الصناعة والتجارة ،وقد قامت الشركة المرموقة صاحبة الاسم التجاري
المكون من اسم جد الشركاء قامت بتقديم دعوى بطلان تسجيل الاسم التجاري المماثل
للاسم التجاري لشركتهم وطلبوا بطلان تسجيل الاسم المماثل لسبق تسجيلهم للاسم التجاري لدى الوزارة ولذلك
فهو محمي بقوة القانون، وقد توصلت المحكمة الابتدائية إلى الحكم ببطلان تسجيل
الاسم التجاري المماثل لعدم توفر عنصر التميز والاصالة في الاسم إضافة إلى تماثل
هذا الاسم مع الاسم التجاري السابق تسجيله باسم الشركة المدعية، وقد ورد ضمن أسباب
الحكم الابتدائي (ان الاسم اوالعلامة المطلوب الغاء تسجيلها عبارة عن كتابة الاسم
بخط عادي دون أي تميز ولذلك فان تلك العلامة او الاسم قد افتقرت لشرط أساسي من
شروط العلامة التي نص عليها قانون العلامات وهو عنصر الاصالة والتميز ،ومن ناحية
ثانية فالمعلوم وفقاً لأحكام المادة (4) من قانون العلامات بانه يحظر ان تسجل
كعلامة تجارية أو كعنصر منها العلامة المطابقة أو المشابهة أو المترجمة، فالاسم
المطلوب الغاء تسجيله عبارة عن كتابة باللغة العربية مماثلة للاسم السابق تسجيله
المستمد من اسم جد المؤسسين لتلك الشركة وفقاً لأحكام المادة (241) من قانون
الشركات وحيث ان ذلك الاسم مطبوع ومتداول في اسم الشركة المدعية المدون في لوحات
الشركة ومطبوعاتها ومنتجاتها ومواد الدعاية وسيارات توزيع بضائعها حتى صار ذلك
الاسم مشهورا في الاوساط التجارية) وقد أيدت الشعبة التجارية الحكم الابتدائي
فقامت الشركة المحكوم عليها ببطلان تسجيل الاسم التجاري قامت بالطعن بالنقض في
الحكم الاستئنافي إلا أن الدائرة رفضت الطعن وأقرت الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن
أسباب حكم المحكمة العليا (اما قول الطاعنة أن المحكمة الابتدائية قضت بافتقار
علامة الطاعنين للإصالة والتميز واقر حكمها الحكم الاستئنافي المطعون فيه دون ان
يكون ذلك محل ادعاء من المدعية، والدائرة تجد ان هذا النعي غير سديد، لانه من
المعلوم قانوناً ان التميز شرط أساسي لتسجيل العلامة التجارية فهو جوهر الدعوى
المقدمة من المدعية إلى المحكمة الابتدائية ضد الشركة الطاعنة ،فوفقاً للقانون لا
يجوز تسجيل علامة تفتقر إلى شرط
التميز فضلاً عن ثبوت تقليدها
للعلامة المسجلة باسم المطعون ضدها) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين
في الأوجه الأتية :
الوجه الأول : السند
القانوني للحكم باشتراط تميز الاسم أو العلامة التجارية :
استند الحكم محل
تعليقنا إلى المادة (4)من قانون العلامات التجارية التي نصت على انه (لا تسجل
كعلامة تجارية أو كعنصر منها ما يأتي : -1- العلامة الخالية من أية صفة مميزة -9-
العلامة المطابقة أو المشابهة أو المتضمنة لاسم تجاري معروف) فقد استند الحكم إلى
الفقرتين (1 و 9) من المادة (4) على أساس ان الطاعنة قد قامت بتسجيل الاسم أو العلامة على هيئة اسم لشخص وهو جد الشركاء
في الشركة المرموقة التي اتخذت اسم جد
المؤسسين اسماً تجارياً لها، فاتخاذ الشركة الطاعنة لاسم علم مجرد عادي وبخط عادي
ليس فيه أي تميز يجعل هذا الاسم متميزاً عن غيره من اسماء الاشخاص الطبيعيين
وإضافة إلى ذلك فقد استند الحكم إلى الفقرة (9) من المادة السابق ذكرها التي منعت
تسجيل الاسماء المماثلة والمطابقة أو المترجمة لاسم تجاري معروف لان الاسم الذي
اتخذته الطاعنة اسماً تجارياً لها هو الترجمة العربية للاسم التجاري لشركة من أكبر
الشركات في اليمن المميز والمكتوب بالحروف الانجليزية والموضوع على قاعدة عبارة عن
نصف الكرة الارضية وقد قامت بتسجيله منذ مدة طويلة كما استعملته
بطريقة مميزة في كل مطبوعاتها وموادها الدعائية.
الوجه الثاني :
التميز في الاسم العادي عند استعماله كأسم تجاري :
تستعمل كثير من
الشركات والمؤسسات والمحلات التجارية أسماء تجارية عبارة عن اسماء ملاكها أو اسماء
أو القاب ابائهم او اجدادهم ، فاغلب الشركات والمؤسسات التجارية في اليمن تسلم هذا
المسلك،وقد قضى الحكم محل تعليقنا بان استعمال الاسم مجرداً بخط عادي لا يصلح ان
يكون اسماً تجارياً أو علامة تجارية، لانه لا يكون مميزاً عن غيره من اسماء
الاشخاص الطبيعيين، ولذلك فانه لا يميز السلعة التي يدوّن عليها عن غيرها من
السلع، غير انه يجوز استعمال الاسماء العادية كأسماء تجارية شريطة ان يكون هذا
الاستعمال مميزاً أي ان تكون كتابة الاسم بشكل متميز عن كتابة الاسم العادي
للأشخاص لانه عندئذ يكون مميزاً للسلعة عن
غيرها، فالتميز في الاسم الذي يجعله اسماً تجارياً أو علامة تجارية يكون عن طريق
كتابة الاسم بشكل مربع أو دائرة أو يتم وضعه في إطار معين أو ان تتم كتابته بخط أو
حروف خاصة كالخط الكوفي أو بحروف انجليزية أو تركيب الحروف على شكل خاص أو ان تكون
الحروف بالوان مختلفة أو إضافة علامة
متميزة إلى جوار الاسم وما إلى ذلك من الاشكال التي يتم بها وضع الاسم في قالب
مميز، وعلى هذا الأساس فانه يجوز للتاجر استعمال اسمه الشخصي أو اسم ابيه أو جده
أو لقبه كعلامة تجارية تميز منتجاته طالما كان للاسم شكلا مميزا، فقد قضت محكمة
النقض المصرية بأنه (يباح للتاجر أو الصانع اتخاذ اسمه الخاص علامة لتمييز منتجاته
بشرط ان يتخذ في كتابته شكلاً مميزاً) اما الاسماء الشخصية المجردة عن أي تميز فلا تعتبر علامة تجارية أو صناعية، لان
الاسماء الشخصية متكررة ومتشابهة كما يجوز للتاجر استعمال اللقب او اسم العائلة
مفرداً ومركباً مع اسمه كعلامة تجارية بشرط ان يكون له طابعا مميزاً حسبما سبق
بيانه، وفي حال وجود تشابه في الاسماء الشخصية التي يتم اتخاذها اسماء تجارية
فتكون الاحقية في استعمال الاسم لمن سبق له استعماله أو تسجيله (الحماية القانونية
للعلامة التجارية، د. عبدالسلام الشرفي، صـ26) ولذلك لاحظنا ان الحكم محل تعليقنا
قد ابطل تسجيل الاسم الشخصي كأسم أو علامة تجارية ،لان كتابته كانت بالخط العربي
العادي كما انها لم تتضمن أي تميز إضافة إلى انه قد سبق للشركة المرموقة المطعون
ضدها ان قامت بتسجيل الاسم الشخصي لجد المؤسسين كعلامة تجارية وسبق لها استعماله
بطريقة مميزة في كافة مطبوعاتها ولوحاتها حيث
كانت تستعمله بطريقة تميزه عن غيره من الاسماء فقد كانت تكتبه بالحروف الانجليزية
و تضعه على شكل نصف الكرة الأرضية.
الوجه الثالث :
الاسماء الشخصية وتشابه الاسماء التجارية :
ذكرنا فيما سبق ان
اتخاذ الاسماء الشخصية علامات تجارية من غير تميز في كتابتها أو وضعها أو شكلها
امر محظور في القانون لتشابه الاسماء الشخصية وعدم تميزها عن بعضها ،وبالتالي
فانها تفتقد لأهم عنصر من عناصر العلامة التجارية، وهو (التميز) فاستعمال الاسماء
الشخصية بصورة مجردة كعلامات تجارية يفقد العلامات فكرتها وهدفها في تمييز السلع
عن بعضها ومن ثم يترتب على ذلك فقدان
حماية المنتجين والموزعين والمستهلكين من
مضار التشابه الذي يخل بخيارات المستهلكين فضلاً عن الفوضى التي يحدثها
تشابه الاسماء الشخصية المجردة اذا تم استعمالها مجردة كعلامات تجارية، والله
اعلم..
الأسعدي للطباعة ت /772877717